نشرة “الإنسان والتطور”
الأثنين: 1-4-2013
السنة السادسة
العدد: 2040
كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (14)
علاقة هذا العلاج بأنواع العلاج الجمعى الأخرى: (3)
الجشتالت (2) “الألعاب النفسية”
مقدمة:
تمثل الألعاب النفسية أداة أساسية فى العلاج الجمعى الذى نمارسه منذ أربعين عاما، ومما لا شك فيه أن البداية كانت من مدرسة الجشتالت، وأنا لم أتعرف منها إلا على بعض ألعاب أساسية وجدتها أكثر تلاؤما وإفادة لثقافتنا الخاصة، كما أننى لم أصنفها كلها تحت ما يسمى ألالعاب حيث أنى فضلت أن أدرج لعبة “الحوار” Dialogue بين مكونات الشخصية مع ما أسميته “المينى دراما” (أنظر بعد) حيث يلتقط المعالج (أو غيره) أى انشقاق أو انفصال فى تركيب الشخصية ويرتب حوارا بين الأجزاء المنشقة فتكون دراما وليست بالضرورة لعبة كما طبقناها نحن.
وفيما يلى ثلاث لعبات أخرى بحسب بيرلز:
(1) لعبة “الإعكاس” (العكس): وفيها يطلب من الشخص أن يقول أو يمارس عكس ما يعلن تماما، وهذا وذاك سنرجع إليه أيضا مع ما اسميناه “المينى دراما” كما ذكرنا.
(2) لعبة “المسؤولية”: وفيها يقول المشارك “أى كلام” سواء فيه “أنا” أو “أنت” أو أية جملة عامة أو حتى جملة بلا معنى، ثم يعقبها مباشرة بـ “وأنا مسؤول عن كده” ويوجه كلامه مثل كل لعبة إلى شخص بذاته، مثلا:
يا فلان: أنا مش فاهم حاجة ……. وانا مسؤول عن كده
أو يا فلان: أنت بعيد عنى قوى ……. وانا مسؤول عن كده
أو يا فلانة: الدنيا اسودت قوى ومامفيش فايدة ……. وأنا مسؤول عن كده
حتى لو قال: يا فلانة: عايز ورقة فاضية، فإنه يضيف: وأنا مسؤول عن كده
وهكذا
وقد وجدنا أنه مهما كان ما يقال فِإن هذه اللعبة تحرك مسؤولية وحضور المشارك بشكل مباشر بغض النظر عن محتوى ما قيل، حتى لو بدا أبعد ما يكون عن مسؤوليته أو الإسهام فى حدوثه أو عن قدرته على تغييره، وهو ما يحقق ويعمق وظيفة “هنا والآن” من ناحية، كما أنه يمكن أن يعادل – بدرجة ما – ذلك الميل المتزايد فى ثقافتنا من حيث إلقاء اللوم على الآخر، والتبرير، الذى عادة ما يكون باللجوء إلى أسباب فى الماضى.
(3) لعبة “أنا عندى سر”: ونحن لم نكتف بأن تكون هذه اللعبة كشفاً للإسقاط كما قال بيرلز لكننا طورناها بأشكال مختلفة، فكنا نطلب من المشارك أن يكمل الجملة بأية طريقة من الطرق التالية (وغيرها) مثلا:
“أنا عندى سر لو عرفته حاتقول علىّ …….. (أكمل)
أو “أنا عندى سر لا يمكن أقوله لحد لحسن …….. (أكمل)
أو “أنا عندى سر لو قلته يمكن …….. (أكمل)
(وسوف نرجع إلى كل ذلك فى كتاب الألعاب النفسية والعلاج الجمعى)
وبعد
نورد فيما يلى بعض الملاحظات من خبرتنا حول “الألعاب” وتطورها بصفة عامة فى العلاج الجمعى وغيره مما سنعود إليه فى الكتاب الخاص بذلك.
أولاً: بدأت ممارسة الألعاب كجزء أساسى فى هذا العلاج منذ بداية العلاج الجمعى سنة 1971 وحتى الآن
ثانياً: قمت بتجربة لممارسة ألعاب موازية فى برنامج “سر اللعبة” فى قناة النيل الثقافية لمدة (سنة وشهران) مرة أسبوعيا مع متطوعين أسوياء لكشف وفحص بعض الظواهر والقيم فى الثقافية المصرية، وساعدنى فى ذلك فهم طبيعة هذه الألعاب وتوظيفها فى العلاج أيضا.
ثالثا: قمت بمحاولة مماثلة محدودة فى برنامج “أقلب الصفحة” قناة MBC مع بعض المشاهير والفنانين والإعلاميين.
رابعاً: أجرينا محاولات تجريبية مع أسوياء من حضور ندوات جميعة الطب النفسى التطورى والعمل الجماعى فى الندوات الشهرية فى دار المقطم للصحة النفسية
خامساً: بدأت تجربة لممارسة الألعاب كتابةً وعن بعد من خلال “موقعى” الخاص، وبرغم أن ذلك كان أبعد ما يكون عن الممارسة فى العلاج الجمعى إلا أن الاستجابات والحوارات كانت مفيدة ولها دلادلتها التى سنرجع إليها فى كتاب العلاج الجمعى.
سادساً: جرت محاولات محدودة مع العامة فى برنامج “مع الرخاوى” فى قناة أنا (لمدة 5 شهور).
(وقد تم تسجيل الكثير من هذه الخبرات صوتا وصورة، ونأمل أن يكون بعضها متاح فى الوقت المناسب).
دور وتطور الألعاب فى العلاج الجمعى خاصة:
1) كانت البداية ونحن منبهرين بمدرسة التحليل التفاعلاتى Transactional Analysis فكانت معظم الألعاب أقرب إلى لعبة الحوار التى أشار إليها بيرلز، وهى التى نقلنـاها فيما بعـد إلى “المينى دراما”، وقد كانت الانشقاقات المتاحة غالبا بين الذات الطفلية والذات الوالدية (أنظر بعد).
2) لم نستعمل من ألعاب الجشتالت إلا لعبتىْ “أنا عندى سر”، “وأنا مسؤول عن كده”
3) فى السنوات الأولى بالغنا فى استعمال الألعاب خاصة كلما وجدنا صعوبة ولو نسبية فى تحريك المجموعة، فكانت وسيلة مهمة تساعد فى فك العرقلة.
4) تبينا بعد ذلك أن فرط اللجوء إلى لعبة ما لفك العرقلة فيه بعض الاستسهال ومن ثم اقتصرنا على تشجيع استعمالها فى الشهرين أو الثلاثة الأول (من عمر المجموعة: 12 شهرا) ثم أوصينا بالإقلال منها تدريجيا حتى أمكن أن نستغنى عنها تقريبا فى النصف الأوسط من عمر المجموعة بعد أن يكون معظم أفراد المجموعة قد وصلهم الجزء الآخر من وجودهم ووجود الآخرين وبدأوا يتواصلون بكل مستويات تركيبهم أو أغلبها دون الحاجة إلى ألعاب.
5) اختلفت الألعاب التى مورست اختلافا شديدا حتى أننا لم نلتزم بنص معين مهما كان ناجحا فى مجموعات سابقة.
6) كانت الألعاب الأهم هى التى نطلب فيها أن يكمل المشارك جملة ناقصة وهو يُعتبر بذلك مؤلفا مشاركا فى “نص” المينى دراما (أنظر بعد)
7) الذى يقترح مضمون اللعبة يكون عادة قائد المجموعة أو أحد المتدربين أو المعالجين المشاركين.
8) يسمح لأى مشارك أن يقترح لعبة ما، ويترك تقدير السماح بممارستها إلى المعالج الرئيسى أساسا أو المعالجين المساعدين أو المتدربين، فلا يوجد إلزام بلعبها.
9) يختلف ترتيب إدارة اللعبة اختلافا شديدا حسب الحاجة إليها والوقت المتاح وحماس المشاركين، ويتنوع الترتيب غالبا كما يلى:
أ) قد يلعب فردٌ واحد لعبة واحدة أثناء التفاعل مع المعالج أو مع زميل، ويكون ذلك أيضا أقرب إلى المينى دراما.
ب) يمكن أن يوجه المشارك كلام اللعبة لأى شخص فى المجموعة باسمه عادة بما فى ذلك المعالجين، ويكون الدور التالى على هذا الشخص المخاطب ليلعب بدوره، وهكذا.
ج) يمكن أن يترك الاختيار للذى لعب اللعبة ليحدد الذى يلعب بعده ونقول له ساعتها “تدى الكورة لمين”. (أى: من تختار ليلعب بعدك).
د) يمكن أن تكون اللعبة ذات دلالة وأهمية خاصة فيطلب من المشارك أن يلعبها مع كل أفراد المجموعة مع التوصية بإلزام نسبى ألا يكرر إكمال النص، أى أن تكون التكملة مختلفة مع كل فرد.
هـ) عادة ما يلعب المعالج الرئيسى أخر واحد فى الترتيب، إذا كانت اللعبة ملزمة للجميع، وقد توصلنا إلى ذلك خشية أن يتصور بعض أفراد المجموعة أن استجابته هى الاستجابة النموذجية المطلوبة التى تساعد فى العلاج فيحذون حذوه، ويفقدون فرصة التلقائية.
سابعا: بعد تراجع اللجوء إلى الألعاب قد نعود إلى انتقاء ألعاب مكملة أكثر كشفاً وأعمق غورا قبيل انتهاء المجموعة فى الشهرين الأخيرين عادة.
*****
ونأمل أن نعْرض عينات محدودة من بعض ذلك حتى يصدر كتاب الألعاب مستقلا.