الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / ملف الحب والكره والعواطف: إجابات لأسئلة ليس لها إجابات (1من2)

ملف الحب والكره والعواطف: إجابات لأسئلة ليس لها إجابات (1من2)

نشرة الإنسان والتطور

 8- 7 – 2008

العدد: 312

ملف الحب والكره والعواطف

إجابات لأسئلة ليس لها إجابات (1من2)

تبين من الندوة التى عقدت يوم الجمعة 4 يوليو 2008 (جمعية الطب النفسى التطورى بدار المقطم) أن المنهج الذى استدرجتنا إليه ألعاب “سر اللعبة” هو منهج كاشف تكاد  نتائجه تظهر عكس “التقرير المباشر” عن المشاعر الذاتية الذى يمكن أن يندرج تحت ما يسمى “الاستبطان” Introspection ، وكأن الاستبطان الذى كنا نتصور أنه يكشف داخل الذات، لا يكشف إلا غطاء هذا الداخل، أو الصورة التى نتمنى أن يكون عليها هذا الداخل (والخارج).

لم يعد الاستبطان إذن هو عكس “الرصد السلوكى” الذى كنا نتصور أنه هو “البعد الموضوعى” لدراسة النفس، وهو ليس كذلك.

ليس معنى ذلك أن منهج الالتفاف حول سطح الداخل أو ظاهر التفكير هو منهج كاف بلا عيوب، أو أنه منهج موضوعى فى ذاته، لكن التعليقات التى وردتنا حوله مثل تعليق د. أميمة رفعت 3-6-2008 ، وآخرين مما سوف ننشره تباعا، أظهرت صعوبة التحايل على هذا المنهج الذى يقوم بكشف بعض ما لا نعرفه عن حقيقة مشاعرنا بما يكمل فكرتنا عن ما كنا نتصور أنه نحن، (أو أننا نشعر به أو نعتقده عنا).

ماهية الوجدان

أرجعتنا مناقشات الندوة أيضا إلى إشكالة الوجدان الأصلية (يومية 18-11-2007) فوجدنا أنفسنا نتساءل عن طبيعة العواطف وماهية الوجدان، وربما جدوى وتاريخ تسمية كل عاطفة، بدءًا بالكره والكراهية، وكذلك خطورة تفتيت العواطف ومضاعفات التوقف عند استقطابها.

رجعت إلى الأسئلة الخمسة والعشرين السابق طرحها عند عرض الموضوع أول مرة (يومية 14/11/2007) وتساءلت يا ترى هل حاول أحد أصدقاء الموقع الإجابة عليها؟

 ثم رجعت إلى نفسى أتساءل: يا ترى هل أنا شخصيا أستطيع الإجابة عليها؟

جاءتنى الإجابة بالنفى،

فتصدتْ لىَ الأسئلة،

 فحاولت،

 فإذا بكل الإجابات لا تعدو إلا أن تكون فروضا قابلة للفحص

وهل الفرض إلا “إجابة محتملة”؟

***

نشرة اليوم هى هذه المحاولة للإجابات عن الأسئلة التى عرضناها فى (يومية 14/11/2007).

كل الفروض – تقريبا – مثيرة للجدل.

والدعوة عامة

1- هل العواطف هى ما شاع عنها؟

لا،

لأن ما شاع عنها هو وصف أكثر منه معايشة، والمعايشة الحقيقية عادة غير قابلة للوصف بالألفاظ (إلا فى الشعر أحيانا، والشعر ليس وصفا).

2- هل يمكن حبس عاطفة ما فى رمز (اسم) متعارف عليه؟

لا،

الألفاظ التى نحوّط بها  العواطف تصف ما تقدر عليه، وهو ما اتفقنا عليه، أو بتعبير أدق، ما اتفق أغلبنا عليه “الآن“.

 لكن هذا الذى اتفقنا عليه ليس هو بالضرورة: حقيقة ماهية عاطفة بذاتها.

هو اضطرار “مرحلى” كما ذكرنا، وهذا جيد فى حد ذاته، ومفيد (طالما هو مرحلى)..

3- هل العاطفة هى نقيض للعقل (بالمعنى الشائع)؟ وما فوائد أو مضار هذا الاستقطاب؟

العقل أصبح هو نفسه موقع فحص من جديد، (كما كان دائما)

(سيعرض بعضه فى ندوة الجمعية الشهر القادم : أغسطس 2008 هامش : عالم المعرفة)

وخاصة فيما يتعلق بعلاقته بما هو “وعى”، وما هو جسد، وما هو تفكير،

 العقل لم يعد أداة التفكير الوحيدة أو الأولى،

 العلم المعرفى يعلمنا أن الجسد يفكر،

 والعواطف تفكر أيضا،

 فإذا كان الأمر كذلك، فالعواطف ليست نقيض العقل، وإنما هى – إن صح التعبير ولو مؤقتا – “عقـلٌ آخر”.

4– كيف تتفرع العواطف إلى التفاصيل ثم تنضم ليحتوى نبض الوجدان المعنى فى أى من تشكيلاته؟

هذا ليس سؤالا. هو جواب يحوى ويصلح عنوانا للنظرية برمتها، ومن ثم فإجابته تستسلزم الرجوع

 إلى الفرض الأساسى عن ماهية الوجدان، يومية 18-11-2007..، وأيضا : إلى شرائح “نظرية فى الوجدان من التهيج البروتوبلازمى العام إلى المعنى  

المسار الذى يحاول السؤال الكشف عنه يمكن إيجازه تعسفا كما يلى:

  • يبدأ نمو العواطف من حركية (قلق) الواحدية الغُفل (اللاتميز الخام)
  • إلى التميز التعددى الاستقطابى معا
  • نحو المعنى المحيط لوجدانه المحاط به (المعادل الموضوعى)
  • وذلك من خلال جدل متصل، وإيقاع حيوى نابض.

5- ما علاقة العواطف بالمعرفة (من أول الإدراك الحسي حتى الإبداع الفائق)؟

نحن نقوم بتشكيل المعلومات لكى  “نحصل على المعرفة من خلال  ما يسمى الفعلنة (الاعتمال) processing ،

وللعواطف دورها المستقل والمتضفر فى ذلك.

هذا يحتاج إلى عدة فروض فرعية، تشير إلى بعض أنواع المعرفة الأقرب إلى فعلنة العواطف للمعلومات، وهى أنواع وطرق معرفية أطلقت عليها أسماء مختلفة، حسب مرحلة ظهورها تاريخيا، وحسب انتمائها ثقافيا (أو علميا)، علما بأن أغلبها مثير للجدل، جاهز للرفض (طبعا)

ومن ذلك :

 أ‌-   المعرفة الكلّية

 ب‌-   الحدْس

ت‌-  المعرفة الكونية

ث‌- الشعر الحقيقى

ج‌-  “شهادة” معرفة الله واحدا  (“أشهد أن لا آله إلا الله”)

 ح‌-   المعرفة بالجسد (إيمان صهيب: “خَلَطَ الإيمان بلحمه ودمه…)

 خ‌- المعرفة بالتشكيل الإبداعى  (والفنون الأخرى)

 د‌- المعرفة بالقلب (…ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور)

 ذ‌-  المعرفة بالجنس (الإروتيكية: التواصل/الموت/ البعث)

……… إلخ

6- هل يمكن تعريف العواطف بألفاظ منطوقة (أو مكتوبة)؟

لا ، لا يمكن ، إلا كمرحلة مفتوحة النهاية

(خصوصا تعريفها بتلك الألفاظ المرصودة فى المعاجم أو الموسوعات)

7-هل يمكن تصنيف مراحل نمو العواطف إلى “مفردات” بدقة مفيدة؟

بالإضافة إلى ما جاء فى الإجابة عن السؤال الرابع، وحسب النظرية (أنظر يومية 18-11-2007) يمكن إيجاز الرد المحتمل كالتالى:

o   تبدأ العواطف وحدة فطرية غير متميزة، هى حركية المادة الحية الخام، وكأنها مشروع الحياة ذاتها، وهى أقرب إلى حركية الحياة الأولية البيولوجية التى تعطى المادة الحية – قلقها الحيوى،

o   ثم تتفرع إلى  ثنائيات تقريبية تكاد تكون استقطابية

o   ثم تتجادل فى حركية ولافية لتتخلق منها عواطف متضفرة ولافية أكبر وحدات، وأقل استقطابا،

o   يستمر الحال فى اضطراد هكذا مع كل نبضة حيوية، وهو يجرى على مستويات الإيقاع الحيوى  المختلفة،

o  كما يتجسد بشكل واضح يمكن رصده إذْ يمتد إلى سنوات مع  كل “أزمة نمو”،(إريك إريكسون، وغيره)  التى هى أيضا نبضة ممتدة من نبض الإيقاع الحيوى.

8- هل تتصاعد العواطف تطوريا حتى تحتوى المعنى حين تلتحم بالفكرة والكلمات

فى الإجابة “الفرضية” على السؤال السابق، أشرنا إلى تضفرالعواطف وجدلها، بعد استقطابها وتميزها،

 لكن جدل النمو لا يتوقف عند الجدل بين مفردات العواطف،

هو يمتد إلى الجدل بين وظائف ووسائل معرفية أخرى، ومنها اللغة، والفكر، والجسد،

هنا يمكن القول أنه فى نهاية مطاف التطور (الذى ليس له نهاية) بما  هو متاح لإنسان اليوم، يمكن تصور أن ثمة وحدة تتخلق لتحوى بشكل ما: مفردات اللغة، ووحدات الفكر، ووجدانات الحركة، وحيوية الجسد معا،

وهذا هو ما أعنيه بـ “المعنى“،

 وربما هو الذى وصلنى من التساؤل.

9– هل يوجد ما يسمى عواطف سلبية وأخرى إيجابية؟

o       لا

مادامت كل العواطف برامج بقائية، فهى إيجابية (مثل الغرائز)

لا توجد برامج بقائية سلبية فى ذاتها، وإلا لما كانت بقائية،

بالتالى يمكن أن تصبح العواطف سلبية الأداء إذا عجزت عن القيام بدورها البقائى أو “النمائى/التواصلى” أو كليهما. (مثل أى برامج)

فى هذه الحالة يصبح هذا الدور السلبى لأى برامج، (ومن ضمنها العوطف) ، هو من إرهاصات الانقراض لو تمادى، واضطرد، وشَمَل.

10- ما علاقة العاطفة بالدين  بالإيمان؟

o   علاقة العواطف كبرامج معرفية بالإيمان وثيقة، فى حدود ما أعرّف به الإيمان كالتالى:

“..هو حركية الفطرة الواعية لتنشيط القانون المتوجه إلى التناغم مع الإيقاع الكونى سعيا إلى الالتحام بدرجة ما بالوعى الإيقاع المطلق المفتوح النهاية، استعادة لاتصال بعد انفصال خلاّق سابق..، سعيا (كدحا)  إلى وجه الله تعالى.

 إذا قبلنا هذا التعريف للإيمان، فالعواطف السليمة بوسائلها المعرفية  هى الأقدر على استيعابه، وبالتالى هى من أهم وسائله.

o    أما علاقة العواطف بالدين، فهى “إما..أو”

 فإذا كان المقصود هو الدين فى صورته النقية، كآلية نشطة لتسهيل حركية الإيمان بأبسط الطرق السلوكية وأكثرها مباشرة، فهى نفس علاقتها بالإيمان فى تجلياته السلوكية (الدين).

 أما إذا كان المقصود بالدين هو ما تم من تقزيم وتفسير واختزال ووصاية، وبالتالى صار أبعد ما يكون عن حركية المعرفة فالعواطف كوسيلة معرفية إبداعية ، فإن العلاقة تبدو سلبية بمعنى أن هذا النوع الذى يسمى دينا خطأ يقوم بتقزيم دورها المعرفى والتواصلى حتى تخمد أو تتراجع أو تشوه.

(قالت الأعراب آمنا.. قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا)

قف!!

ما هذا التكثيف كله؟

أليس من الأفضل أن نؤجل الخمسة عشر سؤالا الباقية إلى الغد؟

وإليك نصهم لعلك تفكر فى إجابات قبل أن نلتقى غدا.

11- ما علاقة العواطف بالإبداع؟

12- ما معنى تعبير ”اضطراب العواطف“ أو حتى ”الاضطرابات الوجدانية“؟ هل يمكن تعريف الإضطراب دون التعرف على السواء؟

13- ما هو مدى الاتفاق على رصد (تشخيص) عاطفة ما بأنها مضطربة؟

14- كيف نقرأ غائية أعراض اضطرابات العواطف والانفعال والوجدان (المعنى – قبل السبب)؟

15- ماذا عن العواطف واللغة (فى تجلياتها وقنواتها وأحوالها)؟

16- هل العواطف تشترك فى التفكير- بما هى- مثل الجسد والعقل؟

17- هل الوعى بالعواطف ضرورى للاعتراف بها أم يكفى ظهورنتيجتها أو آثارها فى أى من التجليات المتاحة؟

 (ملحوظة: نحن نستقبل عواطف الأطفال والحيوانات قبل أو دون أن تبلغ وعيهم!!)

18-المفهوم الجديد المسمى ”الذكاء العاطفى“: هل هو إضافة أم اختزال؟

19- ما علاقة العواطف: بالجريمة – بالسياسة – بالإعلام؟!!!

20- ما علاقة العواطف: بالجنس، بالعدوان (وبسائر الغرائز؟)

21- هل الجسد هو أداة تعبير عن العواطف أم أنه يشارك فى تشكيلها؟ وكيف؟

22- هل توجد عواطف بشرية منفصلة عن “العلاقة بالآخر” (فى الداخل: والخارج)

23- هل توجد عواطف أخلاقية وأخرى لا أخلاقية؟

24- هل يمكن برمجة العواطف كما يجرى فى بعض العلاج السلوكى، والمعرفى، وغسيل المخ، والإعلانات؟

25- هل التنظير عن العواطف هو لصالحها أم ضدها؟

وإلى الغد

ربنا يستر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *