يحيى الرخاوى طبيب نفسى
نشرة “الإنسان والتطور”
7-9-2009
السنة الثانية
العدد: 738
يوم إبداعى الشخصى
حوار مع الله (19)
وقال لمولانا النفرى فى موقف: ما لا ينقال (1 من 2)
1) وقال لمولانا النفرى
“أوقفنى فيما لا ينقال وقال لى: به تجتمع فيما ينقال”
فقلت له
غمرتّنى بفيضان َمحيط ما لا ينقال، يتجمع فى نهرى زاخرا بى، فيما ينقال
لا قيمة للنهر إذا حسب أنه وليد السحاب دون بخــر المحيط الأصل
كنت أحسب أننى أجتمع في ما ينقال، بما ينقال،
انتبهت وأنت تهدينى إلى هذا المحيط الزاخر بالغيب
الغيب قد يحتاح إلى أن ينقال، وهو يهدى إليك لأتجمع فيه وبه.
مضطر أنا أن أتجمع فيما ينقال لأنطلق منه إلى آفاق ما لا ينقال
اتجمع فيما ينقال أو لا أتجمع،
أتحسس طريقى إليك به أو بدونه
فأتجمع فيه دون خوف منه، أو الاكتفاء به.
الحمد الحمد
الغيب الحق
2) وقال لمولانا النفرى
“إن لم تشهد مالا ينقال، تشتّتَ بما ينقال“
فقلت له
الغيب امتداد بالمعرفة بلا نهاية
الغيب يقين لا ينقال
الغيب ليس عكس الشهادة،
هو السبيل إليها، وهى السبيل إليه،
تعلمت أن ما لا ينقال لا ينقال إلا بلغته
هى ليست قولا أو حرفا أو كتابة أو رسما أو رمزا
أستأهل أن يضيع ما لا ينقال منى إذا أنا حاولت قراءته بغير أدواته
3) وقال لمولانا النفرى
“ما ينقال يصرفك إلى القولية،
والقولية قول والقول حرف، والحرف تصريف“.
فقلت له
القول والقولية، والحرف والتصريف:
رسوم عاجزة، لا زمة
أجتهد أن ينبض ما ينقال بما لا ينقال دون أن يتجاسر على قوله
يخيب اجتهادى فاستغفرك، وأرضى،
وألتمس لهم العذر
فسامحنى
وسوف تسامحنى
سامحتـَنى
4) وقال لمولانا النفرى
“وما لا ينقال يشهد فى كل شئ تعرّفى إليه“
فقلت له:
وأيضا ما ينقال،
القولية تغلف ما ينقال فتبعده عنك،
هى اعجز من أن تبعدنى عنك،
تعرفى إليك هو بكل ما ينقال وما لا ينقال.
5) وقال لمولانا النفرى
“وقال لى: العبارة ميل،”
فقلت له:
هى ميل “عن”، وهى أيضا ميل “إلى” ،
ومن يميز هذا من ذالك لا يستغنى عنها، ولا يخاف منها،
يميل بها، وتميل به، إليك
6) وقال لمولانا النفرى
“فإذا شهدت ما لا يتغيّر لم تمل.“
فقلت له
ما لا يتغير هو اتجاه السهم، ودوام نبض الحركة
كل ما عدا ذلك يتغير
الشهادة هى شهادة بيقين سلامة توجه السهم وزخم نبض الحركة،
كيف أميل بعدُ
7) وقال لمولانا النفرى
“القول يصرف إلى الوجد،
والتواجد بالقول يصرف إلى المواجيد بالمقولات“
فقلت له
إذا حلّت “المقولة” محلّ “الموجود” تراجعت الحقيقة،
حين نعطى للقول قيمة تجعله موجودا فى ذاته بذاته، ليصبح مبررا للوجود، تضيع الحقيقة.
القول الذى يصرف إلى الوجد، يبعدنى عنى، عنك
المواجيد بالمقولات غير موجودة،
المواجيد بالمقولات تطمسها المقولات
فلا “هى”،
ولا “أنت”
ولا “أنا”
8) وقال لمولانا النفرى
“المواجيد بالمقولات كفر على حكم التعريف.”
فقلت له
المواجيد بالمقولات غير موجودة
ربما كانت موجودة، لكنها ما دامت قد رضيت أن تنحبس فى المقولات، وتنتسب إليها، فقد جنت على نفسها بالعدم.
العدم غير النفى
النفى موقف يثبت الوجود،
العدم تنازل عن الوجود.
المواجيد بالمقولات تنازلت عن وجودها، فكفرت على حكم التعريف