نشرة “الإنسان والتطور”
31-8-2009
السنة الثانية
العدد: 731
يوم إبداعى الشخصى
حوار مع الله (18)
مقتطفات من موقف القرب (2 من 2)
وقال لمولانا النفرى فى موقف القرب
9) وقال لى: أنا أقرب إلى اللسان من نطقه إذا نطق،
فمن شهدنى لم يذكر، ومن ذكرنى لم يشهد
فقلت له:
اللسان يخرج الألفاظ إذا نطق، وأنت لا تدركك الألفاظ ولا ينطق بك النطق
يلوكون اسمك بألفاظهم وكأنك هو، لا يفرّقون بين الشهادة والذكر والنّطق.
العجز شرف النقص، والنقص حفزُ السعى،
السعى وهمُ القرب، والقربُ ليس اقترابا، وليس ضد البعد.
فإذا لم نملك إلا الذكر فاسمح لنا أن نتلهى بحركة اللسان حتى نشهد،
لا تعاتبنا إلا إذا قُطع اللسان عن حبل الوريد،
خذ بيدنا وارحمنا إليك
ولا تؤاخذنا إذا ركبنا مركب العلم الأدنى نحو الجهل الأرقى.
ولا تحرمنا حق الذكر سعياً لمشاهدتك، وندعوك ألا نُخدع به فنحسبه هو هو مشاهدتك.
10) وقال لى: الشاهد الذاكر إن لم يكن حقيقة ما شهده حَجَبَه ما ذكرَ
فقلت له:
الذى يحتجبُ وراء ما يذكر هو الغافل الذى لا يشهد مهما ذكر
اللهم لا تحل حركة لسانى محل كينونة شهادتى.
ولا تحرمنى شهادة أن أكون ما أشاهد.
للصوت رنين،
وللحركة غاية
ولكل مجتهد نصيب.
نحو الشهادة،
فهى الشهادة.
11) وقال لى: ما كل ذاكر شاهد وكل شاهد ذاكر
فقلت له:
إنّ من يذكر وهو لا يدور إلا حول نفسه، فكيف يشهد؟
أما من تفضلت عليه بالشهادة، فهو ذاكر ولو لم ينطق حرفاً.
الشهادة تغنى عن الذكر،
أما الذكر فقد يؤدى إلى الشهادة وقد يعجز.
إليك أشكو ضعفى وقلة حيلتى، فدعنى أذكر حتى أشهد،
فإذا شهدتُ، فلم لا أذكر،
والذكر شكر وحمد
12) وقال لى: تعرفت إليك وما عرفتنى ذلك هو البعد،
رآنى قلبك وما رآنى ذلك هو البعد
فقلت له:
أليس من حقى أن أبتعد لأقترب
وهل أنا أملك إلا أن أبتعد لأقترب،
وأن أقترب لأكون،
وأن أكون لأشهد،
كل ما أطلبه هو الحفاظ على الحركة فى اتجاهك،
حين أبتعد،أفعل ذلك لأظل أدور فى الفلك.
أما القلب الذى لم يجرؤ أن يراك إذْ رآك، فله عذره، ولا يقدر على القدرة إلا أنت، وأنت عـّلام الغيوب.
غيوب القلوب هى العجز إلى قدرتك أن تنتشلنا بقدر اجتهاد الحركة، لا بقياس قطع المسافة.
13) وقال لى: تجدنى ولا تجدنى ذلك هو البعد،
تصفنى ولا تدركنى بصفتى ذلك هو البعد،
تسمع خطابى من قلبك وهو منى ذلك هو البعد،
تراك وأنا أقرب إليك من رؤيتك ذلك هو البعد
فقلت له:
أنا لا أملك إلا أن أخدع نفسى حفاظا على حركتى إليك؟
لو أنى وجدتك فوجدتك،
وأدركتك بصفتك فأدركتك،
وسمعت خطابك منك لا كما خيل إلى أنه من قلبى،
لو أننى رأيتك بك بدلا من أن أدّعى رؤيتك إذ رأيتنى
فماذا يحفزنى إليك بعدُ
أطمع أن تسمح لى ببعدٍ يفتح باب القرب.
وأن تنير بصيرتى حتى أرفض قربا يبرر السكون.