نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 4-4-2015
السنة الثامنة
العدد: 2773
حوار مع مولانا النفّرى (126)
موقف: كدت لا أواخذه
أنا غيبٌ!!
وقال مولانا النفرى:
وقال لى:
أنا غيب
لا : “عمّا”
ولا: “عن”
ولا: “لمَ”
ولا: “لأن”
ولا: “فى”
ولا: “فيما
ولا: “بما”
ولا: مستودعيّة
ولا: ضديّة.
فقلت لمولانا: أستأذنك يا مولانا فى تغيير الشكل إلى هذا الرص العمودى هكذا، حتى يلاحظ معى من أحاول أن أوصّل له معنى الإثبات بالنفى، ونحن نقترب من الغيب النور، نور السماوات والأرض.
وقلت لمولانا:
أذكر يا مولانا أننى احترمت الغيب طول عمرى، وكنت إذا ما قرأت أول سورة البقرة صغيرا أتعجب لتقديم الإيمان به كأول علامة إيجابية عن علاقتنا بالله، ولم أسأل أبدا وأنا صغير عن معنى الغيب، لكنه كان يصلنى دائما قويا واضحا ملتحما بسعيى إلى المعرفة الفجة القوية الغامضة، وحين فتحت علينا يا مولانا باب احترام الجهل، (وأنا لم أستأذنك فى أن أسميه “الجهل المعرفى” حتى استدرج المستقطبين إلى غير ما اعتادوا)، نعم يا مولانا، حين احترمنا الجهل من خلال مواقفك صالحتنا على الغيب أكثر فأكثر، وحين غصتُ فى ملف “الإدراك” كما تعلم وكما ظهر فى هذه النشرات، وجدتنى اتجه نحو بؤرة مشرقة لا يمكن أن أصفها ولا يمكن أن تكون إلا الغيب نور السماوات والأرض، ثم إننى حين رحت أتعرف على بعض ملامح مستويات ودوائر الوعى وارتبط ذلك بالإيقاع الحيوى المتصاعد، تصالحتُ مع كلٍّ من الجهل والغيب إليه.
أنت هنا، بما استلهمته حتى أبلغتنا ما وصلك طمأنتنى من جديد وأنا أستحضر روعة النفى للإثبات، ليس تماما بل هو “النفى/الإثبات”.
البداية “أنا غيب” هزّتنى عميقا، بقدر ما أفرحتنى وطمأنتنى على أننى على الطريق الصحيح، لكننى سوف أدعها للختام.
سبق يا مولانا أن حاورتك عن الغيب فى نشرة 21-12-2013 العدد (2304) من هذه النشرات بعنوان “لا نهاية للكدح فى الغيب إليه”، قلت فى هذه النشرة:
….”كلما “بدا لى” “ما بدا” حسبت “أنه بدا”، وحين يبديه لك هكذا، أعرف أنه “ما بدا”، فهو هنا يذكرك أنه قد أبدى لك ما أبدى، وما زال يبدى، ثم ينبهك فورا أن تجعله وراء ظهرك..”
ثم قلت:
“وصلنى هنا أنه يريدك أن تجعل ما أبداه ويبديه لك وراء ظهرك حتى تفلح أن تجتمع “عليه”، ………..، وهو هنا يدعوك بكل الكرم أن تجتمع “عليه” شريطة أن تفلح، ولن تفلح إلا إذا ألقيت كل ما أبداه، وما يبديه لك وراء ظهرك، وضمنا ما تبدّى لك من أى مصدر آخر طبعا”.
ثم قلت
جاءنى الآن يا مولانا أن فعل “أن ألقى “ما يبدو لى وراء ظهرى” لا يفيد النسيان ولا التهوين، وإنما هو ينبه إلى أمرين: ألا نتوقف عند الوسيلة فتحول – دون أن ندرى – بيننا وبين مواصلة السعى إلى الغاية القصوى، الأمر الثانى هو أن “ما يبدو” هو أقل بكثير جدا مما لا يبدو. وهو الغيب بحر المعرفة اللامتناهى، وكلما جعلنا ما بدا ويبدو، حتى بفضله، وراء ظهورنا اتسع مجال الغيب أكثر فهو الفلاح، ومن الفلاح الوعد بأن نجتمع عليه.
ثم قلت فى نشرة 16-8-2014 العدد (2542) بعنوان “معنى جديد للغيب”:
“…حين تعلمت منك أكثر فأكثر كيف أن الجهل ليس ضد العلم، وأن العلم الحقيقى ليس ضده الجهل، انفتحت آفاق المعرفة والإبداع بغير حدود، ولا أعرف هل أصاب الخجل أو الخزى من يرى أن الغيبهو مرادف للخرافة، أم أنه ظل أعمى وأضل سبيلا؟”
ثم قلت فى نشرة 15-11-2014 العدد (2633) بعنوان “الغيب يدعم الحضور”:
“..الغيب يا مولانا الذى ننجذب به وإليه هو الذى يدعم السعى، ويحفز الكدح، ويفتح الآفاق لتخليق التشكيل النامى أبدا انطلاقا من الواقع الماثل حالا، مع أن كلمة الغيب قد أغرت الغافلين والمتعجلين والمستسهلين أنه عكس الحضور، لكن كما علمتنا يا مولانا ان العلم لا يكون علما إلا إذا لم يكن عكس الجهل،……….”
ثم جاء فى نشرة أقدم فى حوارى مع الله نشرة 7-9-2009 العدد (738):
كنت أحسب أننى أجتمع في ما ينقال، بما ينقال،
انتبهت وأنت تهدينى إلى هذا المحيط الزاخر بالغيب أن الغيب قد يحتاح إلى أن ينقال، وهو يهدى إليك لأتجمع فيه وبه.
……..
أتحسس طريقى إليك به أو بدونه
فأتجمع فيه دون خوف منه، أو الاكتفاء به.
الحمد الحمد
الغيب الحق
…………
…………
الغيب امتداد بالمعرفة بلا نهاية
الغيب يقين لا ينقال
الغيب ليس عكس الشهادة،
…………
ثم أعود إلى هذه النشرة التى كنت حسيت أننى لم أقرأها قبلا فأجدنى قد أنهيت نشرة العدد (2633) بقراءتى لها هكذا:
“كل هذا النفى يا مولانا هو تأكيد للحضور “هنا والآن”،
حين أقرأ أنه “ليس كمثله شىء” أتعرف على معنى المطلق المفتوح النهاية حيث: “وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ”، شريطة أن يكون فهمنا للسماوات والأرض غير محدود بالسماوات والأرض التى نعرفها، وإنما هو ممتد إلى ما ليس كمثله شىء “وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ”
كل هذا النفى ينبهنا إلى أنه ما لم يكن الغيب حاضرا طول الوقت بكل ثقله فى “هنا والآن” وهو فى نفس الوقت ممتد إلى غاية الغايات بلا تحديد، فنحن فى غفلة ننهج منهجا آخر غير ما وصلنى منك يا مولانا
إن كل ما جاء هنا بالنفى لا يؤدى بنا إلى موقف غامض أو سلبى، بل هو يؤكد تلقائية وتضفـّر وتركيز كل مستويات الوعى السليم ===>
الوعى السليم: لاحتواء كل شىء،
انطلاقا إلى كل شىء
دون تحديد إلا لسهم التوجـّه
فى رحاب الغيب
إلى وجهه تعالى”
ثم دعنا نعود إلى البداية وهو يقول لك:
“أنا غيب”
ما أعظم هذا
وما أكثره هديا إلى ما نريد
هو غيب
الغيب هو
شكرا يا مولانا
والحمد لله