الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / ملف الحب والكره والعواطف: إجابات لأسئلة ليس لها إجابات (2-2)

ملف الحب والكره والعواطف: إجابات لأسئلة ليس لها إجابات (2-2)

“يومياً” الإنسان والتطور

 9- 7 – 2008

العدد: 313

ملف الحب والكره والعواطف

إجابات لأسئلة ليس لها إجابات (2-2)

مقدمة:

تناولنا أمس محاولة الإجابة على الأسئلة المطروحة، فإذا بنا أمام فروض محتملة، قابلة لتفريخ فروض أكثر فأكثر، وتوقفنا بعد السؤال العاشر لكثافة التركيز، أملا فى التقاط الأنفاس.

وفيما يلى استمرار المحاولة بالنسبة للأسئلة المتبقية

(ملحوظة: اكتشفت أن بعضها معاد بشكل ما، أو على الأقل هومتداخل، فلم أرفض ذلك)

11- ما علاقة العواطف بالإبداع؟

الإبداع هو جماع ولافى نشط  لمستويات معرفية معا (وهى هى مستويات الوعى على مسار هيراركية الجدل المتصاعد)

هذا الإبداع يتجلى نتاجه فيصنف حسب الأداة القادرة على استيعاب هذه الحركية المشتملة، وأيضا هو يظهر معلنا بأبجدية هذه الأداة، (شعرا، أو نظرية رياضية، أو تشكيلا، أو نموا ذاتيا، أو إيمانا خلاقّا …إلخ)

ومن ثم فإن العواطف باعتبارها برنامجا معرفيا، هى مشاركة فى هذه العملية الجمعية،

فهى ليست مجرد وقود أو دافع  للإبداع،

ولا هى – فى نفس الوقت – وحدها قادرة على الإبداع.

12- ما معنى تعبير ”اضطراب العواطف“ أو حتى ”الاضطرابات الوجدانية“؟ هل يمكن تعريف الإضطراب دون التعرف على السواء؟

لا، لا يمكن

لكن الاضطرار المرحلى يجعلنا نرضى بكل التسميات المستعملة، دون أن نتوقف عندها،

 وعموما، فتعريف السواء هو أصعب من تعريف الاضطراب.

13- ما هو مدى الاتفاق على رصد (تشخيص) عاطفة ما بأنها مضطربة؟

الأرجح عندى هو أن نقصر لفظ الاضطراب على تلك العاطفة التى تعجز عن أداء وظيفتها البقائية، وعلى مستوى أكثر تواضعا، عن وظيفتها التكيفية، مرحليا،(أنظر أيضا إجابة سؤال 9)

 وبما أننا لم نستطع أن نحدد بدقة كافية المقاييس والمحكات التى نقيس بها أداء أى برنامج لوظيفته البقائية (الأمر الذى قد لا نكتشفه إلا بعد انقراض كائن ما) فإنه لا يوجد حل لهذا الإشكال إلا حلا نسبيا،

علينا أن نكتفى بالجارى حاليا لتحديد الاضطراب بالنظر فى وظيفة العواطف التكيفية، فإذا ما عجزت عاطفة ما عن أداء هذه الوظيفة، أو إذا ما قامت بنشاطها لتحقق عكس الاتجاه، سميت مضطربة أو مريضة، شريطة أن نحذر ونحن نعرّف التكيف , adaptation, adjustment، حتى لا يختلط بالتشكل conformity

14- كيف نقرأ غائية أعراض اضطرابات العواطف والانفعال والوجدان (المعنى قبل السبب)؟

قراءة غائية الأعراض النفسية عامة هى عملية إشكالية،

فى حالة اضطراب العواطف تصبح العملية أكثر إشكالية،

 لكن بصفة عامة:

نضع فى الاعتبار أن فرط نشاط برنامج بقائى (ومن ذلك “العاطفة” كبرنامج) قد يشير إلى ضرورة محاولة إعلان أن هذا البرنامج كان بطئ الإيقاع (الحيوى) أو منحرف المسار، لدرجة تهدد النمو،

وأيضا يمكن افتراض أن  اختفاء نشاط برنامج أو خفوت ظهوره (ومن ذلك العاطفة كبرنامج) قد يشير إلى نوع من  الاحتجاج على عدم الاعتراف بالمسار الطبيعى لهذا البرنامج، وإطلاق فاعليته

من هنا تصبح مظاهر فرط النشاط، أو خفوته هى محاولة إعلان وتجاوز معا.

ومن ثم  تم قراءة غائية الاضطراب باعتباره عملية  احتجاج لتجاوز كل من بطء الإيقاع أو خفوت الظهور، وهى محاولة فاشلة (ولو مرحليا) ولهذاتسمى اضطرابا أو مرضا.

15- ماذا عن العواطف واللغة (فى تجلياتها وقنواتها وأحوالها)؟

مضطر أن أخلط (ليس عمدا: بين اللغة والكلام)

اللغة كتركيب غائر هى شديدة التداخل مع العواطف فى حركيتها ووظيفتها

كما أن اللغة الرمز القادر قد تكون عاملا مساعدا فى تنشيط العاطفة وتوظيفها فى التواصل خاصة

لكن اللغة إذا توارت فى سجن الكلمات، فإنها قد تصبح أداة لتزييف العواطف أو لخنقها خنقا، أو حبسها احترازا.

16- هل العواطف تشترك فى التفكير- بما هى- مثل الجسد والعقل؟

لا أعرف المقصود (مع أننى واضع الأسئلة) بتعبير “بما هى”؟

 أعتقد أننا حين ننظر فى العملية المعرفية، لا يمكن أن نأخذ أية وسيلة معرفية منفردة “بما هى”،

المعرفة البشرية متضفرة بطبيعتها، ومن ثم فإن العواطف من منظور المعرفة تشترك مع كل من “التفكير” و”العقل” و”الجسد” بدرجات مختلفة، (الأمر يحتاج إلى مراجعة وتفصيل).

17- هل الوعى بالعواطف ضرورى للاعتراف بها أم يكفى ظهورها فى أى من التجليات المتاحة؟

 (ملحوظة: نحن نستقبل عواطف الأطفال والحيوانات قبل أو دون أن تبلغ وعيهم!!)

الاختلاف حول تعريف الوعى، وتوصيف ما هيته لا ينتهى، ومن ثم تصعب الإجابة،

 عموما فإذا كان المقصود بالوعى هو درجة من الدراية المعلنة awareness للشخص نفسه قبل غيره، فإن قدراً من الدراية لازم لإعلان نشاط العواطف الإنسانية بوجه خاص،

 لكن نشاط هذه البرامج (العواطف) بغير هذه الدرجة من الدراية هو وارد ومهم، بل لعله الأهم، ويقيم عمليا – (أمبريقيا بنتائجه فى التواصل والتكيف والإبداع، والبقاء).

18-المفهوم الجديد المسمى ”الذكاء العاطفى“: هل هو إضافة أم اختزال؟

إذا كان المقصود به ما شاع عنه من التركيز على وظيفة العواطف فى النجاح الاجتماعى، وظُرف الأداء الحياتى “بالسلامة”، فهذا اختزال سىء ، حيث يجرى قياس ذلك وصياغته فيما يسمى “معامل العواطف”E.Q. مقابل معامل الذكاء I.Q،

أعتقد أن هذا المنطلق هو أبعد ما يكون عما أعنيه من أن العواطف أداة معرفة (وفعلنة واعتمال Processing) فى ذاتها،

 أعتقد أن أغلب ما يسمى “الذكاء العاطفى” يقتصر على هذه المساحة من تقييم نجاح هذا النشاط الاجتماعى الدمث،

19- ما علاقة العواطف: بالجريمة – بالسياسة – بالإعلام؟!!!

كنت أفضل أن يوضع هذا السؤال فى ثلاثة أسئلة ، ولست أدرى ما الذى جعلنى أجمع هذه النشاطات الثلاثة معا هكذا، المهم:

العواطف – باعتبارها برامج معرفية بقائية أساسا- ليست دافعا فى ذاتها إلى ارتكاب أية جريمة، وإلا فكيف البقاء بين أفراد الجنس، وأيضا كيف التكافل مع جنس آخر،

 إن ما نتصوره أحيانا من ربط بين جموح عاطفة ما، وارتكاب جريمة ما، هو إعلان عن خلل فى أداء هذه العاطفة، وهذا الخلل، مثل أى خلل، يصيب أى برنامج بقائى،

 فإذا تفاقم الخلل وامتد فهو النذير بالانقراض للنوع، وربما للحياة (مثل جرائم الحروب الجارية حالا وتاريخا)

أما علاقتها بالسياسة فهى وثيقة إيجابا وسلبا، من حيث احتمال اللعب بها إعلاميا وغير ذلك لتزييف الوعى العام والتدخل فى اتخاذ القرار- هذا هو الشكل السلبى،

 أما احتمال احترامها مع غيرها من وسائل التفاهم الجماعى، واعتبارها عاملا فاعلا مشاركا فى تسيير أمور مجاميع الناس ، من خلال احترام  المشاعر العامة والاستماع لما تقول، فهذا هو الوجه الإيجابى.

أما علاقتها بالإعلام فهذا يتوقف على مجال استعمال الإعلام، وموضوعيته :

هى سلبية حين تستعمل فى الدعاية الخبيثة أو لدغدغة المشاعر البدائية، أو غسيل المخ،

وهى إيجابية على الجانب الآخر إذا قام الإعلام بالإسهام فى تنمية الإبداع، وموضوعية المعرفة، وإثراء المعلومات.

20- ما علاقة العواطف: بالجنس، بالعدوان (وبسائر الغرائز؟)

الغرائز أيضا، وأصلا، برامج بقائية،

وأى غريزة – مثل أى عاطفة – تعمل إيجابيا فى الظروف الطبيعية

حين تلتحم غريزة العدوان مثلا بدرجة ما مع الوعى فتتجلى فى صورة كراهية أو حقد أو شك أو غيرة أو غير ذلك، فإنها من حيث المبدأ، تظل تقوم بدورها البقائى (وحتى دورها التكيفى الأعمق: أنظر كل ما ذكر، وانتظر كل ما سيذكر عن الكراهية كمثال)،

 أما حين تنفصل غريزة العدوان عن الوعى البشرى بشكل مخلّ، ومن ثم عن المسئولية مثلا، فإنها تصبح مثل أى غريزة منفصلة، خطرا على الفرد، وعلى النوع، على المدى الطويل.

كذلك الحال بالنسبة لغريزة الجنس، فهى إن التحمت بدرجة ما بالوعى والمسئولية على امتداد الزمن لفترة ما، سميت حبا أو تواصلا أو تراحما،

 أما إذا انفصلت فهى إما أن تقتصر على دورها التكاثرى لحفظ النوع، أو دورها اللّذى النكوصى لتفريغ الطاقة،

 أو هى قد تنقلب إلى دور إيذائى من خلال الاقتصار على استعمال للآخر، وإهانة الذات فى آن.

 هذا هو الشكل السلبى لممارسة غريزة الجنس بالإضافة إلى تجليات سلبية أخرى لا مجال لتفصيلها.

أما سائر الغرائز، فيمكن تطبيق نفس القياس الذى تناولنا به الجنس والعدوان.

21- هل الجسد هو أداة تعبير عن العواطف أم أنه يشارك فى تشكيلها؟ وكيف؟

“الاثنان معا يا سيدى”

22- هل توجد عواطف بشرية منفصلة عن “العلاقة بالآخر” (فى الداخل: داخل الذات=ذوات الداخل. أو فى الخارج: حتى مع بعض الإسقاط)؟

هذه هى أزمة الإنسان المعاصر،

الإنسان لا يكون إنسانا إلا باتصافه

أ- بدرجة من الوعى،

ب – ثم الوعى بالوعى (بما يمتد إلى الآخر فى داخلنا)،

ج-  ثم بدرجة من التواصل مع “آخر”  بشرا يتصف بنفس المواصفات (أى: على درجة من الوعى والوعى بالوعى)،

على هذا الأساس يصبح وجود الآخر فى حسبة العواطف أمرا جوهريا لنكون بشرا،

 فإذا انتفى ذلك (أى انتقى الآخر فى الخارج أو فى الداخل) ، وهو أمر مستحيل عمليا، فهذا إعلان بغياب دور “العواطف المعرفى التواصلى الإبداعى” معا.

23- هل توجد عواطف أخلاقية وأخرى لا أخلاقية؟

العواطف فى ذاتها، بصفتها برامج بقائية، كلها أخلاقية بالمعنى التطورى،

 وبالتالى لا توجد عواطف لا أخلاقية إلا إذا انفصلت عن وظيفتها أو عجزت دونها (أنظر إجابة سؤال 9 & 13)

24- هل يمكن برمجة العواطف كما يجرى فى بعض العلاج السلوكى، والمعرفى، وغسيل المخ، والإعلانات؟

البرمجة الإيجابيية المتفقة مع قوانين النمو والبقاء (وهى غير الشائع فى برامج تقوية الذاكرة وتحسين الأداء وهذا الكلام ) هى العلاج المسمى العلاج “المتوجه نمائيا” Growth Oriented

أما البرمجة السلبية لخدمة أغراض سلبية، ومن بينها ما يسمى أحيانا “غسيل المخ” فهى برمجة أيضا، وهى تسخر لخدمة التدهور فالانقراض.

ثم هناك البرمجة التلميعية “فى المحل” وهى ما أشرت إليه من برامج تقوية الذاكرة وصقل بعض السمات، ..الخ)

25- هل التنظير عن العواطف هو لصالحها أم ضدها؟

الأرجح عندى أنه ضدها

إلا إذا وجدنا منهجا آخر،

 وأبجدية أخرى،

ويبدو أن هذا بعض ما نحاوله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *