نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 13-6-2020
السنة الثالثة عشرة
العدد: 4669
من رواية “ملحمة الرحيل والعوْد” (1) (من 3 إلى ؟)
الجزء الثالث من ثلاثية: “المشى على الصراط”
…………………
-5-
سوف ينشر إعلانا فى الصحف يقول: “مدرِّس لغات وكمبيوتر”، و”قرآن”!! خصوصى جدا، ليست له علاقة بالامتحانات، أو بالآخرة، ومع ذلك يضمَن التفوق فيهما، يعلـِّم الصبيان والبنات الحياة واللغات والتواصل، فيجدون الطريق معا إليه، كل واحد وشطارته”.
ابتسم وهو يتصور أنهم سوف يقبضون عليه بمجرد نشر هذا الإعلان، سوف يكتب رقم الهاتف خطأ حتى لا يعثروا عليه ليحاكموه بتهمة مزاولة التنوير بدون ترخيص، بسيطة، أو ربما يحاكمونه بتهمة “الجرأة على المجهول”، أو تهمة “حسن النية” أو حتى تهمة “المحاولة فى الممنوع”، وقد يحكمون عليه بالتفريق، لكنهم حين يفاجأون أنه افترق عن ثريا منذ زمن، سوف يلفـِّقون له تهمة جديدة لا يعرف صياغتها، ربما تهمة “البلاغ الكاذب”، ألمْ يتجرأ ويلمِّح ضمنا – فى الإعلان- أنه يمكن إصلاح أدمغة البشرعن طريق تعلـُّم نبض اللغة بطريقة أخرى، يحتاج الأمر إلى آلاف الفرص وعشرات القرون حتى يثبت لهم أن ما نشره فى الإعلان ليس بلاغا كاذبا، وأن الدنيا بخير، وأن الأطفال هم كما خلقهم الله، وأنه لا يريد أن يعلـِّمهم إلا ما هـم، ربما حين يكتشفون عجزهم عن الحكم عليه بالتفريق، يحكمون عليه بالتزويج، هذا حكم أقسى، جريمته الأشنع هى محاولة “الحفاظ على التفكير السليم” ولمن؟ للأطفال؟ أى خطر يمكن أن يهدد كل الأنظمة الجبارة لو ظل الأطفال يفكرون كما خلقوا؟
أثناء مرور الميكروباص مقابل مزلقان “أبو النمرس” أطل من الشباك باحثا عن عبد المعطى، فلم يلمح إلا الحاجَّة وردة أم البنت، كانت تجلس أمام عـِشتها المتهالكة توزع فتوتها الأنثوية على عمال طيبين، مرَّ الميكروباص سريعا لكن الصورة بقيت أطول.
يكتشف فى نفسه هذه الأيام تحوُّلا ما، كان قديما كلما قرأ خبرا فى الصحف، كذبة حكومية، ظلما سلطويا، حادث تصادم، امتلأ غمًّا وغيظا وثورة وإصرارا على التحريض والإعداد للتغيير، يشعر الآن أنه أكثر ثقة بنفسه بقدر ما هو أكثر عجزا، هو عاجز الآن لكنه قادر على المدى الطويل، هكذا أراح نفسه، لقد أخذ الزمن فى جانبه فى محاولة التجاوز العبثية، فابتسم.
أصبح يتابع المصائب والآلام، بثقة الواثق فى النصر، فى النهاية. يبتسم ثانية، ليست فرحة، لكنه ابتسام ملئ بنبض الألم الحى، والثقة فى أمر ما، ما الذى حدث له بالضبط؟ لو رآه أحدهم وهو يبتسم هكذا لظن به الظنون، كيف يثبت لهم أنه يبتسم؛ لأنه “لم يستسلم، ولن يستسلم”،لأنه “متألم ومحتمِلٌ معا”، هذا كل ما فى الأمر.
”ابقَ قابلـْنى”.
تتدفق علاقته بالحياة كلما وعى ألمَه أكثر، هو يعيش هذا الألم كلما بلغته آلام الناس، أحيانا يتصور أنه يتألم مع الناس، للناس، أكثر منهم، فيخجل من كذبه على نفسه، من وصاية عواطفه على مشاعر الناس يقينا بدوره الغامض الجديد، هل له دور أصلا، مهما كان غامضا؟ لا أحد يعلم، أخشى ما يخشاه هو ألا يكون إلا والده بخدعة أكبر وأخفى، لماذا غلبت كراسات أبيه على حنان أمه، وحكمة زوج أمه؟ عم سليمان هو والده الذى لم يلده، لماذا أصرت أمه منذ البداية على أن يناديه “عمى” وليس والدى؟ هذا أطيب، هذا أصدق، أفاده هذا الموقف بلا حدود، ليس يدرى كيف، لماذا احتفظت أمه بكراسات والده هذه؟ إنها لا تـُقرأ ولا تكتب! هى لم تكن تعرف السموم التى تحتويها، الكراسة التى أزعجته أكثر جنـَّبَها، يعود إليها بين الحين والحين، يبدو أن أمه أحبت أباه، لسبب ما، بشكل ما، هل تزوجته شفقة أم حبا؟ هى قريبته من بعيد، لم تعلن تلك القرابة أبدا، كانت تذهب مرة كل أسبوع تنظِّف الشقة، وتأخذ الغيارات المتسخة للغسيل، وتطبخ بعض النواشف التى تكفى أسبوعا، ليست شغالة، ثم تمضى، حكتْ له مرة، وهى نادرا ما كانت تحكى، أنها قابلت عنده واحدة اسمها صفية، قالت إنها كانت فتاة طيبة، ثم قابلتها بعد ذلك، شكـَّت، ثم فهمت، ولم تعلق، اختفت صفية عاما إلا قليلا، ثم عادت، أمه لم تكرهها، ثم إنها علمت بموتها مصادفة واستنتاجا، كان حزنه شديدا، وحين طلب منها الزواج بعد موت صفية لم تتردد فى القبول، عملها سرا، وفضَّها سرا من جانب واحد دون استئذان، لم يتردد وأنا بعد فى أحشائها أن يفعلها، لم تلمْه أبدا ولم تندم على زواجها منه، رفضت طول عمرها أن تحكى عنه إلا النذر اليسير، مثل حكاية صفية، كانت تجيب على أسئلة جلال بكلام غامض، ثم بالصمت، ثم بالابتسام، ثم بالدعاء له بالرحمة ولجلال بالسلامة، وأن يوقف الله لجلال أولاد الحلال استجابة لدعواتها، كان جلال قد عثر على الكراسات وهو فى سنة ثانية اعدادى، امتقع وجهها وهى توافق على تسليمها له، ثم راحت تدعو أن يحفظه الله من كل شر، لم تكن تقصد أن ما بالكراسات شر، لم تكن تعرف، وجهها امتقع على أية حال.
أربعة عقود وهو يستمع إلى صوت أبيه الذى لم يره أبدا، وهو يحاول أن يتعرف على من وهَبَ أباه عمره لينفيه، هذه الكراسات كلها، أغلبها، كانت تلف وتدور حول نفى كل الوجود إلا كاتبها، إلا أبيه، أبيه الذى اختفى بدوره كأنه ينفذ حكما صدر عليه بالإعدام أو الموت عطشا، هو الذى أصدره على نفسه من وراء ظهره، اختفى وهو يأبى إلا أن يبقى داخل ابنه هكذا.
ليس متأكدا.
-6-
بعد ظهر ذلك اليوم الخريفى المعتدل، الساعة السادسة إلا ربعا، طرق بابها، طالت فترة الانتظار أطول مما توقع، هل يكون عندها أحد منهم؟ تمنى أن لا، هو يريدها وحدها الآن، منال مازالت تمثل له الشخص المناسب الذى يمكن أن ينقذه من نوبة التفاؤل التى أصابته هكذا فى عز ما يبدد عكسها، يشعر أن هذا التفاؤل أصبح عبئا عليه، عرفها أيام الكفاح والأمل، لم يقتربا كثيرا، هما أقرب دائما مما يحسبان.
اليأس والسخط والإنكار نـعـِمٌ من عند الله يرسلها إلى عباده الأشقياء ليعبدوه حتى من خلال إنكارهم له، ذهب إلى منال يتزود ببعض الهواء الحار الملتهب الذى تزفره مع كل كلمة ورأى وتعليق وتعقيب، يحبها ويأتنس بها، يحترم عقلها ويرفض حريتها، يتصور أحيانا – ربما حتى يظل بعيدا – أنها تنازلت عن أنوثتها لمن لا يهمه الأمر، هل تنازلت عنها فعلا؟ لماذا إذن تتمسك بظاهر أهدابها بكل عنف، تبدو وكأنها حلـَّت مشكلتها الظاهرة بتغيير اللافتة مثل الكثيرين والكثيرات، اللافتات الرائجة هذه الأيام هى “حقوق الإنسان” و”ختان البنات”، هى شخصيا لم تختن، ليست هذه هى القضية، الختان الحقيقى، بل الخصاء الحقيقى هو ما وجده فى كراسات أبيه، حين يقطع الإنسان نفسه عنهم، عنه، تتم عملية خصاء بشعة، عمليات بتر سرِّى، استئصال، يتم بها فض الاشتباك بين الناس وبين الكون: إما بالتسليم لـلذين نصبوا أنفسهم وكلاء عنه دون إذن منه، وإما بالإنكار، يادى المصيبة العمومية!!. هل هذا وقته؟ قرر أن يجدها فى الداخل، هو فى أشد الحاجة إلى أن يجدها، سوف تفتح له مهما تأخرت، فتحت منال الباب وهى تفرك عينيها، ألم يرجح أنها قد طالت منها قيلولتها، أو لعلها زودتها أمس، فوجئت به، كانت الاختلافات بينهما قد تمادت حتى بات أى لقاء بينهما لا يعـَدُ بأى شئ، أى أنه يعد بكل شئ: لهذا هو جاء إليها بالذات؟
فكرت منال بالأمس أن تهاتفه بمناسبة عيد ميلاده، لكنها لم تفعل، اعتادت منه فى هذه المناسبة أن يقول كلاما سخيفا، معادا، لم تعتقد أبدا أنه يعنيه، هى تعرف أنه يريد منهم أن يروه، وأن يعلنوا ذلك له؛ ليدعى الاستغناء عنهم…..، ألعاب غبية لا يهمد من تكرارها.
ـ ادخل يا جلال، مالك واقف مثل التائه هكذا.
ـ….. بلا أهلا ولا سهلا؟
ـ أهلا وسهلا.
ـ لا تسألينى لماذا جئت.
ـ لماذا جئت؟
ـ قلت لك لا تسألينى.
ـ سمعتُ، وهاأنذا لا أسألك، ولأنى أعرف أنك لن تجيب، فاعتبرنى لم أسألك.
ـ شعرت أننى فى حاجة إلى من يلملمنى، ومن ذا يستطيع ذلك إلا واحدة مثلك، أحتاج لسخريتك الجارحة لأفيق.
ـ نعم؟ نعم؟ لقد توقفنا عن مثل هذا منذ سنوات، ماذا جرى لك؟
ـ لم يجـر شئ، عندى مشروع أريد رأيك فيه.
- مشاريعك لا تنتهى، ما الجديد؟
ـ مشكلة الوجود هى أن اللغات لم تعد تستعمل لتنظيم الدماغ، بل أصبحت مثل الملاط اللزج تسدُّ المسام، وتلغى الأعماق.
ـ الله الله !!، لنفرض، مع أنى لم أفهم تماما، وأنت مالك؟
ـ أنا وجدت الطريق لتعديل ذلك.
ـ يا صلاة النبى !!.
ـ ماتت اللغة، وأريد أن أنقذ الأطفال، أريد أن ألحـَقَهم قبل أن يسرقوهم.
(المجنون، لا يكف عن الحلم، لم لا يعقل مثلنا، عنده كل ما يؤهله للانضمام إلى “الكيتش”، الجديد، الله يخرب بيتك يا جلال يابن غريب، طالع لأبيك والنعمة)
كتمت ذلك فى نفسها وهى تبتسم مؤتنسة، ولم تقل إلا:
ـ وما دخلى أنا؟
ـ دخْلُكِ أن تقولى لى، كالعادة، إننى مجنون.
ـ مجنون ابن مجنون، ثم ماذا؟
ـ ثم لا أهتم بما تقولين، وأسألك إذا كان أحد معارفك، أو معارفنا عنده أطفال يريد أن ينقذهم؟
ـ ينقذهم؟ بكَ أنت؟ سيادتك سوف تنقذ أطفال الناس؟ ألم تكفـِك خيبتـُك- خيبتنا ـ مع الكبار؟ ألم تـُفِقْ من كثرة الصك على قفاك؟ لم يتركنا ولا رئيس منهم إلا وقد ترك بصمات كفه على أقفيتنا، ماذا جرى لك يابن العبيطة، غريب؟ إعقل ربنا يهديك.
كادت يده تمتد، تتحسس قفاه، عبد الناصر، السادات، ويمتد الصك بالقصور الذاتى، هذاصحيح، هو لا يشعرالآن بآثار الصك على قفاه، لعله تعوَد، هو على يقين من أنه ما زال يُصك إلى الآن، ولكن ليس بالضرورة علانية على قفاه، لماذا لا يصدِّقه أحد، حتى منال لا تريد أن تشاركه، حتى لو كان مجنونا فهو جنون سرّى طريف، ليس منصوصا على تجريمه فى قانون العقوبات أو نقابة الأطباء، مازال يتصور أن عنده ما يفيد، أنه قادر على أن يبدأ من جديد، يبدأ من الأول، من الأطفال،
أكمَلَ حديثـَه وكأنها تعرف ما دار بذهنه:
-العبد لله مدرس أرخص، وأصبر، يضمن للعيال النجاح والتفوق فى اللغات والكمبيوتر، و.. والقرآن!!.
ـ طول عمرك طاقق، ما هذا الذى تقول؟
ـ اعتبريها مسألة أكل عيش، لم يعد لى عيش فى الصحافة، لاالصفراء، ولا الحمراء، ولا الخضراء، كلهم ضاقوا بى.
ـ تترك الصحافة؟ هل تستطيع؟
ـ قلت لك هى التى تركتنى، لم أعد أصلح لها.
ـ .. ثم ما هى حكاية القرآن؟ مالك أنت وما للقرآن؟ إفرض أن الطفل الذى ستدرس له ليس مسلما.
ـ هل أنا قلت الإسلام؟ القرآن لغة ونبض، وإيقاع، وعىٌ غامر، أنا هدفى تنظيم الدماغ، بالرجوع إلى الأصل، وإذا انتظم الدماغ بنبض اللغة الصحيحة، فلا تنعى هما.
ـ تنظيم ماذا يا عيونى؟
ـ الدماغ.
ـ نحن فشلنا فى تنظيم الأسرة، وأنت تحلم بتنظيم الدماغ، ”جتك نيلة”.
راح يشرح لها فكرته الأساسية كأنه لم يسمع اعتراضها أو سسبابها، راح يعدِّد لها ما طرأ على اللغة من فساد، وبالتالى على الدماغ من تشويش، وأن الحل هو التمسك بالأصول النقية وتنشيط اللغة الحية، اللغة الأصل، وأنه متى نجحنا فى ذلك، فإن الدماغ، يعنى المخ، سينتظم حديثا عريقا.
ـ حلوة “حديثا عريقا ” هذه.
ـ أخيرا فهمتـِنى.
ـ أنا أضحك عليك، لا توهم نفسك أنك مفهوم، أنت تصعّبها لتبدوا مفكرا، قال: “حديثا عريقا” قال !! ؟
ـ أنا بسيط جدا، وأنت تعرفين.
راحت بدورها، تحاول إقناعه أنه مادام يتقن ثلاث لغات، فإن “المنظمة” فى حاجة إلى مثله، حتى إذا كان هو لا يؤمن بمبادئها كما يدعى، حتى لو اختلف مع إدارتها، فما عليه إلا أن يعمل مترجما محترفا دون الانتماء لها، وسوف يكفيه الدخل، بدلا من هذا الهبَل الذى يحكيه.
ـ المسألة ليست مسألة دخل، أنا مستعد أن أترجم لكم بالقطعة، لكن فى نفس الوقت أريد أن أسهم فى إرساءِ قواعد البـِنية الأساسية لأدمغة البشر، ولا يوجد أنسب من أدمغة الأطفال.
ـ جلال غريب الأناضولى، يُعـِدُّ أطفال العالم لبناء المستقبل بدروس خصوصية فى اللغات والهبل، يا صلاة النبى. أنت هو أنت، أنت لا تتعلم أبدا، لاتريد أن تهمد.
ـ بل مصيبتى أننى أتعلم جدا، كل ما فى الأمر أننى لا أتخلى عن وجهتى، أنا- فقط – أغير الطريق إليها.
- الله يخرب بيتك، ألن تكف أبدا؟
ـ اكتشفتُ يا منال أنه لا حل إلا إذا زوّدنا أطفالنا، بلغة سليمة، إلى ما لا نعرف.
ـ يا خبر اسود، ماذا حل بك يا جلال؟ ميتافيزيقا جديدة، ستعطى دروسا للأطفال فى الميتافيزيقا؟ ..
ـ أنا أتكلم جدا.
ـ أعرفك، حتى وأنت تمزح تتكلم جدا، الله يخيبك.
ـ هل تعديننى.
ـ بماذا؟
ـ إذا وجدتِ طفلا صالحا لمشروعى، أن توصى أباه أن يجرِّبَنى، مساعدة أخوية.
ـ أساعدك أن تنفث أفكارك لأطفال معارفى وصديقاتى؟ أنت تتنفس أفكارك يا جلال، أنت تخلط الأوراق، والله لو كنت أُمَّا لأحد هؤلاء الأطفال وأخبرنى طفلى بما يصله منك لأبلغت عنك الأزهر، والمباحث، والبابا شنوده، وكوفى عنان، معا، اعقل يا جلال ربنا يهديك، لماذا لا يتوب الله عليك من وسواس السياسة؟
-هذه ليست سياسة.
- لا يا شيخ؟
- مازلتَ مثل زمان، تماما مثل زمان، لماذا لا تكون مثلنا، وخلاص.
ـ مثل من بالضبط؟
ـ مثلنا يا أخى.
……………..
ونستكمل غدا
[1] – يحيى الرخاوى: رواية “ملحمة الرحيل والعوْد” الجزء الثالث من ثلاثية: “المشى على الصراط” (الطبعة الأولى 2007 الهيئة العامة للكتاب للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى للأبحاث 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، وبموقع المؤلف www.rakhawy.net