نشرة “الإنسان والتطور”
الأثنين: 23-2-2015
السنة الثامنة
العدد: 2733
الأساس فى الطب النفسى
الافتراضات الأساسية: الفصل الخامس:
ملف اضطرابات الإرادة (4)
اضطرابات الإرادة
(الاعتمال (؟) والاعتزام) (4)
من منظور الإيقاع الحيوى
الإرادة عملية متغيرة مع نبض الإيقاع
استهلال:
وقعت فى حيص بيص([1]) وأنا أهم بمواصلة الكتابة عن اضطرابات الإرادة تمهيدا لفحص إعاقتها وانحرافاتها بدءًا من الشخص السوى (أو العادى) حتى المرضَى، ولم أفاجأ تماما بالصعوبة فقد كنت قد عشتها مع مبحث الحرية فى الفصول الأولى دون التعرض إلى ما يمكن أن يسمى “اضطرابات الحرية” مع أنها تكاد تكون مرادفة لاضطرابات الإرادة!! ومع الدخول فى الموضوع أكثر من منطلق التطور – وهو المدرسة التى ننتمى إليها – اكتشفت أن تناول مسألة الإرادة من هذا المنطلق بالذات يمثل تحديا أكبر وأخطر، إذ أننى وجدت نفسى فى بؤرة الإيقاع الحيوى وبرامج البقاء وتعدد مستويات الوعى معا، هذا فضلا عن انتمائى إلى نظرية أن “الجنون” (والمرض النفسى عموما) هو “فعل”، وليس مجرد “رد فعل”، أى أنه عمل إرادىّ بعد توسيع مفهوم الإرادة.
وهكذا اقتحمتنى الأسئلة متلاحقة على الوجه التالى:
- أية إرادة نتكلم عنها ونحن ننتمى إلى الفكر التطورى بهذه الدرجة.؟
- وهل الكائنات قبل الإنسان تواجه أزمة ما يسمى “اتخاذ القرار” الإرادى؟
- وهل يمكن أن نحكم على إرادتها فردا فردا، مثلما نفعل مع الإنسان وخاصة إذا مرض؟!!؟
- أم أن الكائنات قبل الإنسان تنتمى إلى إرادة جماعية ويحكمها وعى جمعى يصارع متسلحا ببرامج بقائية للحفاظ على النوع من خلال بقاء الفرد فى الجماعة مبرمجا بالطبيعة بفضل الله؟
- وهل هذه البرامج البقائية تعمل بإرادة هذه الكائنات أم بإرادة خالقها دونها.
- وهل معنى أن من بين كل ألف كائن لم ينجح أن يبقى إلا كائن واحد، فى حين انقرض الباقون، وذلك منذ بداية الحياة، هل معنى ذلك أن من انقرض قد أساء استعمال الإرادة الفردية فالجماعية؟
- وهل من تبقى من الأحياء – ومن بينهم الإنسان – يمكن أن يعيدوا النظر فى تحسين الإرادة الفردية فالجماعية حتى يتجنبوا الانضمام إلى الأغلبية المنقرضة!!
- ثم ما هو الفرق بين إرادة الحياة والقرارات الإرادية، التى نتخذها أثناء الحياة؟
- وما هى العلاقة بين الإرادة الفردية وإرادة الجماعة فيما قبل الإنسان؟
- وما هى علاقة الإرادة الفردية بالإرادة الجماعية فى حالة الإنسان بعد أن صار إلى ما صار إليه.
- أليس كل هذا جدير أن يرجعنا إلى فحص الإرادة بشكل أكثر عمقا، وأيضا يلزمنا أن نضع منظومة التطور فى المقام الأول ونحن نحسب تجليات الإرادة فى السواء والمرض.
بالرغم من أننى لم أكتب “النظرية الإيقاعية التطورية” مكتملة حتى الآن، إلا أننى فكرت أن أعرج إلى بعض ملامحها كلما لا حت الفرصة، فهل يا ترى هذا هو الوقت المناسب؟
الإرادة
عودة إلى الفصول الأولى
فى الفصول الأولى من هذا الكتاب – كما أشرت سابقا – كنت قد قدمت إيقاع حالات الوجود الخمس كما هو مبين فى الشكل بالنسبة للإرادة (نشرة 21-12-2010)، وذلك دون أن أربطها بالتطور من ناحية، ودون أن أفصّل الشرح إلا فيما يتعلق بالحرية، وقد وجدت بعد أن دخلنا إلى ملف الإرادة الآن، أنه متصل تماما بموضوع الحرية كما أنه لا يمكن الإحاطة بموضوعه بدرجة كافية الإرادة إلا إذا تناولناه بحركيته الطبيعية فى أحوال الوجود الخمسة (أنظر الشكل) مثلما فعلنا ونحن نتناول الحرية، علما بأنه فى الأحوال العادية يكون التبادل الإيقاعى الحيوى بين الحالات الأوسط الثلاثة (1) حالة العادية ، (2) حالة الحيرة المفترقية الخلاقة (3) حالة الإبداع.
هكذا لاح لى أنه قد آن الأوان لتقديم ملامح موجزة جدا عن النظرية التطورية الإيقاعاية التى أود أن أغير اسمها إلى النظرية التطورية الإيقاعحيوة، وبرغم قبح وطول الكلمة المضغمة إلا التى اقترحتها، حتى تحدد أى إيقاع أعنى، وهو الإيقاع الحيوى دون سواه.
وإلى الأسبوع القادم نحاول اقتحام الصعوبة.
وعذرا.
[1] – حين كتبت هذا التعبير “حيص بيص” لم أكن متأكدا أنه تعبير عربى فصيح، وكنت فى حيرة وشدة، فإذا به كذلك فعلا:
وقَع القومُ في حَيْصَ بَيْصَ : في ضِيق وشدّة ، في حيرة ، وفي اختلاط من أمرهم ، والعجيب أننى وجدت شاعرا كنى بهذا الاسم لأسباب لا داعى للتطرق إليها، وهو سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي الملقب شهاب الدين المعروف بحيص بيص هو شاعر مشهور؛ كان فقيها..إلخ