يحيى الرخاوى طبيب نفسى
نشرة “الإنسان والتطور”
17-8-2009
السنة الثانية
العدد: 717
يوم إبداعى الشخصى
حوار مع الله (16)
من مختارات موقع توفيق رشد
www.philomaroc.com
ثراء حركية الجهل والخوف من جمود منظومة العلم (4)
وقال (للنفرى)
(31) يا عبد كيف تقول حسبيّ الله وأنت لا تَطْمَئِنّ بِالجَهْلِ على المجهول كما تطمئن على العلم بالمعلوم.
فقلت له:
أطمئن على المعلوم والمجهول بأنه حسبى أنت
حين تمتزج المعرفة بالجهل بالعلم بالفرحة،
أقول :
حسبى أنت، لا معرفة إلا بك إليك.
أن أطمئن على الجهل بالمجهول يحتاج قربا منك أكبر من طاقتى أحيانا،
أن أطمئن على العلم بالمعلوم لا يحتاج إلا أن أعلم المعلوم،
فأطمئن اطمئنانا خائبا مهزوزا بدونك
أنت أعلم بى، وباجتهادى بك إليك
أنت حسبى ونعم الوكيل برغم كل شىء
(32) يا عبد طَلَبُكَ مِنّي أَنْ أُعَلِّمك ما جَهِلْتَ، كَطَلَبِكَ أن أُجَهِّلَكَ ما عَلِمْتَ.
فقلت له:
أن تعلمنى ما جهلتُ هو حقى فى أن أتحسس طريقى،
أما أن تجهـّلنى ما علمت فهو تحطيم صنم تطاول فى البنيان
أحتاج عونك تجهلنى علما يحول بينى وبينك،
مع أنهم يتمحكون به ليثبتونك فينكرونك وهم لا يدرون
استغفرك ربى وأتوب إليك
التجهيل بك إليك،
هو الطريق لإحياء علم لا يقبل التصنيم
(33) يا عبد اقصدنى بِمَالِكَ وأَهْلِكَ وعِلْمِكَ وجَهْلِكَ.
فقلت له:
كل ما أقصدك به هو وسائل إليك بفضلك
مالى وعلمى وأهلى وجهلى،
فإذا استقـّـلتّ أى منها عنك، فالويل لى،
كل من انفصل عن أصله، ولم يكدح لوصله، دار بلا مركز، أوتمركز حول سراب
كل ما عداك إن لم يُسَخّر إليك، فهو يحول بينى وبينك
(34) يا عبد أُحْلُلْنِي مَحَلَّ جَهْلِكَ وَعِلْمِكَ مِنْكَ، لا تَجْهَلُ وَلا تَعْلَم
فقلت له:
إذا نجحتُ أن أحللك محل كل “ما هو”، دون أن ينمحى فيك أو يحل محلك،
فما حاجتى إلى “ما هو” أو “ما هى”
وما حاجتى إلى ما أجهل، أو إلى ما أعلم
أتعامل بكل ما هو، وما هى، دون حاجة لحوح
أتعامل بها، حتى أجدها، فأستغنى عنها،
فأجدها،
فأجدك
فأعود ولا أهمد
(35) يا عبد من لم يَسْتَحْي لِزِيّادة العِلْمِ لَمْ يَسْتَحٍ أَبَداً
فقلت له:
زيادة العلم للعلم تنتقص من المعرفة، إذْ تهمّش الجهل،
من أراد وجهك، لا يستزيد من زيادة العلم
فإذا زاد رغما عنه، واستحى منك، فهو يدرأ غرورا غرور يبعده عنك
فاغفر له
ولى
(36) يا عبد اسْتَعِذْ بي مِنْ كُلِّ جَهْلٍ، إلاّ جَهْل بي
فقلت له:
اللهم إنى أعوذ بك من الجهل الذى هو ضد العلم
وأعوذ بك من جهل يبعدنى عنك
وأعوذ بك من جهل يلبس ثوب العلم
أما الجهل بك، فهو الطريق إليك
(37) يا عبد إِنْ لَمْ يُخْرِجْكَ الْعِلْمُ عَنِ الْعِلْمِ، وَلَمْ تَدْخُل بالعلْم إلاّ في العِلْمِ، فأَنْتَ في حِجابٍ مِنْ عِلْمٍ.
فقلت له:
أحاول أن أعلم لأخرج مما علمت إلى ما يمكن أن أعلمه،
لا أدخل العلم إلا لأخرج منه
حتى لا يحجبنى عنك
حجاب العلم أكثر خداعا من حجاب الجهل
العلم المغلق على العلم هو سجن المعرفة
(38) يا عبد لا تَحْمِلْ العِلْمَ وَ الْمَعْرِفَةَ فِي طَرِيقِكَ إِلَيَّ
فقلت له:
وهل أنا، وأنا أسعى نحوك، فى حاجة إلى أىٍّ منهما؟
الجهل إليك هو طريقى إليك
لا أحمل العلم والمعرفة إليك، وإنما أتلفع بهما نحوك
واخبئ فى عباءتى بوصلتى نحوك،
يقودها الجهل الأقدر
(39) يا عبدُ: العُلَماءُ يَدُلُّونَكَ على طاعتي لا على رُؤْيَتي.
فقلت له:
ألستَ أنت الذى وضعتهم فى طريقى؟
عانيت دهرا حتى أزيحهم حين يحولون بينى وبينك
دلونى على طاعتك فشكرتهم واتخذتها سبيلا إليك دون إذن منهم
طاعتك، حتى لو كانوا هم الذين دلونى عليها لأطيعهم، جعلتها طريقى إليك، من وراء ظهورهم.
فاغفر لهم
ولى
(40) وقال لي: لا يعرفني الحرف، ولا ما في الحرف، ولا مَنْ في الحرف، ولا ما يدلّ عليه الحرف
فقلت له:
ومع ذلك،
لن أتنازل عن الحرف،
نعم، هو لا يعرفك، لا هو..، ولا ما يدل عليه..، ولا ما هو فيه، ولا … من هم إليه،
لكننى لن أتنازل عنه
أحاول أن أحسن استعماله
أعنّى أن أدخله فى ما هو له
أن أدخل فيه ما هو منك،
ما هو أنت
ساعتها لن يكون حرفا أصلا
وعلى الغافل أن يستضىء بغفلته