اليوم السابع
الاثنين: 27-1-2014
وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ
أريد أن أعتذر عن ما كتبته أمس من وصايا، للشبان والصبايا، كل ما أردت توصيله هو خشيتى أن هؤلاء الشباب (من كل الأعمار) لا يستمعون بالقدر الكافى، فإذا استمعوا لا ينصتون، وإذا أنصتوا يستعجلون تنفيذ ما عندهم، لا ما وصلهم،
الاعتذار واجب، مع أن حجتى أن أملى فى الناس والشباب المصريين لا ينقص أبدا، ومع ذلك فهأنذا أتبين من جديد أنه ليست هذه هى الطريقة، حين يحضرنى أحد الشباب وقد تعثر فى التحصيل الدراسي قليلا أو كثيرا، وهو يشكو من عدم التركيز مثلا، أذكره بحقيقة علمية بأن المخ البشرى أعجز من أن يتوقف عن التركيز، وأننا نبذل جهدا حتى نكفه عن التركيز، وليس العكس، ثم أستدير إلى والديه وأنهاهم عن مواصلة النصح والإرشاد على العمال على البطال، فيتعجبون من هذا وذاك، ولسان حالهم يقول: كيف نكف عن نصيحة إبننا، فأسألهم كم مرة فى العام الماضى كررتم نصحية “مستقبلك ، مستقبلك، خلى بالك: مستقبلك مستقبلك، مش كده :مستقبلك إلخ ” فيردون عادة بأمانة : آلاف المرات، فأقول لهم ، وهل نفعت هذه النصائح، فيجيبون بدهشة، “أبدا، ولا هو هنا”، فأواصل: ألم نتعلم نحن من قديم ألا نكرر الفعل أو القول الذى يفشل أن يحقق ما نرجوه منه؟ فينتبهون، ونحدد معا خطوات تأهيل أخرى.
وفى العلاج الجمعى حين أطلب من مريض أو مساعد أن يظهر كيف يحمل همّ زميله أو حتى معالجه، وهم نفسه “هنا والآن” ، ينبرى عادة بسؤال أو نصيحة، فانبههه إلى قاعدة أصعب فى هذا النوع من العلاج وهى أننا نتواصل “من غير سؤال ولا نصيحة”، ليظل تفاعلنا “هنا والآن”، فالسؤال يرد عليه بالألفاظ الظاهرة، وهو وسيلة واحدة للتواصل، أما النصيحة فتنفيذها مؤجل عادة، فهى تبعدنا عن “هنا والآن”، وعادة ما نجد صعوبة شديدة فى تنفيذ هذه القاعدة، لكن مع تكرار المحاولة والمراجعة ننجح أن نتقارب أصدق، وأن نتفاعل أعمق,
برغم كل ذلك يبدو اننى وقعت فى المحظور، وانبريت منذ 25 يناير 2011 وحتى أمس، أنصح الشباب وأسألهم ناسيا قاعدة “من غير سؤال ولا نصيحة”، وكذلك ناسيا قاعدة كف الأهل عن ملاحقة أبنائهم وبناتهم بالنصائح الكلامية المعادة، الذى نبهنى إلى خيبتى تلك – برغم حسن نيتى- هو تعليق صديق طيب القلب على ما كتبت أمس قائلا : وصايا قيمة فعلا أرشحها لتكون موضوعا فى كتب المطالعة المدرسية بدلا من الموضوعات التى لا يستفيد منها الطلاب ” ! شكرا يا صديقى، شكرا جزيلا، ذكرتنى بالنصائح التى كانت تكتب على ظهر كراسات “وزارة المعارف العمومية” التى كنا نستلمها مع الكتب المقررة فى المدارس الابتدائية في الأربعينات، مثل : إغسل يديك قبل الأكل وبعده، ولا تؤخر عمل اليوم إلى الغد، …إلخ، شكرا يا صديقى ، ولكن إسمح لى أن نرجع معا لنقرأ بعض ما جاء أمس مثل: “..لا تركن عقلك صف ثانى..إلخ” أو: “…لا تحترم معلومات علمية لمجرد أن عليها لافتة علمية، أنظر ماذا تخدم، ومن تخدم، ثم احترم واستعمل ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض، أو ” .. لا تتأخر عن استعمال كل أداة حديثة، ولكن كن سيدها لا خادمها ” وأخيرا تحذيرى للشباب والصبايا ألا يتبعونى، فقد اكون أعجز منهم ” لا تصدق أننى شخصيًا أستطيع أن أنفذ كل ما سبق، فأنا لست مقياس قدراتك، لعلك أقدر منى وأصدق”، بالله عليك سيدى هل هذه الوصايا تصلح لكتاب المطالعة، أم للساسة التى يتصدون لقيادتنا قبل أى أحد آخر؟
أعتذر مرة ثانية ، وأشكر الصديق الكريم إذ جعلنى أقرر ألا أواصل نشر عشرات الأسئلة والوصايا التى سبق أن وجهتها للشباب والصبايا، وأن أكتفى بأن أوصى نفسى بأنه لا حياة لى ولهم إلا بما يلى: بالإنتاج، الذى يسمح لنا أن نستقل عن كل تبعية، وبالتعليم الذى يسمح لنا أن نواصل الإنارة والتقدم، وبتقوى الله الذى سوف يحاسبنا على كل ذرة خير وذرة شر، وعلى كل جزء من ثانية فيما أمضيناه، وعلى كل قرش أو ربع جنيه فيما أنفقناه
نحن فى مرحلة العمل، والصبر، ودفع الثمن لما هو ثورة حقيقية، واستقلال حقيقى، ولا يكون الانتصارانتصارا إلا إذا كان رمزه وواقعه هو الانتصار على إسرائيل وأعوانها وما تمثله عبر الدنيا بأسرها.
“…وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ..”