الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الصحة النفسية (15) ماهية‏ ‏الارادة‏:‏

الصحة النفسية (15) ماهية‏ ‏الارادة‏:‏

نشرة “الإنسان والتطور

22-12-2010

السنة الرابعة

 العدد: 1209mental h 8 movement

الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (22)

 الصحة النفسية (15)

ماهية‏ ‏الارادة‏:‏

فى مقدمة فصل الإرادة فى كتاب كتبته منذ عشرين عاما(1) وجدت ما يلى حرفيا:  

“….إن‏ ‏الإرادة‏ ‏دائما‏ ‏نسبية‏، ‏وإن‏ ‏نموها‏ ‏مثل‏ ‏سائر‏ ‏الوظائف‏ ‏النفسية‏، ‏يتناسب‏ ‏تناسبا‏ ‏طرديا‏ ‏مع‏ ‏مسيرة‏ ‏التكامل‏، ‏أى ‏مع‏ ‏المساحة‏ ‏من‏ ‏النفس‏ ‏التى ‏تعمل‏ “‏معا‏”، ‏أى ‏مع‏ ‏مدى ‏الترابط‏ ‏وعمق‏ ‏الولاف‏ ‏المتصاعد‏ ‏ومستواه‏.‏

وفى نفس المقدمة قبل وصف أعراض “اضطرابات الإرادة” جاء ما يلى:

إن‏ ‏الإرادة‏ ‏هى ‏اختيار‏ ‏بين‏ ‏أمرين‏- ‏على ‏الأقل‏- ‏وبدون‏ ‏وجود‏ ‏أمرين‏ ‏نختار‏ ‏بينهما‏ ‏فلا‏ ‏محل‏ ‏للحديث‏ ‏عن‏ ‏الإرادة‏ ‏أصلا‏، ‏وأبسط‏ ‏صور‏ ‏انعدام‏ ‏الإرادة‏ ‏هو‏ ‏الفعل‏ ‏المنعكس البسيط‏، وأبلغ‏ ‏صور‏ ‏نمو‏ ‏الإرادة‏ ‏غير‏ ‏معروف‏ ‏على ‏وجه‏ ‏التحديد‏، ‏حيث‏ ‏أنه‏ ‏نادر‏ ‏فى ‏الحياة‏ ‏العادية‏، ‏وفتح‏ ‏باب‏ ‏الحديث‏ ‏عنه‏ ‏سوف‏ ‏يجرنا‏ ‏إلى ‏مستوى ‏من‏ ‏الوجود‏ ‏البشرى ‏لا نقابله‏ ‏كثيرا‏ ‏فى ‏الممارسة‏ ‏الكلينيكية‏ ‏على ‏الأقل‏، ‏وهو‏ ‏مستوى ‏التكامل‏،‏….‏.. ‏الخ‏،

‏……

وأعتقد‏ ‏أن‏ ‏خبرتى ‏المحدودة‏ ‏تكاد‏ ‏تصدر‏ ‏حكما‏ ‏عاما‏ ‏على ‏أن‏ ‏من‏ ‏ادّعى ‏الإرادة‏ ‏الكاملة‏، ‏أو‏ ‏الحرية‏ ‏الكاملة‏ (‏أى ‏الاختيار‏ ‏الكامل‏)،….. ‏هو – غالبا -‏ ‏منشق ‏محكوم‏ ‏بجانب‏ ‏واحد‏ ‏من‏ ‏وجوده‏، ‏وهو‏ ‏الجانب‏ ‏المتسلط‏ ‏عليه‏ ‏ضلال‏ ‏الحرية‏ ‏وعبودية‏ ‏اللاقيود‏.

 ‏وبالتالى ‏فإنى – ‏فى ‏إطار‏ ‏خبرتى ‏الكلينيكية‏ ‏المحدودة أيضا‏- ‏أرى ‏أن‏ ‏أرقى ‏درجات‏ ‏الإرادة‏ ‏التى ‏قابلتها‏ ‏هى ‏المتعلقة‏ ‏بموقف‏:

 ‏الوعى ‏المُواجه ‏بتناقض‏ ‏الذات‏،

 ‏بما‏ ‏يصحبه‏ ‏من‏ ‏حزن (إيجابى خلاّق)

‏ ‏ثم‏ ‏اختيار‏ ‘‏المجال‏’ ‏الذى ‏يحافظ‏ ‏على ‏هذا‏ ‏الوعى،

 ‏وفى ‏نفس‏ ‏الوقت‏: ‏الوعى “‏بكلية”‏ ‏الآخر‏ ‏بتناقضاته‏ ‏المحتملة والواقعة‏،

……………..

 ‏ومن‏ ‏ثَمَّ‏ ‏اختيار‏ ‏الوعى ‏والمجال‏ ‏الذى ‏يسهم‏ ‏فى ‏ترجيح‏ ‏الممارسة‏ ‏الواقعية‏ ‏المتصاعدة‏.(لما يسمى إرادة، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة بالآخر)

…………

…………

وعلى ‏ذلك‏ ‏فلكى ‏يقول أحدهم إنى فعلت‏ ‏هذا‏ ‏الفعل‏ ‏إراديا ‏فإنه‏ ‏يلزم‏ ‏له‏ ‏عدة‏ ‏شروط‏ ‏أهمها‏:‏

‏1- ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏هناك‏ ‏وعى “بالجانب‏ ‏الآخر‏” ‏من‏ ‏ذاته‏، ‏وبكافة‏ ‏جوانب‏ ‏ماهو‏ ‏خارجه‏.‏

‏2- ‏أن‏ ‏تكون‏ “‏المعلومات‏” ‏المحيطة‏ ‏بالجانبين‏ “كافية‏”.‏

‏3- ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏هناك‏ “‏قدرة‏” ‏على ‏ترجيح‏ ‏أحد‏ ‏الجانبين‏ ‏مرحليا‏.‏

‏4- ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏هناك‏ ‏قدرة‏ ‏على ‏احتمال‏ ‏ترجيح‏ ‏أى ‏جانب‏ ‏من‏ ‏الجانبين‏، مع الوضع فى الاعتبار ‏استمرار‏ ‏الجانب‏ ‏الآخر‏ ‏فى مستوى آخر من‏ ‏الوعى، …. ‏بمعنى ‏ألا‏ ‏يكون‏ فى ‏ترجيح‏ ‏جانب معين‏ ‏ما‏ ‏ينفى الجانب الآخر أو يهمشه‏، ‏بل‏ ‏هو‏ ‏متضمِّنٌ‏ ‏له‏ ‏بشكل أو بآخر.

‏6- ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏هناك‏ ‏فرصة‏ ‏لتحقيق‏ ‏الاختيار‏ ‏عملا‏ ‏نافذا‏ ‏عيانيا‏ ‏قابلا‏ ‏للقياس‏ ‏والتقدير‏.‏

‏7- ‏أن‏ ‏يتحمل‏ ‏صاحب‏ ‏الاختيار‏ ‏مسئولية‏ ‏نجاح‏ ‏اختياره‏ ‏فى ‏تحقيق‏ ‏ماهدف‏ ‏إليه‏، ‏أو‏ ‏مسئولية‏ ‏فشله‏ ‏على ‏حد‏ ‏سواء‏.‏

‏8- ‏أن‏ ‏يولّد‏ ‏هذا‏ ‏الاختيار‏ ‏اختيارات‏ ‏تفريعية‏ ‏متصاعدة‏ ‏باستمرار‏.‏

هذا‏ ‏بالنسبة‏ ‏لحقيقية‏ ‏الإرادة‏ ‏ومتطلباتها‏ ‏التى ‏تكاد‏ ‏تجزم‏ ‏أنه‏ ‏لاإرادة‏ ‏لمن‏ ‏لاوعى ‏له‏، ‏ولاإرادة‏ ‏لمن‏ ‏لا‏ ‏قدرة‏ ‏له‏..‏

‏ ‏أما‏ ‏الحديث‏ ‏من‏ ‏واقع‏ ‏سيكوباثولوجى ‏تركيبى‏:‏

إنه‏ ‏فى ‏لحظة‏ ‏ما‏، ‏توجد‏ ‏قوة‏ ‏واحدة‏ (‏نقطة‏ ‏انبعاث قائدة‏) ‏فى ‏مستوى ‏بذاته‏ ‏من‏ ‏مستويات‏ ‏النضج‏، ‏تتمتع‏ ‏بدرجة‏ ‏مناسبة‏ (‏لمستواها‏) ‏من‏ ‏الوعى، ‏وتقاس‏ ‏الإرادة‏ ‏بتناسب‏ ‏المساحة‏ ‏من‏ ‏الوعى، ‏مع‏ ‏الإدراك‏ ‏المعرفى، ‏مع‏ ‏القرار‏ ‏الصادر‏، ‏فى علاقته‏ بالتنفيذ‏ ‏المناسب‏.‏

وفى كتابى الأم “دراسة فى علم السيكوباثولوجى جاء فى شرح  إمراضية (سيكوباثولوجية) ‏رهاب‏ ‏الأماكن‏ ‏المرتفعة‏ Acrophobia‏ مايلى:

…. أما‏ ‏دلالتها‏ ‏السيكوباثولوجية‏ ‏فهى ‏فى ‏هذه‏ ‏الدراسة‏ ‏تقول‏ ‏إنها‏ ‏اعلان‏ ‏مباشر‏ ‏لنشاط‏ ‏داخلى ‏يكاد‏ ‏يستقل‏ ‏فى ‏الانفعال‏ ‏والفكر‏. (‏وليس‏ ‏بعد‏ ‏فى ‏القرار‏ ‏والفعل‏)، ‏وهذا‏ ‏النشاط (الداخلى)‏ ‏بيقظته‏ ‏غير‏ ‏المناسبة‏ ‏يهدد‏ ‏بشلل‏ ‏الإرادة‏ ‏الظاهرة‏ (‏الشاعرة‏) ‏التى ‏تحمى ‏المريض‏ ‏فى ‏الأحوال‏ ‏العادية‏ ‏من‏ ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏الهواجس‏ ‏والقوى، ‏والمريض‏ ‏بهذا‏ ‏الرهاب‏ ‏عادة‏ ‏ما‏ ‏يحاول‏ ‏تجنب‏ ‏هذه‏ ‏الأماكن (المرتفعة)‏ ‏كما‏ ‏ذكرنا‏ ‏ليتجنب‏ ‏بالتالى ‏التلويح‏ ‏للارادة‏ ‏الداخلية‏ ‏اللاشعورية‏ ‏المهددة‏ ‏بالظهور، ‏وليتجنب‏ ‏إذن‏ ‏مواجهة‏ ‏الإرادتين، ‏تلك‏ ‏المواجهة‏ ‏التى ‏نتاجها‏ ‏هذا‏ ‏الحلوسط‏ ‏الرهابى.‏

وأخيرا

 فقد جاء شرح آخر فى نفس الكتاب لماهية الإرادة فى بداية تقديم اضطراب‏ ‏الإرادة‏ ‏عند‏ ‏الفصامى ‏، هكذا :

لعل‏ ‏الحديث‏ ‏عن‏ ‏الإرادة‏ ‏هو‏ ‏من‏ ‏أصعب‏ ‏الأمور‏ ‏كافة‏ ‏وذلك‏ ‏للأسباب‏ ‏التالية‏:‏

‏(1) ‏الإرادة‏ ‏متعلقة‏ ‏أشد‏ ‏التعلق‏ ‏بالمفهوم‏ ‏الغامض‏ ‏للحرية‏.‏

‏(‏ب‏) ‏وهى ‏متعلقة‏ ‏أشد‏ ‏التعلق‏ “‏بالوعى” ‏ودرجاته‏، ومازال الوعى مفهومٌ مُشكل.

‏(‏ج‏) ‏ومفهوم‏ ‏الإرادة‏ ‏شديد‏ ‏الارتباط‏ ‏بالقدرة‏ ‏المعرفية‏ ‏للإلمام‏ ‏بأبعاد‏ ‏مانختار‏ ‏وماندع‏.‏

‏(‏د‏) ‏كما‏ ‏أنه‏ ‏شديد‏ ‏التعلق‏ ‏بتداخل‏ ‏الحيل‏النفسية‏ ‏وأثرها‏ ‏الخفى ‏غير‏ ‏المباشر‏ ‏على ‏الاختيار‏ ‏الواعى.‏

‏(‏هـ‏) ‏وكذلك‏ ‏فإن‏ ‏الإرادة‏ ‏محكومة‏ ‏فى ‏قياسها‏ ‏فى ‏مجال‏ ‏التنفيذ‏ ‏بقوى ‏خارجية‏ ‏تعوق‏ ‏تحقيق‏ ‏ماتصدره‏ ‏من‏ ‏قرارات‏، ‏بحيث‏ ‏يختلط‏ ‏الأمر‏ ‏مالم‏ ‏توجد‏ ‏مقايس‏ ‏أعمق‏ ‏وأدق‏.‏

………..

……….

وفى نفس المقدمة استطردت هكذا:

……

درجات‏ ‏الإرادة‏ ‏واللاإرادة‏ (مع بعض التصحيح والتحديث):‏

……. ‏سوف‏ ‏أكتفى ‏بعرض‏ ‏بعض‏ ‏درجات‏ ‏وأنواع‏ “‏الإرادة‏ ‏واللاإرادة“‏ ‏بحيث‏ ‏تنطبق‏ ‏اللاإرادة‏ ‏مع‏ ‏المراحل‏ ‏الأولى ‏للنمو‏ ‏من‏ ‏جهة‏، ‏وفترات‏ ‏توقفه‏ ‏من‏ ‏جهة‏ ‏أخرى، ‏فى ‏حين‏ ‏تنطبق‏ ‏الإرادة‏ ‏مع‏ ‏مراحل‏ ‏متقدمة‏ ‏من‏ ‏النمو‏، ‏وأطوار‏ ‏نشطة‏ ‏من‏ ‏حركته‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏الوقت‏.‏

ويمكن‏ ‏تقديم‏ ‏بعض‏ ‏أشكال‏ ‏اللاإرادة‏ ‏كما‏ ‏يلي‏:‏

‏1– ‏لاإرادة‏ ‏بالإنعكاس‏: ‏حيث‏ ‏يتقلص‏ ‏الوجود‏ ‏البشرى ‏فى ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏أشبه‏ ‏بالانعكاس‏ ‏الميكانيكى ‏التلقائى، ‏ويصف‏ ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏المراحل‏ ‏الأولى ‏للرضيع‏، ‏كما‏ ‏يصف‏ ‏بعض‏ ‏الكبار‏ ‏المستسلمين‏ ‏القدريين‏ ‏الحتمييين‏ ‏الخائفين‏، ‏كذلك‏ ‏يصف‏ ‏بعض‏ ‏المتحمسين‏ ‏العقائدين‏ ‏الذين‏ ‏يفتقر‏ ‏فكرهم‏ ‏وحوارهم‏ ‏إلى ‏قدر‏ ‏كاف‏ ‏من‏ ‏الكمون‏ ‏الخلاق‏ creative latency‏

‏2– ‏لاإرادة‏ ‏بالتقمص‏ ‏الكامل‏:‏ حيث‏ ‏يصبح‏ ‏الوجود‏ ‏مجرد‏ ‏إعادة‏ ‏لوجود آخر:‏ ‏سلفى أو معاصر ‏بكل‏ ‏الأبعاد‏، ‏وإن‏ ‏اختلف‏ ‏الشكل‏ ‏الظاهرى ‏فى ‏بعض‏ ‏التفاصيل‏.‏

‏3- ‏لاإرادة‏ ‏بالعمى ‏الكامل‏: ‏حيث‏ ‏يصبح‏ ‏الوجود‏ ‏مجرد‏ ‏إعادة‏ ‏الحالات‏ ‏التى ‏تعمل‏ ‏فيها‏ ‏الحيل‏ ‏الدفاعية‏ ‏بشكل‏ ‏كاسح‏، ‏والخطر‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏أنه‏ ‏قد‏ ‏يوهم‏ ‏صاحبه‏ ‏بما‏ ‏له‏ ‏من‏ ‏درجة‏ ‏هائلة‏ (‏وأحيانا‏ ‏مطلقة‏) ‏من‏ ‏الإرادة‏.. ‏مثل‏ ‏الشخص‏ ‏السيكوباتى ‏كما‏ ‏سيأتى ‏الحديث‏ ‏عنه‏.‏

‏4– ‏لاإرادة‏ ‏بالخلف‏ ‏الكامل‏ Absolute negativism :‏وهو‏ ‏نوع‏ ‏عكس‏ ‏النوع‏ ‏الثانى ‏تماما‏، ‏ويبدو‏ ‏فى ‏النهاية‏ ‏أقرب‏ ‏إلى ‏تكوين‏ ‏رد‏ ‏الفعل‏ Reaction formation ‏ فيعمل‏ ‏الفرد‏ ‏عكس‏ ‏ماتقمص‏ ‏من‏ ‏سلفه‏، ‏أو‏ ‏عكس‏ ‏مايواجه‏ ‏من‏ ‏واقعه‏ ‏باستمرار‏.‏

‏5– ‏لاإرادة‏ ‏بتكرار‏ ‘‏النص‏’(2)(‏بفتح‏ ‏النون‏) Repetition script ‏وفى ‏هذه‏ ‏الحالة‏ ‏ينعدم‏ ‏اللاختيار‏ ‏نتيجة‏ ‏لتوقف‏ ‏النضج‏ ‏بسبب‏ ‏التثبيت‏ ‏على ‏طريقة‏ ‏محددة‏ ‏متتابعة‏ ‏من‏ ‏السلوك‏ ‏الذى ‏يتكرر‏ ‏باستمرار‏، ‏مع‏ ‏اختلاف‏ ‏طول‏ ‏الشريط‏ ‏المسجل‏، ‏وعادة‏ ‏مايكون‏ ‏التكرار‏ ‏خوفا‏ ‏من‏ ‏الرؤية‏ ‏ومن‏ ‏ثم‏ ‏المغامرة‏ ‏بالتجديد‏.‏

وهكذا‏ ‏نرى ‏أن‏ ‏كل‏ ‏الصور‏ ‏السابقة‏ ‏تفتقر‏ ‏إلى ‏نوع‏ ‏من‏ ‏الاختيار‏ ‏الحقيقى ‏بين‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏موضوع‏، ‏فكلها‏ ‏تلف‏ ‏وتدور‏ ‏تلقائيا‏ ‏حول‏ ‏موضوع‏ ‏واحد‏.‏

كما‏ ‏يمكن‏ ‏الحديث عن الإرادة‏ ‏الإرادة‏ ‏كما‏ ‏يلى: ‏

الحديث عن الإرادة الناضجة باعتبارها ‏الإرادة‏ (‏الحقة‏) ‏المركزية‏: ‏وهى ‏التى ‏تأتى ‏مع‏ ‏تزايد‏ ‏القدرة‏ ‏وفى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏تزايد‏ ‏الوعى ‏وخاصة‏ ‏الوعى ‏بالنقائض‏ ‏داخليا‏ ‏وخارجيا‏، ‏وهى ‏التى ‏شرحنا‏ ‏بعض‏ ‏أبعادها‏. ‏

…..

…..

وذلك لتمييزها عن كل من:

1– ‏الإرادة‏ ‏الطرفية‏ Peripheral Volition : ‏وهنا‏ ‏يتحرك‏ ‏الفرد‏ ‏إراديا‏ ‏فيما‏ ‏يتعلق‏ ‏بالتفاصيل‏ ‏وبدائل‏ ‏الطرق‏، ‏ولكن‏ ‏فى ‏إطار‏ ‏ما يخدم “لا إرادة مركزية ثابتة”‏، ‏وهو‏ ‏يشعر‏ ‏بحريته‏ ‏طالما‏ ‏هو‏ ‏يمارس الاختيار ‏فى ‏هذه‏ ‏المنطقة‏ ‏المناطق‏، ‏وهذا‏ ‏النوع‏ ‏هو‏ ‏إرادة‏ ‏لاشك‏ ‏فيها‏، ‏وقد‏ ‏يحدث‏ ‏تأثيرا‏ ‏على ‏الحتم‏ ‏المركزى ‏بطريق‏ ‏تراكمى ‏غير‏ ‏مباشر‏.‏

2- ‏الإرادة‏ ‏الموقفية‏ ‏إلى ‏رجعة‏ : ‏وهى ‏ممارسة‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏الاختيار‏ ‏الحقيقى ‏فى ‏ظروف‏ ‏خاصة‏، ‏إلا‏ ‏أنه‏ ‏متى ‏انتهت‏ ‏هذه‏ ‏الظروف‏، ‏تراجع‏ ‏الاختيار‏ ‏إلى ‏معاودة‏ ‏استكمال‏ نفس ‏النص‏.‏

وجاء أيضا فى نفس السياق:

تعارض الإرادات والإرادة الخفية‏:‏

….. إن‏‏ ‏تعارض‏ ‏الإرادات‏ ‏المتقابلة‏ (فى الفصام) ‏نتيجة‏ ‏لتفكك‏ ‏الجارى ‏إنما‏ ‏يخدم‏ ‏إرادة‏ ‏خفية‏، ‏وهى ‏إرادة‏ ‏التدهور‏ ‏المتلاحق‏ ‏الناكص‏، ‏كما‏ ‏أنه‏، ‏وخاصة‏ ‏فى ‏المرحلة‏ ‏الأولى، ‏يدل‏ ‏على ‏احتجاج‏ ‏الفصامى ‏على ‏قرار‏ ‏مفروض‏ ‏عليه‏، ‏وكأنه‏ ‏قراره‏،

 ‏…….. ‏

… الفصامى ‏لا يفقد‏ ‏إرادته‏ ‏بالمعنى ‏السطحى ‏الشائع‏، ‏وإنما‏ ‏هو‏ ‏يرفض‏ ‏مافرض‏ ‏على ‏إرادته‏، ‏ولعل‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏إرادة‏ ‏أقوى ‏وأعمق‏، ‏لكنه لا يحسن‏ ‏تحمله‏ ‏مسئوليتها إلا‏ فى بداية البداية قبل أن يكون فصاميا، ‏أما‏ ‏فى ‏المراحل‏ ‏المتأخرة‏ ‏بعد‏ ‏الانهاك‏ ‏والتفسخ‏، ‏فإنه‏ ‏يصعب‏ ‏العثور‏ ‏على ‏هذا‏ ‏التماسك‏ ‏الأعمق‏، ‏وهنا‏ ‏تجدر‏ ‏بنا‏ ‏التفرقة‏ ‏بين‏ ‏الإرادة‏ ‏المتصلة‏ ‏بالشعور‏ ‏والوعى ‏ضرورة‏، ‏وبين‏ ‏الغائية‏ ‏التى ‏تعلن‏ ‏القوة‏ ‏الأرجح‏ ‏المواجهة‏ ‏لمسيرة‏ ‏الحياة‏ ‏إن‏ ‏تطورا‏ ‏وإن‏ ‏تدهورا‏.

* * *

واجب منزلى حتى الأسبوع القادم:

برجاء ملاحظة ما أثبتناه بالبنط الثقيل (الأحمر فى الموقع)، ثم ندعوك لإعادة النظر، فى الجدول الذى نشرناه أمس.

الإرادة
22-12-2010a

ولنا عودة – غالبا – بعد الحديث عن “ماهية الحرية”.

[1] –  وهو كتاب لم ينشر إلا فى نسخ حاسوبية محلية، وهو “ثنائى اللغة”، عن الأعراض Symptomatolgy” وهو هو ما أصبح اسمه السيكوباثولوجية الوصفيةDescreiptive Psychopatholgy    وهو الكتاب الثانى الذى سيلحق هذا الكتاب فى نشرات  الثلاثاء والأربعاء، كما وعدت.

[2] – ترجمت‏ ‏كلمة‏ script ‏إلي‏ ‏نص‏ ‏ولست‏ ‏راضيا‏ ‏عنها‏ ‏إلا‏ ‏كمرحلة‏ ‏حتي‏ ‏أجد‏ ‏الكلمة‏ ‏الأفضل‏, ‏وسوف‏ ‏أكتبها‏ ‏ببنط‏ ‏خاص‏, ‏مرحليا‏ ‏للتذكرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *