الرئيسية / حوارات وأحاديث / الدكتور يحيى الرخاوى، في حوار لـ«البوابة نيوز» عن أزمة كورونا

الدكتور يحيى الرخاوى، في حوار لـ«البوابة نيوز» عن أزمة كورونا

 الأربعاء 6/مايو/2020

الأستاذ الدكتور / يحيى الرخاوى أستاذ طب نفسي قصر العينى في حوار لـ«البوابة نيوز»

 عن أزمة «كورونا »: المصريون أكثر التزامًا مما نتصور..

وحالات التنمر «نادرة» لأننا شعب طيب ومسالم

 حوار: أحمد حمدي

حالة من الهلع سيطرت على العالم، بعد تفشى وباء فيروس «كورونا»، الأمر الذى تحول سريعًا لإجراءات صارمة اتخذتها الدول، تقضى جميعها بالتباعد الاجتماعي، والخروج عن المألوف وطبيعة البشر في الالتزام بالبقاء في المنازل فترات طويلة، ما قد يترتب عليه تغير في السلوكيات البشرية خلال الفترات المقبلة، نتيجة الضغوط الإنسانية والنفسية والمالية.

البوابة نيوز” حاورت الدكتور يحيى الرخاوى، أستاذ الطب النفسى، حول تداعيات أزمة فيروس كورونا على الصحة النفسية للمجتمع، وإلى نص الحوار.. 

الجماعة الإرهابية «شمتانة» في الشعب المصرى.. وتحاول إثبات عجز الحكومة عن حماية الناس الدولة تتصرف بشكل أفضل مقارنة بحكومات أكثر تقدمًا.. والجائحة ستقرب بين الشعوب.

مبادرة الرئيس للكشف عن أورام الثدى ساعدت في زيادة نسب الشفاء.. السمنة والعادات الغذائية السيئة أسهل طرق الإصابة بالأورام الخبيثة.. وانتشار مقاهى تدخين الشيشة بالمناطق السكنية خطر يهدد بتفشى الأمراض الخطيرة.

كيف ترى حالة المصريين النفسية الآن في ظل أزمة كورونا والإجراءات التى تتبعها الدولة؟

لا أستطيع التعميم، فكل منطقة لها ثقافتها الفرعية، فحالة المصريين في المدن غيرها في الريف، وحالتهم في القاهرة غير حالتهم في أسوان أو دمياط، لكن عموما ما يصلنى أنهم أكثر التزاما مما كانت السلطات تتصور، وأيضا مما كانوا هم يتصورون، وكذلك أعتقد أنهم أكثر تحملا، وغالبا أكثر إيمانا واحتراما للقدر وتوجها إلى الله يسألونه اللطف في قضائه «اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه“.

وهل هناك تفسير لعدم مبالاة الكثيرين بخطورة كورونا؟

الذين لا يبالون بخطورة كورونا هم إحدى ثلاث فرق

الأولى: هم الذين لا يثقون في الدولة وأرقامها وإعلامها وأخبارها.

والثانية: هم الذين يفضلون الاعتماد على رحمة الله وقدرته، وأنه هو وحده القادر على نجاتهم من هذا الخطر، الذى ليس لهم ذنب فيه، ويبالغون في هذا الاعتماد على حساب الأخذ بأسباب الوقاية

والثالثة: هم الذين يتوهمون في أنفسهم الشجاعة والقدرة على حماية أنفسهم بطريقتهم الخاصة فيستهينون بأى أنظمة رسمية يعتقدون أنها غير كافية أو غير لازمة فيغامرون على مسئوليتهم.

المصريون شعب مسالم.. ما الذى جعل بعضهم يتنمر بمرضى وموتى كورونا؟

في حدود ما يصلنى وما أتابع، أعتقد أن حالات التنمر هذه هى حالات نادرة تماما، ولأننا فعلا شعب طيب ومسالم، فمثل هذه الحالات مهما كانت نادرة، فإنها تجذب انتباه الناس باعتبارها غير مألوفة وضد طباع الناس المصريين بتآلفهم وتراحمهم الذى يظهر أكثر في الشدائد، وعلى الإعلام أن يراعى ذلك، وألا ينشر حالة واحدة أو بضع حالات على أنها ظاهرة متكررة دون أن يؤكد على ندرتها، والأهم أن يرتبط بإعلان مثل هذا الخبر ما يوصى به المختصون ويأمر به الدين والأخلاق فتجنب تكراره.

شعور البعض بالإصابة بكورونا هل له علاقة بالخوف من الوباء؟ وكيف يتم التغلب على هذا؟

أعراض الكورونا ليست محددة ولا ثابتة، خاصة في البداية، وهى تتداخل مع أعراض أمراض شائعة كثيرة ومنتشرة، مثل البرد العادى، والأنفلونزا، والالتهاب الشعبى وكثير من الحميات، ولا يمكن الجزم إكلينيكيا، ولا حتى معمليا بأنها نتيجة للكورونا أو غيرها بشكل حاسم إلا بفحص معملى وخاصة في المراحل الأولى للمرض.

ومع كل هذا الغموض فإن المتوقع أن يزداد الخوف خاصة إذا تذكرنا أن هذه الأعراض التى تبدو ضعيفة هكذا تتطور بسرعة في حالات ضعف المقاومة حتى تنقض على المريض بإنهاء حياته وبسرعة، فكيف لا نفزع والعدو بهذا الخبث وهذه الخطورة في نفس الوقت.

وما تفسيرك لدعوة الجماعة الإرهابية لنشر العدوى بالوباء بين المصريين؟

لا أعتقد أن هذه الجماعة يمكن أن تسلك هذا السبيل بشكل علنى أو مباشر، والأرجح عندى أنهم يشمتون في معظم هذا الشعب الطيب المسالم، لأنه هو الذى طردهم وكشف ادعاءاتهم بسرعة، فهو في تفكيرهم شعب كافر يستحق هذا العقاب من رب خصوصى يدعون أنه ربهم دون غيرهم علاقة خاصة بهم دون سواهم

وهم ينتهزونها فرصة لإبلاغ الناس عجز السلطة التى طردتهم عن حماية الناس من خطر محيط بهذه الصورة، وهم ينسون بذلك كيف أن هذا الخطر جاء عالميا، وتحدى كل أشكال السلطات عبر العالم على اختلاف دياناتهم ونظم معيشتهم ونوع اقتصادهم، فهو قد هاجم الدول والشعوب الغنية والفقيرة، الاشتراكية والرأسمالية المتدينة والملحدة دون تفريق

وهم أيضا انتهزوها فرصة للشماتة في السلطة الحاكمة الحالية، فهى التى استجابت لحركة الشعب ضدهم وطردتهم وأوقفتهم بشكل حاسم ومبكر عن تماديهم في التعقب والظلم والاستكبار.

وما تداعيات الحديث عن نهاية العالم على الحالة والصحة النفسية؟

توقع نهاية العالم أو قيام القيامة هو توقع متكرر كل بضع سنين، بسبب أو بغير سبب، لكنه يقفز للأذهان حين يكون الخطر شديدا وعالميا وغامضا ومنتشرا ومغيرا، وكل هذه الصفات متوافرة في الأزمة الشاملة التى اجتاحت العالم بطوله وعرضه، بشرقه وغربه، أما تأثير ذلك على الصحة النفسية فهذا يتوقف على الفروق الفردية والثقافة الخاصة، فالمؤمنون مثلا يزدادون إيمانا ويعمقون تقربهم إلى الله، والمؤلفة قلوبهم يحسمون أمرهم في مواجهة المصير، والطماعون يرعبون على مكاسبهم وليس على الناس، وهكذا.

في حال استمرار الحجر الطبى فترة طويلة، هل يؤثر ذلك على النفس؟ وما الحل في حال وجود تأثير؟

طبعا التأثير يزيد كلما زادت المدة، لكنه يختلف حسب الاختلافات الفردية وأيضا حسب اختلافات الثقافة الفرعية، فمثلا يمكن أن يتذكر أفراد الأسرة أن لهم أسرة، وأنهم لم يتحادثوا مع بعضهم البعض منذ مدة طويلة، بل ربما أنهم لا يعرفون بعضهم من قبل، أو قد يكون التأثير هو أن يكتشف البعض سلبيات من يعاشرون، فيظهر الاختلاف والشقاق وتحتد الأنانية وهكذا.

وما الظواهر السلبية والإيجابية التى سيخرج بها المصريون من محنة كورونا؟

لا أستطيع أن أحكم حكما عاما، فمثلا من الظواهر الإيجابية، أن يزداد قرب الناس من الله وهم يطلبون رحمته، أو أن يكفوا عن إيذاء غيرهم واستغلالهم.

ومن الظواهر السلبية، أن يزداد جشع التجار ويبالغون في الحرص على المكسب وهم يعلمون اختفاء التطور من أيدى الناس، أو تزداد الأنانية لحرص كل واحد على مصلحته وسلامته على حساب الآخرين وهكذا.

ما الحلول العاجلة التى يجب اتخاذها لتقليل الأضرار النفسية جراء الأزمة؟

لا أظن أن هناك حلولا عاجلة لتقليل الأضرار، يمكن تطبيقها فورا بمعنى أنه لا توجد وصفة سحرية لطمأنة الناس أكثر مما يجرى فعلا، لكن بمزيد من التعاون بين الناس وبعضهم وبينهم وبين السلطات، ويتراجع أعداد المصابين والضحايا باستمرار نأمل أن تكون في هذا وذاك درجة كافية من الحلول العملية وليس السحرية.

هل ستزيد أزمة فيروس كورونا من الكراهية بين الشعوب؟

هذا احتمال وارد، لكننى أرجح العكس، بمعنى أننى أتصور أن هذه الأزمة الشاملة يمكن أن تقرب بين عامة الناس على اختلاف جنسياتهم وانتماءاتهم الوطنية ليس من باب «من شاف بلاوى الناس هانت عليه بلوته»، ولكن من باب المشاركة في المحنة، وحتمية التعاون لدرء الخطر عن بعضنا البعض دون النظر إلى الاختلافات المذهبية أو العرقية أو السياسية أو الجغرافية، وخاصة أنه حتى الآن كان من فضل الكورونا وفضل الله أنها لم تفرق بين الدول المتقدمة والمتأخرة، ولا بين المجتمعات الغنية والفقيرة، وهذا فضل نوع من المساواة وإن كانت مساواة في المصائب

كيف ترى الإجراءات التى تتخذها الحكومة؟

حكومتنا في حدود تتبعى قامت بما هو «الممكن» وأكثر بعض الشىء مقارنة بحكومات أخرى أكثر تقدما وثراء لم تعط للأمر اهتماما بنفس القدر، وإن كان يمكن أن تجد ثغرة هنا أو نقصا هناك، ولكن هذا متوقع لأنه لا السلطات معتادة على مواجهة مثل هذا الخطر الكاسح الغامض، ولا الناس معتادة على الالتزام والانضباط بهذا القدر الذى تحاوله الحكومة في حدود إمكانياتها.

والله أسأل أن يعين حكامنا أكثر وأن يبصر ناسنا أكثر وأن تعمّ رحمته عبيده مهما كانوا قد نسوا فضله وأنكروا نعمته.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *