الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / نص على نص!!” حلم 55& 56

نص على نص!!” حلم 55& 56

“يومياً” الإنسان والتطور

15-5-2008

العدد: 258

أحلام فترة النقاهة

“نص على نص!!”

النص: “حلم 55‏” اللحن الأساسى

تحتدم‏ ‏المناقشة‏ ‏بين‏ ‏امرأة‏ ‏ورجل‏ ‏وأبنائها‏ ‏الخمسة‏ ‏حول‏ ‏حق‏ ‏الأم‏ ‏التى ‏تجاوزت‏ ‏الستين‏ ‏فى ‏الحب‏ ‏والحياة‏.‏ وتخطت‏ ‏المناقشة‏ ‏الأسوار‏ ‏فصارت‏ ‏حديث‏ ‏الجيران‏.‏

‏ ‏يقول‏ ‏البعض‏ ‏إنه‏ ‏حب‏ ‏زائف‏ ‏من‏ ‏عجوز‏ ‏وشاب‏ ‏فى ‏سن‏ ‏أبنائها‏ ‏طمعا‏ ‏فى ‏المال‏ ‏الذى ‏ورثته‏ ‏عن‏ ‏زوجها‏. ‏ويقول‏ ‏البعض‏ ‏إنه‏ ‏ليس‏ ‏للإنسان‏ ‏إلا‏ ‏ما‏ ‏يقدر‏ ‏له‏ ‏من‏ ‏الحياة‏ ‏والحب‏ ‏خاصة‏ ‏حتى ‏ولو‏ ‏أدى ‏ذلك‏ ‏إلى ‏دفع‏ ‏الثمن‏ ‏باهظا‏. ‏وبدا‏ ‏الأمر‏ ‏فى ‏نظر‏ ‏الشبان‏ ‏الخمسة‏ ‏مصيبة‏ ‏لها‏، ‏وكان‏ ‏من‏ ‏قتل‏ ‏الأم‏ ‏البائسة‏ ‏ووقف‏ ‏الأبناء‏ ‏الخمسة‏ ‏فى ‏قفص‏ ‏الاتهام‏. ‏وتوزعت‏ ‏التهمة‏ ‏عليهم‏ ‏من‏ ‏التنفيذ‏ ‏للمشاركة‏ ‏للتخطيط‏.‏

وكان‏ ‏التحقيق‏ ‏فيها‏ ‏والمرافعات‏ ‏حامية‏ ‏إذ‏ ‏كانت‏ ‏مفرداتها‏ ‏الأمومة‏ ‏والبر‏ ‏والشرف‏ ‏والسمعة‏ ‏والتقاليد‏ ‏ومازلت‏ ‏أذكر‏ ‏وجوههم‏ ‏وأقوالهم‏ ‏كما‏ ‏لازلت‏ ‏أذكر‏ ‏المرحومة‏ ‏أيام‏ ‏كانت‏ ‏تتحدى ‏العمر‏ ‏والألسنة‏، ‏وتسير‏ ‏متبرجة‏ ‏تتبختر‏.‏

تقاسيم على اللحن الأساسى

….. ثم أجد نفسى خارجا من مسجد سيدى عبد الرحيم القناوى، لأكتشف أن الحذاء الذى التقطتّه ليس حذائى، أتلفتُ  حولى فإذا بحذائى يمسك به آخر، ولدقة الشبه شككت فى نفسى وخجلت أن ألفت نظره، لكن على الباب لم يدخل الحذاء فى رجلى،  فنبهته فابتسم، وتبادلنا الأحذية والاعتذارات.

 هذا الوجه أعرفه، لكن الجبّة المخططة والقفطان الزاهى كادا يخفيانه عنى، ثم لماذا هو حاسر الرأس فاحم الشعر هكذا بما لا يتماشى مع  الجبة والقفطان اللذان لولا جِدّتهما لحسبتهما لأبيه الذى يذكرنى به شبهه، هو شاب فاحم سواد الشعر وقد جففه بما لمّعه ولواه فى حلقات مثل شبان هذه الأيام، لا شك أنه هو إذ يكاد يكون صورة طبق الأصل من أبيه الذى مات منذ خمس عشرة سنة قبل الحادث .

اكتشفنا أن  وجهتنا واحدة وهى السوق القديم، سِرْنا إليه معا ونحن  نتقارب فى حذر،  وتبادلنا الحديث حتى تشجعت وسألته عن أبيه فقال تعيش انت منذ أكثر من عشر سنوات، فتأكدت أنه هو، وزاد حرجى فلم  أجرؤ أن أسأله عن إخوته فقد حضرتنى قضية أمهم وما كان بشأنها وشأنهم.

 أما عن سبب مجيئه هنا فقد حكى لى دون أن أساله أنه يمر بأزمة منذ زواجه، وأنهم أرشدوه على عنوان امرأة هنا تفك الأعمال وأشياء أخرى، ثم فجأة وكأنه يقرأ أفكارى أخبرنى وكأنه يطمئننى أن تحليل المادة النووية للجنين الذى وجدوه فى جثة أمه عند التشريح أثبت أن الجنين من ابيه شخصيا، لكن المحكمة لم تأخذ بهذا الرأى لطول المدة بعد الوفاة، مما أمكنها من تخفيف العقوبة، قال ذلك وكأنه يفخر بدقة العلم الحديث، وشرف أمه، وحكمة القضاء معا، ولكنه بدا غير نادم على قتلها.

سألته عن إخوته بعد قضاء المدة، فقال إن اثنين سافرا إلى العراق واختفت أخبارهما، والثالث يعمل مبيض محارة فى إيطاليا، أما الرابع فقد فاز فى قرعة الهجرة إلى أمريكا، مع أنه لا يعرف كلمة انجليزية واحدة.

ولم يخبرنى ولم أسأله عن نفسه لكنه أضاف:

 أما أنا ، فكما ترى، هذا هو عملى الأساسى.

وافترقنا وأنا أترحم على أبيه،

 ‏ولازلت‏ ‏أذكر‏ ‏المرحومة‏ ومرحها الجميل وحبها للحياة.

****

النص: “حلم 56” اللحن الأساسى

غادرت‏ ‏البيت‏ ‏الكبير‏ ‏الذى ‏ينتظر‏ ‏فيه‏ ‏كل‏ ‏رجل‏ ‏بذاته‏ ‏فلا‏ ‏يعرف‏ ‏أحدا‏ ‏من‏ ‏الآخرين‏. ‏وشعرت‏ ‏بشئ‏ ‏من‏ ‏الأمان‏ ‏بعد‏ ‏القلق‏.‏

غير‏ ‏أن‏ ‏شعور‏ ‏الأمان‏ ‏لم‏ ‏يدم‏ ‏طويلا‏، ‏فخيل‏ ‏إلى ‏أن‏ ‏آخرين‏ ‏يتبعوننى، ‏ونظرت‏ ‏خلفى ‏أخذت‏ ‏فى ‏الجرى، ‏فرأيت‏ ‏عن‏ ‏بعد‏ ‏جماعة‏ ‏قادمة‏ ‏ملوحة‏ ‏بأيديها‏ ‏فى ‏الهواء‏.

‏فأوسعت‏ ‏الخطى ‏حتى ‏أخذت‏ ‏فى ‏الجرى‏. ‏ورأيت‏ ‏فى ‏الطريق‏ ‏بيتا‏ ‏وكان‏ ‏هناك ‏من‏ ‏يدعوننى ‏فهرعت‏ ‏من‏ ‏فورى ‏إليه‏ ‏ووجدت‏ ‏أهله‏ ‏وكأنهم‏ ‏عائدون‏ ‏من‏ ‏الخارج‏ ‏فهم‏ ‏ينظمون‏ ‏الأشياء‏ ‏ويزيلون‏ ‏عنها‏ ‏الغبار‏، ‏ولم‏ ‏يدهش‏ ‏أحد‏ ‏لحضورى ‏أمامهم‏ ‏فنظروا‏ ‏لوجهى ‏ودودين‏ ‏فى ‏وجوههم‏ ‏وأحاديثهم‏ ‏وابتسامتهم‏.. ‏ونسيت‏ ‏فى ‏تلك‏ ‏اللحظة‏ ‏الزاحفين‏ ‏ورائى‏.‏

تقاسيم على اللحن الأساسى

….. رحت أساعدهم فى ترتيب البيت وكأنى من أهله، وأنا استرق النظر للجميلة الشابة التى تتفجر أنوثة وعذوبة حتى لاحَظَتْ، فخيل إلىّ أنها تغمز لى بعينها اليسرى، وتشير إلى حجرة فى آخر الطرقة، مضت إليها وهى واثقة أننى سوف أتبعها، دخلتُ وراءها وبدلا من أن أجد ما تصورت وجدتنى فى البيت الكبير الذى أشعرنى يوما بالأمان، لكن أهله تغيروا وحلّ محلهم أولئك الذين كانوا يتبعوننى، ويلوحون فى الهواء، أو لعلهم يشبهونهم تماما، مرقت الجميلة فيما بينهم فأوسعوا لها حتى خرجت من باب آخر فى نهاية الصالة، لم أجد على وجوهم ما توقعت، لا شكّ، ولا اتهام، ولا تهديد، ولا شئ،

ومع ذلك لم أطمئن،

وفى نفس الوقت لم أنزعج …

ما هذه الأجراس التى تدق من بعيد،

نحن لسنا يوم أحد، وأنا لم أتوضأ بعد،

فشعرت أن صلاة الجماعة ستفوتنى لا محالة….

ملحوظة: هذه التجربة لم تتضح معالمها بعد، وقد تراجعتُ عن الدعوة المفتوحة لما تثيره هذه النصوص الفريدة، وسوف نقصّر النشر فى هذا الباب على هذه “التقاسيم على اللحن الأساسى” دون غيرها حتى لا تختلط الأوراق، وتفاصيل مبررات ذلك فى بريد الغد فى الرد على د. مدحت منصور، د. أميمة رفعت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *