نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 27-2-2013
السنة السادسة
العدد: 2007
تعتعة التحرير:
الحيرة الخلاّقة والفوضى الدائمة!
حوار قديم، نشر فى الوفد بتاريخ 29-6-2011، أعيد نشره بعد تغيير العنوان، لا لأتباهى بسبق بلا جدوى، لكن لآمل فى تكملة لا بد عنها.
***
قالت البنت لأخيها: ولكن لماذا؟ قال اخوها: لماذا ماذا؟ قالت البنت: لماذا تريد أمريكا أن تتخلص من كل هؤلاء الرؤساء المطيعين جدا، المتعاونين جدا؟ قال اخوها: ليس كلهم، أو ربما كلهم، فنحن لا نعرف إلى أى مدى هم كانوا كما تقولين، ولا لماذا استثنوا رؤساء أخرين ليسوا أكثر ديمقراطية، مع أنهم أطوع طاعة؟ ….قالت: ألم تسأل نفسك لماذا يصدرون لنا هذه الحرية هكذا؟ هل هم حريصون كل الحرص على أن نكون أحرارا جدا؟ هل هم يحبوننا هكذا جدا، جدا؟ قال: يعنى !، ولو أننى أتعجب لماذا لا يخافون منا إذا نحن أصبحنا أحرارا بجد، قالت: هل تعرف ماذا سوف نفعله لو أصبحنا أحرار بحق وحقيقي، قال: ماذا؟ قالت: سنبصق فى وجوههم أولاد الأفاعى هؤلاء قال: ما هذا؟ هل هذا هو رد الجميل قالت: نحن أصحاب الجميل وهم المدينون لنا برد ما سرقوه منا وما ينوون سرقته بكل خططهم الجهنميه هذه، يسرقون مواردنا واستقلالنا بخبطة واحدة قال: ماذا تقولين؟ ما هذا التفكير التآمرى؟ هل تريدين أن نرجع إلى ما كنا فيه؟ قالت: أنت جاهز، كلما اختلفنا تعايرنى بما كنا فيه، وكأنى أنا المسؤولة عنه ….، قال: أريد أن نكف عن هذا الحديث، لقد أصبح يشبه أكوام الأحاديث التى تغمرنا من كل الأقمار والأبواق، أحاول فى كل “توك شو” أن أفهم جدوى الكلام، فأجد أنه ينتهى إلى لا شئ، ماذا تريدين بالضبط؟ قالت: لست أدرى، قال:هل تعملين مع الثورة المضادة قالت: يا نهارك اسود، ما هذا؟ أنا أحاول أن أتعرف على الثورة، حتى أتعرف على ضدها، قال لها: ماذا تريدين بالضبط؟ قالت: أنا أحب هذا البلد جدا، أريد أن يكون لى بلد بحق وحقيقي، قال: كيف تحبين بلدا لم تشعرى بعد أنه بلدك بحق، إنه لم يحترم حقوقك، لم يحبك؟ قالت: وماذا أفعل بعواطفى؟ هل انتظر حتى تحبنى بلدى قبل أن أحبها؟ قال: هم لم يحترموننا حتى نحبها قالت: من هم؟ قال: الذين حكمونا، قالت: ومن الذى سلمهم توكيل التصرف نيابة عنها؟ قال: نيابة عن من؟ قالت: نيابة عن مصر، لقد اغتصبوها، وهى لم توكلهم أصلا، زوّروا توكيلات مضروبة وتصرفوا بها، فغابت بلدنا عنا، أخفوها تحت أكوام أموالهم قال: أنا لا أفهم شيئا، أنت أربكِتنى، تسرقين فرحتى، طيب ووالدنا؟ قالت: ماله؟ قال: أليس مصريا مثلنا؟ قالت: ومن قال أننا مصريون، نحن نحاول أن نستعيد بلدنا، لنولد من جديد:قال: وهو؟ قالت: يبدو أنه يئس من المحاولة قال: لكنه هو الذى ربانا وصرف علينا، وها نحن نحاول بفضل ذلك قالت: لابد إنه مصرى دون أن يعرف، قال: ربما نحن أيضا كذلك…، أريد أن أنام، قالت: جاءتك نيلة، وأمنا؟ قال: مالها هى الأخرى؟ قالت: تريد أن تزوجنى لابن اختها فى كندا قال: والله فكرة! قالت: فكرة ماذا؟ وأتركها لمن؟ قال: تتركى من؟ قالت: أترك “مصر” قال: الله يخرب بيتك هل أنت مع الثورة أم مع الثورة المضادة، ما هذا؟ قالت: الثورة لا تصبح ثورة إلا إذا نجحنا أن نخلق منها بلدا تحكمه دولة، بلدا يحترم الناس فيها بعضهم البعض وهم يبنونها معا، أما الثورة المضادة فالبحث عنها يبدأ من داخلنا، قبل أن نسقطها على مسوخ منهكة قال: ومع ذلك فهم متربصون بنا طول الوقت، قالت: من هم؟ قال: المسوخ، قالت: ربنا موجود، قال: أين؟ قالت: الله يخرب بيتك، طبعا موجود، لو لم يكن موجودا لتزوجت ابن خالتى وهربت إلى كندا، قال: والله العظيم ما أنا فاهم حاجة! أليس ربنا فى كندا أيضا؟ قالت: أسأل الإخوان، قال: يا نهارك أسود؟ مالهم الإخوان؟ قالت: أليسوا هم المتحدثون باسم ربنا الآن؟ قال: هذه إشاعة لإزاحة أكبر تجمع شعبى عن المشاركة فى الثورة قالت: المشاركة فى ماذا؟ قال أخوها: كفى بالله عليك أريد أن أنام، قالـت: إذهب نم، واحكم إغلاق نوافذ وعيك، والله العظيم أنا أعجب كيف يأتى لك النوم هذه الأيام؟ قال: وماذا فعلت أنت بسهرك يا حبة عينىّ، قالت: أحاول أن أفعل ما يكملها لتكون ثورة، قال: أنت صعبة، لقد تحيرت معك، قالت: إنها الحيرة الخلاّقة، قال: أنت لا تعرفين حتى اسمها إن اسمها الفوضى الخلاقة، وليس الحيرة الخلاقة، قالت: وهل تظننى بلهاء حتى أخلط بين الحيرة الخلاقة والفوضى الخلاقة، هل تتصورنى الست كوندى أو الحليوة كلينتون أتلاعب بالألفاظ، هل أنت تعرف ماذا تعنى أى منهما بالفوضى الخلاقة ؟ أنا أعنى ما أقول، أنت تردد ما تسمع فقط، قل لى ما معنى الفوضى الخلاقة؟ قال: الفوضى هى الفوضى، أما الخلاقة، فليس عندى فكرة، قالت: بالله عليك فكيف تسميها ثورة دون أن نخلّقها أصلا، إنهم يتعاقدون معنا على البضاعة كلها لكنهم لا يسلموننا إلا نصفها، الثورة لا تكون ثورة إلا إذا كانت خلاقة، ونحن لم نخلـّقها بعد، حتى أنك لا تعرف الكلمة أصلا، أرجوك لا تتحمس هكذا وأنت تتشدق بكلمة “ثورة” حتى نكمل، قال: وهل أنا الذى سميتها؟ كل الصحف وكل الحكام وكل الفضائيات وكل العالم يسمونها ثورة، بالله عليك لا تتمادين حتى لا أتماد فى الشك فى أنك عميلة للثورة المضادة؟قالت: قلت لك إن الثورة المضادة داخلنا نحن الثوار قال: الله!! الله! هكذا عينتِ نفسك من الثوار دون إذن قالت: إذن مِنْ مَنْ يا روح ماما، قال: إذْن من الثوار قالت: الذين تمثلهم أنت وأنت أكسل حتى من أن تمارس “الحيرة الخلاقة” التى أتحدث عنها قال: وهل الحيرة تمارَس قالت: الحيرة تستدعى الدهشة والدهشة تهدى للنقد والنقد يشحذ اليقظة، واليقظة تحافظ على الوقت فتملؤه بالفعل فتكون ثورة، قال: اسم الله اسم الله، طيب هذه هى الحيرة، فأين هى الخلاقة، قالت: هى ما لم نبدأه بعد، ولا تريد أن تشاركنى فى الحيرة كيف نبدأ وكيف ننمى وكيف نستمر برغم كل شىء، قال: إعملى معروفا: نحن ما صدّقنا قالت: ما صدقنا ماذا؟ قال: ما صدقنا أننا عملناها قالت: عملنا ماذا، قال: عملنا الثورة قالت: اسمح لى، هيا نعملها قال: نعمل ماذا؟ قالت: الله يخيبك.قال: جمَـعـًا.