نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس : 25 – 10 – 2012
السنة السادسة
ص 100 من الكراسة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
……………..
الصبر جميل
اهدنا الصراط المستقيم
الصلوات الخمس
نجيب محفوظ
12/5/1995
القراءة:
يا شيخى الجليل
يا شيخنا الكريم
اليوم أكمل قراءة الصفحة “مائة”، وقد أخبرتك فى الأسابيع الأخيرة أننى قد أتوقف عند هذه الصفحة تحديدا، أقول “قد”، لكننى لم أقرر بعد، والأرجح أننى لن أستطيع التوقف فأنا لا أقرأ ما سطرت لنا من حروف مضيئة تحضرنى، فتحضرنا، وإنما أنا أحضر معك فعلا كل خميس (وأكاد أحضّرك كما يحضرون الأرواح) تماما، كما كنت ألقاك فى أخمسة الحرافيش برغم أننا لم نكن الحرافيش الأصليين، ومع ذلك أنت معى – فعلا- كل خميس، بل كل يوم وكل ثانية ربنا يخليك.
لابد أنه قد بلغك يا شيخى ما قد نبهنى إليه ابن أخى من استراليا (طبيب استشارى استرالى/مصرى!! غاضب أبداً، يحاول باستمرار) أنه يكفى هذا، وأن علىّ أن أنتقل لإكمال مشروعى النقدى لأعمالك بديلا عن هذا الذى أخذ يتكرر فى صفحات التدريب هكذا، وقد وعدته أن أنظر فى الأمر، وأنت تعلم شيخنا أننى أنهيت نقدى لملحمة الحرافيش بوعد العودة إلى عناصر كثيرة لم تستوعبها القراءة النقدية الأولى، لكننى لم أعد إليها أبدا، كما أننى أنهيت نقدى “لأصداء السيرة” بنشر عناصر “الدارسة الشاملة” التى لم يصدر منها إلا جزء واحد فى الجزء الأول وهو الفصل الأخير عن “الطفولة” بعنوان: “مقدمة القراءة الجامعة،الطفولة نبض متجدد دائم” لكننى عدد العناوين الواعدة.
ثم أنت تعلم أيضا أننى لم أنشر، ولا حتى فى موقعى، نقدى لعملك الرائع “حضرة المحترم: ناهيك عن أننى لم أقرأ بعض أعمالك أصلا (تصور!!!؟) بشكل نقدى مسئول مثل: “ميرامار”، و”السمان والخريف” و”عصر الحب”، و”صباح الورد” وغيرها. كما أنك تعلم أنه بقى لى ست وثلاثون يوما لأدخل عامى الثمانين، وعندى آلاف الصفحات وعشرات المواضيع العلمية الأصيلة التى أوصيتنى أن أعطيها الأولوية مهما أغرانى غيرها ، أنت تعلم يا شيخى كل هذا، فبماذا تشير علىّ بالله عليك:
- هل أجمع كل عشر صفحات تدريب وأرصد منها الجديد فقط، وأسمح لتداعياتى أن تتجول انطلاقا منها كل عشرة معا؟
- هل أتوقف لأبدأ الدراسة الشاملة لهذه الصفحات المائة قبل أن أواصل لعلى أجد منهجا آخر فيما يستجد من تدريباتك؟
- هل أكتفى بهذا القدر وأقوم بجمع كل الصفحات دون تعليق منى، ثم أقوم بدراسة شاملة، دون تداعيات، لعلنا نتعرف من خلال ذلك على بعض هذا الفيض من الوعى الذى سمحت لنا بأن تطل أنواره علينا هكذا بخط يدك؟
- هل أتوقف نهائيا وأخصص الخميس أيضا لنقد بقية أعمالك كما أشار ابن أخى؟
- هل أتوقف نهائيا عن النقد الأدبى لأنتبه لأعمالى العلمية (بصراحة هى أعمال خبراتية معرفية أكثر منها علمية) كما أوصيتنى دائما؟
أنا فى انتظار رأيك، ورأى من يهمه الأمر.
وبعد:
دعنى أقول كلمتين فى هذه الصفحة رقم “100” التى لم يأت فيها من جديد إلا كلمتين هما “الصلوات الخمس” .
أذكر أننى أقحمت كيف وصلتنى حياتك كلها باعتبارها صلاة كما جاء فى قراءتى لصفحة (45) بتاريخ 14-3-1995، كما جاء فى النشرة رقم (1546) بتاريخ: 24-11-2011، حيث قلت:
“… ما وصلنى منه دائما هو فكرة ظلت تراودنى وأنا معه، وأنا أقرأه، وأنا أتذكره، وهى أن الحياة ليست إلا صلاة، وما الصلاة إلا حياة، ثم إننى انتبهت أنه لما حضرته الفاتحة أمس أكملها دون أن يضيف إليها، ولا أن يتوقف دون تمامها، هذا نفس ما حدث اليوم مع سورة الصمد، وكأن هذا الحضور القرآنى المباشر – دون أن ينقص من غيره- يسحبه بكل ما هو إلى كل ما هو، فهو يمتلئ به بالقدر الذى يملؤه!…”
لكننى الآن أعرج إلى علاقتى بنظام صلاتنا الإسلامية الرائعة فى حضورها المنتظم هكذا مع الإيقاع الحيوى الكونى ودورة الشمس، أعنى دورة الأرض، وكيف أننى أربط بين ذلك وبين الإيقاع الحيوى لوجودنا البشرى، وهذا هو أساس نظريتى التى حدثتك عنها كثيرا وهى باسم “النظرية الإيقاعية التطورية” Evolutionary Rhythmic Theory ، والتى حين عرفتَ عناصرها كدت تنهرنى لو أننى لم أترك كل ما عداها لأثبت ولو خطوطها العريضة، نفس هذه العلاقة الإيقاعية الدورية بين إيقاع الكون وإيقاع الإنسان الفرد مرورا بإيقاع الطبيعة الحيوى هى التى جعلتنى أصر على التأكيد على أن رؤية هلال رمضان بالعين هى الأصل وهى تَجُب حسابات الفلك الوصية لأنها توثق العلاقة بين إيقاعنا الحيوى وإيقاع الطبيعة وقد كتبت عن ذلك مرارا دون أن تصل فكرتى إلى أى ممن يهمهم الأمر. وأنت تعلم جيدا أن هذا ليس تفسيرا علميا للعبادات، فلا نظريتى هى حقيقة علمية، ولا العبادات تحتاج إلى تفسير علمى أصلاً كما كررت مراراً وكتبت مرارا وكلمتك فى ذلك مرارا، المهم مجرد ذكرك للصلوات الخمس هكذا، طمأننى لوعيك بما وصلنى عن “مولانا النفرى” وأنت تعرف علاقتى به وكيف استلهم من مواقفه ما سمح لى أن أبتهل إلى ربى ببعض ما يصلنى منها، أقول إنه قد وصلنى أن “مولانا النفرى” كان من المصلين المنتظمين وإن كنت لم أعثر تحديدا على وثيقة مفصلة برأيه فى ذلك، ولن أعرج إلى من زعم بمن سقط عنه التكليف وأناقشه فى ذلك لأسباب أنت تعلمها.
شيخى الجليل فى هذه اللحظة يقف ثلاثة ملايين مسلم على عرفة وغدًا عيد الأضحى، وقد حثتك عن علاقة السعى بين “الصفا والمروة” بالبرنامج النمائى التطورى الحيوى، وأيضا ببرنامج “الدخول والخروج” In – and- Out Program الحيوى كذلك، وكيف أن الحج للناس جميعا وليس للمسلمين فقط، كما حدثتك عن ما وصلنى من دوران البشر الذى لا يتوقف حول بؤرة الكون (الكعبة) وأنا أنظر إليها من الدور الثانى بالذات فى كل عمره، وكل هذا ارتبط عندى كما ذكرت لك دائما بالإيقاع الحيوى .
شيخى الجليل أنا فى انتظار رأيك قبل يوم الاثنين القادم حتى أعرف ما أفعله فى الخميس التالى لأحافظ على لقائى معك كل خميس مادمت حيا.