الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / القفز بين الماء والشجر،… وسط دماء البشر!!

القفز بين الماء والشجر،… وسط دماء البشر!!

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 30-5-2020

السنة الثالثة عشرة

العدد:  4655

القفز بين الماء والشجر،…

 وسط دماء البشر!! (1)

 (1)

قالت البنت لأبيها: يا أبى ماذا كنت تتمنى أن تكون لو لم يخلقك الله إنسانا؟

قال: نعم! نعم،!!!؟

قالت: لقد سمعتنى،

قال: لكننى مستغرب، من أين لك هذا السؤال؟

قالت: من ربنا،

قال: كيف؟

قالت: حين كنت أشاهد قناة الحيوانات، أقصد القناة الجغرافية، ثم حولت حضرتك القناة إلى الأخبار، ورأيت شلالات الدم تتدفق من ضحايا ذلك الغول الغامض،  تمنيت أن أنتمى إلى القناة الأولى،

قال الأب: لكن دنيا البشر ليست هى كلها تمثلان مثل هذا المتوحش وسط كل هذه الدماء والأشلاء.

قالت: وهل نحن البشر نحافظ على نوعنا، مثل سائر الأحياء؟ يخيل إلى أن قيادة النوع البشرى آلت إلى يد روبوت أسطورى بلا عقل، ولا قلب: ركبه غرور جبان، فطاح  فينا قتلا، ثم راح يقتلنا بنا فى بعضنا، ناسيا أن لعبته الشيطانية سوف تنقلب عليه بكل ما عليها من قتلة وضحايا ومجرمين فتسحقه، لا يمكن أن تكون هذه خلقة ربنا، إننا لو استسلمنا له فنحن أدنى من أى حيوان،

قال: ألهذا سألتينى سؤالك الغريب هذا؟

قالت: ربما.

(2)

قالت الأم للبنت: هل تصرين على الإجابة؟

قالت البنت: نعم،

قالت الأم: أنا، أنا شخصيا كنت أتمنى أن أكون ضفدعة، أتقافز بين الماء واليابسة،

قالت البنت: يا خبر! أتعرفين بم أجاب أبى؟

قالت: اسم الله عليه لابد أنه  قال أنه يتمنى أن يكون أسدّا،

 قالت البنت: حرام عليك يا أمى، لقد قال إنه كان يتمنى أن يكون قردا يقفز بين فروع الشجر؟ فما هذا الذى فعلتماه بى أنا وأخى، لماذا أنجبتمونا بشرا؟

قالت الأم: نحن نمزح يا شيخة، أنت تلحين فى السؤال ونحن نسايرك،

قالت البنت: لا أظن، إن الذى أراه فى التليفزيون لا هزل فيه.

قالت الأم: ماذا ترين فى التليفزيون؟

قالت: هو هو ما ترينه أنت وأبى، وكأنكما لا تريانه، الآن فهمت لماذا.

قالت الأم: فهمت ماذا؟

قالت البنت: فهمت أنه إذا تزوج قرد ظريف ضفدعة رقيقة، لا ينجبان بشرا يقتلون بعضهم البعض إلا بعد أن يلغوا عقولهم، ويكبّرون أولادهم كارهين عميانا، يتقاتلون بأمر الروبوت المجرم الغامض، لتجرى الدماء برِكاً وأنهارا كما نراها هكذا.

قالت الأم: ما هذا الذى تقولينه أنت تخرفين، حسبتك تمزحين، لقد أخذتك على قدر عقلك، فلا تتمادِى.

قالت البنت: حتى النمور داخلنا كان يمكن أن تروضوها لصالح ما خُلِقْنا له، لبعضنا البعض.

قالت الأم: نمور ماذا يا بنت انت؟ و داخلنا كيف؟ وأنا أخاف من قطة سوداء على السلم.

قالت البنت: النمور بداخلنا، علينا أن نستوعبها، حتى لا تنطلق منا أبشع من أجدادنا النمور الأصل.

قالت الأم: والله ما أنا فاهمة حاجة،

قالت البنت: أحسن.

(3)

قال الشاب لأخته: هما لا يمزحان ولا هما يقولان الجد،

قالت: فماذا إذن؟

قال: لا أعرف، هذه اسئلة غريبة لم تخطر على بال أى منهما،

قالت: هذا ليس صحيحا، نحن الذين نهرب من البديهيات داخلنا.

قال: ومن قال لك أن لهما علاقة بداخلنا؟

قالت: اليسا هما اللذان أنجبانا؟ وهذه هى طبيعتنا،

قال: وما هى طبيعتنا،

قالت: طبيعتنا هى تاريخنا، إما أن نتحمل مسئوليتها أو يقتل بعضنا بعضا هكذا،

قال: لست فاهما..، المهم أننى أتعجب أكثر حين تسيل الدماء على الناحيتين باسم ربنا،

قالت: ولا يخجلون!!

(4)

قال الشاب لأخته: أنتِ هرّابة، لـَـمْ تقولى بعد كل هذ، ماذا كنت تريدين أن تكونىِ أنت إذا لم تأخذى هذا المقلب وتولدين إنسانة، نتاج مؤسسة جمعت بالصدفة بين قرد وضفدعة ؟

قالت: كنت أود أن أكون عصفورة، وأنت؟

قال: لا.. أنا متمسك بنوعى بشرا،

قالت البنت: يا خبر!! بعد كل هذا الذى نرى ونسمع،

قال: لا أريد أن أكون بشرا من الذين يُدْخِلُون بعضهم بعضا النار، فهم هم القتلة أصحاب بحور الدماء الجارية بلا حساب، أريُدنى إنساناً كما قلتِ أنتِ،

قالت: وهل أنا قلت شيئا،

قال: ألم تقولى إن علينا أن نحمل تاريخنا كله لنكون بشرا إليه،

قالت: أنا قلت ذلك؟

قال: هذا ما سمعته منك،

قالت: هل يمكن أن أقول ما أنا لست فاهمة إياه؟

قال: يمكن.

 

[1] – نشرت بالدستور بتاريخ: 13-6-2007

 

admin-ajax

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *