الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / المعلــِّـم….. (1 من كثير؟)

المعلــِّـم….. (1 من كثير؟)

نشرة “الإنسان والتطور”

21-4-2010

السنة الثالثة

العدد: 964

الحالة: (62)

photo-21-4-2010

المعلــِّـم….. (1 من كثير؟)

‏(1)‏

طب‏ْْ ‏والمعلمْ….‏‏؟

له‏ ‏عيونْ‏ ‏كما‏ ‏العيونْ‏‏؟

بتقول‏ ‏كلام‏ ‏هوَّا‏ ‏الكلامْ‏؟

ولاَّ‏ ‏كلامْ‏ ‏غير‏ ‏الكلامْ‏؟‏ ‏

‏ ‏أذكـِّر‏ ‏القاريء‏ ‏هنا‏ ‏ببعض‏ ‏ماهدفت‏ ‏إليه‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏العمل‏ ‏مما‏ ‏ذكرته‏ ‏فى ‏المقدمة‏ ‏حيث‏ ‏قلت: ‏ ‏إنها‏ -أيضا‏- تجربة‏ ‏شخصية‏ ‏عنيفة‏ .. ‏علمتنى ‏فى ‏مهنتى ‏وعن‏ ‏نفسى ‏ما‏ ‏صار‏ ‏هاديا‏ ‏لى، ومحذِّرا أيضا، ومحيِّرا أحيانا،

فى العلاج الجمعى، يسرى على المعالج الأساسى ما يسرى على أى مريض، ويعامل على نفس المستوى، فمثلا: إذ لعُبت لعبة من ألعاب العلاج النفسى ، وطلب المعالج من مريض أو أكثر أن يلعبها، فإن من حق نفس المريض أو أى مريض آخر أن يطلب من المعالج أن يلعبها هو أيضا، وقد اعتدت أن ألعب آخر واحد فى المجموعة، حتى لا تؤثر استجاباتى على بعض المرضى إذ قد يتصورون أن هذا الذى قمت به أنا هو المطلوب. المعالج المبتدئ تحت التمرين، يعفى من معاملة المثل حتى لا يخطو فى رؤيته لنفسه، أو حركة نموه، أكثر مما يستطيع، ويظل هذا الإعفاء ممتدا حتى يطمئن هذا المتدرب أنه آن الأوان أن يسمح بمعاملة المثل.

على نفس القياس، اجلت القراءة فى عيونى شخصيا حتى نهاية تشكيلات الوعى من خلال  عيون الآخرين (كل الديوان) قبل الختام بالأمل  (أظن أن النهاية هى غير الختام) ،.. ‏وهأنذا‏ أغامر وليكن ما يكون:

هذه‏ ‏المقطوعة‏ ‏هى ‏بعض‏ ‏نفسى، لا كلها طبعا، إذْ من أين لى أن أعرف كلها‏.‏

ولاخيار ‏للطبيب‏ ‏النفسى ‏ألا أن‏ ‏ينظر‏ ‏فى ‏نفسه‏ ‏ كثيرا، وتكرارا، وأن يراجع كل ما وصل إليه، بعد أن يصل إليه، هذا الاضطرار مصدره الأساسى هو ما يتلقاه، من مريضه، وهو منفتح لكل ما يأتيه ظاهرا وباطنا كمدخل لاحترام مريضه، ومن ثم نفسه، والاحترام هو عاطفة أساسية أعتبرها أرقى درجات الحب، كما أشرت مرارا، وكما أجلت الحديث عن ذلك بالتفصيل مرارا أيضا.

‏ ‏الشجاعة‏ مطلوبة أكثر كثيرا حين يقارن الطبيب (أو المعالج) نفسه بمريضه، فيصله  ‏أن‏ ‏الفرق‏ ‏ليس‏ ‏فى ‏التركيب‏ ‏البشرى الأساسى، ‏ولكن‏ ‏فى ‏ترتيب‏ ‏هذا‏ ‏التركيب‏ ‏وفاعليته‏ .. ‏ونتاجه‏، مرحلة بمرحلة، لا بد أن يدرب الطبيب نفسه على ممارسة درجة من العدل والصبر، وأن يتعود الألم المشارِك، وغير المشارك، وقد يصل الأمر – إن استطاع – أن يمد معاملة المثل (على الأقل فى ما يتعلق بالتخطيط، والتوجيه، والأمانى، والوجدان) إلى أقرب الأقربين، بمعنى أن يرضى على مريضه ما يرضاه على نفسه وعلى أولاده وزوجه، وأن يرجو للمريض ما يرجوه لنفسه ولأولاده، وزوجه، وهو مضطر أن يحترم الفروق الواقعية، يدرك باستمرار وتجدد ‏أن‏ ‏الاختلافات‏ – ‏إن‏ ‏وجدت‏- ‏هى ‏فروق تنظيمية‏ ‏خارجية‏ وواقعية، ‏أما‏ ‏موقفه‏ ‏الداخلى ‏ومسئوليته‏ ‏فينبغى ‏ألا‏ ‏يداخلهما‏ ‏لبس‏ ‏أو‏ ‏تفاوت‏.‏

تصعيد وعى الطبيب وارد مع طول ممارسته، والشك فى مصداقية البصيرة مهما احتدت واجب عليه أيضا، ومن ثم فالمراجعة والنقد هما الضمان الأول فى استمرار التبصر ونمو الوعى. طريق النمو ليس له نهاية، وكل ذلك مفروض أن يصب فى صالح مرضاه، من خلال ما أسميناه “الإشراف الذاتى” (نشرة 14-4-2010 “الشوفان” المتبادل فى العلاج النفسى (المفروض: بيجماليون 2 من 2).

وفى ‏هذه‏ ‏المقطوعة‏ ‏أصف‏ – ‏فى ‏محاولة‏ ‏صدق‏ – ‏حيرتى ‏مع‏ ‏نفسى: ‏ ومن ثم فى دعم مسيرته . ماذا‏ ‏أنا‏؟  ‏ومن‏ ‏أنا‏ ..؟ ‏وهى ‏بعض‏ ‏سطور‏ ‏من‏ ‏بعض‏ ‏أوراقى .. ‏أما‏ ‏بقية‏ ‏الأوراق‏ ‏فقد‏ ‏أوهب‏ ‏الشجاعة‏ ‏لنشرها‏ ‏يوما‏ – ‏أو‏ ‏أموت‏ ‏بها‏ ‏آسفا‏ – (أظن أننى نشرت بعض ذلك لاحقا فى ترحالاتى الثلاثة الترحال الأول: الناس والطريق –  الترحال الثانى: الموت والحنينالترحال الثالث: ذكر ما لا ينقال لاحقا، وأيضا سجلته فى بعض شعرى الذى لم ينشر أغلبه2010) ‏

أعتقد أن هذه الحالة “المعلم” هى محاولة متواضعة ‏تواضع‏ ‏العاجز دون ادعاء، .. ‏فى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏هى إصرار مثابر على ‏مواصلة السعى دون استرخاء إلا ليعاود السعى،  ‏ويا ويح من ‏ ‏لا‏ ‏يجد‏ ‏رفيقا‏ ‏يؤكد‏ ‏له‏ ‏أن‏ ‏هناك‏ ‏من‏ ‏سبقه‏ ‏على ‏هذا‏ ‏المضمار‏ ‏ولم‏ ‏يتنازل‏، ‏ولم‏ ‏يتناثر‏، ‏ولم‏ ‏ييأس‏.

 أعتقد – أو لعلى آمل – أن تقوم هذه الأوراق بتقديم فرصة ائتناس “عن بعد” لمن يحاول ويثابر.

يبدأ‏ ‏التشكيل ‏ ‏بالتساؤل‏:‏

هل‏ ‏الطبيب‏ ‏النفسى ‏له‏ ‏نفس‏ ‏مشاكل‏ ‏المريض‏، ‏ولغة‏ ‏عينيه‏، ‏ورهبة‏ ‏رؤيته‏، ‏واضطراب‏ ‏ذاته‏..‏؟ (له عيون كما العيون؟) وهل‏ ‏كلامه‏ ‘‏الكبير” ‏يحمل‏ ‏المعنى ‏والفعل‏ ‏والمسئولية‏ ‏بالقدر‏ ‏الذى ‏ينبغى ‏أن‏ ‏يحملها‏؟  ‏أم‏ ‏أنه‏ كلام  ‏للاستعمال‏ ‏الظاهرى؟  ‏ ‏يصلح‏ ‘‏للمرضى’ (والآخرين) ولا يسرى عليه ‏ولا‏ ‏يصلح‏ ‏له؟‏ بتقول كلام هوّه الكلام ولا كلام غير الكلام؟  هل هو  ‏يبيع‏ ‏النصح‏ ‏والفتاوى ‏والتفسير‏ والتأويل لغيره مرضى وغير مرضى، أم أنه يغامر فيعد نفسه أحد هؤلاء الذين تصادف أن أعطوه فرصة مختلفة لا أكثر؟

تقمصت الصورة التى وصلت إلى بعض (أو كل) الأصدقاء خوفا، وتحفزا، ورفضا، ونقدا كالتالى:

‏(2)‏

شيخ‏ ‏الطريقة‏ ‏قاعدْ‏ ‏لى ‏كما‏ ‏قاضى ‏الزمانْ‏.‏

بيقسِّم‏ ‏الأرزاقْ‏ ‏ويمنح‏ ‏صكّ‏ ‏غفران‏ ‏الذنوبْ‏،‏

وكإن‏ ‏مشكلة‏ ‏الوجـود‏،‏

‏ ‏ما‏ ‏لهاش‏ ‏وجود‏،‏

‏ ‏إلا‏ ‏حـَـداهْ‏. ‏

عامل‏ ‏سبيل‏ ‏إسمه‏ “‏الحياه‏” :‏

‏”‏قال‏ ‏ده‏ ‏يعيش‏ْْْْْ ،‏

ودى ‏تموتْ‏، ‏

ودا‏ ‏مالوش‏ ‏الا‏ ‏كده‏”.‏

قاعد‏ ‏يصنف‏ ‏فى ‏البشر‏ ‏حسب‏ ‏المزاج‏: ‏

‏ “‏لازم‏ ‏تـعــدِّى ‏عالصراط‏”‏

‏ ‏واللى ‏بيشبه‏ ‏حضرته‏ ‏يديه‏ ‏قيراط‏:‏

‏ ‏فى ‏جنته‏ ،‏

واللى ‏يخالف‏ ‏هوه‏ ‏حر‏.‏

‏ ‏يكتب‏ ‏على ‏قبره‏ ‏ماشاء‏:‏

ميت‏ ‏صحيح،  لكنه‏ ‏حر‏ ‏فْ‏ ‏تربته‏. ‏

‏ ‏وان‏ ‏قلنا‏ ‏ليه‏ ‏ياعمنا‏ ‏؟

بيقول‏ ‏كما‏ ‏قاضى ‏الزمان‏:‏

ماقدرشى ‏يمشى ‏عالصراط‏، ‏ويكون‏ “‏كـمـثـلي‏”.‏

ونقوله‏: ‏مثلك‏ ‏يعنى ‏إيه‏ ‏؟‏ ‏

يتخض‏ ‏ويبان‏ ‏فى ‏عيـنيه‏،‏

ســــؤالات‏ ‏كثير‏:‏

‏ ‏بتقول‏ ‏عـيـنيه‏:‏

فى هذه التجربة الخاصة جدا، لم أكن الأنضج أو الأكثر خبرة شخصية، وإن كنت غالبا الأكثر خبرة مهنية، ومع ذلك بدا للجميع أننى شيخ طريقة خاصة، العارف بالمطلوب والطريق، والتوجه، وبالتالى هو يملك أدوات قياس الخطى، وحسن الأداء….الخ، وكل هذا غير صحيح، إلا أننى لا انكر أنه كان هو ما وصل إلى أغلب المشاركين، فلعه هو الصحيح، فإن كان الأمر كذلك، فهذا هو الخطأ الذى يمكن أن يقع فيه أى قائد مجموعة، سواء عيّن نفسه قائدا لها (وهذا نادرا ما يحدث فى مثل هذه الخبرات)، أو فرضت عليه صورة القائد من خلال رؤية الآخرين له.

وبرغم هذا التحذير المبدئى، فلا مفر من الاعتراف بأن من يمارس الطب النفسى بالعمق الكافى، سوف يجد نفسه ” ‏يعرف‏ ‏أكثر فأكثر” بشكل مضطرد، ‏رضى ‏أم‏ ‏لم‏ ‏يرضَ‏، ‏ومعرفته‏ ‏هذه عادة لا تتوقف عند حدود مهنته، بل إنها معرفة عادة ما تمتد – مختارا أو مضطرا- إلى تساؤلات كلية، وفروض محتملة، تتعلق‏ ‏بالوجود‏ ‏الإنسانى ‏عامة، وليس طبيعة المرض والمريض فقط، ‏ ‏فهو‏ ‏يواجه‏ ‏المشكلة‏ الأزلية ‏ ‏وهى ‘”ماهية‏ ‏الإنسان‏”، وغائية الحياة، فعمله لا يقف به عند الاكتفاء برؤية ‏ ‏جانب‏ ‏من‏ ‏جوانب‏ ‏الانسان‏ ‏مثل‏ ‏فكره‏ ‏أو‏ سلوكه او اسم مرضه أو تقييم معاناته، وإنما هو يضطره بشكل مباشر أو غير مباشر إلى مواجهة تساؤلات موضوعية حول ‏ ‏وجوده‏ ومعنى استمراره … إلخ إلخ،  هذه الأسئلة قد يلقيها المريض فى وجهه مباشرة من خلال أعراضه أو بصيرته، وقد تتحرك فى الطبيب تلقائيا نتيجة لصدقة مع نفسه وتصديقه أزمة مريضه، هذا أثناء الممارسة، فما‏ ‏بالك‏ ‏إذا‏ ‏مر‏ ‏بتجربة‏ ‏مغامرة عنيفة، مثل الذى أنتجت هذا العمل كله، الذى يختتم بهذه الرؤية الذاتية الصعبة ، التى قد تصدق أو لا تصدق؟

لا  ‏يواجه‏ مثل هذه المشكلة‏ ‏إلا‏ ‏من‏ ‏عانى ‏هذا‏ ‏الحدس‏ ‏العلمى ‏الفنى ‏الوجودى ‏العميق‏ ‏الذى اضطره اضطرارا إلى مواجهة مشكلة الوجود  ‏البشرى، ليس فقط  ‏فى ‏مطلق‏ ‏غايته‏، ‏ولكن‏ ‏أيضا‏ ‏خلال  ‏مسيرة‏ ‏حياته‏ ‏اليومية‏.. ‏وما‏ ‏أبعد‏ ‏القطبين‏، ‏إنه‏ ‏يحمل‏ ‏ ‏هذه‏ ‏الرؤية‏ ‏قولا‏ ‏ثقيلا‏، ‏لايستطيع‏ ‏أن‏ ‏يتخلص‏ ‏منها‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏أشرقت‏ ‏فى ‏عقله‏ ‏ووجدانه‏ ‏معا‏، ‏وهو أيضا لا‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يغفلها‏ ‏وينحيها‏ ‏جانبا‏ ‏لأنه ‏ ‏يراها‏ ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏عدة‏ ‏مرات‏ ‏فى ‏مرضاه‏، ‏وطول‏ ‏الوقت‏ ‏فى ‏نفسه‏، ‏وهو لا‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏ينظـِّرها‏ ‏فى ‏فكر‏ ‏بحت، لأنه ‏ ‏ ‏ليس‏ ‏فيلسوفا‏ ‏يبحث‏ ‏وراء‏ ‏ماهية‏ ‏المفاهيم‏ ‏فى ‏ذاتها‏، ‏وهو‏ ‏ليس‏ ‏فنانا‏ ‏يحورها‏ ‏ويعلنها‏ ‏بالرموز‏ ‏ليوقظ‏ ‏بها‏ ‏الناس‏ ‏يوما‏ ‏ما‏، ‏وهو‏ ‏ليس‏ ‏نبيا‏ يحاول أن ‏يحققها‏ ‏على  ‏أرض‏ ‏الواقع‏ ‏فعلا‏ ‏يوميا‏ ‏ثائرا‏ ‏مستندا‏ ‏إلى ‏السماء‏ ‏وما‏ ‏بعد‏ ‏الحياة‏ ‏الدنيا‏، ‏وهو‏ ‏ليس‏ ‏متصوفا‏ ‏بحيث يستطيع أن يضبط جرعة ما يبوح به وما لا يبوح به للعامة خاصة، ‏وهو‏ ‏ليس‏ ‏عالما‏ بالمعنى الذى انتهى إليه أغلب العلم المؤسساتى الذى اصبح أقرب إلى كنيسة المعلومات المنزلة المحكومة بالمناهج الثابتة،

 إذا كان هو ليس كل ذلك، فما هو ومن هو ؟

أظن أن هذه السلسلة من النشرات – مرة أخرى: الأقرب إلى السيرة الذاتية–  هى محاولة لعرض بعض الإجابات الناقصة، التى تتعلق بفرد واحد، مرّ بما أتيح له ووضع إجابات هى بمثابة فروض عاملة لا أكثر ولا أقل.

نبدأ بالصورة التى وردت فى هذا الجزء من المتن، وهى الصورة التى تصور هو أنها وصلت إلى مستوى ما من وعى من خاضوا التجربة معا، ورفضوه، وأحبوه، وحذروا منه، وتساءلوا عنه، فألقى سلاحه وتقمصهم وهم يتساءلون عن ماهيته وقد بدا لهم أنه يدعونهم ليكونوا نسخة منه (وهذا غير صحيح غالبا كما سوف يتضح من هنا حتى نهاية هذا العمل)

ولكن دعونى أضيف الفقرة التالية حتى يتأملها القارئ قبل أن نعود إلى شرح الفقرتين معا فى النشرة القادمة،  ذلك أنه يبدو أن صاحبنا قد قبل التحدى، دون أن يقر أنه فعلا يريد أن يكونوا “مثله”، فكل بقية هذا التشكيل تقول أنه حين قبل التحدى “مثلك يعنى إيه؟”، اكتشف فى دهشة أنه لا يعرف الإجابة، فقفز إليه نفس تساؤلهم، وراح يبحث معهم : صحيح : مثله يعنى إيه ؟ وبرغم أنه لم يقر أنه يريدهم أن يكونوا مثله، إلا أن للسؤال مشروعيته فى ذاته، فإن صح أنه يعرض على الآخرين نوعا من الوجود يليق بالبشر، فهل يا ترى حقق هو هذا النوع، فإذا به يكتشف أنه يسعى، ما زال يسعى، وسوف يظل يسعى غالبا، وفى سعيه هذا يرى صورته من أكثر من زاوية، فى أكثر من تجلِّ كما بدت فى هذا التشكيل.

وبعد

نكتفى بهذه المقدمة التى نختمها بإضافة فقرة واحدة، دون الصورة كلها كما سبق أن فعلنا فى تشكيلات سابقة، وذلك حتى نعود فى النشرة القادمة إلى قراءة تساؤلاته ومخاوفهم، (ما سبق عرضه من المتن فى بداية هذه النشرة) ، جنبا إلى جنب مع تساؤلاته عن ماهيته هو، كما نوردها فى الفقرة التالية من المتن التى تعلن بعض هذه التساؤلات بعد الدهشة: “يتخض‏ ‏ويبان‏ ‏فى ‏عيـنيه‏،‏ سؤالات‏ ‏كثيرة:”

(2)

‏ ‏يا‏ ‏هلترى ‏عمال‏ ‏باشوف‏ ‏الناس‏ ‏عشان‏ ‏أهرب ‏ما‏ ‏شوفشى ‏مين‏ ‏أنا‏ ‏؟‏ ‏

ولا‏ ‏باشوفنى ‏الناس‏ ‏؟‏ ‏؟

نفسى ‏أشوفنى ‏من‏ ‏بعيد

من‏ ‏تحت‏ ‏جلدي‏. ‏

من‏ ‏وسط‏ ‏قضبان‏ ‏الحديد‏. ‏

من‏ ‏غير‏ ‏كلام‏ ‏ولا‏ ‏سلام‏.‏

أقلب‏ ‏عيونى ‏ولا‏ ‏ابص‏ ‏فى ‏المرايه‏ ‏؟‏ ‏

‏…‏

‏ ‏أنا‏ ‏لو‏ ‏أبص‏ ‏فى ‏المرايه‏ ‏حاشوف‏ “‏خيال‏”.‏

إيده‏ ‏اليمين‏ ‏إيدى ‏الشمال‏.‏

واقف‏ ‏بعيد‏ ‏ورا‏ ‏الإزاز‏. ‏

واجى ‏أقرب‏ ‏للمراية‏ ‏التقى ‏برد‏ ‏الجماد‏. ‏

وشى ‏يبطط‏، ‏والنفس‏ ‏بيغطـى ‏تقاسيمه‏ ‏كما‏ ‏جبل‏ ‏السحاب

‏ ‏قدام‏ ‏قمر‏ ‏مَوْحود‏ ‏حزين‏. ‏

واما‏ ‏قلبت‏ ‏عيونى ‏جوه‏ ‏عمِيت‏.‏

وحاولت‏ ‏ابص‏:

حاولت‏ ‏اقرا‏ ‏فى ‏الضلام

مالقيت‏ ‏كلام‏. ‏

ورجعت‏ ‏أبصـلـكم‏ ‏هناك‏، ‏فى ‏عيونكم‏ ‏انتم‏ .‏

أنا‏ ‏أبقى ‏مين‏ ‏؟

………

وإلى الحلقة القادمة

(يا ترى سوف نصل إلى كم حلقة..؟)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *