الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الفروض الأساسية: الافتراضات الأساسية حول: “جوهر الكراهية”

الفروض الأساسية: الافتراضات الأساسية حول: “جوهر الكراهية”

“يوميا” الإنسان والتطور

17-6-2008

العدد: 291

الفروض الأساسية

الافتراضات الأساسية حول: “جوهر الكراهية”

لماذا فتح هذا الملف الآن هكذا على مصراعيه؟

وأى أولوية لهذا الموضوع المثير للجدل حتى يفرض نفسه بهذه الصورة الثرية الدالة والمفيدة إن شاء الله؟

ألم يكن الأولى أن نتكلم عن الحب، وفن الحب، وضرورة الحب، والعطاء والتضحية (والذى منه)؟

لم يكن الأمر مقصوداً تماما، لكنه الالتزام بضرورة الاستجابة لحركية الحوار الذى يوجهنا بقدر ما نقودُه، كما لابد من احترام صدق المداخلات بطريقة تناسب هدفنا بشكل أو بآخر.

فكرت قبل الانتقال إلى عرض “النصوص” التى بين أيدينا حتى الآن من خلال “التجريب”، وليس من خلال “التنظير”، أن أكمل يومية 3/6/2008 الخاصة بالبحث عن منهج، وهى بعنوان “تجارب تحريك الوجدان“وهى شديدة الأهمية (برغم التكثيف المزعج) لمن شاء أن يتابعنا بدقة، وأن يشاركنا بمسئولية، فقد وردت فيها التساؤلات الخاصة بماهية الوجدان عموما (25 سؤالاً) كما وردت فيها أيضا تحفظات حول منهج التنظير المكتبى (9 خطوات) فى مقابل التجريب الخبراتى.

رأيت بعد ذلك وقبل الدخول فى مناقشة النصوص ثم الآراء، أن أقدم مسودة الفروض بشأن الكراهية تحديدا على الوجه التالى :

الافتراضات الأساسية والتوجه العام

(1)  الكراهية هى إحدى تجليات التطور النمائى لغريزة العدوان حين يلتحم بدرجة ما من الوعى الظاهر (والباطن).

(2) بما أن العدوان إيجابى من حيث المبدأ (لا توجد أية غريزة سلبية، وإلا: لماذا خُلقَتْ؟) فإن الكراهية التى هى إحدى تجليات العدوان هى إيجابية أيضا من حيث المبدأ كذلك!.

(3) العدوان ليس له منفذ طبيعى إيجابى معلن، مقارنة بالجنس يومية 19-3-2008، وحتى بتبنى “فرض” دوره فى الابداع لا يكفى لاستيعابه.

(4) من أهم تجليات توظيف الكراهية هى إمكانية أن تستوعب العدوان، جنبا إلى جنب مع توظيفه فى المراحل الأولى للإبداع (مرحلة التفكيك).

(5) الكراهية برنامج بقائى أوّلى أوضح من الحب، لكنه أبعد عن دائرة الاعتراف الشعورى بشكل مباشر (مقارنة بالحب الذى هو التجلى الحميم لالتحام الجنس بالوعى المسئول أيضا).

(6) تجزىء الانسان (حته حلوه وحته وحشه) يسهل فصل الكراهية عن الحب كضدّين، مما يعطل جدل النمو.

(7) التناوب بين الكراهية والحب يسهِّل أيضا الاعتراف بهما، الواحد تلو الآخر، مع اختلاف وظيفة كلٍّ منهما حسب طور (نوبة) ظهورهما بالتبادل غير المنتظم، وهذا مقبول، لكنه ليس غاية المراد.

(8) فصل الانسان عن طبعه (أحب الناس وأكره طبعهم) هو تجزىء أيضا يسهم فى فصل الكراهية عن الحب، وإن كان يمكن أن يكون تبريرا وجيها بعض الوقت.

(9) إذا صحت الفروض 6، 7، 8 فإن اتساع الوعى البشرى على مسار النمو الفردى هو الذى يسمح بجدل بين الكراهية والحب، تتحدد من خلاله وظيفة “كل منهما معاً” لصالح بعضهما البعض.

(10) اجتماع الكراهية مع الحب تجاه شخص بذاته دون تذبذب سريع، أو تناقض مُشلّ (تيجى تحب تكره تيجى تكره تحب ambivalence) هو الضمان لحب “الآخر” ككل غير مجزأ (الصفقة على بعضها – Package Bargain).

(11) تحمل هذا التناقض مع استمرار حركية العلاقة بين اثنين على مستوى نضج متقارب، وهما يمارسان نفس المسئولية، هو الوسيلة القادرة على تحفيز ارتقاء علاقة ما فى الاتجاه التطورى (النمائى) الواعد.

(12) لا يوجد أمل قريب (حتى بمجرد التصّور) فى أن يلتحم الحب بالكراهية ليصبحا وجدانا جديدا لا نعرف له اسما ولا شكلا فى الوقت الحالى لتصور الانسان المعاصر، وإن كان الاحتمال واردا على امتداد مسيرة التطور.

(13) الإصرار على فصل الكراهية عن الحب حتى يصبحا عكس بعضهما هو ميكانزم وارد، ومثل كل الميكانزمات، لابد أن له دور دفاعى تكيفى مناسب، فلا معنى لرفضه تشنجا (أو منظرة!).

(14) التوقف عند  هذا الميكانزم وتضخيمه – ميكانزم الاستقطاب- مثل أى ميكانزم هو إعاقة أكيدة لو استمر وأصبح هو الحل الدائم.

(15) تفكيك هذا الميكانزم (الاستقطاب) ، مثل أى ميكانزم ، المفروض أنه يتم دوريا من خلال حركية الإيقاع الحيوى (تبادل البسط والامتلاء لاستيعاب التضاد وحفز الجدل)، فضلا عن أهمية فرص النمو الحقيقى.

(16) الألفاظ الدالة على الكراهية أعجز عن استيعاب حقيقة أبعادها . (أنظر يومية 3-6-2008)

(17) الألفاظ الدالة على الحب هى عاجزة أيضا لكنها أكثر خداعا وتضليلا مع أنها أرق وأقدر تسكينا.

(18) تناول مناقشة القضية بالألفاظ والنظريات والإقناع والإثبات (ربما مثلما أفعل الآن) أقل قدرة على كشف الحقيقة مِن لو غامرنا بالمعايشة الخبراتية مع وعى مشارك (كما نحاول بطرق باب هذا المنهج).

(19) ليس مطلوبا حسم هذه القضية فى أى اتجاه، بقدر ما هو ضرورى (أو مفيد) إبقاء الملف مفتوحا .

وبعد

نأمل أن نرجع إلى محاولة التحقق من معظم هذه الافتراضات، التى قد يصل بعضها إلى مستوى “الفرض العامل” من خلال كل النصوص والآراء التى وصلت إلينا ونشرنا بعضها، وأيضا من خلال ما سوف نوالى نشره ومناقشة بعضه.

* * *

تراجع عن التراجع، وإشارة إلى الندوة .

بعد ما أشرنا إليه فى يومية 11-6-2008 من التوصية بالعدول عن محاولة تجريب اللعبة التى لعبها المرضى والمعالجون 10-6-2008 فى العلاج الجمعى لتصور صعوبتها، جاءتنا محاولات ناجحة أثبتت أن تخوفنا كان فى غير محله.

وبالتالى وجب التراجع

فمن شاء أن يساهم بالطريقة التى يراها فليفعل

اللعبة: “يمكن لمّا أعرف أكرهك أقدر ..” …. (أكمل)

ملحوظة :

سوف تكون الندوة العلمية لشهر يوليو 2008 يوم الجمعة الموافق 4 يوليو عن نفس الموضوع “الكراهية” وقد نجرى فيها عمليا مزيد من التجريب على مجموعات أكبر .

والدعوة عامة الساعة 3.30 ظهراً، “قاعة المحاضرات بمستشفى دار المقطم للصحة النفسية” شارع 10 مدينة المقطم.

وسيعقبها الندوة الثقافية  وهى بعنوان: “مصر فى عيون مواليد 1981 وما بعدها (وما قبلها)، بمناسبة إصدار جريدة المصرى اليوم لملف خاص بهذا العنوان رأينا أن نحاول فى ندوتنا أن نستمع للمزيد من هذه الأجيال وأن نستمع أيضا إلى مالديهم من أصداء لهواجسنا وأحكامنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *