نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 22-4-2015
السنة الثامنة
العدد: 2791
مقالات قديمة!! (ثقافة وثقافة أخرى!! 2 من 7)
الأهرام: 1-6-1999
مقدمة: (نفس مقدمة الاربعاء الماضى)
بعد أن قرأ بعض الأصدقاء أول أمس (الاثنين) المقتطفات والإشارة إلى مقالاتى فى الأهرام سنة 1999، والوطن السعودى سنة 2000 طلبوا منى إعادة نشرها برغم مرور عقد ونصف، فعدت إليها، ووجدتها صالحة لإعادة النشر الآن ولكن ليس فى ملف الإرادة حتى لا يطول الاستطراد،
وعلى ذلك قررت أن أنشر هذه المقالات تباعاً كل أربعاء أملاً فى مناقشة جديدة أو مشاركة مفيدة.
هم يحتاجوننا بقدر ما نحتاجهم(1)
من حقنا، بل من واجبنا، أن نؤكد على ضرورة البحث عن هوية، وأن نخاف من الإغراق الثقافي، ومن التبعية الاقتصادية، إلى آخر مثل ذلك. ويجرنا هذا بداهة إلى الحديث عن خلاف جوهرى بيننا وبينهم، مرة فخورين بتاريخنا المجيد، وأخرى متعصبين لديننا الفريد، وثالثة واهمين فى قدراتنا الكامنة التى تنتظر إشارة الانطلاق لنسوى الأهوال.
وكل هذا تصبير مفهوم، وحكى مسل، لكن أن نتوقف عند ذلك، أو نروح نكرره راضين عن أنفسنا، حاكمين على غيرنا، متكلمين عن مستقبل لا نساهم – الآن- فى صنعه، مرددين - دون حياء غالبا- أنه باق كذا ساعة على قرن قادم، فى نفس الوقت الذى نتقدم فيه بسرعة غير مسبوقةإلى قرون سحيقة مضت، أن يحدث كل ذلك ونحن فى غفلة عنه قليلا أو كثيرا، فهذا هو الخطر المحيق.
إن خطر البكاء على الأطلال ومحاولة استنساخ الماضى لا يقل عن خطر الحديث عن المستقبل دون الإسهام فى صناعته (الآن).
إن ثمة أسئلة أساسية تحتاج منا إلى إجابات مناسبة قبل كل هذا، أو:مع كل هذا، أسئلة مثل:
هل حقا نحن غيرهم؟ (هنا والآن)
وهل من الضرورى أن نكون غيرهم؟ (لماذا؟، وكيف؟)
وهل نستطيع أن نكون غيرهم لو أردنا (أيضا: لماذا وكيف ؟)
وهل نحن قادرون؟ وهل المسألة تستأهل؟ وهل نحن نستأهل؟
إلى آخر مثل هذه الأسئلة التى كانت وراء كتابتى المقال السابق عن العولمة ونوعية الحياة، والذى كان هدفى منه باختصار هو التأكيد على حقيقتين، الأولى: إننا لا نملك أن نقاوم الوسائل الأحدث فى الحياة المعاصرة، ليس هذا من صالحنا، ولا هو فى مقدورنا حتى لوأردنا، والثانية: إن الاستسلام لنفس الوسيلة (أو قل: استعمالها) لا يلزمنا بالضرورة بالتوجه إلى نفس الغاية، على الرغم من صعوبة فصل الوسيلة عن هدفها الأصلي، ربما قياسا على استحالة فصل الشكل عن المضمون فى العمل أو النقد الأدبي.
وكالعادة، قوبل هذا المقال من كثير ممن أعرف بما اعتدت من الحذر والرفض والاتهام، وفى أحسن الأحوال بالاحتجاج على الصعوبة والغموض، ولم يطمئننى إلى عكس ذلك إلا ذلك التقديم الشارح الموجز الكريم الذى قدمته به صفحة “قضايا وآراء”، ثم إلإشارة الكريمة التى جاءت فى بريد أهرام الأربعاء (د. محمد شمس الريس -28 مايو)، أما ما تفضل به أ.د. زقزوق ردا على ما كتبت فى (أهرام الجمعة 21 مايو) فكان بردا وسلاما، كسر وحدتي، إلا قليلا، أو إلا كثيرا.
أنهيت مقالى السابق بوعد بعودة تفصيلية للتنبيه على ضرورة الالتفات ..إلى احتمال يقول: إننا فى حديثنا عن العولمة نركز على الوسائل دون الغايات منها، ونهتم بسرعة وكم الإنجاز على حساب النوع وامتداد الوجود”، ولم أقصد بذلك تحديدا مقال د. زقزوق(2)، بل إن مقاله الأسبق هو الذى حفزنى لكتابة مقالى لأواصل ما بدأه هو، وليس لأنتقص منه، وحين قلت “إن الأمر قد يحتاج إلى خطوة أبعد” كان ذلك-حتى من واقع حرفية اللغة- يعنى الامتداد وليس الاعتراض، ومع هذا فيبدو أن ما وصله هو أننى أدرجته أوأدرجت مقاله مع من يهتم بالوسائل دون الغايات، وهذا ما لم أقصده طبعا، بل إن أملى فيه وفى أمثاله -ممن هم فى موقع المسئولية واتخاذ والقرار- أن يكون مثل هذا الحوار دافعا لانطلاقة تستلهم النصوص لا تكتفى بنقل التفاسير، وتعيد صياغة الوعى الإيمانى لا تستنسح التدين الاغترابي، لكننى لا أنكر أننى سعدت بعدم وضوحى ذاك، لأنه أتحفنا بمقال الدكتور زقزوق التالى “عود على بدء”، ليؤكد رحابة الصدر ومسئولية الكلمة.
ثم نعود إلى أصل الحكاية:
فيم الاختلاف – إن وجد – بيننا وبينهم؟ وهل من سبيل إلى اللحاق بهم؟ أم أن الطريق الأصوب هو محاولة لقائهم من منطلقنا إلى أمر مشترك يهمنا معا؟ وهل مجرد إتقان وسائلهم مع التأكيد على هوامش الاختلاف هو كاف لنيل شرف الإسهام الحضارى المنتظر والمشترك، أم أن ثمة أساسيات جوهرية – غائبة عن أغلبهم، ومغيبة عن أغلبنا – هى التى تحدد المآل، لنا ولهم، وقد تنقذنا-جميعا- من احتمال الانقراض؟
إن المحاولات التوفيقية والتبريرية التى تتناول مسألة اختلافنا عنهم -على صدقها واجتهادها- يمكن أن توجز فيما يلى:
أولا: هذه الحضارة -حضارتهم- نحن مشاركون فى إرساء دعائمها الفضل فيها (مثلا: فضل ابن رشد وإضافات الأندلس)
ثانيا: هذه العلوم -علومهم- لها جذورها عندنا
ثالثا: هذه الإنجازات (التكنولوجية مثلا) نحن نستطيع تقليدها (حضارة كومباتيبل copmpatible)!!
رابعا: هذه المعلومات المستوردة يمكن أن نصيغها بالعربية (تعريب الطب مثلا، وكأن الطب أعجمى الجنسية ولا يحتاج منا إلا إلى ترجمة!!)
هذا، ناهيك عن محاولات عابثة تكاد تمسخ كلا من الإسلام والعلم معا وهى التى تسمى أحيانا أسلمة العلوم (فثمة زعم بوجود جغرافيا إسلامية-وليس جغرافية العالم الإسلامي-، وطبيعة إسلامية، وكيمياء إسلامية، وطب نفسى إسلامي.إلخ).
وأنا لا أنكر ما وراء كل هذا من حماس وحسن نية وإخلاص جهد، إلا أننى أتصور أنه لا بد وأن يحرمنا ذلك من فوائد “الشعور بالنقص” والوعى بحجم قصورنا الحقيقي)
فإذا كان كل هذا التوفيق (والتلفيق) لا يفيد، بل قد يخدعنا ونحن نتصور أننا نتميز، فى حين أننا لا نفعل شيئا إلا أننا نستبدل بغياب معالم هويتنا الحصول على “هوية مزورة” غير متقنة التزوير، إذا كان ذلك كذلك، فما هو البديل، وما هى القضايا الأوْلى بالتقديم والعناية؟
هذا ما حاولت أن أبينه فى مقالى السابق، وقد بلغنى أننى لم أنجح تماما، فلزم الاستطراد:
إن الحديث عن نوعية الحياة لا بد أن يجرنا إلى أصل الحكاية، وهى البحث عن ما هية الإنسان، وكيف أسهمت، وتسهم، كل روافد المعرفة من علم وفن وإيمان وأديان، فى الكشف عنها، ومن ثم تعهدها وتنميتها، إن الإنسان حين ابتلى بالوعى والحرية أصبح ممتحنا بالإسهام فى تحديد مساره ومصيره، وما يجرى الآن ممن استولوا قسرا على قيادة النظام العالمى الجديد لا يبشر بخير كثير فى الاتجاه الصحيح، وقد تعلمت أننى بمجرد استعمال لغة مثل “ماهية الإنسان” أو”موضوعية الوجود الإلهي”، أو مسألة “الفطرة”، أن أواجه للتو باعتراضات الخائفين من الفلسفة (رهاب الفلسفة)، والحريصين على تصنيف البشر والأقلام: إما يسارا أو يمينا، إما متدينا تقليديا أو ملحدا غبيا، إما أصوليا رجعيا أو متنورا مدعيا، ولا ينقذك من كل هذا أن تؤكد أن هذه القضايا الأساسية هى جوهر الوجود البشرى، وأنها تشغل الطفل والأمى مثلما تشغل المتفلسف والمتفيقه والعالم والفيلسوف جميعا، وإن اختلفت لغة ومستويات الانشغال. إن الإنسان بمجرد أن يمارس وعيه بانفصاله عن أمه يحاول أن يحقق بشريته جنبا إلى جنب مع محاولة تحقيق ذاته، فامتدادها، هذه هى قوانين النمو الإنسانى لكل فرد دون استثناء، وهى ليست خاصة بمناقشات نظرية أو أبحاث قاصرة على الخاصة.
إننا نتعرف على ما هو نحن، ليس من محفوظات المدرسة أو نتائج الأبحاث أو نشرات الأخبار، وإنما من كل ما نأتى وما نذر، ما نعلم وما نحس، ما نمارس وما نبدع، ونحصل على هذه المعرفة حتى ونحن نيام. إن مصادر التعرف على ماهية الإنسان ليست هى العلم وحده، وليست المناقشات الفلسفية المعقلنة الرصينة فحسب، وليست التلفيق، قص ولصق شوية تكنولوجيا على شوية دين على شوية معلومات على شوية(3) ديمقراطية، إنما نتعرف على ماهية الإنسان من واقع الممارسة التى تنتج نوعية من الحياة يختص بها الإنسان حين يتصور أنه أرقى المخلوقات المعروفة، مؤتنسا بإقرار ذلك من رب العالمين “ولقد كرمنا بنى آدم”
الله سبحانه كرمنا بماذا؟
بمزيد من التكنولوجيا ؟بمزيد من الاستحواذ الاغترابي؟ بمجتمع الرفاهية؟ بفن بجميل لكنه بديل عن الحياة الجميلة؟ بجنة خصوصية نطرد منها الآخر بكل إصرار؟
نعم كرمنا بماذا ؟
إن الإجابة عن هذا السؤال هو فرض عين على كل حي، إذاقام به البعض لا يغنى عن الكل، حتى لو كان هذا البعض هو الرئيس كلينتون شخصيا، هداه الله وغفر له، وبالتالى فإن على كل فرد أن يجتهد للإجابة، إذا كان يريد أن يبرئ ذمته من الورطة التى تورط فيها إذ حمل أمانة الوعى وشرف الاختيار.
من هنا تبدأ نقطة الانطلاق للحديث عن “نوعية الحياة، واحتمال أن يكون منطلقنا إليها بالممارسة الآنية والواعدة مختلفا عما يلوحون لنا به، فلا نسارع بالتنافس على القسم بأغلظ الأيمان أننا ديمقراطيون جدا، ومحافظون على البيئة 100%، وعلى حقوق الإنسان بالمواصفات التى يحددها ويتابعها الراعى الأمريكى جدا..إلخ، إن علينا أن نبحث عن مواصفات بديلة ـ هى موجودة حتما بدليل أننا مازلنا بشرا رغم كل شيء- مواصفات يمكن أن تحقق الحرية وليس فقط الديمقراطية، أو تحقق العدل وليس فقط الحقوق المكتوبة، أو أن تصالحنا على الطبيعة لنظل فى حوار دائم معها، وليس فقط خفراء للحفاظ على ما نجتزئه منها ونسميه البيئة، إن قضايا العدل والحرية والعلاقة بالطبيعة وبالامتداد فى الكون بالإيمان لم تحسم بانهيار اتحاد السوفيتي، ولا بالسماح بانتقال الأموال، ولا بإغراق العقول بقصاصات المعلومات الصادرة عن تثاؤبات الوعى البشرى المصنوع.
فهل ثمة سبيل نساهم به فى إضافة متواضعة يمكن أن تنير بعض هذه الجوانب الأساسية؟
إن التأكيد على حقنا - بل واجبنا- فى اكتشاف نوعية الحياة يحمل فى طياته التكليف بالبحث عن ماهية الإنسان فى حضوره المتطور أبدا، فالدعوة ليست قاصرة على التنبيه إلى حياة روحية (ضد المادية)، أو حياة بشرية راقية (ضد الحيوانية)، أو حياة ديمقراطية أو نقابية (ضد الشمولية والتسلطية)، وإنما هى دعوة للإسهام فى اكتشاف كيف خلقنا الله، وكيف اخترقنا التاريخ البيولوجى العريق حتى صرنا بشرا هكذا؟ هكذا ماذا ؟
يبدو أن سيدنا أحمد البدوى كان يحاول الإجابة على هذا السؤال وهو يدعو ربه دعوته المفضلة: ”اللهم أرنى الأمور كما هي”، وهذا أيضا هو ما بلغنى من تكرار الابتهال من صوفى لا أعرف له إسما محددا وهو يذكر الله بابتهال لم أفهمه لأول وهله، وهو يردد: “ربى كما خلقتنى”، “ربى كما خلقتنى”، ”ربى كما خلقتنى”، لقد خلقنا الله فى أحسن تقويم، ثم سمح لمن لم يرع هذا التقويم أن يرتد أسفل سافلين، حتى لو كان هو قائد النظام العالمى الجديد، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فواجبنا الآن، وليس بعد، أن نعرف كيف نستعمل أدوات العولمة الجديدة لنكون من هؤلاء المستثنين الذين يحاولون أن بعرفوا كيف يحافظون على أحسن التقويم الذى خلقوا عليه .
إنها دعوة للجهاد الأكبر لنتعرف على “كيف خلقنا الله” ، وعندنا فرصة أكبر باستعمال الوسائل الحديثة، وأكرر: التى لا تشمل تشويه الدين بالعلم، ولا اختزال العلم إلى قشور التفاسير الدينية.
إننا حين نتصور أننا نختلف عنهم لا بد أن نفهم أن ذلك الاختلاف -إن صح- يصب عائد ممارسته الإيجابية فى كل من هو إنسان أينما كان، إن ميزة الغرب الحقيقية ليست فيما أنجز، بقدر ما هى فى قدرته على نقد نفسه باستمرار، وعلى المراجعة وعلى إعادة المراجعة الكرة تلو الكرة.
إن خطورة العولمة ليست فى أدواتها، ولا فى منهجها، وإنما تأتى الخطورة من احتمال أن تتمادى القوى الأغبى فى استعمالها لتحقيق مكاسب جزئية لفئة، أو فئات خاصة، على حساب تشويه إنسانية الإنسان الذى تمثله الأغلبية الساحقة من التابعين أو الذاهلين أو الجوعي، فتكون فتنة لا تصيب الذين عولمونا خاصة .
فكيف نتقى ذلك؟
وهل ثمة مجال- بظروفنا الصعبة وإمكانياتنا المتواضعة – أن نساهم فى أن نكون كما خلقنا الله لا كما يرسمنا الأمريكان، ومن إليهم، ولا كما يرسمون أنفسهم حتى؟
وهل يمكن أن نعيد النظر فيما فعلناه بديننا، أدياننا، وعقولنا، ووجودنا، من منطلق آخر، منطلق ينقذنا فينقذهم، يضيف إلينا فيرحمهم، وذلك حين نعطى لوسائل المعرفة الأخرى حقها فى صياغة حياتنا، أو حين نتعمق فى التصالح مع الطبيعة، وليس فقط فى الحفاظ على البيئة لتطيل أعمارنا بنفس المواصفات، إننا نسينا معنى الحوار مع الطبيعة، حتى العبادات فى الإسلام التى ارتبطت بالطبيعة وإيقاعها الحيوى طول الوقت، رحنا نتازل عنها خجلا لحساب علم الفلك وحسابات الحاسوب، وكأن توثيق العلاقة بالطبيعة طول الوقت، وبشكل مباشر، لا قيمة له فى مقابل تقديس علوم لم تجعل لتنظيم العبادات أصلا.
إن واجبنا ونحن نعيش أزمة التحدى المعاصر أن نجددإيماننا باستلهامات إبداعية، وليس أن نجمد تديننا بتفسيرات انتهى عمرها الافتراضي، مع النهل من كل مناهل المعرفة دون استثناء.
إن فكرة حضور الله الدائم الممتد هى محور التوحيد أصل الأديان، وهى مقولة إذا حضرت فى الوعى تجلت فى كل نبض الحياة اليومية، وحتى الأديان التى لا تعلن مثل هذه المقولة مباشرة (مثل البوذية) أعتقد أنها تحضّرها ممارسة والتزاما، ولأن الإسلام هو دين شديد البساطة (قبل التشويه والاغتراب) شديد الغور فى نفس الوقت، فإن هذه المقولة تتبدى للمسلم الحقيقى بشكل حاضر طول الوقت، وحين نقدت - فى مقالى السابق- مقولة “إن الدين لله والوطن للجميع”وكذا “ما لقيصر لقيصر وما لله لله:(وكان هذا من بعض ما أثار المنتقدين على المقال)، كنت أعنى أن الدين لله، والوطن لله، والروح لله، والمادة لله، ليس بمعنى الدروشة ولا تحفيزا لكسل عقلى أو اعتماد سلبي، بل تأكيدا على حضور هذه المقولة فى الوعى البشرى المنتمى إليها طول الوقت، إن تغريب حضور الله سبحانه عن الوعى البشرى فى الفعل اليومى يجعل الممارسة الدينية وكأنها أمر ثانوى اختيارى لمن شاء، (وأحيانا: كيف شاء: المهم أننى لا أوذى أحدا(4)!!!)، بل إن الجماعات الدينية وهى تنادى أن الإسلام “دين ودولة” تبدو لأول وهله وكأنها أدركت خطورة فصل الدين عن الوجود اليومي، ولكن المتعمق فى التصرفات اليومية لهم افراداً وجماعات لا بد وأن يلاحظ أن أغلبهم قد اقتصر على هذه المقولة دون غيرها، إن الدعوة لحضور الله فى الوعي، وبالتالى فى الفعل اليومى، هو الذى يحقق أن يكون الإسلام، وغير الإسلام، دين، ودولة، وفن، ونوعية حياة، ونبض خلايا، وأنفاس طبيعة، وكل ما هو “ربى كما خلقتني”.
فهل تمنعنا أدوات العولمة عموما من مواصلة هذا الجهاد الأكبر؟ أم تسهله علينا؟
حاولت أن أقول فى المقال السابق أنها يمكن – إذا أردنا واجتهدنا- أن تسهله علينا
فهل نحن أهل لذلك؟ وهم: أليسوا فى حاجة إلى بعض ذلك؟
إننى أتصور أن فرصتنا أكبر بفضل الفقر النسبى والإيمان المتبقي، دون وصاية الجمود والغرور،
فهل نحاول؟ لعلنا نجد إجابات تنفعنا فتنفعهم.
هيا نحاول طول الوقت بدءا من هذه اللحظة!!
وهل نحن نملك غير ذلك؟
[1] – مع أقل قدر من التصويب والاضافات الشكلية الموضِّحة.
[2] – مرة أخرى: وزير الأوقاف آنذاك
[3] – شوية كلمة عربية = القليل من الكثير “الوسيط”
[4] – كثيرون من الطيبن المستسهلين يرددون هذه المقولة قائلين “ما دام أنا لا أوذى أحدا فأنا متدين وعلاقتى طيبة بالله، ثم يعفون أنفسهم بكل غير ذلك.