نشرت فى أخبار الأدب
بتاريخ: الأحد 14-7-2013
نبض الناس
يسبّح الصمدْ، ذا العرش المجيدْ
الشعور بالسنين ليس له علاقة بالسنين، بعد ثلاثة أشهر وبضعة أيام أبلغ الثمانين، وأتابع هذه الأيام الصديق الناقد المبدع، صاحب الفضل يوسف الشارونى وهو يغرد لسن التسعين الذى يفرح بها وكأنه صاحب القرار فيها، وأصالح الأستاذ محمد حسنين هيكل – بعد طول خصومة سرية وتحفظ حذر- وأدعو له بطول العمر، والمغفرة، وأدعو لمصر، وأعمل لها، ولله، وللناس، وأتساءل : إذن ماذا؟
أعيش أحداث هذه الأيام صاعدا هابطا، فرحا متألما، مشاركا منتظرا، متأملا حذرا، آمِلا ساخطا، مجتهـِدا مترددا، والذى يحسن قراءة هذه الصفات واحدة واحدة ، ثم: “معا”، ويصدق ما تعنى، يستطيع أن يتعرف على سنى الآن وأنا أكتبها.
بعد إحالتى إلى المعاش، كتبت قصيدة بعنوان “النورس العجوز فى : 23 / 5 /1996، أنهيتها بأنه “ما عاد يستطيع”، “ما عاد يستطيع”. وتمر الأيام، أعنى السنين، أعنى الثوانى،أعنى الميكروثوانى، وأجدنى “ما زلت أستطيع”، “ما زلت أستطيع”، فأنتهزها فرصة وأنشرها من هذه النافذة هكذا :
أنهكًنـِى التحليُق فى سمائِها اللعوبْ
أنهكـَنِى نجاحِىَ الدؤوبْ
وصخرتِى تودّع الصلابهْ
لكنّها لا تنكسر
***
أريدُ والدى
أريده يحول بينها وبينى
أرُيد سجَّانا يفكُّ قيدى،
إذْ يِِـحكم الأقفال لا أضيعُ حرّا
***
أريد أن أنام فى حضن التى ترانى:
كما أنا: فرخًا صغيراًً لائذاًً بعُشـَّـهِ
لا فى الأعالى حيث يحسَبُون
لم ينمُ بعدُ ريشُهُ فلم يَطِر أصلاًً ،
فكيف تبحثون عنه فى السماءِ أيها القـُساهْ
أريد مَنْ ترانى فاتحا منقارىَ الطرىّ
القُطُ من منقارها الحنانَ والأمانَ والحياهْ
أريد أنطوى تحت الجناحِ
أعبرُ الفيافى دون أن أحلّقْ
***
أريد ”خيرزانةً”: تفيقنى، أرى بها حدودي
أريد جلاَّدا يحول دون قتلي
يأبى أضيعُ وسْـطَ وهْـم ذاتِـى
لا تضحكوا على طفلٍٍ غريرٍ صدّق الأكذوبة
لا تخدعوه تتركوهُُ فى سمائها،
والخيط فى أيديكمو كأنه المشانقُ الخفيّة.
لا تزعموا بأنه “أراد”
النورسُ الجسورُ لم يعد يدورْ.
قد أنهكتْـهُ لــُـعبة الصعودِ، والسرابُُ يسبقهْ،
يغمرُه الدُّوار، والفراغُ يخنُـقه
قد آن أن يحُطَّ فوق أرضكمْ-
لا ترجموهُ كهلا.
إن حطَّّ تدفنوه دون معـزَى،
تأكله الديدان وهو بعدُ حيّا.
لا لن يعودْ
أسـنـَّة الرماح مُشرعة
تملأ وجه الأرض والقلوب
لم يبق إلا أن يظلّ فوق الفوق ضائعا
وكلُّ ما يشُدّه يذوبْ
فتختفى السماءُ فى الضياءْ
ويختفى الضياءُ فى الغروبْ
يتوهُ فى دوائرِ الصباح والمساءْ
يواصلُ التحليقَ صاعدا معانِدا
لكنّـهُُ: …ما عاد يسـتطيع
…..ما عاد يستـطيع
***
ثم أفاجأ به اليوم 7/7/2013 يضيف:
ما عاد يستطيعُ الهبوطَ من جديدْ
يواكب الأسرابَ من قريبٍ أو بعيدْ
يطـّاير الزبدْ،
ويبقى ما يفيدْ ،
يسبـِّح الصمدْ
ذا العرش المجيدْ