“يوميا” الإنسان والتطور
الأحد 14-10-2007
الحلقة الثالثة
من لعبة: التحكُّمْ، والخوف من فقدهً
اللعبة الرابعة
“سيبان بسيبان ..، أنا ممكن إنى …… (أكمل)”
اللعبة الخامسة
حتى فى الحلـم، أنا مابقدرش أسيب نفسى على راحتها … لَحْسَن.. (أكمل)
فى الحلقة الأولى والثانية (بتاريخ 3-10 / 10-10) عرضنا اللعبات الثلاث الأولى لحلقة (لعبة التحكم والخوف من فقده)
وكانت اللعبة الأولى (يومية: 3 -10)
(1) يا خبر دانا لو سبت نفسى يمكن ……..
ثم الثانية والثالثة (يومية: 10 -10)
(2) لو عارف إن حد حايستحملنى يمكن اسيب نفسى وساعتها …….
(3) أسيب نفسى بتاع إيه .. ده انا حتى ….
***
ولعل المتابع معنا يذكر كيف لاحظنا ما يمكن تلخيصه فيما يلى:
(أ) إن المشاركين اكتشفوا فى أنفسهم، وعنها، أكثر مما كانوا يتوقعون، ومما كنا نتصور
(ب) إن الأقنعة التى نغطى بها أنفسنا ليست شديدة الإحكام كما نتصور.
(ج) إن ما نتصور أنه “لا إرادى” (يحدث من وراء ظهورنا) هو إرادى نسبيا.
(د) إن التحكم بدا ضروريا حتى على حساب أشياء كثيرة نعرف بعضها فقط
(هـ) إننا لكى نخفف “من التحكم” نحتاج أن نطمئن أن هناك من يسمح لنا، ومن يتحمل معنا، أو يتحملنا.
(ز) إن “الاعتمادية” مخيفة بقدر ما هى “حق طبيعى”
(ح) إن الخوف على الآخرين من “السيبان”، يمشى جنبا إلى جنب مع “الخوف على الذات”، منه أيضا
(ظ) إن السيبان الإرادى – جزئيا – هو استعادة لمساحة أكبر من الحرية
(ط) إن ضمان التراجع عن “السيبان” هو مشجع للسيبان كمرحلة مؤقتة، أو طور متناوِبْ
(ك) إن التحكم فى الذات هو دفاع طبيعى جيد، لزوم التعامل مع الآخر وحماية الذات أيضا
(ل) إن التغير الذى يحدث فينا فى “محاولات الكشف” هذه، قد يكون مكثفا فى زمن قصير جدا، وهو غير واضح المعالم، لكنه محتمل دائما.
***
مازلنا مع نفس الضيوف فى نفس الحلقة “التحكم والخوف من فقده”
السيدة: منى، كلية الفنون الجميلة
الأستاذ: فوزى، مدرس تربيه فنية
الأستاذة: سوزان، صحفية
والدكتور: هانى مدرس مساعد (طب نفسى) جامعة 6 أكتوبر
(ملحوظة: للمتابعة، خاصة لمن لم يشاهد اللعبة الأولى يمكن الرجوع للأرشيف ليومية (3-10) “يا خبر دانا لو سبت نفسى .. يمكن ..”، يومية (10-10) “من لعبة التحكم والخوف من فقده”، وكذلك الحلقة بالفيديو فى الموقع)
***
اللعبة الرابعة: سيبان بسيبان .. أنا ممكن إنى …..
أ/ سوزان: يا دكتور يحيى سيبان بسيبان .. أنا ممكن إنى أسيبها على الأخر.
د/ يحيى: أستاذه منى سيبان بسيبان .. أنا ممكن إنى أعمل اللى عمرى ما اتصور انى كنت أعمله
أ/ منى: يا دكتور هانى سيبان بسيبان .. أنا ممكن إنى أخذ راحتى من كل حاجة بقى. أتكلم براحتى ، أغلط براحتى، أعمل اللى أنا عاوزاه.
د/ هانى: يا أستاذ فوزى سيبان بسيبان .. أنا ممكن إنى يفلت مني.
أ/ فوزى: عزيزى المشاهد سيبان بسيبان .. أنا ممكن إنى أطربق الدنيا على دماغى أنا.
حوار بعد اللعب
د/ يحيى: انا شايف ان مساحة الحركة فعلا أوسع مما كنت اتصور .. الحمد لله .. حد وصل له حاجة جديدة؟.
أ/ فوزى: أنا وصلنى شك
د/ يحيى: شك فْ ايه
أ/ فوزى: شك فى نوعية السيبان اللى أنا محتاجها فعلاً يعنى فى لحظة كدة شكيت: طب إيه السيبان اللى أنا عاوزه مثلا؟ أعيش آكل واشرب وما اشتغلش مثلا؟ ومش عاوز يبقى فى ضغط كده فى الحياة والدنيا تبقى سهلة كلها ومفيش مذاكرة ومفيش إمتحانات ومافيش شغل؟ طب إيه نوع السيبان اللى انا عاوزه؟ أقول رأيى فى نوع السيبان ولا مش هو ده السيبان اللى هو مطلوب يعنى؟ شكيت فى نوع السيبان اللى أنا عاوزة.
د/ يحيى: انت بقى وشطارتك
أ/ سوزان: أنا وصلنى إحساس مخالف أو معاكس ….، وصلنى فعلاً فى اللحظة دى (إنى) أنا حسيت إن السيبان ده حاجة خطيرة ممكن تبـوَّظ كل نظام، لما الواحد يعبر عن إحساسه بحرية تامة وسيبان تامِ، أنا حاسة إن كل الحاجات حاتخش فى بعضها.
د/يحيى: بينى وبينك هو حاجة خطيرة فعلا، برغم الحركة والفرحة والمساحة، هو باين فى عمقه حاجة خطيرة، بس حلو باين (عليه).
أ/ سوزان: هوّا حلو، هو لذيذ (إنى) أنا أكون على حريتى، بس أنا أعتقد إن أنا حاخش فى نطاق الأخرين، يعنى أبتدى أجرح حرية الأخر ممكن.
د/ يحيى: إنتِ عارفة حكاية “حريتى تنتهى عند بداية حرية الأخر”، أنا ما باحبهاش أوى، هى طبعاً جميلة جداً إنما فيه علاقة أعمق من كده شوية.
أ/ سوزان: دى بتبقى الحب.
د/ يحيى: (قصدى) يعنى أنا (أقدر) أقتحم حرية الأخر على شرط أسمح له إنه يقتحم حريتى، حايحصل دوائر تتداخل بطريقة فيها نور، وفيها تحمّل وفيها ألم، انما “سيب وانا اسيب”، وخلاص؟ يبقى حنبقى ايه؟،… عارفه حكاية حريتك تنتهى عند حرية الآخر دى: بتبقى عامله زى بِلىْ الطساسات، أو بلياردو كُوَرْ البلياردو، يروح يخبطوا فى بعض ويروح باعدين، يخبطوا فى بعض ويروحوا باعدين أنا موافق على الجانب الإيجابى (فى ده).
أ/ سوزان: والجانب السلبى؟ يعنى حرامى مثلاً يدخل فى حرية الأخرين يسرق وقتهم، يسرق ممتلكاتهم هاتبقى كارثه
د/ يحيى: لأ أنا مابتكلمش على السرقة دى، أنا بتكلم إن فيه علاقة حميمة تسمح أن يقتحم الواحد حرية الآخر، حتى يصبح أكثر حرية (للاثنين) من خلال ده.
أ/ سوزان: (يعنى) بسماح منّك؟!
د/ يحيى: مش ضرورى (ظاهر)، إفرضى إنى جبان وهو بيحبنى أوى.
أ/ سوزان: دا كده بيقتحمك.
د/ يحيى: بيقتحمنى ليَّا، النتيجة إنه يقتحمنى ليا، فأقتحمه له، فنكبر إحنا الإتنين، تبقى مساحة حريتنا أكبر زى ما لعبنا سيبان بسيبان، لقينا الدنيا رحرحت، لكن مافقدناش حريتنا
أ/ سوزان: إحنا حسينا بالسعادة ساعة السيبان.أنا باقول القانون هوا اللى بيحكمنا، إحنا ساعات بنرفض القانون
أ/ فوزى: يا دكتور إنت أثّرت فىَّ، فيه سؤال برضه من كلام حضرتك دلوقتى: هل التحكم فى النفس جبن؟
د/ يحيى: لأ ممكن يكون منتهى الحكمة، ثم يا أخى أولا إحنا هنا مابنصدرش أحكام ولا حِكَمْ ولا بنستشهد بأشياء تكتم على حركة الوعى/البرنامج ده فكرته الأساسية “لتحريك الوعى” وليس لإلقاء المعلومات أو التغطية أو الوصايا، هو لتحريك الوعى، فأنا ماقدرش أقولك ده غلط ودا صح، عمالين نشتغل بحيث كل واحد فى النهاية يبقى مسئول عن السيبان وعن قلته.
أ/ منى: أنا وصلنى من حكاية “سيبان بسيبان دى” أنها ممكن تعمل نوع من الهرجلة وعدم الإنضباط.
د/ يحيى: بس كان واضح إن الوعى بمساحة الحركة والقدرة عليها ده بيخلى التحكم أجمل وأسهل، غير لما ييجى من برة طول الوقت، طول الوقت/ لما باحس كده أنا رايح فين أقدر أقول “لأه”، كفاية كده، “مش دلوقتى”.
***
الملاحظات والتعقيب
1- نلاحظ أنه أثناء اللعب بدا أن مساحة الحركة قد تخطت حدود المتوقَّع (عموما) (سوزان: أسيبها على الآخر) – (د. يحيى: اللى عمرى ما اتصور أنى كنت حاعمله) – (منى: آخذ راحتى، من كل حاجة بقى)
2- كما لوحظ أنه مع تمادِى الانطلاق ظهرت بوادر الحذر (هانى: أنا ممكن أنى يفلت منى)
3- وحين ينطلق الداخل أكثر نتيجة لهذا السماح. بما فى ذلك من احتمال عدوان أو تحطيم، يظهر ميكانزم الارتداد إلى النفس (فوزى: أطربق الدنيا على دماغِى أنا)
4- لم تكن آراًء تلك التى عرضها اللاعبون بعد نهاية اللعبة مباشرة/ بل كانت أقرب إلى مناقشات ساخنة نسبيا، وصريحة، وشارحة أحيانا.
5- ذكر “فوزى” فى المناقشة ما يدعِّمُ ما أشرنا إليه فى الحلقة السابقة، من: أن ما يتحرك فى وحدة الزمن الصغيرة (أثناء اللعبة أو بعدها) هو أكثر مما نتصور، فقد مرّ أمامه شريط التساؤل عن “إيه السيبان اللى أنا عايزه” من أول تحقيق الحاجات الأولية (الأكل والشرب) حتى حرية إبداء الرأى، مرورا بالمذاكرة والامتحانات، وأيضا فوزى تساءل عن “نوع السيبان”.
6- طالت المناقشة بين سوزان، ود. يحيى لدرجة غير مألوفة، (وغير مفيدة غالبا لشدة المباشرة فيها) إلا باعتبار ما يمكن ان يصل للمشاهد من تلك المناقشة النظرية، يجوز!!
7- بدأت سوزان بالشعور بالخوف من السيبان، “حاجة خطيرة ممكن تبّوظ كل نظام”، ومع ذلك فقد اسمته “يعبر عن إحساسه بحرية”، لكنها ألحقت بذلك: “أنا حاسه كل الحاجات حاتخش فى بعضها”.
ثم فى نهاية النقاش عقبت عن الشعور بالسعادة ليس بالنسبة لها فقط، وإنما للجميع “إحنا حاسينا بالسعادة ساعة السيبان” (ثم أعقبت) أنا بأقول “القانون اللى بيحكمنا، إحنا ساعات بنرفض القانون” كانت وكأنها تلحق نفسها بتذكر القواعد المحكمة.
8- ما بين بداية مناقشة سوزان وتعقيبها النهائى، دار الحوار حول الحرية، فنبه د. يحيى كيف أن ما هو مخاطرة يمكن أن يكون هو هو حلواً، (شئ اشبه بـ: مافيش حلاوة من غير نار)، فتُوافِقُ سوزان بسهولة تبدو إشارة أقرب إلى ما هو حرية الطفل “هو لذيذ أن أكون على حريتى” ثم تتحفظ خشية جرح حرية الآخرين.
وهنا ينبرى د. يحيى – محقا أو مخطئا – يعلن موقفه الشخصى، فهو يرفض تلك المقولة الشائعة أن: “حريتى تنتهى عند بداية حرية الآخرين” ويشبهها بعلاقات كرات البلياردو.
الإشكال الأخطر لم تحلّه المناقشة بوضوح وهو علاقة “التحكم” … “بالحرية”. وما هى الحدود التى يمكن أن توضع لضبط تناسب الجرعة بينهما، مع الوضع فى الاعتبار كف إيذاء الآخر.
9- الذى لم يتضح فى المناقشة هو مسألة اقتحام حرية الآخر بإذن خفىّ منه، فى مقابل السماح لهذا الآخر ان يقتحم حريتى لى، سعيا إلى علاقة أعمق، هذه مسألة ليس لها حل سهل. إن “الحرية الظاهرة” التى تضع الحدود المعلنة ليست هى كل الحرية، كما أن حرية الداخل الغامضة، ليست مضمونة بحال، نستعمل كلمة الحرية هنا ليس “بمعنى التنازل عن التحكم“، وإنما أيضا بمعنى احترام “حريتى الأخرى”، التى تنشط فى مستوى آخر، غير الوعى الظاهر، فى هذه الحالة عادة ما لا تنتهى الحرية عند حدود حرية الآخر، بل تتجاوز هذه الحدود، إلى حرية محتملة أعمق، حرية تنادى هذا الآخر بتجاوز حدود الظاهر، وفى تعبير د. يحيى “أنا اقتحم حرية الآخر على شرط اسمح له أن يقتحم حريتى”، لكن لم يظهر بوضوح أن هذا الاقتحام هو اقتحام للحرية الظاهرة فحسب، وليس للحرية المطلقة بكل مستوياتها، والذى قد يحل هذا الإشكال – الذى ليس له حل – هو السماح المتبادل باقتحام حريتى الظاهرة أيضا، نتيجة المغامرة كما يصورها د. يحيى هى أنه “حايحصل دوائر تتداخل بطريقة فيها نور، وفيها تحدّ، وفيها ألم” وربما هذا هو ما التقطته سوزان دون تفسير “…بتبقى الحب” قبل أن يشرح د. يحيى وجهة نظره هذه، لكن سوزان تتراجع خوفا من حكاية الاقتحام هذه، بأنها “سرقة” ما دامت دون إذن صاحبها.
يرفض الدكتور يحيى أن يعتبرها ببساطة سرقة، لأن هناك سماح ضمنى متبادل، بل إن د يحيى يضع احتمال أن تكون مغامرة تكسر “ترددى الخارجى وأنا اسمح للآخر باقتحامى“، كما سمح لى باقتحامه، يبدو هذا فى شرحه “(هو) بيقتحمنى لى (ليّا) النتيجة إنه يقتحمنى لى فأقتحمه له، …… احنا الاثنين (نتحرك) تبقى مساحة حريتنا (أوسع)، زى (ساعة) ما قلنا “سيبان بسيبان لقينا الدنيا …”
10- لا يصل هذا الموقف “عادة” للذين يتعاملون مع التركيب البشرى على أنه “تواصل على مستوى واحد”، المستوى الظاهر فحسب، إن تنظيم قواعد ما يسمى “الحرية” بالنسبة للمجموع إنما يتم على مستوى “ألفاظ القانون“ أو “كلمات المواثيق المكتوبة“، وبديهى أنه لا القانون ولا المواثيق تسمح بهذه المخاطرات الحميمة التى تسمح بأن تنتقل عملية “اتخاذ القرار” من مستوى حرية، إلى مستوى آخردون صراع مباشر، حتى تتحقق حرية أشمل من خلال توالى وجدل قرارات المبادأة من مستوى إلى مستوى بنشاط متصل، إن هذا المستوى الاقتحامى ظاهرا، يبدو نوعاً من مساعدة الآخر فى كسر فرط تحكمه فى ذاته، خوفا من خطر السيبان، الذى قد يظهر الإرادات الأخرى.
11- يأتى تدخل فوزى هنا ليعلن هذا الاحتمال فى سؤال يقول “هل التحكم فى النفس جُبْن؟” فيأتى تحفظ د. يحيى بالإمتناع عن إصدار الأحكام ليؤكد أن الهدف من اللعب أساسا هو تحريك الوعى.
12- ثم يأتى تعليق “منى” تحذيرا من هذه المخاطرة من حيث أن تخطى الحواجز “سيبان بسيبان” هو ليس إلا نوعا “من الهرجلة وعدم الانضباط“.
13- يضيف د. يحيى ما يشير إلى أن إشكالة حركية العلاقات المتعددة المستويات هذه، ليست فى الالتزام بما هو “حَدّى و حَدّك“، وإنما هى أعم وأعمق، فهى ترتبط بمساحة الحركة، والقدرة عليها وأن هذا يجعل التحكم “أجمل وأسهل“، “غير لما ييجى من برّه طول الوقت، طول الوقت“، بمعنى أن يصبح التحكم هو نتيجة للسماح وليس استجابة للقهر، ربما يكون هذا تفسير ما اختتم به د. يحيى المناقشة “لما باحس بكده” (بمساحة السماح والقدرة على الحركة معا) “أقول أنا حاروح فين بقى، لأ كفاية كده دلوقتى”.
تعقيب ختامى
طبعا هذه المنطقة كلها من أصعب ما يمكن، فالاستسهال جاهز، والتبريرات بلا حصر، لكن إذا كنا نريد أن نحترم الطبيعة البشرية كلها بكل مستوياتها، فعلينا أن نواصل السعى إلى احترام تعدد المستويات، وذلك بالسماح بالإنصات إليها معا، بديلا عن اختزال الوجود البشرى، إما إلى المستوى “اللفظى/القانونى/الاجتماعى/الظاهر” أو استقطاب التركيب البشرى إلى صراع تقابلى، لابد أن ينتصر فيه أحد طرفيه، فينفض الاشتباك على حساب النمو الخلاّق.
إن تفاعل حريات أربع أو ست أو أكثر مع بعضها فى مساحة كافية من السماح والمسئولية، يمكن أن يكون هو الذى يسمح بحركية فطرة الكيان البشرى فى محاولاته للتواصل الواعى المتداخل، الذى تنمو معه الحرية الحقيقية بقدر ما تتسع مساحة السماح المسئولة.
اللعبة الخامسة
حتى فى الحلـم، أنا مابقدرش أسيب نفسى على راحتها … لَحْسَن.. (أكمل)
أ/ منى: يا دكتور يحيى حتى فى الحلـم، أنا مابقدرش أسيب نفسى على راحتها … لحسن أنفذّه فى الحقيقة.
د/ يحيى: يا دكتور هانى حتى فى الحلـم، أنا مابقدرش أسيب نفسى على راحتها … لحسن أحلم باللى مش عاوز أحلم بيه وأشوف أكتر ، يمكن ماستحملش.
د/ هانى: يا مدام سوزان حتى فى الحلـم، أنا مابقدرش أسيب نفسى على راحتها … لحسن أبقى محتاج كل شوية، أبقى محتاج الحلم زى مايكون الحلم بقى إدمان يبقى موجود .كده ماسيبش نفسي.
أ/ سوزان: يا أستاذ فوزى حتى فى الحلـم، أنا مابقدرش أسيب نفسى على راحتها … لحسن أصدقه.
أ/ فوزى:عزيزى المشاهد حتى فى الحلـم، أنا مابقدرش أسيب نفسى على راحتها … لحسن أصحى من النوم.
حوار بعد اللعب
د/ يحيى: حد وصل له حاجة جديدة.
أ/ فوزى: انا فعلا أكتشفت إنى ماباسيبش نفسى على راحتها إلاّ فى الحلم بعكس اللعبة.
أ/ منى: فى الحلم أنا مقدرش أتحكم فى نفسى، أسيب نفسى بالعافية.
د/ يحيى: إيش عرفك؟
(عموما) اللعبة فقست حاجة علمية صغيرة، … إن الحلم إتهيأ لك إنك انتَ مش (بتشكله)، إنما اللعبة سرقتْنا احنا الخمسه علشان تورينا إن جُوّه الحلم فيه إرادة ما، وحدود ما، ومساحة.
امتلأت المناقشة بعد ذلك بشرح وجهة نظر د. يحيى فى مسألة الأحلام، وكيف أن فى الحلم إرادة ما، وقد فضلنا ألا نثبت هذا التنظير المطوّل، إذْ ليس من المألوف فى اللعبة، ولا هو مفيد، أن يجرى التنظير بهذه الإطالة، مقارنةً بما يمكن أن يصل إليه المشاركون من إضافة للوعى من خلال تفاعلهم، هذه الإطالة فى التنظير بدت لى الآن أشبه بالمحاضرة فحذفتها.
نكتفى هنا بالتعليق على اللعبة نفسها دون التوقف عند المناقشة فنلاحظ:
1- أن مُنَى اعتبرت أن الحلم “واقع آخر” له حق المثول مثل واقع اليقظة، وعلى ذلك فقد خشيتْ منه أنه إذا تجاوز حدوده، أن يخرج إلى حيز التنفيذ فى حالة الصحو!! وهذا احترام ضمنى للحلم “كواقع آخر”!
2- د. يحيى اعتبر فى استجابته أن الحلم هو عملية كشفُ لمساحة لابد أن نخطو فيها بقَدَرْ، حتى لا تصل الرؤية – فى الحلم ومن الحلم – إلى أكبر من قدرة بصيرتنا أن تتحملها.
3- د. هانى احترم دور الحلم فى تحقيق الجانب الآخر من وجوده أو كيانه أو غائيتَه، فوضع حداً لذلك، حتى لا يحل وعى الحلم محل وعى اليقظة الواقعى ويأخذ مساحة ويتكرر بدرجة أكبر من القدرة على استيعابه أو الجدل معه.
4- سوزان اعطت الحلم قوة الحضور الواقعى أيضا، تلك القوة التى قد تصل إلى درجة قبوله واقعاً صادقا آخر ” .. لحسن أصدقه”.
5- فوزى أراد أن يسمح للحلم أن يتمادى براحته، تحت مظلة النوم، حتى لا يكون هو (فوزى) السبب فى إجهاض الحلم ولو بقطع النوم.
التعقيب
لو أننا أهملنا كل هذه الإستجابات التى تشير إلى “طبيعة الحلم كعملية” قبل أن يكون محتوى، فلربما تركز اهتمامنا فى أن نسأل عن حلم بذاته، وماذا فيه، وكيف، ثم رحنا نبحث عن تفسيرات تقليدية له، إذن لما أمكن أن نخرج من كل ذلك بإضافة معرفية لها قيمتها فى فهم ظاهرة الحلم فى ذاتها، كما تم الكشف عنها من خلال هذه اللعبة البسيطة باعتبار أنها حياتنا الأخرى التى لها حضورها وقوانيها ودورها فى الإيقاع الحيوى والوجود.
إن الاتجاهات التى يتبناها “فرض د. يحيى عن الأحلام” تشير إلى أن الحلم ليس هو أساسا الذى نحكيه عندما نستقيظ، وإنما هو النشاط التشكيلى الدورى الذى يجرى فعلا أثناء طور النوم الخاص به، أنه يتم بنوع من الإرادة لا مجال لتفصيله هنا، وقد جاءت هذه الاستجابات كلها تتكلم عن الحلم كممثل لهذا النشاط دون أية إشارة إلى محتوى حلم بذاته له أحداث، ومسرح، وصور، وتسلسل.
يمكن أن نستلهم من هذه اللعبة ما نكرر التركيز عليه من ضرورة إعادة النظر فى الوقوف عند الحلم المحكى، وبالتالى الاستغراق فى تفسيره سواء التفسير الشعبى، أو التفسير الدينى، أو التفسير التحليلى النفسى (الفرويدى خاصة).
ويمكن الرجوع إلى شرح بعض ذلك فى الموقع فى (حركية الوجود الحيوى وتجليات الإبداع – فصل الإيقاع الحيوى ونبض الإبداع”) وقد عرض أيضا بالشرائح فقط للأسف، شرائح ليست محكيه “الحلم والإبداع (مثال: الشعر) والجنون”.
وبعـد
إننا لو سألنا أى من المشاركين كيف اسُتْدِرج إلى الإجابة هكذا باعتبار أن له دوراً إراديا – على مستوى ما من الوعى – فى توجيه مسار الحلم، أو تشكيله، أو وضع حدود له، أو ضبط جرعة السماح التى تنطلق منه، لأنكر الجميع أنه له أى دور فى أى من ذلك، لكن اللعبة أظهرت بطريق غير مباشر طبيعة دورنا فى صناعة وتشكيل الحلم الحقيقى، وليس فقط الحلم المحكى (الذى نؤلفه نحن أيضا ولكن مما تبقى من حركية التشكيل على سطح وعى الحلم لحظة الاستقياظ وقبلها وبعدها)
المأزق والتحدى والاعتذار
طبعا، وجدت صعوبة شديدة أثناء إعداد هذه اليومية، وأنا أحاول أن أحدد المتلقى الذى أوجه له الخطاب عن ما وصلنى من مغزى هذه الاستجابات التلقائية البالغة الدلالة، هل أنا أقدمها أساسا للزائر العادى غير المتخصص، وهل هذه اللغة مناسبة؟ حينئذ قفز لى تبرير يقول: “ومن قال إن محتوى الموقع (أو مجلة الإنسان والتطور – أو حتى هذه النشرة اليومية) هى أساسا للزائر غير المتخصص، فسألت نفسى، فهل أنت تقدمها لزائر متخصص (فى الطب النفسى أو علم النفس أو ما شابه)؟ وإذا بى أنفى ذلك أكثر وأنا أتصور أن الصعوبة تزداد، أضعافا مضاعفة، فقد تعلمت من واقع محاولاتى المتعددة الأشكال أن الشخص العادى هو أقرب إلىّ كمتلقٍّ من أى متخصص إلا ما ندر.
وحتى الآن، أنا لم أجد حلاًّ لإشكالى هذا إلا أن أعتذر لهؤلاء وأولئك
ثم أروح أكرر واشرح أكثر كلما أتيحت لى الفرصة،
وأستمر.
هل عندكم حل آخر؟