الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / التدريب عن بعد: الإشراف على العلاج النفسى (7)

التدريب عن بعد: الإشراف على العلاج النفسى (7)

“يومياً” الإنسان والتطور

  23-4-2008

 العدد: 236

    التدريب عن بعد

(سوف نكرر فى كل مرة:  أن  اسم المريض والمعالج وأية بيانات قد تدل على المريض هى أسماء ومعلومات بديلة، لكنها لا تغير المحتوى العلمى التدريبى، وكذلك فإننا لا نرد أو نحاور أو نشرف إلا على الجزئية المعروضة فى تساؤل المتدرب، وأية معلومات أخرى تبدو ناقصة لا تقع مناقشتها فى اختصاص هذا الباب).
 

الإشراف على العلاج النفسى (7)

د.تيسير: هو عيان عنده 27 سنة، دخل المستشفى من سنتين نيجيرى الجنسية، كان بيدرس آداب انجليزى فى الازهر وكان داخل زى حالة بارانويا أو فصام بارنوى، كان فيه موقع لمغنيه على النت وبيعمل شات عليه وكده، وبدأ يعتقد إن فيه مؤامرة يعنى داخل فيها أطراف تانيه جوه النت وفى الواقع، وإن المسألة لها علاقة بالمغنية دى، وكلام من ده، وده كان سبب دخوله المستشفى. هو قعد حوالى شهر فى المستشفى وخرج تقريبا الموضوع ده متصلح شوية، يعنى فضلت بس فكرة ان المغنيه دى لها صلة بالموضوع، وإنه متأكد ان كان فيه يعنى فى الشات كلام مابينه ومابينها، وان محاولات للخبطته، لكن كل الاطراف التانيه اللى كان متصور إنهم مشتركين فى حكايته بعدوا، و بقى شايف ان هو كان عيان يعنى وانه من قلقه من الموضوع ده بتاع الست دى، كل الحاجات اللى كان بيفكر فيها ساعة التعب كانت غلط، وبعد خروجه من المستشفى كان برضه لسه بيقول انا مش حاسس ان انا طبيعى، مافيش حاجه محدده، لكن انا مش باستمتع بالحاجات، مش قادر استمتع بالحاجات

د.يحيى: انت بتشوفيه من سنتين

د. تيسير: آه

د.يحيى: فين

د.تيسير: فى العيادة

د.يحيى: عندى

د. تيسير: آه وابتدى معانا الجروب كمان فى العيادة برضه

د.يحيى: وفى السنتين دول نجح فى دراسته؟

د. تيسير: نجح

د.يحيى: وصل لإيه؟

د. تيسير: اتخرج دلوقتى

د.يحيى: اتخرج من كلية إيه؟

د. تيسير: آداب انجليزى الازهر

د.يحيى: انت بتقولى نيجيرى

د. تيسير: آه

د.يحيى: وهوا حايعمل ايه بعد مايتخرج؟

د. تيسير: هو راجع نيجريا بعد اسبوعين

د.يحيى: حياخدك معاه

د. تيسير: أعتقد آه

د.يحيى: أنا مش قصدى فى الوعى زى ما بنقول عادة، قصدى بصحيح

د. تيسير: يعنى ما عرفتش

د.يحيى: ما سألتيهوش

د. تيسير: سألته

د. يحيى: قال إيه

د. تيسير قال يا ريت وكلام من ده

د.يحيى: طيب سيبيه يرجع يا ستى وبعدين نتكلم لما يجيى تانى، مش هو راجع بلدهم بعد اسبوع زى ما بتقولى، ولا أسبوعين

د.تيسير: راجع بعد اسبوعين

د.يحيى: طيب إيه المشكلة، إنتى عملتى اللى عليكى، وخدتى أتعابك وهو خف واتخرج، إيه بقى بتعرضيه دلوقتى ليه بالذمة؟

د. تيسير: هو فيه “طرح” transference موجود

د.يحيى: ما هو طبعا، مش كان فى المستشفى، وبعدين علاج فردى، وبعدين علاج جماعى، وولد متغرب، ونيجيرى، ومش عايزه يبقى فيه العواطف دى، هوا إيه اللى جد جديد عشان تعرضيه؟

د. تيسير: لأ، الطرح ده موجود طول الوقت

د.يحيى: طيب احنا حنعمل ايه دلوقتى، ماهو حايرجع بلدهم بالطرح، فيها إيه يعنى؟!، إحنا بنى آدمين عايشين فى واقع، يمكن كان لازم تعملى حسابك أكتر شوية عشان إنت عارفة ظروفه، وإنه مش مصرى، وإنه مسافر مسافر بعد ما يخلص بعثته، يعنى المسألة باينة زى الشمس إن لها نهاية، وإن النهاية مش بإيدنا قوى، يعنى الحالة محددة المعالم، والتوقيت مش فى إيدنا زى ما يكون مصرى قاعد هنا، مش كده ولا إيه؟

د. تيسير: أيوه

د. يحيى: ما من هنا تيجى ضرورة الحسابات وظهورها بوضوح فى التعاقد من البداية، وإننا ما ننساهاش مهما توثقت العلاقات، التعاقد فى الحالات اللى زى دى لازم يكون محدد المدة مش بس بالكلام، لأ لازم المشاعرتاخد خبر أول بأول، وإذا نسيت نفكرها، يعنى أنا مثلا لما بيجيلى واحد فى أجازته السنوية بيشتغل فى السعودية، وأجازته تلات أسابيع أوشهر، لازم أحط ده فى حسابى حتى لو ما سميتشى اللى انا باعمله علاج نفسى،

د. تيسير: أيوه بس ده كان مقيم فى القاهرة سنوات

د. يحيى: ده يلزمك أكتر بالوعى بالنهاية، ماهو حايرجع حايرجع، يبقى كنتى تعملى حسابك إنه حايرجع بالـ “طرح” بتاعه ده، ولا يعنى هو حيسيبلك الـ “طرح” ويسافر، على فكرة أنا ما باحبشى كلمة “طرح” دى، الله يسامحه فرويد رماها لنا واستحليناها، ولما ترجمناها بقت أبوخ، هى علاقة حميمة بين البشر، تتسمى حب، تتسمى، ود، تتسمى اعتمادية تتسمى حنية، هى وظروفها، مش ضرورى يعنى إنه بيطرح العواطف الى كانت عنده تجاه أهله وهو صغير، بيطرحها علينا بدال منهم عشان نحلها أحسن، دى بعض جوانب اللى بيجرى بينا وبين عيانينا، بس مش دى كل الحكاية، إحنا دلوقتى بنتكلم فى علاقة الواقع، بالمرض، بالتحسن، بالاعتماد على المعالج، بعواطف المعالج مع العيان، دى كلها حاجات موجودة دلوقتى، يبقى نحترمها ونتكلم فى إيه هوه التصرف اللى يمنع أكبر كمية من الآلام والمضاعفات مع النقلات الضرورية فى ظروف العلاج. أنا ما بلومكيش يا تيسير إنك ما عملتيش حسابك، دى مرحلة حا تتعلمى منها إنك ما تنساقيش وراء التحسن فى الأعراض، وتنسى تنتبهى لمراحل تطور العلاقة، ثم إنك كان عندك فرصة أكبر تخفف من حرارة العلاقة بينك وبينه، مش بتقولى إنه دخل الجروب سنة بحالها، ما هى دى كانت فرصة إن أفراد المجموعة يمتصوا حبة من العواطف دى.

د تيسير: يعنى أعمل إيه دلوقتى؟

د. يحيى، يعنى عايزانا احنا نعمل إيه بعد سنتين، وجاية تتكلمى وباقى من الزمن أسبوعين، فيه حاجة اسمها تليفون، وده أظن بينظموه بفلوس فى بلاد بره، وده أحسن، مش بس عشان إنت بتضيعى وقتك وده حقك، لكن ده بيخلى العلاقة أكثر موضوعية، وأكثر رسمية،

د. تيسير: يعنى من الناحية العلمية تبقى ازاى؟

د. يحيى: جرى إيه يا تيسير، هوا احنا بنكتب شروط الطلاق ولا إيه، قلنا هو ممكن يبعتلك وتروحى راده عليه، ويمكن حبيب القلب يرجع يكمل دراسته فى مصر ما حدش عارف، أنا باهزر طبعا، يعنى باتكلم جد زى ما انتِ عارفة، أنا شايف إن موقفك إنسانى بالدرجة الأولى، وده مش عيب، إذا ما كانشى عشان عواطفك الحقيقية، إللى هى ثروتنا بجد، وراسمالنا برضه، يبقى عشان جهدك وفرحتك وحرصك إن التحسن اللى تم، اللى خلى بنى آدم يتقلب من واحد فصامى وبيخرف، لواحد ناجح، وطيب ومتعاطف كده. هوه ده شوية يا بنتى؟ زى أى أم ابنها بيهاجر مثلا يا شيخة، الكلام عن الموضوع بهذا الوضوح بيدى طعم للمهنة، حتى لو ما شفتيش العيان ده تانى خالص، ده بيساعدك إنك ما تستخسريش عواطفك فى واحد عيان تانى حاتعالجيه بعدين، زيه أو مش زيه، إحنا بشر.

الحالة دى فيها حاجه واضحة ومحددة، مش حانقدر نعمل فيها حاجات كتير، الحاجة دى هيه إنه مسافر بعد أيام، هوه لو قاعد 3 شهور مثلا كنا اتكلمنا احسن من كده، أما خلال أسبوع او اتنين فبصراحة أنا استغربت بتطرحى الحالة ليه فى الوقت ده، يمكن عشان تتونسى بينا، حاجة زى كده، وده حقك. ولا إيه؟

د. تيسير: هو انا كنت طرحته قبل كده هنا فى الـ الإشراف علشان قصة احساسه ان هو مختلف، ومش قادر يستمتع دى، وحضرتك كنت قلت انها حكاية مالهاش حل سريع، وإن انا أخليه يعمل نفس الحاجات اللى هو بيعملها بس بـطريقة مختلفة، واحدة واحدة، بس ما نجحناش قوى.

د. يحيى: طيب وفى الجروب بيعمل إيه؟ قصدى كان بيعمل إيه؟

د. تيسير: كان يعنى طول الوقت فى الجروب، يعنى كان فيه مشكلة برضه، هو أحيانا كتيرة كان ممكن يبقى قريب قوى، ويشوف، لكن ما بيعملش علاقة، حتى إنه استمر فتره كتيرة بالشكل ده مع إن احنا بنركز معاه، ونقول له: بص للى انت بتكلمه لو سمحت، وكده، هو فى الفتره الاخيره عامل شغل كويس، يعنى فرقت معاه

د.يحيى: الحمد لله، هو قعد سنتين معاكى قعد منهم فى الجروب قد ايه؟

د. تيسير: سنه

د.يحيى: انت معاكى مين فى الجروب

د. تيسير: دكتور أسعد

د.يحيى: لو. …، واللا أقول لك ما فيش لو…، قصدى فى الحالات اللى جايه، أما يكون فيه علاقة بتنمو بالشكل ده، وعارفين الواقع، وتوقيت النهاية، ممكن تباصى لزميلك شوية عواطف، يقوم بدور مُخفف، تقوم لما تيجى اللحظة اللى زى دى تلاقيها تمر أسهل عليكى وعليه، مش كده ولا إيه؟ هو أثناء فترة الجروب كنت بتشوفيه علاج فردى برضه؟

د. تيسير: آه

د.يحيى: كان بيقعد قد ايه فى كل مرة فى الجلسات الفردية

د. تيسير: تلت ساعه، ربع ساعه حَسَبْ. …

د.يحيى: اتكلمتوا فى الموضوع ده اللى انت بتطرحيه دلوقتى مع زميلك بعد الجروب أول بأول

د. تيسير: ساعات

د. يحيى: وبعدين؟

د. تيسير: بس فيه حاجة تانية عايزه أقول لحضرتك عليها، هوا دلوقتى بيحس بحاجه يعنى زى تقل كده فى مؤخرة رأسه، وبيقول ان ده من بعد ما خرج من المستشفى موجود وانا اعتبرت ان دى حاتخف شوية شوية مع الشغل فى الجروب، إللى حصل إنها بتزيد، بيقول انا حاسس انه فى حاجه زى تقل هنا (تشير الى خلف رأسها) بتشدنى للأرض.

د.يحيى: السؤال بقى؟

د. تيسير: هو سؤالين: السؤال الاولانى انا مش فاهمه قوى الحاجة دى، وخايفه يكون فى حاجه تانيه انا مش فاهماها

د.يحيى: حاجه تانيه زى ايه؟ زى ايه يعنى؟

د. تيسير: انا فكرت بس مالاقيتش ان ليها أى حاجه يعنى تنفع، يعنى ما فيش مرض محدد أعرفه يفسر شكواه دى.

د.يحيى: شوفى اما اقولك، المريض النفسى ده له جسم زى أى واحد عادى، والجسم بيعيا بأى مرض، برضه زى أى واحد عادى، مش معنى إنه مريض نفسى يبقى كل ما يظهر عليه وجع، ولا ورم، ولاّ ولاّ..، نروح لازقينها فى حالته النفسية بسرعة، خصوصا لو كانت بتزيد ما بتنقصشى زى ما انت بتقولى، إحنا دكاترة ولازم نبقى مصحصحين طول الوقت لكل احتمال، على شرط ده ما يعطلنيش عن مسيرة العلاج الأصلية ويحِّود بيا الناحية التانية، بس إيه اللى فكرك بالموضوع ده وهو بقاله سنتين زى ما بتقولى، من ساعة ما خرج من المستشفى

د. تيسير: يعنى

د.يحيى: أنا ما زلت بارجّح إن الشكوى دى داخلة فى الحالة النفسية، إنما ده ما يمنعشى إنى أعمل له أى فحوص تساعدنى على حسم الأمر خصوصا قبل ما يسافر، بس بالنسبة للإشراف وتدريبك أنا يا تيسير شايف إن ظهور هذا الانشغال دلوقتى بالصورة دى له دلالة خاصة بالنسبة للى كنا بنقول عليه، يعنى بالنسبة لعواطفك نحوه، ومسئوليتك، وكلام من ده

د. تيسير: يعنى إيه

د. يحيى: جرى إيه يا تيسير

د. تيسير: السؤال التانى، عشان الوقت: هوا أنا اقدر اعمل ايه فى خلال الاسبوعين دول

د.يحيى: هو انت بتحبيه الظاهر

د. تيسير: آه

د.يحيى: طيب خلاص خليكى حبيه ما هى ثروة اهه، ثروة بحق وحقيق، إحنا فاهمين إن الثروة إننا نتحب، الثروة الأهم والأجمل إننا نحب، صحيح الفراق صعب بس، واحنا بنى آدمين، بعد سنتين من العشرة، والنجاح، والمجموعة، والناس، كل ده ما يهونشى إلا على ابن الحرام، مش كده ولا إيه، حبى يا شيخة ولا يهمك، كله لصالح البنى آدمين اللى بحق وحقيق، أنا شاعر إن عواطفك دى مع عيانك ده جيدة جدا، انه يسافر ده فراق حقيقى مش هزار، يعنى السماح لنفسك إنك انت تنشغلى بسفره لصالحه ولصالحك ده برضه، ده شىء إنسانى، مش ضرورى ان الحب يترتب عليه حاجة محددة، هوا نفسه حاجة محددة،ومفيدة، لكل الأطراف خصوصا فى المواقف الواضحة كده، ربنا خلقنا بمواصفات بشريه ما يصحش ندور على تبرير لها أكتر من كده، لأنها خلقة ربنا، يبقى لمّا نستعملها فى مكانها، زى مثلا إننا نحب، يبقى خير وبركة، الحكاية مش عايزة تفسير تانى، مش ضرورى ندور على قصص وحواديت، وطرح وما طرحشى، ورومانسية ومثالية وخيبة قوية، فى النهاية اما نيجى نلاقى ان عواطفنا مازالت زى ما ربنا خالقها، يبقى خير وبركة، دى ثروه لأى حد، إنه يحب، وبعدين حا يتحب غصبن عنه لو الناس مارست حقوقها إنها هى رخرة تحب، حا تحب مين؟ ماهى لازم حاتحب اللى بيحب، يبقى حا ييجى عليه الدور يبقى من الكوتة بتاعة حب الناس اللى حواليه، أنا عارف إنى شطحت شوية، بس ساعات باحس إن الحاجات دى أبسط من إننا نصعبها من غير مبرر.

د. تيسير: يعنى أعمل إيه؟

 د. يحيى: الله !! حبيه يا شيخة، قريب بعيد، هوه وغيره، وربنا يرزق، وينفع بينا خلقه، بس برضه خلى بالك إوعى تفتكرى إن دى مثاليه ولا كلام من ده، إنت اللى كسبانة، دا انا بيتهيأ لى العكس، بيتهيأ لى إن اللى احنا بنحكى عنه ده هو عكس المثالية على طول الخط، دا انا وصل بى الأمر إنى لقيت إن نهار ما الدنيا تزنق مع الواحد يتوكل على الله ويحب حد كدهه بالعافية، من غير ما يقوله ومن غير ما يطلب منه حاجة، يعنى الواحد يحب وخلاص، يعنى هو ضرورى يعنى ياخد مقابل ولا يبقى المحبوب قدام عينه؟ مادام ربنا خلقنا بنحب، نحب يعنى زى ما خلقنا بنجوع وناكل ناكل، فيه أبسط من كده،..

الحاجات دى على فكرة بقت بعيدة عن وعى الناس خالص، مع أنها بديهية، أنا مش ببالغ، يبقى حصل حاجة فى خلق الله خلتها بعيدة، إحنا مالنا، عيانينا يستاهلوا، وعايزين ده، عالبركة، إنت يا تيسير لما تفكرى فى عمقها ممكن تلاقيها ابسط من التعقيدات الاخرى، حتى لو ترتب على مجريات الواقع آلام زى اللى أحنا شايفينها عندك وغالبا عندى، فى خبرتى أكاد أجزم إن الزمن دايما فى صالح الصحة مهما كان هناك فى حالات محدودة عكس ذلك.

وبعد

مازالت أغلب الآراء تفضل أن أعرض الإشراف هكذا بدون عنوان وبدون تعليق، مع إنى والله عندى تعليقات مهمة جدا، إنما ندعها للحوار إذا سأل سائل عن أشياء محددة وردت فى الإشراف.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *