الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / ملف‏ ‏التفكير‏ (5) : التفكير والعلم والمعرفة والممارسة اليومية

ملف‏ ‏التفكير‏ (5) : التفكير والعلم والمعرفة والممارسة اليومية

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 16-2- 2014

السنة السابعة

العدد: 2361

 

 الأساس فى الطب النفسى

الافتراضات الأساسية

الفصل الثالث: ملف‏ ‏التفكير‏ (5)

التفكير والعلم والمعرفة والممارسة اليومية

استهلال:

يبدو أنه كتب علىّ أن أتهم بالخروج عن العلم إلى الفلسفة بشكل متكرر حتى يمكن اعتبارى من أصحاب السوابق أو حتى “مسجل خطر”، يحدث ذلك منذ بدأت  اسمح لتفكيرى النقدى أن يأخذ حقه حين كتبت أول مقال لى فى مجلة الصحة النفسية سنة 1960 عن ” الفصام فى الحياة العامة”، ثم كتابى سنة 1969″حيرة طبيب نفسى” الذى نشر سنة 1972، يتكرر هذا الاتهام بلا أدلة أو قرائن جديدة، ويعلن على الملأ،  حتى كاد يؤدى ذلك إلى تشكلى فى حقيقة تخصصى، بل إننى حاولت أن أرفض ما أراه فى ممارستى رأى العين دون جدوى، كنت أتلقى هذا الاتهام بشكل غير مباشر لا يذكر فيه لفظ “الفلسفة” (ولا مؤاخذة)، لكنه أصبح صريحا وعلنيا حين  وصلنى بأمانة محبّة ذات مرة لمّا راح  المرحوم أ.د.عمر شاهين يقدمنى فى مؤتمر علمى محلى محدود، كنت أسهم فيه  بقراءة ورقة عن  تقسيم جديد – خطر لى من واقع الممارسة – لما يسمى “الاكتئاب”، فقال ما معناه: “أقدم لكم الزميل فلانا ليتحفنا بما لديه من فلسفة” ، ولأنه كان صديقا طيبا،  وشريكا معى فى مؤلفات دراسية تقليدية، اعتبرت ذلك مديحا، لكننى فى بداية إلقائى لورقتى نفيت انتمائى لما يسمى فلسفة، حيث كنت أيامها أحسب أنها تخصص بالغ الرهافة للخاصة فقط ، (قبل أن أكتشف أنها تكريم للعقل البشرى حتى لو لم يفك الخط).

حضرنى كل ذلك وأنا أهم بمواصلة الكتابة فى هذا الملف الجديد المفروض أنه مجرد فصل فى مشروع كتاب “الأساس فى الطب النفسى”، وكنت قد نبهتُ نفسى، وأبلغتكم حتى أتعهد علانية، فى نشرتى الأسبوع الماضى أننى سوف أنهج نهجا غير ما كان فى فصل (ملف) الإدراك، بأن أركز على ما يهم الطب النفسى أساسا، فأبدأ بعرض اضطرابات  الوظيفة المعينة  التى سوف أتناول من خلالها الأعراض الخاصة بها، وذلك  قبل العروج إلى التنظير فى  أصل الظاهرة التى اضطربت، لكننى حين هممت أن أفعل، وجدتنى ألح على ذكر معلومة غير مألوفة، وهى كيف أن أغلب التفكير (80%) يجرى بعيدا عن الوعى الظاهر، فوجدت نفسى أواجه نفس التحدى الذى واجهته فى تناولى للإدراك، والذى سيحضرنى غالبا حين نصل إلى الوجدان، كما أنه وصلتنى تساؤلات عن مصادرى التى أصدم من خلالها من اعتاد معلومات غير ما أطرح، وبرغم أننى كررت ذكر مصادرى سابقا مرارا، كما أننى لا ألزم نفسى بذكر مراجعى تحديدا تاركا مهمة “التوثيق” و”التحقيق” لطلبتى وللتاريخ، فقد رأيت أن أقدم هذه التذكرة اليوم عن حقيقة مصادرى الخاصة مع إشارة محدودة لما سوف نناقشه تفصيلا بعد ذلك.

 ومع اعتذارى عن كل هذا التردد، أعود وأطرح نفس السؤال:

هل أترك لنفسى العنان مثلما فعلت فى الإدراك، مع التخفيف قدر الإمكان، أم أتبع عرض الأعراض أولا كما لاح لى التصحيح الممكن فى الأسبوع الماضى؟

عودة  إلى المنهج والمصادر: للكتاب “الأساس”

اعترفت من البداية أن الممارسة الإكلينيكية هى منطلقى، وأن نتائجها هى دليلى ودعمى للاستمرار، وكنت – وما زلت – حذرا من فتح الباب على مصراعيه خاصة لغير الممارسين، أو “للممارسين من الظاهر” عشوائيا فى مقابل المختنقين داخل “النهج المستورد جدا”، برغم وعيى بكل ذلك فلم يكن عندى بديل عن المخاطرة، وإلا فلن أتمكن من الاستمرار فى تلقى ما يصلنى، لأوصّله لأصحابه إبراء لذمتى، وحملا لأمانتى .

مصادرى (مرة اخرى)

  1. عرض ومناقشة حالات بذاتها: مثلما ورد أحيانا فى باب حالات وأحوال، فى نشرة “الإنسان والتطور”. أمثلة: (نشرة 31-3-2009 “الفهد المتحفز، والخوف من الحب”)، (نشرة 2-12-2008 “كهلّ “عربجى” يعلمنا: بعض ماهية: العلاقة بالموضوع، والقدرات المعرفية”)، (نشرة 30-9-2008 “التجمد انسحاقا من الظلم والإهانة”)، (نشرة 23-9-2008 “الموتْ ماتْ!!”).
  2. معايشة واستلهام ما جرى ويجرى فى العلاج الجمعى أساسا لأكثر من أربعة عقود، ثم علاج الوسط (مستشفى دار المقطم للصحة النفسية) لنفس المدة.
  3. تاريخى فى ممارسة العلاج النفسى الفردى حوالى ربع قرن (25 عاما).
  4. ممارستى اليومية للطب النفسى تشريحا وعلاجا (متجاوزا التشخيص التقليدى ما أمكن ذلك عبر أكثر من نصف قرن: 56 عاما).
  5. قراءاتى، وخاصة مؤخرا، خاصة فى الإبداعات المخترقة التى يثرينا بها الباحثون فى الغرب حيث الإمكانيات التقنية والتمويلة أقدر، وخاصة فى العلم المعرفى العصبى بالذات، وما يتعلق بالمخ (الأمخاخ- العقول- مستويات الوعى).
  6. قراءاتى – ناقدا –  للنصوص الأدبية
  7. قراءاتى “خارج الصندوق”، (استعارة من المصطلح التفكير خارج الصندوق نشرة 10-2-2014).
  8. عباداتى (كل ماسبق هو كذلك) التقليدية، وغير التقليدية

وبعد

أنا آسف للتكرار، لكنه خاطر معاوِدٍ لحوح، اضطررت إلى إعادة الاشارة إليه، ربما بمناسبة ما ورد من اقتراحات استلهام التراث لتأسيس منطلق نفسى (“نحو تأسيس “نظرية نفسية إسلامية متكاملة” د. خالد بن حمد الجابر”، قد أعود لمناقشتها مع آراء بعض الزملاء الأكثر حماسا فى الشبكة العربية على الأقل).

الأرجح عندى أننى عدت إلى التذكرة بالمنهج حين وجدتنى عاجزا عن أن أوفى بما وعدت الأسبوع الماضى، ثم استمحكم أن أكتفى اليوم بتقديم هذين الشكين التوضيحين وهما متعلقان  بتوضيح:  كيف أن مصدرى هو الناس بكل أبعاد مفهوم “الناس” وما يحلمه مصطلح ثقافة بالمعنى الأشمل،

 وكيف أن البحث ليس قاصرا على العلماء، وأن الموقف الفكرى البحثى هو طبيعة بشرية أساسا عند كل الناس!

 16-2-2014_1  16-2-2014_2

(الشكل الأول):

يبين كيف أن ثقافة مجموعة من الناس (بالمعنى الأوسع) هى المنبع والمصب

(الشكل الثانى):

يبين كيف أن حركية الوعى جارية طول الوقت فى تفاعلات الوعى البينشخصى ثم الوعى الجماعى فى أى مجتمع صغُرَ أم كُبرَ بما فى ذلك العلاج الجمعى وعلاج الوسط، مع التذكرة بأن ذلك يتجاوز منهج البحث العلمى التقليدى.

 وبعد (2)

اسمحوا لى أن أعتذر عن عدم الإكمال الآن، نظرا لانشغالى بإعداد ورقة سوف أقدمها فى مؤتمر قصر العينى.

 7th Kasr Al Ainy International Psychiatry Conference, Towards Better Mental Health After The Egyptian Revolution, Cairo Marriott, Wednesday, February 19, 2014

أورد موجزها بالعربية والإنجليزية اليوم كالتالى:

العلاقة بين الثورة والتطور من منظور الإيقاع الحيوى

يحيى الرخاوى

تعتبر الثورة بمثابة الإبداع الجماعى، وهى نقلة نوعية لطفرة إيجابية لمجتمع ما على مسار الإيقاع الحيوى لنبض الحضارة البشرية، ومثل أى إبداع، بما فى ذلك الطفرة التطورية النوعية فى التاريخ الحيوى، تبدأ العملية بتفكيك الكيان (أو الكائن) القديم، الذى يكون عادة قد انتهى عمره الافتراضى وإذا لم يتبع ذلك عملية بناء وإعادة بناء بما كان قد تهيأ له فى مراحل الكمون والملء السابقة، إذا لم يتبع هذا التفكك عمليات التشكيل وإعادة التركيب الأرقى فإن الثورة تكون مهددة بالإجهاض والتوقف عند مرحلة الفوضى التحللية، تماما مثلما تحدث الطفرة التطورية فى وقت غير ملائم باستعداد ناقص فيتعرض النوع للفشل فى تخليق طفرة إيجابية وتنقلب طفرة سلبية ومن ثَمَّ الانقراض.

إن الحديث فى مصر الآن عن دور المؤسسات النفسية (وغير النفسية) لما بعد الثورة هو حديث سابق لأوانه، ذلك أن التحديات المفروضة علينا الآن ونحن فى هذه المرحلة والتى نحاول أن نواجهها بأن نعيد صياغة العلاقات البينشخصية والقيم الحضارية، والوعى الجماعى الجديد تحتاج إلى تناول إبداعى أكثر من حاجتها إلى تدعيم تسكينى أو إصلاحى.

إننا فى أمس الحاجة إلى إعادة بناء شامل من خلال إكمال عملية الإبداع الثورى الجماعى مثل: الوعى بأهمية الوقت، وحسن التوقيت، واستمرارية تشكيل أنفسنا ربما كما يعلمنا العلم المعرفى العصبى الذى يتحدث مؤخرا عن عظمة دور المخ البشرى وهو يعيد تنظيم نفسه طول الوقت.

The Relation between the Revolution and the Evolution

 A Biorhythmic Approach

Y.T. Rakhawy

We might consider the revolution to be a matter of collective creation. It is a landmark of positive mutation of a human society along the natural biorhythmic march of civilization. Like any creation and possible mutation it starts by dislodgment of some static old idiom usually out of date. If this is not followed by a process of assimilation and rebuilding it is liable to be aborted at the stage of chaotic disconnection.

This could be just like the case of the mutation unfolding when it finds no chance to proceed to establish the new organism the species is predisposed to perish.

To speak about the post-revolution role of psychiatry (or any other scientific discipline) is rather premature. The challenged norms, values and interpersonal relations need more creative approach than resuscitation and reparation.

We are in due need to consider seriously and objectively some essentially basic assumptions such as adequate time and appropriate timing. Also we need to pay attention to avoiding script repetitions, continuously rebuilding ourselves just as the recent cognitive neuroscience teaches us when emphasizing how the human brain rebuilds itself all the time.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *