الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / نقلة مع مولانا النفرى: كتاب المخاطبات مقتطف من: (المخاطبة رقم 7)

نقلة مع مولانا النفرى: كتاب المخاطبات مقتطف من: (المخاطبة رقم 7)

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء: 8-8-2023

السنة السادسة عشر

العدد: 5820     

نقلة مع مولانا النفرى:

 من: كتاب المخاطبات

مقتطف من: (المخاطبة رقم 7):

وخـَاطـَبَ مولانا النفرى قائلا:

يا عبد الحزن علىّ حقيقة الحزن

يا عبد أنا عند الحزين علىّ وإن أعرض عنى

يا عبد كيف يحزن علىّ من لم يرنى

أم كيف لا يحزن علىّ من رآنى

فقلت لمولانا:         

لا..لا..لا..يا مولانا

كله إلا هذا!!

علاقتى يا مولانا بالحزن وضعـَـتـْـه على قمة الوجدانات النبيلة الخلاقة، هذه العلاقة يلومنى عليها كل أهل مهنتى الذين اعتادوا أن يقرنوا الحزن بما يسمونه “اكتئاب” أو حتى “انهباط”

الحزن عندى صحوة ومسئولية ومشاركة.

الحزن هو إعلان لألمٍ شريف يصاحب الكدح إلى الحقيقة

الحزن يقربنا إليه: إلى أنفسنا

الحزن وقودٌ لإبداع،

وتعميقٌ لعلاقة،

ونبلٌ في موقف

من خلال ذلك حين أحزن يحضرنى برحمته فأفرح أن يكون “عندى” حتى لو كنت لم استحضره بدرجة كافية.

أما أن يكون الحزن “عليه” فهذا ما أدهشنى حتى بدأت حوارى معك اليوم بهذا الـَّنفـْى الفزع: لا .. لا .. لا ..

نحن نحزن على ما نفقده

ونحزن على من نفتقده

ونحزن على ما لم نحققه وكنا نرجو أن يتحقق

ونحزن على ما فاتنا

ونحزن على ما أصابنا

أما أن نحزن “عليه” فلم تصلنى الحالة الموصوفة لأول وهله، ولا بدرجة كافية

ثم عدت فراجعت نفسى وأنا أعود للسطر السابق، فاطمأننت أنه لم يـَدَعـْنـِى لحيرتى، وأنه عند الحزين حتى مع غفلته أو إعراضه عنه أو نسيه إياه ولو لحظات!!

فأطمأنت أن هذا الحزن: هو حزن آخر

هو حزن لم يمنع أن يكون هو عندى حتى دون أن أطلبه

هو حزن يجدد وجودى في رحابة

هو حزن يقربنى إليه

لكن يا مولانا لماذا حرف الجر “على” (علىّ)

هل يرجعنا هذا إلى عظمة هذه اللغة حين تسمح لحروف الجر أن تحل محل بعضها

هل الحزن عليه هو الحزن معه؟

هو الحزن في رحابه؟

هو الحزن إليه ونحن نتحرك في كـَبـَدٍ نحوه؟

هل هو الحزن لإدراك المسافة التى لابد أن نقطعها حتى نرى وجهه؟

هل هو الحزن الإبداع الذى يتجدد به الوعى إليه؟

إن كان ذلك كذلك أو بعض ذلك فليكن:

ولتكن هذه هى “حقيقة الحزن” التى هى غير “الحزن”

لتكن حقيقة الحزن هذه: غير الحزن النعـّاب،

وغير الحزن الطفيلى،

وغير الحزن الساخط،

وغير الحزن المـُعجـّز

وغير الحزن المـُــِشلّ

وغير الحزن الخائب،

وغير الحزن اللزج.

ولكن متى يعرف طالب وجهه وسالك طريقه هذه التفرقة الجوهرية بين “الحزن”، وبين “حقيقة الحزن”.

وليرتفع حرف الجر “على” إلى المرتبة التي سمحتْ له أن يبلغنا هذه الرسالة فى هذا الموقع هكذا!!

4 تعليقات

  1. د\ الاء ابراهيم

    “حقيقة الحزن” يا الله على الحيرة لتفسير كلمتين فقط لا اكثر ولا اقل!
    مافكرتش قبل كده ان يكون للحزن حقيقة, فكرت لو كان الحزن حقيقي وفكرت لو كانت الحقيقة محزنة. لكن حقيقة الحزن كانت غايبة عني ودلوقتي بعد ماعرفت بوجودها وحاولت افهمها استغربت اوي ازاي كانت تايهة مني! دايما عدم معرفة حقيقة الاشياء يزعجني لكن في المخاطبة دي -حتى ولو مافهمتش الحقيقة اوي- استمتعت ورضيت بالمحاولة والمحاولة فقط.

  2. مولانا الحكيم بعد دهشة ربما تقترب ملامحها من ملامح دهشتك حاولت أن أجد فى عبارة “الحزن عليه ” معنى آخر غير ما اعتدنا تداوله و أعتقد أن المخاطبات تأخذنا حيث آفاق أخرى لمعنى الحروف و الكلمات
    و حسيت أن استخدام حرف ” علي ” هنا مقترنا بالحزن ربما يشبه فى معناه اقترانه بالتوكل إذ نقول توكلت عليه و لا يتوكل عليه إلا من يراه حيث نضع أمامه سعينا و هو يحمل عنا ما ادركه سعينا و ما عجز سعينا عن إدراكه
    و لأن الحمل يناسبه حرف الجر ” على ” فتكون توكلت عليه
    و بالمثل يكون الحزن عليه فى معناه كما توكلت عليه

    هكذا حسيتها و تصالحت على ظاهر معناها بباطن تسنى لي من كثير بواطنه

  3. كيف حالك يامولانا:
    المقتطف :ولكن متى يعرف طالب وجهه وسالك طريقه هذه التفرقة الجوهرية بين “الحزن”، وبين “حقيقة الحزن”.
    التعليق : تنقلت معكما بين اللفظ والحرف والمعنى ،حتى وصلت إلى هذه العبارة ،فاحترت يا مولانا ،أتتساءل ؟ أم تستنكر ؟ ،فأجابنى وجع من قلبى ،وجع عميق لا أعرف له أول من آخر ،وجع يقول لى : لم أولد معك ،ولن أنتهى بموتك ، أنا شرف وجودك ،أنا أولك ،أنا آخرك ،فابتسمت مئتنسة بوجودى معه به….

  4. المقتطف :-

    مقتطف من: (المخاطبة رقم 7):
    وخـَاطـَبَ مولانا النفرى قائلا:
    يا عبد الحزن علىّ حقيقة الحزن
    يا عبد أنا عند الحزين علىّ وإن أعرض عنى
    يا عبد كيف يحزن علىّ من لم يرنى
    أم كيف لا يحزن علىّ من رآني

    التعليق:-

    هو الحزن الحيوي اليقظ الذي خلقني سبحانه لاكدح معه به اليه .
    ولن ينتهي الا بالرجوع ايه مطمئنا راضيا مرضيا
    فالحزن هو نبض الوجود وهو الابتلاء وهو المكابدة وهو الحتم الي ان يرضي فارضي.
    الحزن هو روع وقداسة كل معني وكل شرف في رحابه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *