نشرة “الإنسان والتطور“
24-3-2011
السنة الرابعة
العدد: 1301
الحلقة الثامنة والستون
الأحد: 11/6/1995
ذهبت لفترة قصيرة إلى نوفوتيل المعادى، لا يوجد إلا نعيم ومصطفى أبو النصر، وواحدة لا أعرفها، كان الحديث مازال يدور حول قانون الصحافة وعلاقته بابن الرئيس، قال أبو النصر بحزم: إن إبن الريس علاء له نسبة ما % من كل صفقة لست أدرى ماذا (شركة استثمارية، تصدير واستيراد..إلخ) سألته: من أين لك هذا اليقين؟ كل شىء محتمل لكن هذا اليقين والتحديد أمر آخر، قال: إن لى إبنا يعمل فى التصدير والكمبيوتر وهذه الأشياء، وأنه يعرف ما يجرى، قلت له هل دفع له شخصيا هذه النسبة التى تقول عنها، قال لا ولكن زملاء ثقات له أفادوه بذلك بأدلة دامغة، فضحكت وملت على الأستاذ وقلت له إن هذا يذكرنى بنكتة قديمة جدا لا يصح أن تقال أمام السيدة، وقلت ما يوازيها محورة جدا، ومغزاها أن أحدهم أطلق إشاعة جنسية ما كان واثقا منها لأنه كان طرفا شخصيا فيها، ابتسم الأستاذ، ثم بعد قليل مال إلى الخلف وضحك مقهقها (سبق الكلام عن مثل ذلك ودلالته).
كنت على وشك الذهاب إلى ندوة تعقدها جمعية النقد الأدبى لمناقشة كتاب “خطاب الحياة اليومية فى المجتمع المصرى” للأستاذ الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع، وقلت للأستاذ إن فى الكتاب من المآخذ والهنات والتجاوزات ما فيه، وأنا ضيف على هؤلاء الناس وأنا فى حرج: هل أقول ما لاحظت فتصبح المسألة هجوما ودفاعا بلا فائدة، أم أعتذر، أم أجامل وألامس الموضوع من بعيد وأدع المناقشين الآخرين يقولون ما بدا لهم، وأضفت: بصراحة أن هذا الكتاب هو دون مستوى المناقشة أصلا، قال الأستاذ: كيف يكون أى كتاب دون مستوى المناقشة؟ قلت له لقد سمعت ذات مرة الطيب صالح فى إذاعة لندن يقول: إن العمل الجيد يستأهل النقد والحوار، وبيان ما فيه من قصور، ومناقشة ما حوله من خلاف، أما العمل السيء فلا يستحق أيًّا من هذا أصلا، قال آلأستاذ إن هذا يصح على الأعمال الأدبية، ثم إنه يصح للناقد الذى ينتقى ما يستأهل أن يبذل فيه جهده ووقته، لكنه لا يصح فى أمر كتاب علمى، دعيتَ لمناقته تحديدا فى ندوة عامة، وقبلتَ، قلت: ماذا أفعل إذن؟ قال ليس أمامك إلا أن تذهب، وتقول ما لاحظت، ثم نرى.
شكرته وانصرفت إلى الندوة
الثلاثاء 13/6/1995
لم أعد أذهب إلى اجتماع الثلاثاء – فرح بوت – إلا نادرا، وكان هذا اليوم هو من بين هذه الندرة بمحض الصدفة، كان الأستاذ حاضرا، فرح بقدومى ومثل كل مرّة أتصور أنه يخصنى بذلك، لكننى سرعان ما أتذكر أنه يفرح بقدوم أى أحد، بادرنى على الفور: ماذا عملت فى الندوة؟ يا خبر!! هذه ليست مسألة ذاكرة، لكنها – ربما كما ذكرت ذلك قبلا- مسألة اهتمام واحترام للناس، ”عملت إيه فى الندوة”!! حكيت له أن سخطى على الكتاب كان أقل من سخطى على الحضور الذين: أولا لم يقرأوا الكتاب، ومع ذلك ناقشوا عموميات لا علاقة لها به، ثم كانت المجاملات، وبالذات من زميلى فى التقديم الأستاذ سيد يس، والألعن من ذلك أن أحدا لم يستوعب أو يقبل المنهج الذى قدمت به رأيى، وهو أن ألعب معهم لعبة: “نعم…ولكن”، لأخفف جرعة النقد، سألنى الأستاذ ماذا تعنى بلعبة “نعم… ولكن” هذه؟ قلت له: سوف أحكى لك ولكن ليس بنص ما قلته فى الندوة، هى هكذا تقريبا: نعم هذا كتاب حسن النية لكنه مهلهل المنهج، نعم هذا العمل يقول “كم كذا“ ولكن لم يقل لنا “إذن ماذا”؟ بل إنه حين قدم البديل المنهجى جعلنا نقر المنهج الذى رفضه ابتداء، تحت زعم أن إحصاءً وانضباطا واستمارات بلا مصداقية كاملة خير من التناثر والعشوائية والشخصنة (ولا أقول الذاتية)، ثم إن المصيبة أننى حين لاحظت ملاحظات تتصل بالأمانة العلمية، أو على الأقل بأمانة انتقاء الموضوعات أقرّنى الكاتب عليها، كيف ذلك بالله؟ – إستزادنى الأستاذ شرحا، فمضيت أقول: مثلا: قلت له كيف أن ربع المواقف التى أجرى فيها البحث كانت فى وسائل النقل العام، ومع ذلك كانت الاستمارة مليئة ببيانات لا تؤخذ إلا والباحث والمجيب فى الوضع جلوسا على مكتب عليه أقلام وأوراق واستمارات تسمح بملء كل تلك البيانات مثل: المهنة، مستوى التعليم، المستوى الاجتماعى… إلخ؟ ويهز المؤلف رأسه أن “نعم”!!! فأكمل: وكيف أن الموضوعات المطروحة فى كتاب عنوانه “خطاب الحياة اليومية فى المجتمع المصرى” لم تشمل موضوعات دينية مع أننا نعرف أن معظم ناسنا لم يعودوا يتكلمون إلا عن الحلال والحرام حتى تصورت إمكان طرح سؤال يقول: هل نوم الأعزب مقرفصا حلال أم حرام؟ ثم بعد ذلك يصدر كتاب بهذا العنوان ولا يتعرض للدين؟، ويضحك الأستاذ متألما، فأضيف إننى قلت لهم إننى أعتقد أن ستين فى المائة من أحاديث ناسنا تدور حاليا حول الحلال والحرام أو حول أمور دينية والسلام، وأن الموضوع التالى الذى قد يشغل الناس حتى يملأ حيزا يتراوح بين عشرة وعشرين بالمائة هو الأحاديث البذيئة، والنكات عامة والنكات الجنسية خاصة، ثم حكيت كيف أن د. عز الدين إسماعيل - الذى أدار الندوة – أضاف إلى ذلك مسألة غلبة القسَم (والله العظيم، والمصحف الشريف، ودينى وأيمانى)، وهو يؤكد وجهة نظرى.
قال لى القعيد فجأة محوّلا الحديث، قال بلهجة الاتهام مرة أخرى وكأنه يمزح: إن الحبوب التى تعطيها للأستاذ تجعله ينام وهو جالس بيننا، فقلت له حيرتنى يا يوسف أنت والأستاذ، الأستاذ يطلب أن تزيد الحبوب أو أن يأخذ حبوبا أقوى، وأنا أقاوم ذلك من أول يوم وحتى الآن، ثم تأتى أنت الآن وتطلب أن تقل الحبوب وتصورها مسئولة عن النوم أثناء مثل هذه الجلسة، ونقلت الملاحظة للأستاذ وذكّرته كيف أن تعقيب يوسف، ربما يدعم رأيى أن عندى حق ألا أزيد الحبوب، ويقول الأستاذ ضاحكا، “أبدا، هذا لا يحدث، ربما لاحظ يوسف أننى تمت حين عاد يمدح عبد الناصر، فأخذتُ تعسيلة من كثرة ما سمعت هذا المديح”!!، ويضحك، فأقول له إن أبو العلاء المعرى له شعر يقول: ما كل نطق له جوابٌ، جواب ما تكره السكوتُ’، وقياسا على ذلك أقول: “ما كل قول له انتباهٌ، جزاء ما يُفتـِــرُ النعاس”، وألتفت إلى يوسف قائلا عليك أن تراجع الموضوعات التى ينام فيها الأستاذ، وأن تتساءل لماذا لا ينام فى الجلسات الأخرى، قلتها وأنا أقصد أن أثير غيرته، وقد كان: فيقع فى الفخ ويصيح إن جلسة الثلاثاء هى أهم الجلسات وأخفها دما، فأقول له ليس من حقك أن تطلق هذا “الحكم المقارن” هكذا لأنك تحضر جلسة الثلاثاء دون غيرها غالبا، والمنهج العلمى يلزمك بالمقارنة الدقيقة بنفس المقاييس والتواتر، ويضحك الأستاذ ويسأل يوسف فى غيظ من ذا الذى يحضرالجلسات الأخرى؟ وأزوغ أنا من الإجابة طبعا، ولا أشير إلى زكى سالم الذى يكاد يحضر يوميا كل الجلسات، والجميع يعرف ذلك.
الخميس 15/6/1995
الحرافيش!! يوم مختلف فعلا، شعرت بالأسف لأننى لن أحضر إلا النصف الأول من اللقاء، إذْ سوف أسافر بعد جلسة الفندق مباشرة، حين وصلنا بيت الأستاذ وكنت قد مررت على توفيق لأصحبه، قابلنا الأستاذ مهللا، وكان الجو (منذ ثلاثة أيام) شديد الحرارة فعلا، واجه الأستاذ لفح الحر وقال ضاحكا: “الجو طقس” فشعرت وكأنى أسير بجوار إبن بلد ظريف، وكم تعجبت لهذا التعبير “الجو طقس” والذى كنت أحسب أنه لا يقال إلا عندما يكون الجو لطيفا، لكن الأستاذ استعمله هنا هكذا، وكان محمد إبنى قد حكى لى أنه حين دخل العوامة أمس مع الأستاذ ووجد الفرق بين قيظ الشارع وتكييف المكان قال الأستاذ: ياه إننا انتقلنا إلى خط عرض جديد تماما،
قلت للأستاذ فى بداية الجولة إنه جاء فى الأثر أنه ”كُـرِهَ الفول السودانى فى الحر”، وفى قول آخر: ”لا يجتمع قيظ وفول سودانى”، قلت ذلك لأتجنب المرور على المقلاة ونزول توفيق من تكييف السيارة لشراء المعلوم الذى لا يقربه أحد، ومع كل هذه الأسباب قبل الأستاذ التنازل متضررا، وقال طيب بلاش سودانى نكتفى باللب، (وهو لا يذوقه) قلنا له إن المسألة ليست لبا أو غيره لكنه الحر، قال: لكنهم يحبون اللب ( علمت أنه يقصد أسرة توفيق)، قال توفيق إن عندهم ما يكفى من الأسابيع الفائتة، وقبل الأستاذ ألا نمر على المقلاة على مضض.
فى العربة قال الأستاذ: يقال إن هذه الموجة الحارة آتية من جنوب أفريقيا والسعودية، ثم أردف: غدا تصدر السعودية بيانا تكذب فيه ذلك وتقول هاتوا لنا شهودا (غالبا كان يشير إلى موقف السعودية من جلد الطبيب المصرى لأنه اشتكى أن ناظرالمدرسة الابتدائية فى السعودية قد اعتدى جنسيا على إبنه ثم لم يستطع أن يأتى بشهادة الشهود على ذلك سوى إبنه، فطردوه من السعودية بتهمة الافتراء، ولم يعاقبوا المدرس – سبق الكلام على هذا الحادث غالبا؟-)
سأل الأستاذ عن أحمد مظهر ولمَ لمْ يحضر، فأجاب توفيق أنه اعتذر محتجا بأن توفيق لم يذكّره، ناسيا أن مواعيد الحرافيش ثابتة منذ عشرات السنين، وحين اختلينا فى الفندق بعيدا عن الحارس الخاص شرح لنا توفيق أن صوت أحمد مظهر فى التليفون لم يكن “تماما”، وأنه لا يعرف كيف يساعده، قلت له: إن الطب عندنا يحذر من هذه الحكاية والمرء منفردا، أو بالنهار أثناء العمل أكثر مما يحذر من الكمــية، وقال توفيق معقبا يبدو أن ذلك صحيح حتى أن سمير سرحان فاتته الوزارة بسبب حكاية مثل هذه أثناء العمل، ولم ندخل فى التفاصيل.
كان الأستاذ متألما من الحكم الاستئنافى القابل للنفاذ فى قضية نصر أبو زيد، حيث صدر حكم من قاض يرتدى الزى الذى يقال له زى إسلامى (الجلباب الأبيض القصير كالقميص الطويل، والزنوبة والزبيبة إلخ) صدر الحكم بالتفرقة بين أبو زيد وزوجته، وعدم نسبة أولاده، له وأشياء قبيحة من هذا القبيل، وقلت للأستاذ إنه لم يعد أمامنا ملجأ، فقد أحاطت بنا السلطات من كل جانب، السلطات التى تَعَلمنا أن وظيفتها هى حمايتنا، أصبحت تتنافس على قهرنا ونفينا، فقانون الصحافة أعلن عداء السلطة التشريعة للناس والفكر فى آن، كنا نتصور أن الذى سينقذنا هو القضاء العادل، وحسن التطبيق، وها هو القضاء يساهم فى قهر الفكر وينتزع الزوجة من حضن زوجها لمجرد أنه فكَر، وهكذا لحقت السلطة القضائية بالسلطة التشريعية، أما السلطة التنفيذية فموقفها من الناس والفكر معروف وقد دعم بهذا القهر الجديد، وقال الأستاذ: ما العمل؟ ولم أعُدْ إلى إعلان رأيى القديم عن ضرورة إلغاء حد الردة لأنه غير موجودج أصلا – كما وردت ذلك فى آراء شرعية – وإنما قلت إن الشباب الآن يبحث عن وسيلة لإلغاء انتمائه لمثل هذا الفكر ولمثل هذا الوطن الذى يجاز فيه مثل هذا الحكم، وإن الإسلام شخصيا هو الذى يدفع الثمن غاليا، وإن المحطات الأجنبية تترك كل إنجازاتنا وتركز على مسألة مثل الختان أو مثل هذا الحكم، وقال توفيق صالح إنه لم يحدث فى تاريخنا المعاصر مثل هذا الحكم أبدا، حتى قضية التفريق الشهيرة فى أوائل هذا القرن بين العروس من أسرة السادات (من علية القوم غير أسرة أنور السادات)، وبين زوجها من أسرة أقل اجتماعيا بحجة عدم التكافؤ، حتى هذه القضية ليست على نفس الدرجة من الخطورة، لأن القضية الحالية هى قضية فكر، ونقلتُ للأستاذ رأى زوجتى من أن الذى ينبغى أن يحاكم عن الردة هم هؤلاء الذين “ارتدوا” بالإسلام إلى دين لا يعرفه الإسلام، لدرجة تجعل المسلم يطأطئ رأسه وهو يعلن أنه مسلم، ولدرجة أن يبدو من يدعى أن الإسلام دين فكر وإبداع يشعر أنه إنما يكلم نفسه.
وتكلم توفيق عن العمل الجديد الذى يشارك فيه، وقال إنه اكتشف أن شركاءه من رجال الأعمال من ليبيا ومصر لن يدفعوا العشرين مليونا، وأن ثمَّ بنكا له الربع، وأن هذا البنك سوف يقوم بإقراض الباقى على الورق، وأنه حين نبههم إلى أن الفائدة ستكون ثمانية عشرة بالمائة، ضحكوا منه وقالوا إن هذا الرقم هو ما يخصه هو، أما هم فالفائدة سوف تكون ثلاثة فى المائة، ولم أفهم، وحين استوضحته قال إنه أيضا لم يفهم، لكنه شعر أنهم يجوز أن ينتجوا فيلما بأكمله دون أن يدفعوا مليما، وأن هذا هو البيزينس، وأن أحدا لا يدفع ضرائب وخاصة الأثرياء رغم أن شرائح الضرائب عندنا من أعلى الشرآئح فى العالم، وقلت له إن الحكومة لو أنقصت الضرائب لزادت الأمانة وزادت الحصيلة، وقال أبدا، من تعود على ذلك لا يرجع عنه أبدا
لست أذكر كيف انتقل الحديث إلى مراد غالب سفيرنا الأسبق فى موسكو، ويحكى الأستاذ كيف أن ثروت عكاشة ناداه يوما، وعرفه بالسفير مراد غالب، وقال له إنه يريد أن يقول لك كلمتين عن مجموعتك (أو عن قصتك) “تحت المظلة”، وأنه (ثروت عكاشة) لم يشأ أن يقول له رأيه مباشرة، وقلت للأستاذ ماذا كان رأيه ورأى مراد غالب، فيقول إن السفير كان يريد أن يهدئ من روعى، وأن يدعونى أن أحتفظ بالأمل، وأن المسألة ليست بكل هذا السوء والظلمة، وقال توفيق إن هذا من رقة ثروت عكاشة، وتعجبت من هذا التعليق لما أسمعه عن عنفوانه وديكتاتوريته، وأسأل الأستاذ عن علاقته بالدكتور ثروت، فيقول إنها كانت طيبة، وأنه عمل معه أطول مدة، وأنه كان إنسانا مخلصا دؤوبا، وألمّح متسائلا مرة ثانية إلى احتمال استيلائه على جهد الآخرين، فلا يعقب الأستاذ ويعود توفيق يؤكد لى أن هذه مسألة لم تثبت، وهو إن كان يستعين فهو يستعين فى جمع المادة، أؤ فى الترجمة أو التسويد، أما اللمسات النهائية والتحرير، فهو الذى يقوم بها بالتأكيد.
وأسكت وأنا أتمنى أن يكون هذا صحيحا، ويبدو أنه كذلك.
وأحكى للأستاذ مقتطفا من ندوة حضرتها هذا الصباح عن مستقبل التعليم الجامعى فى مصر بين الدولة والقطاع الخاص، وأن د. جابر عصفور قد اقتطف قولا من سعد زغلول، الذى كان أيامها رئيس اللجنة الأهلية التى أنشأت الجامعة، وأنه ذكر كيف كتب سعد زعلول فى مذكراته 1908: إن خطبة “أحمد زكى باشا” كانت أثقلها على السمع، وأبعدها عن الموضوع، وأفرغها من حسن الذوق، حيث تكلم فيها عن الإسلام وحده بما لا يحتاجه، وهذا لا يليق فى افتتاح جامعة لا دين لها إلا العلم ‘،
حكيت هذا وأنا أعلم مدى حب الأستاذ لسعد زغلول، ثم إنى وأنا أحكى له ذلك، تذكرت أن جابر عصفور هو أستاذ نصر أبو زيد الذى نشر ما حكم عليه بالتفريق بينه وبين زوجته هذا الصباح، وأبدى عجبى كيف لم يربط د. عصفور كلمة سعد زغلول بهذا الأستاذ الجامعى الذى حكم عليه بالردة هذا الصباح؟ ويتفاقم الألم بالأستاذ ونحن نعود لفتح هذا الموضوع المزعج فأقفل الموضوع، وأستأذن من الأستاذ بأنى سوف أقوم بحركة نصف كم، وهى أن أعتذر عن النصف الثانى من جلسة الحرافيش، وأرى حرصه على ألا أفعل، فأفرح، ولكننى لا أملك إلا الاعتذار وأنا أكثر اسفا، وأنصرف.
هامش يوم السبت: 17/6/1995
مررت عليه عائدا من الإسكندرية، كان نشطا منتبها، أخبرتنى السيدة حرمه أن دعوة ما ستصلنى للمشاركة فى احتفال تسليم الأستاذ الدكتوراة الفخرية من الجامعة الأمريكية (هو وثروت عكاشة)، سألته عن ذلك، قال إننى كنت دائما أرفض حكاية الدكتوراه الفخرية هذه، حتى اتبعوا تقليدا جديدا هو ألا يستأذنوا الممنوح قبل منحه، وقد بدأت الحكاية بجامعة فى بلجيكا، ثم جامعة القاهرة ثم خذ عندك، قلت له لكن الجامعة الأمريكية هذه الأيام شىء آخر، ….. حين تحصل على الدكتوراه منها يمكن أن تجد وظيفة فى بنك تقبض منه راتبا أكبر من كل ما حصلت عليه طول حياتك،
وضحك طويلا وعميقا،
وانصرفنا،
وأوصلتهما إلى بيت توفيق وبى حسرة على نصف الجلسة الثانى.