الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / من حالات الإشراف على العلاج النفسى: الحالة: (92) “الأسرة المصرية البرجوازية، ونظرية المؤامرة”

من حالات الإشراف على العلاج النفسى: الحالة: (92) “الأسرة المصرية البرجوازية، ونظرية المؤامرة”

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 9-3-2019

السنة الثانية عشرة

العدد:  4207

من حالات الإشراف على العلاج النفسى

مقدمة:

للتذكرة: اليوم ننشر هذه الحالة من المقتطفات الإكلينيكية والعملية من الإشراف المنتظم، وهى الحالة (92) من هذه السلسلة عن الإشراف أى فى الكتاب الخامس (81 – 100)، ونأمل بذلك أن نكمل ما ينقص هذه الحالات من تعقيبات الأصدقاء القراء حتى تسهم فى مزيد من التوضيح والإفادة كما تبين لنا من قبل.

الحالة: (92)

الأسرة المصرية البرجوازية، ونظرية المؤامرة

أ.غادة: هى ست عندها 24 سنة

د.يحيي: مين اللى محولهالك

أ.غادة: حضرتك

د.يحيي: بقالك معاها قد ايه

أ.غادة: بقالها شهر ونص، هى عندها 24 سنة ومخلصة كلية الألسن وبتعمل دراسات عليا مخلّصة تمهيدى ماجستير وفاضلّها مادة يعنى، وما بتشتغلش لسه، هى جايه بتشتكى من حاجة كانت بتشتكى منها بقالها كتير يعنى بس هى قررت أخيرا تيجى لدكتور نفسانى، يعنى أنه بيجلها مخاوف عند الفجر عند الوقت بتاع وفاة والدها، بيجلها ضيق تنفس، والدها اتوفى من 12 سنة كان هى عندها 12 سنة، وهى لحد دلوقتى لسه، بتجليها نفس الحكاية، ولازم تفضل صاحية لحد الفجر لأنها بتخاف لو نامت قبل الفجر تصحى على الفجر، فيه يعنى حاجات كتير تانية برضه بتخاف منها، حاجات كتير قوى: السفر والحشرات والطيارة وكذا حاجة يعنى

د.يحيي: دى بتزيد عند ميعاد وفاة والدها ولا فى أى وقت؟

أ.غادة: لأ اللى بيجى عند ميعاد وفاة والدها إن يجيلها ضيق تنفس وتقعد تعيط أو تصوت

د.يحيي: ده غير المخاوف؟

أ.غادة: آه غير المخاوف

د.يحيي: هى حضرت وفاة والدها؟

أ.غادة: آه حضرت وفاة والدها

د.يحيي: شافت الجثة

أ.غادة: آه

د.يحيي: إزاى؟ كان عندها 12 سنة؟

أ.غادة: آه كان ليلة عيد تقريبا، وكانوا سهرانين وبعدين مش عارفة كان مين بيصلى، كده فجأه مامتهم قالتلهم دا باباكم مش بيتكلم أو مش بينطق، زى سكتة قلبية كده جاتله ساكتة قلبية فجأه يعنى واتوفى

د.يحيي: أخواتها كانوا فين ساعتها؟

أ.غادة: كانوا موجودين هى ومامتها وأختها، أختها عندها 31 سنة

د.يحيي: دلوقتى؟

أ.غادة: دلوقتى آه يعنى كان عندها 19 سنة ساعة الحكاية دى

د.يحيي: مش متجوزة؟

أ.غادة: لأ

د.يحيي: ليه

أ.غادة: همّا كلهم كده، يعنى الأم والبنتين

د.يحيي: الأم رخره مش متجوزة (ضحك!!)

أ.غادة: آه ما اتجوزتش تانى طبعا، هم التلاتة عايشين نظرية المؤامرة إن أى حد بيقرب منهم حيبقى أكيد عايز يضرهم، يعنى لو شغاله تخش البيت يبقى الشغالة دى عايزة تعمل فيهم حاجة وحشة، لو يعنى عامل جايب حاجة كده، تبقى مصيبة وغالبا حا يكون فيها شر

د.يحيي: ده قبل وفاة الوالد ولا بعد وفاة الوالد؟

أ.غادة: هو الوالد كان مقفل عليهم قوى ومتشدد قوى، مش مديهم براح كده فى الخروج والدخول، يعنى هو كان مسئول لوحده عن كل حاجة، كان هو بالنسبة لهم يعنى الأمان يعنى ….. هى الحاجة اللى عايز اسأل عليها هى البنت مخبية، بتكذب على أصحابها أن أبوها متوفى بقالها 12 سنة بتمثل القصه دى ليه؟ مش عارف!

د.يحيي: حتى على أصحابها الأنتيم؟

أ.غادة: آه حتى بتوع المدرسه وبتوع الجامعة والقريبين منها قوى

د.يحيي: مش بيجولها البيت؟

أ.غادة: بيجولها البيت وبتقعد تعمل أفلام كده

د.يحيي: لمدة 12 سنة؟!

أ.غادة: آه لمدة 12 سنة اصحابها القريبين

د.يحيي: تقدرى انت تعملى كده!؟

أ.غادة: أنا استصعبت القصة جدا

د.يحيي: أنا مش عارف بتعمل  ده إزاى! وانتى صدقتيها إزاى!!

أ.غادة: تقعد تألف تجيب هدايا لنفسها وتقول أنا بابا جابهالى

د.يحيي: حد فاقسها من أصحابها؟

أ.غادة: لأ خالص لحد دلوقتى لأ، الظاهر كده

د.يحيي: يبقى دول أصحاب دول؟

أ.غادة: ما هى دى بقى أنا دلوقتى يعنى مش عارفة أضغط عليها فى القصة دى ولاّ إيه! الحاجة الوحيدة اللى عرفت أعملها إن هى اخدت كورس جديد فى اللغة، فى الفترة الأخيرة فخليتها تتعرف على أصحابها فى الكورس الجديد

د.يحيي: أختها اللى عندها 31 سنه، بتشتغل؟

أ.غادة: بتشتغل معيدة فى كلية صيدلة خاصه بتاعت 6 أكتوبر

د.يحيي: معيدة!؟

أ.غادة: معيده آه خلصت وبتشتغل معيده

د.يحيي: هى حلوة، عيانتك قصدى

أ.غادة: مش قوى يعنى

د.يحيي: جذّابة

أ.غادة: لأ يعنى هى ممكن تكون حلوة أكتر منها جذابة

د.يحيي: شوفتى أمها؟

أ.غادة: لأ هى أمها بتتعالج عند حضرتك

د.يحيي: كمان؟! يبقى لازم ما خفـّـتش!! (ضحك)

أ.غادة: هيـَّـا جت لحضرتك بعد ما البنت جت، يعنى اللى حصل إن الأم جت والأخت جت برضه بعد ما البنت دى جت، بقوا التلاتة بييجوا العيادة دلوقتي، الأم بتيجى هنا للدكتورة نعمات، حضرتك حولتها للدكتورة نعمات والأخت بتجيلى أنا برضه

د.يحيي: طيب البنت وأختها بتاخدى منهم كام؟

أ.غادة: تانى؟ ما بلاش بقى؟ بلاش عشان لما بأقول كده ما بيجوش بعد كده، المرة اللى فاتت الراجل ما جاش تانى من ساعتها

د.يحيي: لو سمحتى بتاخدى كام؟

أ.غادة: 50 حضرتك محولهم لى على كده

د.يحيي:  يعنى بتاخدى من الاتنين كام؟ دخلهم منين؟

أ.غادة: 100  جنيه، هم عندهم ميراث كويس باباهم كان بيشتغل فى الكويت

د.يحيي: وبتاخدى 100 جنيه فى الأسبوع بس؟! المهم السؤال بقى لو سمحت؟

أ.غادة: دلوقتى أنا مش عارفه اعمل معاها إيه

أ.غادة: هى التانية جاتلى عن طريق أختها فعلا، وهيـّـا خايفه تدخل لحضرتك عشان حضرتك كنت زعقت لها فى أول مرة دخلتلك، بس حادخلها لحضرتك تانى برضه

د.يحيي: يعنى أنا حولتلك واحدة وأنتى لهفتى التانية مش كده؟ السؤال بقى؟

أ.غادة: السؤال دلوقتى أنا محتاسة.

د. يحيى: ده سؤال برضه؟

أ.غادة: فأنا دلوقتى يعنى مش عارفة أضغط فى القصة بتاعت إنها تبتدى تقول لصحابها الحقيقة، مع إن الأم نفسها مشتركة فى المسرحية دى

د.يحيي: السؤال بقى؟!

أ.غادة: ما هو السؤال ده أنا عايزاها تقول لأصحابها، أقول ولاّ ما أقولشى؟

د.يحيي: طب واختها وأمها؟

أ.غادة: ما هم التلاتة كده عندهم نفس المصيبة دى

د.يحيي: طيب ما تخليكى فى العيانة بتاعتك إنتى الأول

أ.غادة: أنا عايزاها هى تبتدى تقول لأصحابها الحقيقة ومترددة جدا، أقولها كده؟

د.يحيي: مين فيهم اخترع فكرة التخبية دى أكتر

أ.غادة: هى فكرة مشتركة، لكن الأخت أقل من البنت دى، وأمها موافقة شوية بس مش متحمسة

د.يحيي: بأمارة إيه؟

أ.غادة: الأخت بالنسبة لها أهم حاجة دلوقتى بأنها عايزة تتجوز وحاجات كده يعنى بعيدة عن القصه دى شوية

د.يحيي: إمال مشتركة فى إيه؟

أ.غادة: مشتركة فى المخاوف والقلق من الناس كلهم، بس مركزة مش فى الفكرة، لكن على مصلحتها

د.يحيي: طيب الأخت موافقه أن أختها تعمل كده؟

أ.غادة: آه يعنى، بس مش موافقة علنى قوى، أهى ساكتة

د.يحيي: مطنشة؟

أ.غادة: آه بس هو ده سؤالى يعنى، اشتغل إزاى؟

د.يحيي: ما أنتى بتشتغلى أهه!

أ.غادة: أنا باشتغل ومش واثقة، مش عارفه أضغط عليها ولا لأ

د.يحيي: أنا شايف إن فيه إمراضية مشتركة فى العيلة دى، صحيح هى ما وصلتش للى بيسموه جنون العائلة Folie á famille ده تعبير بالفرنساوى، بيوصف مرض العائلة كده يسموه بالانجليزية جنون مشترك Shared Insanity  وده اسم تاريخى لأن الحكاية ما وصلتش للى بنسميه جنون يعنى ذهان Psychosis ، دى عيلة من الطبقة المتوسطة الخايفة الطموحة المستورة يا دوب، ساعات يسموها برجوازية، وكل اللى حاصل ده ممكن يبقى من علامات عدم الأمان، بدأ من حادثة مهمة جدا، لكن كان فيه تهيؤ لها بنوع معين من التربية فى خلفية ثقافية مناسبة، أظن فى مصر فى الطبقة المتوسطة من النوع ده اللى بيكون عندهم شوية فلوس وميراث وبتاع،  بيبقوا بيتلفّتـُوا طول الوقت أن حد حياخدها منهم

أ.غادة: هوه ده حصل فعلا، فيه حاجات من ناحية أهل باباها، وهى الأم بنت عمة الاب اصلا فأخذوا فعلا منهم حاجات فى الميراث وكده

د.يحيي: لما تكون الأم فى الأول عاشت فكرة الخوف المشترك ده وعدم الأمان وكانت محمية بالأب، وجه الأب القاسى الجامد مات فجأة كده زى ما يكون خـِـلـِـى بيهم، يروح سايب فراغ فظيع تتزرع فيه كل المخاوف والتفكير التآمرى والشكوك دى

أ.غادة: الأب ما كانش قاسى بس كان شديد

د.يحيي: هما قرايب؟ الأب والأم قرايب؟

أ.غادة: أيوه، الأم بنت عمة الاب

د.يحيي: طيب ادى كمان زاد عامل هو التاريخ الوراثى، لأن ممكن عائلات بحالها من الطبقة المتوسطة خصوصا يكون عندهم سمات التلفت والحذر ده، ممكن يفضلوا كده طول العمر من غير ما ولا واحد يروح للدكتور، ولا يشتكى من أى حاجة اسمها نفسية، العائلات دى بتصدق بعضها: لما حدّ يبدع قصة ما حصلتشى، ممكن شويه شويه تبقى جزء من الواقع بدرجة ما، دا حتى لو كان ابوها فضل عايش وهو نفس هذا الأب المحافظ كان ممكن يشارك فى أى حدوته مشابهة، انتى مش واخده بالك أن أبوها كان يكاد لا يمثل لها شئ أبوى قوى، هذا الأب ما كانش اب بمعنى الرعايه والملاذ، يعنى كان اب بمعنى الضبط والربط، وأيضا ربما بمعنى الترهيب والترغيب، وخلـّـى بالك الرعايه والملاذ غير الترهيب والترغيب، فيجوز هى مفتقده الأب الداعم حتى من قبل ما يموت، فلما مات تفاقم افتقادها للأب الحقيقى، فراحت مألفة لها الأب اللى هيه عاوزاه، وإن ده مش اللى مات، يعنى لما مات الأب الحقيقى طَلـَّعت الاب اللى كانت تتماناه، يبقى الاب اللى كانت تتماناه مامتش أصلا، عموما دور الأب عند البنت فى الأسر دى مش مدروس كفاية، وأعتقد إنه بيحضر فى وعى الطفلة البنت متأخر شوية عن الصبى، إلا إن له دور قوى يزيد باستمرار، فهو كما أشرنا ملاذ وراعى وحارس، يعنى حامى حمى المؤسسة المنغلقة المرعوبة دى من الطبقة الوسطى، يبقى تفكير المؤامرة زى ما بتقولى، بادىء من خيال ثقافى عام، مصنوع من بدرى، جه حادث التخلّـى بالموت صعبّ المسألة أكتر وأكتر

أ. غادة: يعنى أعمل إيه؟

د. يحيى: واصلى بكل الطيبة والاهتمام والصبر لأنهم كلهم محتاجين دورك، وأعتقد إن الوقت فى صالحهم، سواء بالنسيان التدريجى أو النجاحات المحتملة، وترجعى لنا كل ما تعوزى تانى

أ. غادة: ربنا يقدرنى ويسهل

د. يحيى: حايحصل، بس ما تستعجليش

 

النشرة السابقة 1النشرة التالية 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *