يحيى الرخاوى طبيب نفسى
“يوميا” الإنسان والتطور
الثلاثاء 16-10-2007
من ملف القيم والأخلاق: بحث علمى شعبى !! (2)
عرضنا أمس موضوعا مزدحما، ومنهجا عبثيا (إن كنت قرأت الموضوع على أنه من باب الفكاهة، كما أوصيتك فى البداية) ، أما إن كنت مثلى أخذت المسألة – ولا مؤاخذة – مأخذ الجد، فلنتقدم خطوة نحو التحقق من الفرض الذى طرحناه أمس،
(ملحوظة: إذا أزعجتك مشقة مواصة هذا البحث العلمى معنا، من حقك أن تتوقف، أو تعتبره امتدادا لفكاهة أمس، أى والله، كل واحد يعمل ما يريحه)
إليك أولا هذا الأساس الجوهرى لما يسمى المنهج العلمى، يوضح معنى ما هو “فرض” أولا:
الفرض ليس سؤالا مطروحا، (هذه مرحلة قبل الفرض)
الفرض العلمى: “إجابةٌٌ محتملةْ“
أكثر من 80 % ممن ناقشت رسائلهم (ماجستير أو دكتوراة- قبل أن أتوقف عن ممارسة هذا الإثم، سامحنى الله) لا يجيبون إجابة صحيحة أو مفيدة عن ثلاثة أسئلة مبدئية هى:
(أ) ما الذى كان يشغلكَ وأنت تستعد لانتقاء بحثك؟
(ب) ما هو الفرض الذى بدأتَ به؟
(جـ) هل تحقق فرضك أم تفرعت منه فروض أكثر ثراء، وما هو الأفضل؟
وكانت إجابات أغلبهم:
عن السؤال الأول أنْ: هِــهْ !!؟!
وعن السؤال الثانى أن: كنت أبحث عن إجابة لسؤال كذا أو كيت (ولا يذكر عادة أنه وضع إجابة محتملة ، يعنى فرضا)
وعن السؤال الثالث (يجيب عادة وهو فرح فخور): نعم تحقق جدا (وكأنه لا يكون بحثا إذا لم يتحقق)، ثم هو لا يجيب عن بقية السؤال الثالث عن احتمال تولد فروض جديدة، ولا حتى بـ ، هِــهْ !!؟! = التى هى إجابة السؤال الأول.
حتى نتجنب كل هذه الأكاديمية الملتزمة الرائعة، دعونا نبدو أكثر جهلا بما تيسر من محاولة معرفة متواضعة، ونضع الاحتمالات التالية بعد أن نعيد قراءة أطروحة أمس:
- يمكن أن نتحقق (كل على حدة)من القيم التى ذكرناها، هل موضعها المناسب هو القائمة التى وضعت فيها؟ وذلك بعد أن يحدد كل منّا معالم كل قائمة استلهاما من عنوانها، ويمكن أن نحذف القيمة التى نتأملها من خانتها، ويمكن أن ننقلها إلى خانة أخرى، ويمكن أن نخترع خانة جديدة (رابعة أو خامسة..إلخ)، ويمكن أن نكتشف تكرارا مملا ..إلخ.
- يمكن أن نتراجع عن هذا التقسيم تماما، ونذكر من اقترحه بما يستحقه (من لعنات، أو تشخيص، أو دعوات).
- يمكن أن نضع تقسيما بديلا جدا، مريحا جدا: مليئا بالترهيب والترغيب،والأصول واللا أصول، والكلام “البيئة” (اللغة الشبابية) والكلام الذوق (المِتْربى)
- يمكن أن نستشهد بنصوص جاهزة رائعة، مقدسة أو مأثورة، لا نفهم معناها عادة، ولا نتحمل حقيقة مسئوليتها.
- يمكن أن نقفل هذا الملف تماما، بل ونكف عن زيارة هذه اليومية من باب أن “الاحتياط واجب” (ناسين أن الله سبحانه سوف يحاسبنا على ما عرفنا، وعلى ما ما لم نعرف، مادامت كانت أمامنا فرصة أن نعرفه، باعتبار أن العقل والوعى ليسا ديكورا، أستغفر الله العظيم)
كل هذا هو بعض التمهيد لعرض بعض أوجه البحث العلمى للشخص العادى (كما خلقه الله !)
هذا وبالرجوع إلى الجدول بالضغط على سهم ==> المقال السابق، يتبين للزائر أن الجدول يحوى 84 قيمة (28 فى 3 – لا أعرف لماذا توقفت عند العدد 28 فى كل قائمة، فى الأغلب لأن السبعة فى أربعة بثمانية وعشرين!!! فوّت هذه من فضلك وتحمّل الغموض، كما أتحمله أنا!!)، ثم إننى سوف أكتفى بتناول القيمة الأولى من كل قائمة، كعينة، وللزائر أن يختار ما يشاء بعد ذلك:
| المجموعة الأولى فضائل (كاد) ينتهى عمرها الافتراضى (لإعادة النظر)1- الثبات على المبدأ | المجموعة الثانية رذائل (عادات) كادت تصبح فضائلا(للمواجهة) 1- الغش الجماعى (الأسَرى خاصة) | المجموعة الثالثة فضائل وقيم تتخلق…(للرعاية والتنمية)1- فضيلة الدهشة (بصفة عامة) |
قبل الدخول فى البحث
لأننا لسنا أكاديميين، فلن نلتزم بمنهج واحد لبحث كل القيم، فكل قائمة لها ظروفها، والبحث العلمى الشعبى، له الحق أن يتحرك كما يشاء، لأن أحدا لن يناقشه، ولأنه لا يسعى للحصول على شهادة، ولا مؤاخذة، ولكن هو يصر أن يحصل على حقه فى الحياة، كما خلقه الله، وهو –سبحانه- الذى سيحاسبه، ويعلم لماذا لجأ لهذا المنهج دون غيره، وهو يتناول “هذه القيمة”، فى حين لجأ لمنهج مختلف، وهو يتناول قيمة أخرى، فى قائمة أخرى، وسوف تتجلى فى وعيه، وهو على نفسه بصيرة، مقولة: “إن أصابعك ليست مثل بعضها البعض (يعنى: هى صوابعك زى بعضها؟، وإيش جاب أحمد للحاج أحمد؟ وإيش جاب لجاب: العايقة لأم حجاب؟ (مع أن أم حجاب قد أصبحت مؤخرا عايقة أكثر جدا !!)
وخلاص،
وإليكم المناهج الثلاث على التوالى:
(1) طرح التساؤلات و (2) مواجهة التبريرات و(3) الموافقة المشروطة
أولا:
بالنسبة للقيمة الأولى فى المجموعة الأولى، “الثبات على المبدأ” سوف نتبع فى تناولها منهج
طرح التساؤلات: (تساؤلات ناقدة غير مألوفة، ولا مرغوب فيها):
- أى مبدأ هذا الذى لا بد لى منالثبات عليه، ( والهتاف له: يحيا الثبات على المبدأ)
- ولماذا هذا المبدأ بالذات؟
- ولماذ أثبت عليه جدا جدا؟
- وهل أنا الذى أثبتُ عليه أم أنهم هم الذين ثبـّتونى فيه؟
- ولماذا أدعو الآخرين لمبدئى، مع أننى متسك مائة فى المائة بقيمة “الثبات على المبدا”؟
- وهل يحتمل أنه انتهى عمره الافتراضى فعلا؟
- فإذا كان انتهى عمره الافتراضى فهل ثـَمّ بديل ؟
- ويا للمصيبة لو المبدأ البديل لم أثبت عليه أيضا، هل سأظل طول عمرى أنتقل من مبدأ لمبدأ.
- ثم ما هى الحدود التى تميز بين ماهو مبدأ، وما هو مذهب، وما هو أيديولوجيا وكلام من هذا؟
(اظن يكفى هذا مؤقتا، وننتقل إلى المجموعة الثانية)
ثانيا:
المجموعة الثانية: ونتبع فى تناولها منهجا آخر وهو: مواجهة التبريرات
المثال: الغش الجماعى (الأسرى خاصة، فى الامتحانات كمثال)
هذا المنهج يطلب منك أن تحاول أن تبحث عن “نقد”، حتى الرفض إن شئت، للتبريرات التالية:
1- هذا ليس غشا، أنا أسترد حقى منهم (من الحكومة، أو الظالمين، أو أى سلطة كانت)
2- هم الذين اضطرونى إلى ذلك
3- مثلى مثل غيرى، إشمعنى أنا لا ؟
4- والدى سوف ينهرنى لو لم أغش مثل ابن زميله وكيل المجلس المحلى
5- ” والدى، وكل الآباء والأمهات، يحبون أولادهم جدا جدا، وهم يخففون عنهم بذلك
6- المدرس (والناظر) يـُطَنْـبِلْ (أى:”يطنش” بس بالعربى) لتحسين نتيجة مدرسته
7- “ما هو الحكومة بتغش”
8- أبى يفخر بى أننى أتقنت الغش أكثر من غيرى
9- ربنا سيسامحنى لأنه يعرف ما فعلوه بى، وما يفعله كل الناس مثلى.
ثالثا:
المجموعة الثالثة: ونتبع فى تناولها المنهج الثالث وهو: الموافقة المشروطة
حاول أن تصدق الاحتمالات المقترحة التالية، فإن لم تصدقها، فضع عكسها، أو بديلا عنها، أو شرطا لقبولها، أو أنت حر، إفعل ما بدا لك وسوف نتاول أول قيمة “فضيلةالدهشة” كالتالى:
1- ياه !! صحيح أنا توقفت عن الدهشة، مذ كنت طفلا، كل شىء أصبح واضحا جدا، أريد أن أستعيد حقى فيها
2- ربما تكون الدهشة هى التى تنقصنى حتى أشعر من جديد أننى أعيش بحق
3- لو ثبت أن الدهشة فضيلة، ربما يثيبنى الله عليها مهما كانت نتائجها
4- أنا مستعد أن أقبل أن أعاود الدهشة على شرط ألا أندهش جدا (مش قوى كده)
5- صحيح، إن هذه الفضيلة تجعل كل قديم، جديد باستمرار، يعنى يتجدد فأتجدد، يا حلاوة !!
6- أى ثروة يمكن أن أحصل عليها بمجرد أن أصدق أننى مازلت قادرا على الدهشة !! الحمد لله
7- يبدو أنهم حرمونا من الدهشة بعد أن خافوا منها وتنازلوا عنها، طيب وأنا مالى؟ (يتفلقوا) !!
8- يبدو أننى لو سمحت لنفسى بتواصل حقى فى هذا الاتجاه سوف أعرف نفسى فربى أكثر
9- يجوز أن السماح بالحق فى الدهشة، هو الإيمان بالغيب، فقد خلقنا الله بهذا اليقين الذى جاءت الرسل عليهم الصلاة والسلام ليعلمونا كيف نمارسه، ولو صح ذلك فسوف أفهم ما لم أفهمه عن هذا الموضوع طول عمرى !!
وبعـد
لماذا توقفتُ بالأسئلة فى كل منهج عند الرقم 9 ؟؟
ربما نفس الإجابة التى جعلتنى أتوقف عند الرقم 28 فى عرض القيم فى كل قائمة (أنظر أول اليومية)
وكل عام وأنتم بخير.