الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / من حالات الإشراف على العلاج النفسى: الحالة: (2) “عن عمق الاختلاف، وحُسن التوقيت، وفن الانتظار”

من حالات الإشراف على العلاج النفسى: الحالة: (2) “عن عمق الاختلاف، وحُسن التوقيت، وفن الانتظار”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 14-10-2018

السنة الثانية عشرة

العدد: 4061

من حالات الإشراف على العلاج النفسى (1)

مقدمة:

للتذكرة: اليوم الأحد هو يوم المقتطفات الإكلينيكية والعملية والإشراف.

حالة اليوم لم تحظ بتعقيبات كافية فى بريد الجمعة كما اعتدت مثل حالات أخرى، وهى حالة مهمة، تثير أكثر من قضية مهنية وعلاجية، أرجو أن تحظى بتعقيبات جديدة من خلال إعادة النشر هذا، حتى يتواصل الحوار فالإشراف فالوعى بالمسئولية.

شكراً

****

الحالة: (2)

عن عمق الاختلاف، وحُسن التوقيت، وفن الانتظار

بعض ملامح الحالة:

* فوائد المواجهة وموضوعية التحاور

* علاقات الزوج برضا الزوجة ثم تراجع الزوجة

* تهديد المؤسسة الزوجية

* ضرورة المعلومات (ورقة المشاهدة) (2) كاملة

* الجنس المتصل، والجنس المتكامل

* عمل المرأة (الزوجة) والوقاية من الفشل

* السماح بميكانزمات الاستمرار فى الحياة العادية

* فن الانتظار، فى الولادة الطبيعية والعلاج النفسى

* علاقة المريض بتدينه وتنوع استعمالات ذلك

* اختلاف دين المعالج عن دين المريض

د. مرفت: هى عيانة عندها 38 سنة عندها 3 بنات، متجوزة بقالها 13سنة وكانت هى وجوزها مخطوبين ييجى أربع سنين قبلها.

د. يحيى: يعنى سبعتاشر سنة يعرفوا بعض ماشى.

د. مرفت: هى المشكلة كلها مع جوزها، يعنى هو جوزها بيشتغل فى السياحه ودايماً بيكلم ستات وبنات، وهى عارفه كده من قبل الجواز وكانت زى ما تكون موافقة ضمنيا كده على الحكاية دى، وكل فترة لما تحصل مشكلة يعنى بتحصل حدوته كبيرة كده وتكتشف موضوع يكون شكله كبير، يحصل خناقة، الدنيا تتلم، وبعدين يحصل تانى، حوالى بمعدل كل سنة كل سنتين يحصل موضوع كده.

د. يحيى: بس هى معاكى بقالها أد إيه؟

د. مرفت: معايا بقالها حوالى شهرين.

د. يحيى: إيه بقى الموافقه الضمنيه دى؟؟ يعنى إيه بقى؟ بتوافق على إيه؟

د. مرفت: يعنى هى…

د. يحيى: هى مسلمة؟

د. مرفت: آه هى مسلمة، ومحجبة.

د. يحيى: وهى عارفه إنك مسيحية؟

د. مرفت: آه طبعا.

د. يحيى: إيه بقى محجبة، وموافقه ضمنيا دى بقى؟؟!

د. مرفت: ما هى دى الحكاية، دلوقتى جياّلى علشان المشكلة دى.

د. يحيى: هى من قبل الجواز تعرف إنه كده، زى ما قلتى؟ وبعد الجواز كان عندها الموافقة الضمنية برضه، يعنى طول الوقت موافقة، ولاّ إيه؟

د. مرفت: تقريباً، لأن هى مانـْفـَعلتش وابتدت تحتج إلا دلوقتى، يعنى هى ماجاتليش إلا علشان يعنى لما ابتدا يحصل إنها تقلق.

د. يحيى: تقمصتيها إنت؟!

د. مرفت: آه حاولت.

د. يحيى: بس هى مسلمة، يمكن هى بتقنع نفسها إنه أهو تعدد ومسموح، وكلام من ده، إنما انتِ صعب عليكى.

د. مرفت: أنا فعلا لما تقمصتها من أول جلسة رحت قايلالها رأيى تقريبا..

د. يحيى: من أول جلسة؟ ينفع أنها تبقى عندها موافقة ضمنية كده، وتروحى قايلالها رأيك المضاد من أول جلسة، خبط لزق؟

د. مرفت: ما هو عشان كده وقفت، لقيت نفسى حاخرِب عليها.

د. يحيى:… عندك حق، ما علينا. هى بتحبه أوى أوى وكلام من ده، هوه فيه حاجة تبع التعدد عموما تطوريا وتاريخيا، إحنا ما بانحبش نعرفها، إنما دى حقيقة، هوه التعدد للستات وللرجاله فيه كلام كتير أوى تاريخا، بس هو ده ما يبررشى أى حاجة، لكن ممكن ينورنا سواء واحنا بنقبل، أو واحنا بنرفض، ما قصدشى إحنا اللى حانقبل ونرفض، لأ، نبقى واعيين من موقفنا ده، وبرضه واعيين للطبيعة البشرية واحنا بنتقمص مرضانا، ونتصور معنى قبولهم، ومعنى رفضهم، ليه وإمتى، وازاى، وكده..

د. مرفت: آه، هى لأول مرة يحصل القلق ده للدرجة دى، هو جوزها دلوقتى شغال فى “…..” الخارج، مدير فندق أو حاجة كده، بيروح هناك شهور وبيقعد هنا شهور، فالمرة دى هى اكتشفت علاقته بواحدة هناك، يعنى هى ماعرفتش تحدد هى إيه بالظبط، لأن جوزها كل شوية يقول لها هى عربية، لأ هى أمريكانية، فالمرة دى أول مرة تنهار بقى وتعيط وتسيب البيت وتسيب البنات وتمشى أول مرة تحتج كده.

د. يحيى: يعنى هى شافت الواحدة الجديدة دى ولا سمعت عنها؟!

د. مرفت: لأ شافت E-mail هى بتقعد تفتح كده E-mails بتاعته، والموبايل.

د. يحيى: ماشى، صور وبتاع ومش عارف إيه؟!

د. مرفت: آه صور وموبايل هى المسألة كده طول الوقت، الحاجات دى بتحصل على طول، بس دى كانت أول مرة تبقى المسألة شديدة قوى.

د. يحيى: هى قعدت معاكى شهرين بس؟!

د. مرفت: آه شهرين، فأنا فى البداية كنت باقول لها إنتى موافقة على كده من زمان، فاشمعنى جايه دلوقتى تعملى كده معاه، يعنى زى ما يكون حبيت أحملها هى جزء من مسئولية اللى حاصل ده وبعدين لقيت إن هى عندها حق شوية.

د. يحيى: هى بتشتغل؟!

د. مرفت: لأ مابتشتغلش .

د. يحيى: معاها شهادة؟!

د. مرفت: معاها بكالوريوس

د. يحيى: التاريخ العائلى؟ فيه أى مرض نـَـفسى فى عيلتها؟

د. مرفت: لأ مفيش .

د. يحيى: متأكدة؟

د. مرفت: آه .

د. يحيى: إنتى عملتى لها ورقة مشاهدة طويلة  (3)

د. مرفت: آه .

د. يحيى: مشاهدة زى بتاعتنا هنا؟ كاملة يعنى؟!

د. مرفت: آه، آه .

د. يحيى: بالمناسبة ياخوانا مافيش عيان علاج نفسى من غير مشاهدة كاملة، المعلومات الكافية جزء لا يتجزء من العلاج النفسى من البداية، يعنى أنا مثلا سألت مرفت عن التاريخ العائلى دلوقتى ليه، المسألة تفرق، الموافقة الضمنية بتاعة الست دى من واحدة من عيلة ملانة صرع أو هوس، غير من واحدة على مية بيضا، (يـُقصد: تاريخ عائلى سلبى) أنا مش حاخش فى تفاصيل، إنما مهما كان السلوك واحد، فالجذور بتعلمنا حاجات كتير. المهم خير، كمّلى يابنتى.

د. مرفت: بس، فأنا حاسة إن أنا واقفه معاها، بعد شوية وقت الدنيا هـْديـِت، من ناحية إنها مابتعملش الحاجات اللى هى كانت بتعملها، كانت بتقعد تزهق لدرجة بيجيلها أوقات هياج وصويت.

د. يحيى: بعد شهرين قدرتى تحسبى العلاقة بينهم على المستويات المتعددة بتاعة الجواز أو بتاعة أى علاقة، يعنى فكرياً إيه، وجنسياً إيه وعاطفياً إيه، واجتماعياً إيه؟

د. مرفت: هو عارف اللى هيـّا عايزاه وبيديهولها.

د. يحيى: يعنى هو بيمثل لها إيه فى الأربع مناطق دول .

د. مرفت: هو أنا طلبت أشوفه وقعدت معاه.

د. يحيى: برافو .

د. مرفت: لما قعدت معاه يعنى وافق ومستعد يتعاون علشان خاطرها، هوه مش شايف إن فيه عنده مشكلة هو شايف إن هى اللى فى مشكلة، أول جملة قالها لى “هى عارفه إن أنا كده من زمان” .

د. يحيى: يعنى إيه اللى رابطهم؟!

د. مرفت: هى بتحبه، وهو كمان عامل لها اكتفاء .

د. يحيى: أنا قلت لك أربع مجالات كلمة بتحبه دى موجوده فى مجال واحد منهم، ولا فى كله؟ أنا باسأل عن كله، بتقولى عامل لها اكتفاء، ده موجود فى أكتر من مجال ولا فى مجال على حساب التانيين؟ إنت عارفة طبعا، يعنى إيه فكريا: بيقعدوا يتكلموا فى إيه، وجنسياً، وعاطفياً بتاع الشوق والدم الخفيف والكلام ده، واجتماعياً، المجتمع بيشارك ويبارك بسلوك فعلى، وعلاقات، انت لازم تقيسى كل مستوى بمقاييسه.

د. مرفت: هما عاطفيا وجنسيا فيه توافق، هو بيعرف يقول لها كلام حلو، بيعرف يحتويها.

د. يحيى: بس خلى بالك حتى لو كانت المسألة جنس كويس معقول، ده جواز، أو أى علاقة ممتدة، لما يكون الجنس ناجح، لكن منفصل، مع استمرار الزمن بيبقى أكثر انفصالا خصوصا عند الست، لحد ما يتجمع التراكم ويفشل، لكن لما يكون الجنس متصل ببقية مستويات الوجود بيكبر ويخلى المشاركين أقرب فى أقرب وكلام من ده. الجنس المنفصل ما بيأديش وظيفة وجودية، بيأدى وظيفة حسية تفريغية، الوظيفة الحسية التفريغية دى طبيعة برضه، بس الجزء الأولانـِى من الطبيعة، الجزء ده له وظيفة على العين والرأس، إنما يعنى بعد 13 سنة يبقى فى الأمور أمور، ما علينا وبعدين….؟!

د. مرفت: هو ابتدى يقلق لما لقاها بتحتج، وقلقانه، وموقفها اتغير، زى مايكون قبولها اللى كان قبل كده اتهز، هوّا بقى ابتدا يقلق لأنها بتتغير فعلا، هو بيبقى مش هنا، فخايف على البيت والبنات، وهى شايلاله الدنيا كويس أوى ولمّاله الدنيا، فده حاسِّـسنى إن هو حايبقى متعاون يعنى وحياخد باله ومش حايحسسها بحاجة.

د. يحيى: إيه حكاية مش حايحسسها بحاجة دى؟ بقى ده كلام برضه؟

د. مرفت: أنا برضه مش متخيله إنه ممكن يتغير.

د. يحيى: المسألة مش مسألة يتغير، يعنى ينفع يبقى فيه حب وكلام من ده ومش حايحسسها، ما هى حاتحس إذا كانت بتحس، خصوصا إذا كانت بتحبه.

د. مرفت: آه ماهو بيقول لى ماعرفش هى بتعرف إزاى.

د. يحيى: هى حاتحس سواء قال لها أو ماقالهاش.

د. مرفت: فهو مسافر دلوقتى خلصت الإجازة بتاعته ومسافر، فابتدى يجيلها مخاوف إن هو كده مسافر ومش هايجى تانى وخلاص.

د. يحيى: معلش هى حالة صعبة شوية فى مجتمعنا خصوصا، هو إيه اللى بيخليه يعمل كده مادام هو راضى معاها؟ مش لازم يبقى فيه حاجة ناقصة.

د. مرفت: هى شخصيتة كده، شوية هايص ونشيط كده ويعنى.

د. يحيى: مافيش حاجة اسمها شخصيته كده وخلاص، فيه حاجة إسمها تحاولى تدورى على إيه اللى ناقص، فى الغالب فيه حاجة ناقصة، مش فيها بس، يمكن فى العلاقة نفسها، فى شخصيته….

د. مرفت: هو كده من قبل ما يتجوزها.

د. يحيى: يبقى يجوز هو ناقصُه حاجة من الأول.

د. مرفت: هو قال لى إنه هو كده، علاقته مفتوحة بالبنات.

د. يحيى: الظاهر إنه شكله كده إنه من النوع اللى لا يرتوى، فيه ظاهرة اسمها “الدون جوانية”، ودى ظاهره فيها كلام فى الطب، هوا فى الغالب بيستعمل الجنس عشان حاجة تانية، حاجة زى ما يكون كل ما يشرب يعطش، وعايز يتأكد إنه متعاز، متعاز وخلاص.

د. مرفت: أنا ماعنديش فرصة أشتغل معاه هوَّا أوى، وبعدين هو مش موجود طول الوقت.

د. يحيى:…، خلينا نبتدى حالة كونه “موجود”،، مش هى ابتدت ترفض، ياترى ابتدت ترفض ليه دلوقتى؟ ثم هى كانت بتقبل ليه قبل كده؟ هى شخصيتها اتغيرت؟ فين السؤال اللى انتِ مقدمة عشانه الحالة؟

د. مرفت: أنا مش عارفه أزق فى أنهى ناحية، حاسة إن أنا وقفت كده يعنى مش عارفه أزق فين؟ أزق عشان تقبل وتكمل؟ ولا هى حاترفض حاترفض مافيش فايده، هى اكتشفت تانى من 3 أيام إن هو لسه بيبعت لصاحبته E-mail.

د. يحيى: إحنا اتفقنا إنك إنتى فشلتى تعملى تقمص بيها، ده كان يمكن يخليكى تفهمى قبولها بالذات.

د. مرفت: آه ما أعرفتش أتقمص قبولها بالذات، ماعرفتش خالص.

د. يحيى: عندك حق، يبقى هى حاتتصرف، إنت مالكيش دعوة، إنت تنتظرى تفاعلها “ستاند باى”، يمكن هى حاتقبل تانى ومستنية موافقتك، إلا لو كان فيه قرار فى اتجاه الطلاق مثلا، يعنى تقول له يا كده يا نطلق، إذا كان دا مش موجود سيبيها تظبـّط أمورها بنفسها.

د. مرفت: هو أنا حاولت أشتغل معاها فى حته بعيد عن الموضوع، إن هى تشتغل، تعمل حاجة لنفسها بنفسها.

د. يحيى: ده كويس.

د. مرفت: بس هو مكفيها، بيبعت لها فلوس كتير، هو ناجح وبيكسب.

د. يحيى:..بصراحة هى حالة صعبة، لكن فى الغالب هى عندها ميكانزمات للتكيف مع الوضع ده خلتها تستحمل طول المدة دى قبل الجواز وبعد الجواز. إنت بتقولى فيه حب وجنس ناجح وكلام من ده، واستمروا 17 سنة، إحنا مالنا؟ العلاقات دى، جواز أو غير جواز، بيبقى فيه تعاقد على مستويات متعددة، يمكن هما مايعرفوهاش حتى، ولا احنا برضه ، يبقى اللى خلاهم يستمروا إنهم استمروا، ده واقع، إحنا نشتغل فى الجديد، إذاكان لسه عندها مقومات الاستمرار والقبول هى هى فسيبيها، يعنى خدى موقف انتظار يقظ، واستنى، لما يبقوا يخشوا فى أزمة حادة، وتلاقى الحكاية وصلت لقرار صعب، نعرف إن الميكانزمات اللى كانت ممشياهم ابتدت تتهز، الميكانزمات دى لا أنا ولا انت عارفينها زى ما قلنا، ومش مهم نعرفها قوى، الحكاية مش حب استطلاع، المهم الميكانزمات دى ممشياها ولا لأ، لما تبتدى ما تمشيهاش ننتبه ونقول نعمل إيه، حتى قبل ما توصل لطلاق وكلام من ده، لازم هى اللى تقرر: يا ترفض، يا تقبل، إحنا نبتدى نفكر معاها مش بدالها، نعمل كده إذا حصلت حاجة جديدة تخلى لينا دور جديد مختلف، أخطر حاجة إننا نُسقط على المريض نفسنا، لدرجة إن إحنا نقرر لنفسنا مش للعيانين وإحنا مش واخدين بالنا.

د. مرفت: يعنى إيه؟!

د. يحيى: يعنى بقالهم سبعتاشر سنة ماشيين بطريقة ما نعرفهاش، يبقى هى تقدر توصل لقرار واقعى يمشيها، أو يمكن تتوقف وتتعب أكتر وساعتها تحتاج مشورتنا بشكل مباشر، إحنا نستعجل على إيه، هى بتقول إنها ابتدت ماتطقشى اللى جارى، إيش عرفنا إنها صحيح ما عدتشى طايقة، المسألة مش كلام، هى تقول زى ما هى عايزة، هى مش طايقة بالكلام، إنما الدور ماشى، نقعد كده لحد ما يحصل أعراض تانية، ورفض فعلى، يبقى إعلان لتغير نوعى، يبقى دورنا يتغير.

د. مرفت: هى لمّت الهوجه الأخرانية دى بسرعة، أنا مش حاسه إن أنا اللى ساعدتها، هى لمت نفسها بسرعة ما اعرفشى ازاى.

د. يحيى: شفتى ازاى، الناس بتختلف، إنت تستمرى فى الدعم وبُنَا الشخصية من بعيد لبعيد، لحد ما نوصل لأزمة عملية مش بسبب العلاج يمكن بطبيعة النمو، الكبران يعنى، ساعتها نشوف سوا، إنت بقالك شهرين، ما فيش غيرهم، فتستنى، هو إيه اللى صبّرها، إحنا شغلتنا زى الوِلادة زمان، كانوا يعلمونا إن الطبيب المولد الأمين هو اللى يتقن “فن الانتظار” (4) اليومين دول إنت عارفة هات يا بنج، وهات يا قيصرية، بيحرموا الأم وهىّ بتولد من روعة الإبداع، من خلال الوعى إنها بتخلّق مخلوق جديد، همّا بتوع أمراض النسا بطلوا ينتظروا، إحنا نستلم منهم، ولازم احنا نتقن فن الانتظار، ما نخليش حساباتنا ومواقفنا الشخصية، أو الأخلاقية أو حتى الدينية تتدخل فى مسيرة المريض.

د. مرفت: هو أنا كنت ابتديت أشتغل معاها، أزقها إنها تعمل حاجة لنفسها، تشتغل ماتبقاش طول الوقت متفانية فى البيت كده.

د. يحيى: بالظبط كده، هو ده، بمعنى إنك بتدعمى الاستقلالية، بس واحدة واحدة ماتتحمسيش أوى، عشان هى تمشى بسرعتها، لأنها لو استقلت بالزّق منك يمكن تتخذ قرار مش ناضج يبقى عمره قصير، لازم هيا تاخد قراراتها بتوقيتها هى، فى الوقت اللى يناسبها وتقدر تتحمل مسئولية قرارها.

د. مرفت: هو أنا كان رأيى بس يبقالها حاجة ليها بتاعتها، لأن أنا تخيلت إن اللى خلاها ابتدت تنهار دلوقتى إنها مثلا قربت تبقى 40 سنه، لما أنا وأنا صغيرة بيعمل كده، يعنى أنا ده كان تفسيرى إنه ليه لحد دلوقتى بيعمل كده، فابتدت تنهار يعنى يمكن فكرت بالطريقه دى.

د. يحيى: … ممكن، بس برضه المسألة محتاجة انتظار، 17 سنة كان فيها ميكانزمات شغاله كويس، قصدى كويس ليها مش ليكى وليّا، واللى كويس ليها هوه كويس ليها، خلفت 3 بنات وبتاع ومش عارف إيه، إنت تستمرى تعزمى عليها بالشغل، اشتغلت اشتغلت ماشتغلتش ما تلحّيش، تقدرى تعزمى عليها بالخروج، يعنى يبقى لها مجتمع.

د. مرفت: بس هو بيغـلس عليها.

د. يحيى: ليه بقى؟!!

د. مرفت: أنا اشتغلت معاها فى اللبس شوية فابتدت تلبس حاجات شيك جذابة.

د. يحيى: هوا قِلِق؟

د. مرفت: ما ستحملش ده، من أصله.

د. يحيى: إحنا مالنا بقى، يتفلق.

د. مرفت: ماستحملش إن إحنا خليناها تغير فى لبسها شوية.

د. يحيى: هى ما بتبصش كده ولا كده؟ فى بلاد بره بيعملوها باتفاق ضمنى، “طـنّـش وأنا طـنّـش”، إحنا ما لنا برضه، كل واحد يتصرف باختياره ومسئوليته ما دام مش صغير، الناس مش زى بعضها ولا المجتمعات زى بعضها، إنتى قولتى لى إنها محجبه باين، هى بتصلى؟

د. مرفت: آه بتصلى.

د. يحيى: هوا الدين ممكن يساعدها فى الموضوع ده، وممكن يلخبطها، أصل الدين نفسه مش حاجة ثابتة فى كتاب مدرسى زى جدول الضرب، كل واحد علاقته بالدين ما يعرفهاش غير ربنا، هى ممكن تاخد من دينها السماح وتفتى لنفسها وتعتبره متجوز وتفوّت عشان تحافظ على ميكانزماتها اللى شغالة بيها سبعتاشر سنة، طبعا ده صعب عليكى يمكن عشان إنت مسيحية، لكن المسألة مش مسيحية أو مسلمة، وخلى بالك إنها حاجة كويسة إنها عرفت إنك مسيحية من الأول، ده شىء طيب، وعميق جدا، المسألة كل واحد بيستعمل الدين ازاى، لإيه، أو يمكن هى بتستعمل دينها فى اتجاه الزقّ، يعنى تقلب السماح الناحية التانية، وتبرر غضبها وقلقها، وبدال ما تكمل فى اتجاه القبول، تلزقها فى إن ده منكر وهى بتغيـَّـره بلسانها وبعدين بطلاقها وكلام من ده، برضه ما لناش دعوة، لا إحنا بنفتى، ولا إحنا هىّ. هى مسئولة فى جميع الأحول، وهى زى أى حد كبير فـَـهـْـمـَـان لازم تتعلم من مسئوليتها، وإحنا عامل مساعد، وهو برضه مسئول، بس هوه طايح ومش على باله، كمان هو مش العيان بتاعنا، ما نقدرشى نتدخل فى أموره إلا لصالحها إذا عرفنا، أو لصالحه إذا طلب المشورة وزهق من اللى هوا بيعمله، أو من اللى هوا فيه، أو خاف من اللى هى ممكن تعمله، وجه للاستشاره لنفسه مش بس ليها، إحنا مش وظيفتنا نروَّضـْـها له، ولا إننا نفركشها لحسابنا من غير ما ندرى.

****

التعقيب والحوار:

د. محمد نشأت:

1- هل معرفة ( دين الممارس) بالنسبة للمريض تؤثر على علاجه؟

وهل يوجد حالات يفضَّل فيها إخفاؤه؟

د. يحيى:

طبعا تؤثر،

أنا أرى أنه من الأفضل إن تكون لدينا الشجاعة لنبدأ منها أو ربما نضطر أن ننتظـِر بعض الوقت ثم ننتقى لإعلانها الوقت المناسب، إن كانت أسماؤنا لا تدل عليها.

الإعلان المسئول يا محمد يفتح باب أن نتواصل بما نملك من شرف ومسئولية، فنحل الصعوبات فعلا، ونحن على يقين من أن الله سبحانه الذى جمعنا فى هذا الموقف “العلاجى” الطيب المسئول هو أرحم وأعدل من أن يفرقنا هناك، لمجرد إن أهلنا أثبتوا ديننا بحسن نية جدا.

ولأن هذه النقطة تحتاج إلى مزيد من الايضاح اللازم، وخلينى أفكرك باللى كتبته مرارا:

الحوار الحقيقى لا يتم إلا بين ناس حقيقيين، أنا أعلن هويتى، بما فى ذلك دينى، ومذهبى، وموقفى (ما أمكن ذلك)، وأنت تفعل كذلك، فيكون حوارا يحتمل إن يتحول جدلا حقيقيا، فيبزغ الجديد منّا، لك ولى معا، يتم ذلك دون إلزام بأن تتضح معالمه من البداية.

علينا أن نعتبر إخطار، أو إعلان، الطبيب أو المعالج لدينه صراحة للمريض وأهله هو خطوة أساسية مقابل سؤال المريض عن دينه.

وفى الإشراف كنا نتطرق بشجاعة إلى مناقشة هذه المسألة بصراحة مفيدة، حتى لو أخذت شكل خفيف الظل، مع أنها كلها جد فى جد. مثلا حين أسأل زميلا سؤالا لا أنتظر جوابه إلا من تعبير وجهه، أسأله: “.. بالذمة يهون عليك بعد كل هذا الجهد، أن تتصور إن ربنا سبحانه وتعالى، بعدله ورحمته، سوف يذهب بك فى الآخرة فى موقع بعيدا عن هذا الذى ولد من جديد على يديك، أو أنه سبحانه سوف سيلقيه فى مكان لا يمكنه أن يراك فيه لمجرد اختلافكما فى الدين”، وكان الحياء يغطى الوجوه بالدهشة عند أغلبهم، ثم يعرفون ما أقصد من محاولة كسر الحواجز وراء هذه السرية التى نضحك بها على أنفسنا، تحت زعم أننا نراعى بعضنا البعض، إننا بهذا الإخفاء، الذى لن يطول مفعوله عادة، إنما نعلن عدم ثقتنا بتحملنا الاختلاف، وخيبة قدرتنا على احترام بعضنا البعض.

الأمر يمتد من الدين إلى الأيديولوجى، إلى منظومة القيم، إلى الثقافة الفرعية، إلى المدرسة العلاجية التى يتبعها المعالج، أو يتصورها المريض، كل هذه المناطق حين تُعْلَن بمجرد أن تسمح الفرصة، أى فى الوقت المناسب، تقلل بشكل مباشر وغير مباشر من مناطق الظلام فى العلاقة، الإعلان فى ذاته ليس هدفا، لكنه يضىء النور فى أماكن مهمة بحيث تصبح المكاشفة هى الأصل، ومن ثـَمَّ: تصبح العلاقة أكثر فائدة وأقوى فاعلية.

 

 [1] – من كتاب (“بعض معالم العلاج النفسى” من خلال الإشراف عليه (1 إلى 20) منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2017)، والكتاب يوجد فى الطبعة الورقية  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى للتدريب والبحوث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net ، ونكرر التنويه أن كل الأسماء مستعارة.

[2] – Sheet

[3]- Sheet.

[4] – The art of waiting

النشرة التالية 1النشرة السابقة 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *