الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / ملف الوجدان واضطرابات العواطف (22) محاولات باكرة ومراجعات ضرورية لتعريف “الانفعال”

ملف الوجدان واضطرابات العواطف (22) محاولات باكرة ومراجعات ضرورية لتعريف “الانفعال”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 15-9-2014

السنة الثامنة

العدد: 2572

 الأساس فى الطب النفسى

الافتراضات الأساسية

الفصل الخامس:    

ملف الوجدان واضطرابات العواطف (22)

محاولات باكرة ومراجعات ضرورية

لتعريف “الانفعال”

ما دمتُ قد استطردتُ أمس إلى عرض بعض اجتهاداتى الباكرة، ولو فى صورة تخطيط دون شرح، فقد وجدتُ أن من المناسب أن أعرض لتعريف اقترحتـُه  منذ أربعين عاما (1974) بعد أن عرضت ما أورده بلوتشيك (1)من تعريفات فى كتابه، وقد بلغت 28 تعريفا مرتبة ترتيبا تاريخيا منذ “وليام جيمس”، وحتى بلوتشيك شخصيا مرورا بفرويد وواتسون وغيرهما، وقد سبق أن أوردتها جميعا مع مناقشة كل تعريف بما عرض لى سنة 1974، وقد ناقشتها جميعا فى حدود أفكارى وخبرتى آنذاك، ثم كان ما كان، مما يحتاج إلى مزيد من النقد والتحديث، (بما سوف أثبته بحروف مائلة للتمييز) بما يشمل التعريف الذى وضعته لماهية الانفعالات، وهو آخر تعريف (رقم 29)

تعداد تعريفات الانفعال للنقد والتحديث

سوف‏ ‏أبدأ الآن  ‏هنا‏ ‏بالتعريفات‏ ‏التى ‏أوردها‏ ‏روبرت‏ ‏بلوتشيك‏ ‏فى ‏كتابه‏ ‏الشامل‏ ‏عن‏ ‏الموضوع‏، ‏فقد‏ ‏أوردها‏ ‏فى ‏تسلسل‏ ‏تاريخى ‏مناسب‏، من اول وليام جيمس حتى نفسه (بلوتشيك)، ‏كما‏ ‏حوى ‏فيها‏ ‏أغلب‏ ‏الشائع‏ ‏من‏ ‏تعريفات‏ ‏فى ‏مجال‏ ‏علم‏ ‏النفس‏ ‏والتحليل‏ ‏النفسي‏(‏دون‏ ‏الفلسفة‏) (2)– ‏وان‏ ‏كان‏ ‏قد‏ ‏خيل‏ ‏الى ‏أن‏ ‏بعض‏ ‏انتقائه‏ ‏كان‏ ‏محكوما‏ ‏بفكرته‏ ‏التطورية‏ ‏التى ‏كان‏ ‏يمهد‏ ‏لتقديمها‏ ‏من‏ ‏عمله‏ ‏هذا‏، ‏ولكن‏ ‏هذا‏ ‏لا‏ ‏ينقص‏ ‏من‏ ‏قبولى ‏الاكتفاء‏ ‏بتعريفاته‏ ‏حيث‏ ‏أحسب‏ ‏أنها‏ ‏ستوصل‏ ‏للقارئ‏ ‏ما‏ ‏أريد‏ ‏أولا‏: ‏من‏ ‏طبيعة‏ ‏المتاهة‏ ‏التى ‏نتخبط‏ ‏فيها‏ ‏فى ‏حين‏ ‏يحسب‏ ‏الناس‏ ‏أنه‏ ‏قد‏ ‏استقر‏ ‏بنا‏ ‏الرأى ‏حول‏ ‏تحديد‏ ‏ماهية‏ ‏ما‏ ‏نبحث‏ ‏فيه‏ ‏وثانيا‏: ‏من‏ ‏تنوع‏ ‏الاجتهادات‏ ‏الجادة‏ ‏المرهقة‏ ‏فى ‏سبيل‏ ‏الوصول‏ ‏الى ‏توضيح‏ ‏هذه‏ ‏المشكلة‏ ‏المتحدية‏ ‏وسوف‏ ‏أضيف‏ ‏تعليقا‏ ‏موجزا‏ ‏بعد‏ ‏كل‏ ‏تعريف‏، ‏يمهد‏ ‏بدوره‏ ‏للخطوة‏ ‏التالية‏ ‏من‏ ‏الدراسة‏، ‏وقد‏ ‏فضلت‏ ‏هذا‏ ‏الاقتطاف‏ ‏لأنه‏ ‏شامل‏ ‏وجيد‏ ‏من‏ ‏جهة‏، ‏ولأنه‏ ‏أعفانى ‏من‏ ‏اقتطاف‏ ‏جديد‏ ‏أقوم‏ ‏به‏ ‏شخصيا‏ ‏قد‏ ‏يحمل‏-‏بدوره‏- ‏تحيزا‏ ‏للفرض‏ ‏الذى ‏أمهد‏ ‏لتقديمه‏، ‏فاذا‏ ‏كان‏ ‏من اقتطف غيرى‏ ‏ ‏فان‏ ‏ذلك‏ ‏يجعلنى ‏أقدر‏ ‏على ‏المناقشة‏ ‏والاقتراح‏ ‏الجديد‏ ‏دون‏ ‏حرج‏ ‏أو‏ ‏شك‏ ‏فى ‏تحيزى ‏الخاص‏.‏

‏(1) وليام‏ ‏جيمس‏ 1884‏  (3)

“‏إن‏ ‏نظريتى‏…. ‏هى ‏أن‏ ‏التغيرات‏ ‏الجسدية‏ ‏تحدث‏ ‏بعد‏ ‏إدراك‏ ‏المثير (4) ‏مباشرة‏، ‏وأن‏ ‏إحساسنا‏ ‏بهذه‏ ‏التغيرات‏ ‏هو‏ ‏الانفع”

 نلاحظ‏ ‏هنا‏ ‏أسبقية‏ ‏التغيرات‏ ‏الجسدية‏، ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏نوجزه‏ ‏فى ‏القول‏: ‏إذن‏ ‏اننا‏ ‏نخاف‏ ‏اذ‏ ‏ندرك‏ ‏أننا‏ ‏نرتعش‏، ‏كما‏ ‏تلاحظ‏ ‏أنه‏ ‏اعتبر‏ ‏الانفعال‏ ‏هو‏ ‏الاحساس‏ ‏بهذه‏ ‏التغيرات‏ ‏وليس‏ ‏التغيرات‏ ‏ذاتها‏.‏

‏(2) ‏ سيجموند‏ ‏فرويد‏ 1915‏  (5)

الأفكار‏ ‏هى ‏شحن‏-‏لآثار‏ ‏الذاكرة‏ ‏فى ‏نهاية‏ ‏الآمر‏- ‏بينما‏ ‏يقابل‏ ‏العاطفة‏ ‏والانفعال‏ ‏عمليات‏ ‏التفريغ‏ ‏التى ‏يكون‏ ‏التعبير‏ ‏النهائى ‏عنها‏ ‏هو‏ ‏ما‏ ‏ندركه‏ ‏با‏ ‏عتباره‏ ‏مشاعرا‏.‏

نلاحظ‏ ‏هنا‏ ‏إستعمال‏ ‏اللغة‏ ‏الديناميكية‏ (‏شحن‏- ‏تفريغ‏) ‏واعتبار‏ ‏الفكر‏ ‏شحنا‏ (‏لآثار‏ ‏الذاكرة‏) ‏كأنه‏ ‏انفعال‏ ‏على ‏مستوى ‏آخر‏: ‏أعلى ‏وأعقد‏-، ‏وكذلك‏ ‏نلاحظ‏ ‏أن‏ ‏ثمة‏ ‏تناقضا ‏(‏أو‏ ‏تقابلا‏) ‏بين‏ ‏شحن‏ ‏الأفكار‏، ‏وعمليات‏ ‏التفريغ‏ (‏الانفعالى)، ‏كما‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏الرأى ‏يكاد‏ ‏يتفق‏ جزئيا ‏مع‏ ‏رأى ‏جيمس‏ ‏السابق‏ ‏فى ‏أن‏ ‏المشاعر‏ (‏الإنفعال‏) ‏هى ‏إدراك‏ ‏لاحق‏، ‏ولكن‏ ‏فى ‏التعريف‏ ‏الأول‏ ‏كان‏ ‏ادراكا‏ ‏للحالة‏ ‏الجسدية‏ ‏أساسا‏، ‏أما‏ ‏هنا‏ ‏فقد‏ ‏جعلها‏ ‏فى ‏خطوتين‏: ‏خطوة‏ ‏تفريغية‏ ‏تعبيرية ‏ لما شحنت به آثار الذاكرة من أفكار، ‏ثم‏ ‏ادراك‏ ‏هذه‏ ‏الخطوة  (6)

‏(3) ‏ وليام‏ ‏ماكدوجال‏ 1921  (7)

إن‏ ‏الاثارة‏ ‏الانفعالية‏ ‏من‏ ‏نوع‏ ‏متميز‏ ‏خاص‏، ‏أى ‏الجانب‏ ‏العاطفى ‏لعملية‏ ‏نشاط‏ ‏أى ‏من‏ ‏الغرائز‏ ‏الأساسية‏، ‏هى ‏ما‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يقال‏ ‏لها‏ ‏الانفعال‏ ‏الأولى.  ‏

نلاحظ‏ ‏هنا‏ ‏إرتباط‏ ‏الغرائز‏ ‏بالانفعال‏ ‏رغم‏ ‏غموض‏ ‏المراد‏ ‏من‏ ‏تعبير‏ ‏الجانب‏ ‏العاطفى affective aspect، ‏إذ‏ ‏هل‏ ‏يعنى ‏ذلك‏ ‏إدراك‏ ‏نشاط‏ ‏غريزة‏ ‏ما؟‏ ‏أم‏ ‏التفاعل‏ ‏العام‏ ‏لنشاط‏ ‏هذه‏ ‏الغريزة‏ ‏بما‏ ‏لا‏ ‏يستثنى ‏الادراك‏ ‏الواعى ‏مارا‏ ‏بالتهيج‏ ‏الحشوى؟‏ (الوعى ولو الدراية الجزئية لحركية هذا النشاط)، ‏وعلى ‏أية ‏حال‏، ‏فاننا‏ ‏ينبغى ‏أن‏ ‏نتذكر‏ ‏أنه‏ ‏مع‏ ‏إنكار‏ ‏نظرية‏ ‏الغرائز‏ (وهو الاتجاه الغالب) ‏كادت‏ ‏الانفعالات‏ ‏الدافعية‏ ‏المختلفة‏ ‏تحل‏ ‏محلها‏، ‏وكأن‏ ‏ماكدوجال‏ ‏حين‏ ‏ربط‏ ‏بين‏ ‏الغريزة‏ ‏والانفعال‏ ‏الأولى ‏كان‏ ‏يؤكد‏ ‏على ‏أنهما‏ ‏جانبين‏ ‏لنشاط‏ ‏واحد‏، ‏مما‏ ‏يفسر‏ ‏هذا‏ ‏الإحلال‏ ،الذى ‏لا‏ ‏أوافق‏ ‏عليه‏ ‏على ‏أى ‏حال‏، ‏كما‏ ‏أنى ‏ضد‏ ‏إنكار‏ ‏الغرائز‏ ‏أصلا‏.‏ (ثم إنه تحدث عن الانفعال الأولى، ولم يشر إلى أى درجة أو درجات أخرى مما يمكن أن انفعالا ثانويا وتصعيديا إلى أى مستوى هو أيضا عواطف مهما اختلف عن الانفعال الأولى)

‏ (4) جون‏ ‏ب‏ ‏ واتسون‏ 1924  (8)

‏إن‏ ‏انفعالا‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏نمط‏ ‏استجابة‏ ‏موروثة‏ ‏بما‏ ‏يشمل‏ ‏تغيرات‏ ‏جذرية‏ ‏لميكانزم‏ ‏الجسد‏ ‏ككل‏، ‏وبالذات‏ ‏للأجهزة‏ ‏الحشوية‏ ‏والغددية‏.‏

وهنا‏ ‏يؤكد‏ ‏التعريف‏ ‏على ‏عدة‏ ‏أمور‏

(1) ‏أن‏ ‏الانفعال‏ ‏استجابة‏

(2) ‏وأنه‏ ‏نمط‏ ‏موروث‏

(3) ‏وأنه‏ ‏عملية‏ ‏كلية‏ ‏بما‏ ‏يتعلق‏ ‏بالتغيرات‏ ‏الجسدية‏-(‏الحشوية‏ ‏الغددية‏) ‏أساسا‏-

‏نحن‏ ‏نلاحظ‏ ‏ما‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏المنطلق‏ ‏من‏ ‏ترجيح‏ ‏لما‏ ‏هو‏ ‏ميكانيكى ‏آلى ‏جاهز‏، ‏حيث‏ ‏نفتقد‏ ‏تماما‏ ‏أية ‏إشارة‏ ‏لإدراك‏ ‏هذه‏ ‏التغيرات‏ ‏أو‏ ‏الوعى ‏بآثارها‏، ‏وهذا‏ ‏يتفق‏ ‏مع‏ ‏تعمد‏ ‏واتسون‏ ‏الإغفال‏ ‏المتعمد‏ ‏للجانب‏ ‏الشعورى ‏والخبراتى ‏أصلا‏ فى كل تنظيره السلوكى الظاهرى القح).

‏(5) هارفى ‏أ‏.‏  كار‏ 1929  (9)

إن‏ ‏انفعالا‏ ‏ما‏ – ‏على ‏ذلك‏ – ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يعرف‏ ‏مبدئيا‏ ‏بأنه‏ ‏إعادة‏ ‏ترتيب‏ ‏جسدى ‏يثار‏ ‏غريزيا‏ ‏فى ‏موقف‏ ‏مثير‏، ‏فيدفع‏ ‏بدوره‏ ‏الى ‏استجابة‏ ‏توافقية‏ ‏ذات‏ ‏فاعلية‏ ‏تجاه‏ ‏هذا‏ ‏الموقف‏.‏‏

وهذا‏ ‏موقف‏ ‏آخر‏ ‏يؤكد‏ ‏على ‏طبيعة‏ ‏الانفعال‏ ‏الغريزية‏ ‏من‏ ‏جهة‏، ‏وعلى ‏أنه‏ ‏استجابة‏ ‏تكيفية‏ ‏فاعلة‏ ‏تجاه‏ ‏موقف‏ ‏مثير‏ (‏غالبا‏ ‏فى ‏الخارج‏)، ‏مع‏ ‏ترجيح‏ ‏التغيرات‏ ‏الجسدية‏ ‏كأساس‏ ‏فى ‏التفاعل‏. ‏(وهذا يقربنا من تركيز وليام جيمس – التعريف الاول- على التغيرات الجسدية، دون ذكر آثار ذلك فى الوعى به، والاكتفاء بأنها استجابة توافقيى مفيدة)

‏(6) والتر ب، كانون 1928  (10)

‏بدلا‏ ‏من‏ ‏النظرية‏ ‏القائلة‏ ‏بأن‏ ‏الخبرة‏ ‏الانفعالية‏ ‏انما‏ ‏تثار‏ ‏من‏ ‏تغيرات‏ ‏فى ‏الأعضاء‏ ‏ذات‏ ‏الفاعلية‏، ‏إستبدلتُ‏ ‏بذلك‏ ‏فكرة‏ ‏أن‏ ‏الانفعالات‏ ‏إنما‏ ‏تصدر‏ ‏نتيجة‏ ‏تأثيرات‏ ‏شديدة‏ ‏غير‏ ‏عادية‏ ‏صادرة‏ ‏من‏ ‏منطقة‏ المهاد‏ ‏مما‏ ‏يؤثر‏ ‏على ‏مختلف‏ ‏الأنظمة‏ ‏والأجهزة‏ ‏للعصبونات‏ (‏الخلايا‏ ‏العصبية‏) ‏فى ‏القشرة

وهكذا‏ ‏حاول‏ ‏كانون‏ ‏هنا‏ ‏أن‏ ‏يبدأ‏ ‏دائرة‏ ‏الانفعال‏ ‏من‏ ‏جزء‏ ‏فى ‏المخ‏ ‏وهو‏ ‏المهاد‏ Thalamus، ‏وهو‏ ‏الجزء‏ ‏المختص‏ ‏باستقبال‏ (‏وإدراك‏) ‏الإحساسات‏ ‏الفجة‏ ‏دون‏ ‏تمييز‏ ‏دقيق‏، ‏وكأنه‏ ‏يعلن‏ – ‏ضمنا‏ – ‏بدائية‏ ‏طبيعة‏ ‏الانفعال‏، ‏وفى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏يستبعد‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏التغيرات‏ ‏الحشوية‏ ‏الطرفية‏ (‏النابعة‏ ‏جزئيا‏ ‏من‏ ‏استجابة‏ ‏ميكانيكية‏ ‏فى ‏الجهاز‏ ‏العصبى ‏الذاتى ‏بما‏ ‏فى ‏ذلك‏ ‏المهيد ‏hypothalamus ) ‏هى ‏أصل‏ ‏ادراك‏ ‏خبرة‏ ‏الانفعال‏ ‏أساسا‏ ‏أو‏ ‏كلية‏، ‏وهو بذلك يرى ‏أن‏ إدراك‏ ‏هذه‏ ‏الخبرة‏ ‏هى ‏النتيجة‏ ‏المباشرة‏ ‏لاستجابة‏ ‏الجزء‏ ‏الأحدث‏ ‏من‏ ‏المخ‏ (‏القشرة‏) ‏لما‏ ‏يحدث‏ ‏من‏ ‏تغير‏ ‏شديد‏ ‏فى ‏جزء‏ ‏أقدم‏ (‏المهاد‏) ‏ولعل‏ ‏التغيرات‏ ‏الطرفية‏ ‏الحشوية‏ ‏انما‏ ‏تمثل‏ ‏الجانب‏ ‏التفاعلى ‏الجسدى ‏النابع‏ ‏من‏ ‏نفس‏ ‏المنطقة‏، ‏والمنتشر‏ ‏بدوره‏ ‏الى ‏أجهزة‏ ‏الجسم‏ ‏استعداد‏ ‏لاستعادة‏ ‏التوازن‏، وهذا‏ ‏تفكير‏ ‏أكثر‏ ‏تقدما‏، ‏وان‏ ‏كان‏ ‏تحديد‏ ‏المنطقة‏ ‏بهذه‏ ‏الصورة‏ ‏يحمل‏ ‏مخاطر‏ ‏الاختزال والموْضعة (11) ‏ (مما يجدر التحفظ عليه ونحن نتكلم عن وظيفة بهذه الشمولية)

‏(7) والتر‏ ‏ب‏. ‏كانون‏ 1929 (12)

 ‏أن‏ ‏الصفة‏ ‏المميزة‏ ‏لما‏ ‏هو‏ ‏انفعال‏ ‏انما‏ ‏تضاف‏ إلى ‏الاحساس‏ ‏البسيط‏ ‏حين‏ ‏تثار‏ ‏العمليات‏ ‏المِهادية‏. ‏وها‏ ‏هو‏ كانون ‏يؤكد‏ ‏مرة‏ ‏ثانية‏ ‏دور‏ ‏نشاط‏ ‏المِهاد‏ ‏فى ‏الإضافة‏ ‏إلى ‏الإحساس‏: ‏ليصبح‏ ‏انفعالا‏ ‏مصاحبا‏، ‏اذن‏ ‏فهو‏ ‏ليس‏ ‏إدراكا‏ ‏لتغيرات‏ ‏حشوية‏ ‏أو‏ ‏حركية‏ ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏هو‏ إحساس‏ ‏يضاف‏ ‏إليه‏ ‏ما‏ ‏يميزه‏ ‏ليصبح‏ ‏انفعالا‏.‏

‏(8) بيرس‏ ‏ف‏. ‏سكـِنـَر‏ 1938‏  (13)

 إن‏ ‏الانفعال‏ ‏ليس‏ ‏أساسا‏ ‏نوعا‏ ‏من‏ ‏الاستجابة‏ ‏أصلا‏ ‏ولكنه‏ ‏حالة‏ ‏من‏ ‏القوة‏ ‏يمكن‏ ‏مقارنتها‏ ‏فى ‏كثير‏ ‏من‏ ‏جوانبها‏ ‏بما‏ ‏هو‏ ‏دافع‏.‏

يبدأ‏ ‏ سكـِنـَر ‏ ‏هنا‏ ‏فى ‏الإقلال‏ ‏من‏ ‏أهمية‏ ‏المثير‏ ‏كعامل‏ ‏جوهرى ‏فى ‏إطلاق‏ ‏وتحديد‏ ‏نوع‏ ‏الانفعال‏، ‏ويقترب‏ ‏من‏ ‏احتمال‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏الانفعال‏ ‏منطلـِقا‏ ‏من‏ ‏داخل‏، ‏وحافزا‏ ‏الى ‏فعل‏، ‏بطريقة‏ ‏طبيعية‏ ‏لا‏ ‏يـُستبعد‏ ‏منها‏ ‏الاثارة‏ ‏بطبيعة‏ ‏الحال‏.‏

‏(9) بول ت. يورج 1943  (14)

“‏ان‏ ‏الانفعال‏ ‏هو‏ اضطراب‏ ‏حاد‏ ‏للفرد‏ ‏ككل‏، ‏وهو‏ ‏ذو‏ ‏أصل‏ ‏نفسى ‏بما‏ ‏يشمل‏ ‏السلوك‏ ‏والخبرة‏ ‏الشعورية‏ ‏والنشاط‏ ‏الحشوى‏”‏

وهكذا‏ ‏نعود‏ ‏مرة‏ ‏أخرى ‏الى ‏تأكيد‏ ‏الكلية‏، ‏واعتبار‏ ‏الانفعال‏- ‏ولو‏ ‏فى ‏البداية‏ – ‏اضطرابا‏ (‏ضد‏ ‏الاتساق‏ ‏السابق‏ ‏له‏) ‏وشموله‏ ‏لسائر‏ ‏مجالات‏ ‏النشاطات‏، ‏ولكن‏ ‏دون‏ ‏تحديد‏ٍ ‏لمصدره‏ ‏أو‏ ‏طبيعته‏.‏

وبعد

أكتفى بهذا القدر اليوم، فهو ثـُلث التعريفات – تقريبا-  التى أوردها بلوتشيك، أملا فى أن نهضمها، ونساهم فى نقدها، علما بأنه ليس المطلوب هو التوقف عند كل تعريف على حدة، وإنما المقصود هو أن نرى مدى صعوبة الإلمام بالموضوع الذى نتناوله، وأيضا تنوع الاقتراب منه، كما آمل المشاركة فى نقد النقد برغم التنوع.

وفى النهاية أرجوا أن تكونوا قد لاحظتم معى غياب ربطه بما هو “وعى” بشكل متواتر يكاد يكون القاعدة، مع ترجيح ارتباطه بما هو جسد (علما بأننى أعامل الجسد مؤخرا باعتباره وعيا متعينا) (15)، وهذا ما سوف نعود إليه عاجلا بعد عرض كل التعريفات تاريخيا، والتى نأمل ألا تمتد أكثر من نشرتىْ الأسبوع القادم.

 

 [1] -Blutchick R. (1980) Emotion: A psychoevolutionary synthesis Harper & Row Publishers. N.Y. Hugers town philadel phia. San Francisco London (P. 81 – 83).

[2] –  كذلك نصت “ماجد أرنولد” (المرجع السابق) على استبعاد الآراء الفلسفية، ولا أحسب أنهما محققان فى ذلك، حتى بعد انفصال العلوم النفسية عن الفلسفة، فرأى الفيلسوف (بل والأديب والشاعر) لا يصدر من تأملات ذاتية بالمعنى الشخصى، وإنما هو يستوعب ويكتشف ثم يصيغ، وفى مجالنا هذا، قد تكون رؤيته مكملة لكل محاولاتنا، بل مفسرة لعجزنا.

[3] -My theory… is that the bodily changes follow directly the perception of the exciting fact and that our feeling of the same changes as they occur is the emotion’‏

‏  WILIAM JAMES 1884 ‏

[4] –  فضلت ترجمة كلمتى Exciting fact إلى المثير بدلا من الحقيقة المثيرة

[5] -Ideas are cathexes- ultimately of memory traces-while affects and emotions correspond with processes of discharge، the final expression of which is perceived as feelings’‏

‏SIGMUND FREUD. 1915

[6] – يلاحظ‏ ‏القارئ‏ ‏أننى ‏ترجمت‏ ‏هنا‏ ‏كلمة‏ affects ‏الى ‏عواطف‏، ‏وسوف‏ ‏أكرر‏ ‏ذلك‏ ‏فى ‏أغلب‏ ‏المواضع‏، ‏حيث‏ ‏أن‏ ‏كلمة‏ sentiment ‏لم‏ ‏تستعمل‏ ‏أصلا‏ ‏خلال‏ ‏الثمانى ‏وعشرين‏ ‏تعريفا‏، ‏ولا‏‏بد‏ ‏من‏ ‏قبول‏ ‏هذا‏ ‏الخلط‏ ‏المبدئى ‏حيث‏ ‏أن‏ ‏هدفنا‏ ‏هو‏ ‏الخروج‏ ‏منه‏، ‏وقد‏ ‏أوردت‏ ‏النص‏ ‏الانجليزى ‏للرجوع‏ ‏اليه‏ ‏كلما‏ ‏لزم‏ ‏ذلك‏.‏

[7] -The emotional excitation of specific quality that is the affective aspect of the operation any one of the principal instincts may be called a primary emotion. ‏

‏WILLIAM MCDOUGAL. 1921

[8]- An emotion is an hereditary pattern-reaction involing profound changes of the bodily mechanism as a whole، but particularly of the visceral and glandular systems’‏

‏JOHN B. WATSON 1924

[9] – An emotion may thus be provisionally defined as a somatic readjustment which is instinctively aroused by a stimulating situation and which in turn promotes a more effective adaptive response to that situation’

HARVEY A. CARR. 1929

[10]- For the theory that emotional experiences arise from changes in effector organs is subtituted the idea that they are produced by unusual and powerful influences emerging from the region of the thalamus and offecting verious systems of cortical neurones’‏

‏WALTER B. CANNON. 1928

[11]- Reductionism and Fragmentation

[12]- The peculiar quality of the emotion is added to simple sensation when the thalamic processes are roused’‏

‏WALTER B. CANNON. 1929

[13]- Emotion is not primarily a kind of response at all but rather a state of strength comparable in many respects with a drive’‏

‏BURRHUS F. SKINNER. 1938

[14]- Emotion is an acute disturbance of the individual as a whole، psychological in origin, involving behaviour، conscious experience، and visceral functioning’‏

‏PAUL T.YOURG 1943‏

[15] – Concretized consciousness

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *