نشرت فى جريدة أخبار اليوم
27/8/2011
الحرية (3) والديمقراطية، و”الشعب يريد!” ماذا؟ بالضبط؟..!
قالت البنت لأخيها: أنا خائفة
قال أخوها: وأنا كذلك
قالت: إن خوفك ليس مثل خوفى
قال: إيش عرفك؟
قالت: شكلك هكذا
قالت: هكذا ماذا؟ تحسبين دائما أن مشاعرك وأفكارك هى المشاعر الصادقة، والأفكار الوحيدة
قالت: هذا صحيح، يبدو أنك بدأت تفهم
قال: طول عمرى أفهم أكثر منك
قالت: بأمارة ماذا؟
قال: بأمارة أنك تسألينى فى كل شىء
قالت: بالله عليك هل الذى يسأل ليعرف أفضل؟ أم الذى استغنى عن السؤال لأنه يعرف كل شىء؟
قال: كفى فذلكة، كل شىء ظهر وانكشف، لم يعد أى شىء خافيا على أى أحد
قالت:هكذا مرة واحدة ؟؟!!! طيب ما معنى “الشعب يريد …”؟
قال: يا خبر اسود، يعنى “الشعب يريد….”
قالت: من هو الشعب؟ وهل هو يريد ما ينبغى أن يريده، أو ما سيق للمطالبة به
قال: مرة ثانية تقولين “سيقَ وسوقَ”، الشعب يريد الديمقراطية
قالت: يريدها زينة مثل أمريكا، أم “قهرا مهرا” مثل الصين
قال: قهرا ماذا؟
قالت: قهرا “مَهرا”
قال: “مَهرا”يعنى ماذا؟
قالت: إيش عرفنى، وهل نحن نعرف معنى الديمقراطية، حتى نعرف “قهرا مهرا”؟
قال: هل هذا وقت سخرية
قالت: أنا لا اسخر، هذه الديمقراطية التى نتغنى بها ليل نهار هى مرحلة تاريخية يبدوا أنه قد انتهى عمرها الافتراضى.
قال: ما هذا الذى تقولين؟
قالت: اقول لك إن الشرفاء فى البلد المصدّر نفسه لهذه البضاعة يبحثون عن بديل، ولولا أن السلطات التحتية، من أهل المال المتوحشين مستفيدون من تصديرها، كما يصدرون الأسلحة القديمة التى لم تعد تساير الحروب الحديثة، لما سمعت عنها أصلا
قال: لست فاهما
قالت: ولا عمرك سوف تفهم، يكفيك أنك الممثل الأوحد للشعب
قال: غصبا عنكِ
قالت: الشعب يريد ماذا إذن يا سيد الكل؟
قال: إيش عرفنى
قالت:فلماذا تذهب إلى ميدان التحرير
قال: الشعب يريدنا أن نذهب
قالت: قل لى بالله عليك، من ذا الذى عيّنك ممثلا للشعب
قال: أنا لست ممثلا للشعب، أنا الشعب
قالت: ربنا يحميك يا شعب؟
قال: تسخرين ثانية؟ أنا بدأت أشك فيكِ، ما هى حكايتك، هل تراجعتِ.
قالت: هل نسيت أننى من الشعب، ومن حقى أن أكون حرة وأن أفكر، أم من شروط الانتماء للشعب “ألا يفكر”؟
قال: بصراحة أنت تتكلمين مثل الخونة بالضبط
قالت: مثل من ؟!!!
قال: الخونة
قالت: أنا أختك، وأنت تعرفنى، وتعرف أننى بنت الميدان أكثر منك، ثم تحكم علىّ هكذا بكل هذه البساطة لمجرد اختلافنا؟
قال: وهل هذا اختلاف؟ هذه خيانة
قالت: تقول خيانة ثانية لمجرد أننى طلبت منك ومنّى أن نتأكد مما يريده الشعب،
قال: نحن نعرف تماما ماذا يريده الشعب
قالت: يا نهار اسود، إذن لماذا كل هذا الإلحاح على الديمقراطية “آخر موديل” إن لم نتعرف من خلالها على ما يريده الشعب؟
قال: لست فاهما، ماذا تريدين بالضبط؟
قالت: ولا حاجة
قال: لقد صدّعتنى، عن إذنك
قالت: إلى أين؟
قال: إلى ميدان التحرير؟
قالت: اليوم ليس يوم جمعة، ماذا هناك الآن؟
قال: سوف أعتصم
قالت: سوف ماذا؟
قال: أعتصم
قالت: لماذا، ما هى المطالب اليوم؟
قال: إيش عرفنى، سوف أسأل المعتصمين وأشاركهم فى أى شىء
قالت: تشارك من؟ بصفتك ماذا؟
قال: بصفتى الشعب
قالت: وأنا؟ هل استغنيتم عن أمثالى برغم اشتراكى معكم بكل إخلاص واقتناعي من أول يوم؟
قال: ليس للخونة مكان بين جموع الشعب
قالت: النبى حارسك وضامنك ؟ أصدرت علىّ الحكم بالخيانة ؟ أليس لى حق الاستئناف؟
قال: أنتِ أربكتنى، وأنا لا أريد أن أفكر
قالت: ألف سلامة
قال: الله يسلمك، ويهديكِ لما يريده الشعب
قالت: بالديمقراطية سابقة التجهيز!؟، أنا أشعر أحيانا أننى أختنق بهذه الديمقراطية المضروبة
قال: أنت إنسانة متسلطة، لستِ حرة
قالت: لست ماذا؟
قال: لست حرة
قالت: وأنت ؟ هل أنت حر؟
قال: جدا
قالت: بأمارة ماذا؟
قال: بأمارة ميدان التحرير، هل عندك بديل؟
قالت: نعم، ميدان السيدة زينب، هناك حرية أصدق وأرخص
قال: أنا لا أقبل سخريتك، ولا أفهمها
قالت: ولن تفهمها، إن الجارى فى العالم الآن هو من أخطر الخطر على الحرية الحقيقية، والمطلوب أن نقبل التحدى لنبحث عن وسيلة أحدث بفضل التكنولوجيا الأحدث نعرف بها ماذا يريد الشعب، حتى نكون أحرارا بجد، ولعلمك، هذا يجرى عبر العالم.
قال: لا توسعيها علينا إعملى معروفا
قالت: هى واسعة جاهزة، لكنها تستأهل مهما كان الثمن
قال: عندى صداع
قالت: أحسن