الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه الحالة: (13) “ضبط الجرعة، ونقلات الاهتمام (القياس بالنتائج المتوسطة طول الوقت)

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه الحالة: (13) “ضبط الجرعة، ونقلات الاهتمام (القياس بالنتائج المتوسطة طول الوقت)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 26-5-2021

السنة الرابعة عشر  

العدد: 5016

الأربعاء الحر:

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه  (1)

الكتاب الأول الحالات: من (1) إلى (20)

تذكرة:

ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (13) من الكتاب الأول من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجة!

جزى الله الجميع عنا خيرا

****

الحالة: (13)

ضبط الجرعة، ونقلات الاهتمام

(القياس بالنتائج المتوسطة طول الوقت)  (2)

د.فتحى فراج: هو عيان عنده 39سنة، خريج هندسة، فاتح زى شركة صغيرة كده، شركة فيها خدمات للصحفيين والجرايد والحاجات دى، هو متجوز وعنده ولد واحد، كان حضرتك حولتهولى من سنة ونصف، حضرتك حولتهولى هو ومراته عشان أقعد معاهم جلسة يعنى مزدوجة، هوه وبعدين هيـّا، كانت شكوتهم لما جم إن هما مش عارفين يمشّوا حالهم، يعنى مش متوافقين مع بعض، حاجة زى كده.

د.يحيى: بتشوفهم على إنهم “وحدة زوجية” ولا كل واحد مستقل؟!

د.فتحى فراج: حضرتك كنت قلت إن أنا أشوف كل واحد لوحده، الأول، وماشوفهومش مع بعض إلا لما أتعرف على كل واحد كفاية.

د.يحيى: وبعدين؟

د.فتحى فراج: لما جه لىّ، هو كان عصبى شوية، وبياخد كحول شوية.

د.يحيى: قد إيه؟!

د.فتحى فراج: مش كتير، بياخد يعنى ممكن يوم إتنين فى الإسبوع، يشرب 3 قزايز بيرة وخلاص.

د.يحيى: لوحده؟

د.فتحى فراج: لا مع أصحابه.

د.يحيى: مابيشربش مع مراته أبداً؟!

د.فتحى فراج: لأ خالص، هى تركيبتها تقليدية شوية وراسية حبتين، وماكانتش عارفة تلاحقه.

د.يحيى: تلاحقه فى إيه، هوه كان بيشتكى من إيه؟

د.فتحى فراج: هما كانت شكوتهم إن هو بيتحرك ونشط وملئ بالحيوية، وهى مش عارفة تلاحقه.

د.يحيى: وبعدين؟!

د.فتحى فراج: اشتغلت معاهم حوالى أربع شهور، كان أغلب الشغل مع الزوجة، هوا كان بياخد دوا خفيف خفيف، كانت معظم القعدة معاها هى، الجلسة كانت ساعة وكانت متقسمة بينهم هما الإتنين كان أغلب شغلى معاها، هى مابتشتغلش، ست بيت، حاولت أعرض عليها إنها تحاول تشتغل حاجة بسيطة كده وإنها تحاول تتحرك شوية، إنما أبدا.

د.يحيى: السؤال بقى؟

د.فتحى فراج: أصل هو المسار طويل شوية، هو بعد الأربع خمس شهور دول هو اختفى، ماجاش، بطل ييجى.

د.يحيى: إختفى منك، ولا منها؟

د.فتحى فراج: اختفى منى.

د.يحيى: أصل اختفى دى كلمة كبيرة، غير “بطل ييجى”.

د.فتحى فراج: المهم رجع بعديها بخمس شهور، وحكى لى بقى قصة إن هو كان جاله هلع اضطر يروح للدكتور (….) وهو أستاذ برضه، فكتب له أدوية كتير، وكده اتحسن من الحالة الطارئة، وبعدين جاله شغل فى بلد عربى، وسافر الخليج واشتغل هناك، أنا كنت قلت لحضرتك هو فى الفترة اللى كان بيجىء فيها فى العلاج، كان بيجيله فترة كده مهتم بالسياسة أوى بيتكلم فيها كتير، حتى ساعات كانت تاخد السياسة الجلسة كلها، أسكـّته ما يسكتش، كان بيتكلم وكإنه بيخطب فى مظاهرة، جامد شوية فى السياسة.

د.يحيى: أنهى سياسة حدد لى؟

د.فتحى فراج: السياسة بتاعت القهاوى والقعدة على القهاوى، يعنى المثقفين، وشوية الحاجات دى يعنى.

د.يحيى: هى دى سياسة؟

د.فتحى فراج: على قد ما هو بيقول.

د.يحيى: لأ يعنى، لا دخَل حزب ولا جماعة من المحتجين، ولا كتابة فى الجورنال، ولا حاجة من دى؟

د.فتحى فراج: لا لا، مافيش كلام من ده، يعنى زى واحد من اللى بيتكلموا وبس.

د.يحيى:.. ولا بيطلع مظاهرة ولا حاجة؟! يعنى قاعدة على القهوة ودش كلام؟!

د.فتحى فراج: حاجة زى كده، بس هو الشهادة لله مثقف جداً، وبيفهم فى حاجات كتير أنا ما بافهمشى فيها، وهو كان قعد خمس سنين بيشتغل فى البحر فعرف حاجات مالهاش حصر.

د.يحيى: طيب وبعدين؟

د.فتحى فراج: هو كان جه فى مرة كده وقال لى إنه عايز يقابل حضرتك أصل هو بيفكر فكرة إن هو يعمل اعتصام وحاجة كبيرة كده.

د.يحيى: طيب وإيه دور حضرتى؟

د.فتحى فراج: هو مافيش سبب واضح بس هوا دا طلبه.

د.يحيى: طيب ما احنا متفقين إنه يقابلنى كل أربع مرات، إيه الجديد؟

د.فتحى فراج: هوا ما طلبشى قبل كده، فأنا انتظرت لما يطلب.

د.يحيى: أهلا وسهلا، فيه حاجة جديدة؟ جاب سيرة اللى أنا باكتبه مثلا؟

د.فتحى فراج: لأ، بس زى ما يكون هوه فى أزمة، ومحتاج دعم من واحد كبير، باين السياسة دى عامله له تعويض.

د.يحيى: الله يفتح عليك، ما انت ماشى صح أهه، هل عندك تفاصيل عن احتمالات الأزمة اللى بيمر بيها؟

د.فتحى فراج: هوا كان راح الخليج وقعد خمس شهور، كان جى فى حالة صعبة شوية، وحالة الهلع رجعت له شويتين.

د.يحيى: هى الحالة دى جت له بعد ما أنا حولتهولك، ما كانشى جى بيها؟!

د.فتحى فراج: آه، بعد ما حضرتك حولته.

د.يحيى: وبعدين؟

د.فتحى فراج: أنا ما ربطشى بين الحالة دى، وبين علاقته بزوجته، مش عارف ليه.

د.يحيى: هوا مين اللى كان جه عندى يكشف الأول؟ هوه ولا مراته؟

د.فتحى فراج: هما الاتنين جم لحضرتك كشفين وراء بعض، فى نفس اليوم.

د.يحيى: هما الاتنين فعلا مقتنعين؟ ولاّ واحد قاطع مجاملة؟ بيكشف عشان التانى يرضى يكشف زى ما بيحصل ساعات؟

د.فتحى فراج: هما الاتنين قطعوا كشف مع بعض فى نفس اليوم، ودخلوا لحضرتك ورا بعض.

د.يحيى: أظن فاكر، بس أصلها تفرق، ساعات أى واحد يبقى عايز يوهم نفسه إن التانى هو اللى عيان، وكلام من ده، فيه فرق بين إنهم يتفقوا على الاستشارة، ويبقوا مفتوحين لأى احتمال، وبين إنهم يلعبوا على بعض، وكتير بنكتشف إن الطرفين سُلاَمْ، وإن المرض فى العلاقة مش فى كل شخص على حدة.

د.فتحى فراج: المسألة دلوقتى ما عادش لها دعوة مباشرة بالعلاقة اللى بينهم، وهو بعد ما راح الخليج واشتغل شغلانة كويسة، وكان بياخد مرتب كويس أوى، راح داخل فى السياسة والإدارة وبوظ الدنيا هناك خالص، رجع هنا على مصر مش على بعضه، مع إنه لسه بياخد الدواء، وابتدت السياسة تهيج عليه، وهومحبط من ناحية الفلوس، وطبعاً الحاجات اللى عملها مع شريكه هنا، وهى اللى خلته ييجى يقابل حضرتك خلت شريكه يفرض شروط تقلل من دوره خالص.

د.يحيى: نرجع للسؤال برضه.

د.فتحى فراج: السؤال إن أنا يعنى..، أنا إبتديت أتعامل مع العيان دلوقتى على مستوى أقل حماسا،.. موقفى أنا بقى أقل، موقفى من ناحيته زى ما يكون متغير، حسيت إنى يعنى زى ما يكون كل اللى عايزه إنى ألمّ الدنيا، وبس، ألصّمه يعنى.

د.يحيى: ما هو ده حقك فى مرحلة حصل فيها كل التغيرات دى، سفر، وفشل، ورجوع وحوسة، زى ما يكون إنت بتهدى اللعب لحد ما تتجمع المسائل تانى فى مظاهر ومواقف معينة، تتبلور عشان تحددوا الأولويات، وبعدين نبتدى نمسكها واحدة واحدة، المتغيرات الجديدة بتفرض توجهات جديدة، وبتفرض توزيع الاهتمام على نقط أكتر من نقط، إنت بديت فى العلاقة الزوجية، ودلوقتى لقيت قدامك إحباط، وتهزىء وقلة قيمة، ونقص فلوس، راحت السياسة علتّ عليه، وبعدين الفلوس، مش معنى كده إن الشغل فى السياسة مرض أو عرض، لكن التوقيت والطريقة هوا اللى احنا بنتكلم فيهم دلوقت، ثم إيه حكاية مراته فى الهيصة دى، حصل لها إيه؟

د.فتحى فراج: أنا لقيت نفسى عايز ألم الدنيا بس وخلاص، مش عايز أفتح حاجات جديدة.

د.يحيى: هى مش جديدة قوى، على فكرة هو انت كنت اشتغلت فى العلاقة الجنسية بينهم، وشفت علاقتها بالتغيرات دى، ما هى زى السياسة، إمتى يشتد الاهتمام وإمتى يختفى، ما هى الحاجات ماسكة فى بعضها.

د.فتحى فراج: لأ ما اشتغلتش قوى، الست كانت بتقفل عادة، عموما العلاقة دلوقتى قليلة شوية.

د.يحيى: المسألة مش قليلة ولا كتيرة، المسألة الربط بين الأمور وبعضها، يعنى ميكانزم “الإزاحة” فى البنى آدمين على قفا مين يشيل، ده يسمّع فى ده، وده يسمع فى ده، مش مسألة كتيرة ولا شوية، نوع العلاقة.

د.فتحى فراج: يعنى ماشية، هى ما بقتشى زى الأول أوى، مراته كانت دائما تقول إن العلاقة كويسة، بس أنا ما بقابلهاش دلوقتى، هى بطلت تيجى يعنى هو بقى بييجى لوحده، هو أنا سؤالى مازال إنى خايف أحكم على العلاج من جوايا بالفشل، وأوقّف الدنيا، وأحرمه من حقه فى المحاولة من جديد.

د.يحيى: هو مش لسه بيجى لحد دلوقتى بانتظام؟

د.فتحى فراج: أيوه بييجى، بس مثلاً لما بيتكلم إن هو حا يعمل مشروع جديد، ما بابقاش متحمس لتشجيعه زى زمان، وهوه أصله طول الوقت عنده مشاريع، وهو نوع شغله يحتمل ده، فأنا مش عارف هل أتصنع وأغصب على نفسى وأتحمس زى زمان، ولاّ هو خلاص إنحكم عليه إن الدنيا تبقى ماشية روتين بقى وخلاص، ولاّ أوافقه على إنه من حقه يجرب تانى يحاول تانى، حتى طلبه مقابلة حضرتك، ما اتحمستش له قوى.

د.يحيى: إعمل اللى انت عايزه، بس شغله سيبه يستمر، ده أهم حاجة، سيبه ما دام شاطر مهما فشل، يا أخى هوا انت حاتشاركه؟ دا راجل عنده خبرة، وإمكانيات، وطموح، وما بيهمدشى، ودى حاجة جيدة، ينبغى أن تؤخذ فى الاعتبار، الراجل ده ما فشلشى لا مع مراته، ولا مع إخوانا فى الخليج، وهوه باين عليه له موقف عام ما قدرشى يطنّش، لا معاها ولا معاهم، مش معنى كده إنه صح على طول، بالعكس، باين على حساباته فالته حبتين، ومع ذلك ما ننساش كل الإيجابيات اللى وصلتك وما فيهاش أى مبالغة، مش انت قلت إن عنده إشى ثقافة وإشى اهتمامات عامة، وإشى ذكاء،

 وبعدين يا أخى إنت تفرح إنك أمين مع مشاعرك، على شرط ما تخليهاش تتدخل أوى فى قراراته، ممكن تقولّه على مشاعرك بصراحة، ما فيهاش حاجة، هوه حايحترمها، ومن ناحية حاتخليه يمكن يتحداك وينجح، وتقلل اعتماديته على العلاج، لكن برضه خلى بالك، يمكن لما تقولّه كل اللى فى نفسك تهز ثقته بنفسه.

د.فتحى فراج: ما هوه ده اللى محيرنى.

د.يحيى: يا أخى ما هو لازم تحتار، ده منتهى الأمانة اللى انت بتعمله ده، إمال إحنا عاملين الإشراف ليه؟! وانت حاتكبر إزاى؟! أهم حاجة إن إحنا نبقى أمناء حتى مع مشاعرنا، إحنا عامل مساعد فى حياة الناس، لا أكثر، إنما ما احناش أولياء أمورهم، برغم التأكيد على إن المعالج بيقوم بدور الأب اللى احنا قبلنا بيه فى ثقافتنا، وهو دور رائع، بس حتى الأب الحقيقى له حدود برضه.

د.فتحى فراج: يعنى دلوقتى أعمل إيه؟

د.يحيى: إعمل اللى انت بتعمله بالظبط، تعلن موقفك فى حدود، وتعلن إنك تحت الطلب، وإنك واقف معاه فى جميع الأحوال، وإن الفشل وارد، لكن المرض ما هواش مبرر للفشل، وهو راجل يعرف فى البيزينس والحياة العملية أحسن منى ومنك، وإيه يعنى لما يتكسر مرة واتنين ويقوم تانى، إيه المانع؟

د.فتحى فراج: ما حضرتك بتقول إن ما فيش حاجة اسمها موقف محايد.

د.يحيى: يا بنى يا حبيبى، هو الأمر لما يوصل إنك تعلن له موقفك بهذا الوضوح، وتقوله على حيرتك، وإنك أقل حماسة، ومع ذلك مش حا تتدخل فى قراراته، وحاتفضل تمشى جنبه فى اللى بيعمله، سواء فى الشغل أو فى البيت، من غير ما يظلم اللى حواليه، تقوله كل ده، وتستمر تقوله طول ما هوه بييجى، يبقى كل ده اللى أنا شاورت على أنه مش موقف محايد؟!!. فين الحياد اللى فى الموضوع، إنت صنايعى بتاخد مقابل صنعتك، وبتأدى واجبك، وبتتحرك مع مريضك فى حدود قدرتك ورؤيتك، وبتقول اللى عندك حاتعمل إيه أكتر من كده؟

د.فتحى فراج: هو إيه الحدود اللى نقف عندها فى مشاعرنا فى الحالات دى؟!

د.يحيى: حدود إيه يا راجل يا طيب، هو إحنا حانعمل جدول ضرب للمشاعر؟ كل ما علينا هو المصارحة، والمباشرة، والمسئولية طول الوقت، بما فى ذلك الوعى بالتغيير اللى بيحصل لنا أول بأول زى ما انت بتعمل، واحترام كل ده، وطرحه بجرعات متوازنة مع العيان أول بأول هو كل المطلوب، ما تحمّلشى نفسك مسئولية نجاحه أو فشله، إنت تعمل اللى عليك كطبيب، وهو يعمل اللى يقدر عليه، والأمور بتصلح نفسها ما دام ماشيين سوا سوا وبنتعلم، وناخد وندى، سواء معاه، سواء هنا فى الإشراف.

د.فتحى فراج: يعنى المفروض إنى أقبل هدوئى وفتور حماسى بالمقارنة بزمان؟!

د.يحيى: طبعا، إحنا بنعالج العيانين بكلنا، مش بس بعقلنا، والموجود فينا حايوصلّهم غصبن عننا، إحنا بنعيش الموجود، ونقيس نجاحنا ونجاحهم بخطوات متوسطة أول بأول، وبعدين الجرعة بتتظبط لوحدها.

د.فتحى فراج: جرعة إيه؟

د.يحيى: جرعة التدخل، وجرعة النصيحة، وجرعة الاعتمادية، وجرعة الحياد وقـِلـِّته، يا أخى زيها زى جرعة الدواء بس مش فى جدول ضرب ثابت، إحنا بنمشى حسب النتايج سواء بالنسبة للأعراض أو لحالته شخصيا، أو لعلاقاته، كل ده بيبقى جوا الحسابات تلقائيا، حتى لو ماظهرشى بالوضوح ده.

د.فتحى فراج: طيب وحكاية مراته، أفتحها من جديد، ولاّ أسيبها لما هو يفتحها؟!

د.يحيى: طبعا تسيبها ونص، إسمع لما أقولك، الظاهر إن المؤسسة الزواجية دى حاتنيها تمثل تحدى واقعى محتاج لشغل كتير، مش منى ومنك، يمكن من التطور والتاريخ، وكل اتنين بيسوّوها شعوريا ولا شعوريا بطرق مختلفة، ما ينفعشى نتدخل فيها قوى إلا لما يقولوا آه، واخد بالك، ساعات بيبقى اللى مخليها تستمر جانب واحد من وظيفتها، ساعات جنس ناجح، ساعات الأولاد، ساعات الاحتيجات المادية، وده مش وحش قوى على شرط ما يبقاش فيه كذب كتير، يعنى ما يبقاش على حساب حاجات تانية غالية قوى، يمكن يعرفوها ويمكن ما يعرفوهاش، إحنا ما نفحّرشى إلا لما نشم ريحة الدخان، إحنا واقفين “ستاند باى” لا بنبالغ فى التلصيم، ولا بنفحّر أكتر من اللازم، وربنا يستر، مش انت إن شاء الله حا تتجوز قريب زى ما قلت لى؟!

د.فتحى فراج: أيوه.

د.يحيى: عالبركة، برضه واحدة واحدة، وما تفحّرشى كتير من الأول.

د.فتحى فراج: ربنا يستر

د.يحيى: ولا يهمك.

****

التعقيب والحوار:

د. ماجدة صالح:

احترمت شغل الزميل، ووصلنى إن الموقف مع هذين الزوجين شديد الصعوبة، حتى أننى احترمت فتور المعالج مع الزوج بعد عودته للعلاج وإن اعتقدت أن هذا الفتور كان من الأول فقد ركز أكثر مع الزوجة فى البداية.

د. يحيى:

احتمال وارد، أرجو إن يضعه الزميل فى الاعتبار.

 أ. نادية حامد:

لم يكن واضح لى معلومات كافية عن شكل العلاقة تحديدا بين الزوج والزوجة فى هذه الحالة غير ما تم ذكره فى شكواهم فى بداية الحالة إنه هو نشط وملئ بالحيوية وهى مش عارفة تلاحقه مع إن الزميل استمر أربع – خمس شهور جلسات.

د. يحيى:

ذكرت هنا مرارا أننا فى هذا الباب لا نسأل عن ولا نناقش إلا النقطة المطروحة للإشراف، وبالتالى فإننا لا نحصل على كل المعلومات الضرورية، وكأننا نقدم “تقرير حالة” كما نفعل فى باب: “حالات وأحوال”.

أما الفرق الذى أشرتِ إليه، وهو الذى ذكره المعالج، يعنى اختلاف سرعة حركتهم بما يباعد بينهم فطبعا له دلالة مهمة جدا، رغم هذا الإيجاز الرائع فى وصفه كما جاء فى كلام الزميل المعالج.

أ. محمد المهدى:

فيه معلومات كتير كانت ناقصانى فى تاريخ المريض ده بس اللى وصلنى إنه زى ما يكون العيان فى أزمة وجودية وبيحاول طول الوقت سواء فى شغله، أو سفره، أو فشله، زواجه وهو فى سن 39 يعنى يمكن تكون دى أزمة منتصف العمر ودى مرحلة مهمة ممكن يتعمل معاه فيها شغل، لأنها مفترق طرق زى المراهقة، بس ده مفيد فى التطمين المبدئى، لازم نحفزه إنه يراجع حساباته، وإن دى فرصة، ونحاول نعمل حاجة جديدة.

د. يحيى:

ده صحيح، ومفيد.

أ. محمد المهدى:

على الرغم من صعوبات المؤسسة الزواجية إلا أنها بتستمر مهما كان السبب فى استمرارها (الجنس، الأولاد، العشرة) وطول ما هى مستمرة، لا ينبغى التدخل من جانبنا إلا إذا حصل معوقات أو ماعدتش بتأدى وظيفتها؟

د. يحيى:

يا عم، المبادئ جيدة، والكلام سهل.

 هذه المؤسسة تحتاج إلى إبداع من داخلها طول الوقت (ربما مثل الديمقراطية) ثم ماهى وظائفها تحديدا حتى نحكم هل قامت بها أم لا: الجنس؟ الأولاد؟ العشرة؟ ربما، عندك حق، لكنها تظل تلقى فى وجهنا صعوبات التحديات الواقعية فى العلاقات الإنسانية.

د. ناجى جميل:

تأكيد دور المعالج الحرفى كعامل معضد ومساند للمريض هو مهم فعلا، ولابد أن يتسم بالمرونة وانفتاح الأفق دون تدخل مخل أو سلبية متفرجة.

دائما ما يثار فى فكرى تساؤلات عن تأثير نضج المعالج واحتياجاته الشخصية وثقافته الخاصة وسماته الشخصية وخبرته الإكلينيكية، على العلاج النفسى الفردى.

د. يحيى:

كل ما أثرت هو طيب، ولهذا نحاول الحرص على إعلان ضرورة الإشراف، وهو ما آمل فيه وأنا أواصل نشر حوارات الإشراف والتعليق عليها فى بريد الجمعة.

أ. ميادة المكاوى:

عندى تساؤلات عن كيفيه الوصول لجرعات متوازية من التدخل والنصيحة والاعتمادية وهل المقصود بالاعتمادية هو اعتمادية المريض؟ فماذا عن اعتمادية المعالج.

د. يحيى:

الاعتمادية المتبادلة المسئولة هى ضرورة حيوية فى أى علاقة نشطة، وهى دائمة التغير والتنقل ومرتبطة بكل حركية النمو والعلاقة بالموضوع: جدلا وتطور وإيقاعا، واعتمادية المعالج هى من ضمن مواصفات الطبيعة البشرية، لكن على المعالج أن ينتبه إليها طول الوقت حتى لا تكون على حساب المريض والعلاج!

أ. ميادة المكاوى:

يبدو أنه من الضرورى ممارسة المصارحة والمباشرة فى محاولة التفسير، خاصة فيما يتعلق بإعلان التغيير اللى بيحصل لنا، ما أمكن ذلك ولكننى أتساءل ألا يمكن أن يكون فى ذلك تعطيل ما للمريض أو ربكة له فى استقباله لى وإن كنت غالبا ألاحظ أنه فى مواقف مشابهه تزداد علاقتى بالمريض توطيدا وقربا، ولكن يبقى دائما هذا السؤال بداخلى.

د. يحيى:

ضبط الجرعة، وضرورة مراجعة كل هذه المواقف، هما السبيل للنمو المتصل، وما أصعب ذلك، لكنك تسيرين يا ميادة فى الاتجاه الصحيح، فقط ينبغى ضبط جرعة إعلان التغير الذى يحدث لنا، فلا نحن نعرفه تحديدا ولا المريض مسئول عنه بشكل مباشر، ولك الحق أن احتمال تعطيل المريض وارد إذا لم نضبط الجرعة.

أ. عبد المجيد محمد:

يبدو أنه ليس مفروضا أن أحمل نفسى مسئولية نجاح أو فشل العيان، وأن اكتفى أن أعمل اللى علىّ،

 بس إزاى أعمل ده وأنا باحس إن الكلام ده تنفيذه صعب؟!

د. يحيى:

مهمتنا يا إبنى صعبة، والتدريب والإشراف والممارسة والزمن والنضج بلا توقف ولا نهاية تخفف الصعوبة باستمرار.

وربنا يسهل.

أ. منى أحمد:

أنا معترضة على فكرة إنى أصارح المريض بمشاعرى تجاهه خاصة وإن كانت جيدة، يمكن عشان خايفة إن ده هيأثر فى تعامله معى، وثقته فيا.

د. يحيى:

كل ما هو موجود يؤثر فى مسيرة العلاج، سواء أعلناه أم اخفيناه، وسواء عرفناه نحن عن أنفسنا أم ظل خافيا داخلنا، المشكلة فى ضبط جرعة وتوقيت وفائدة المصارحة، أما بالنسبة للإعلان عن هذه المشاعر فأرجو أن تعودى إلى ردى على الابنة “ميادة” حالا، ولذا وجب الإشراف.

 د. محمد الشاذلى:

ربما هذه المشاعر التى تخلو من الحماس هى أكثر فائدة من تصنع الدعم والمساندة لأنها أكثر حيوية وآدمية وهى ما نحتاجه فى العلاج فى المقام الأول إنسان فى مقابل إنسان.

د. يحيى:

من حيث المبدأ هذا صحيح100% ، ولكن برجاء قبول أى جرعة من تلك المواجهة فى البداية، ثم نتركها تزيد من واقع الخبرة أساسا.

د. نرمين عبد العزيز:

أرى أن الضغط على الزوجة للتغيير لتلاحق هذا الزوج لن يجدى إذا لم يصاحبه مناقشة لموقف الزوج من زوجته لمحاولة إيجاد معادلة ما، يعنى نساعده إنه يقرب قبل ما يطلب من اللى حواليه أنهم يقربوا.

د. يحيى:

وجهة نظرك سليمة يا نرمين من حيث المبدأ.

لكنك تعرفين أن المسألة ليست مجرد موافقة، ولا هى مناقشة.

د. هانى عبد المنعم:

حاولت كثيرا الغوص أكثر فى دهاليز الحياة الزوجية لكثرة ما رأيت من مشاكل وكنت فى كل مرة أسأل نفسى كيف نحكم على تلك العلاقة بفطريتها، وهى مليئة بكل وسائل الدفاعات لإنجاحها أو حتى لتسييرها.

د. يحيى:

بالله عليك يا هانى! من الذى حكم عليها بأنها فطرية بالمعنى السهل الذى بدا لى فى سؤالك، إذا اتفقنا أن الفطرة هى حركية النمو، فهى فطرية، أما مفهوم الفطرة على أنها السذاجة والعفوية والملكية والالتهامية فهى أبعد ما تكون عن هذه العلاقة، ولا تنسَ أيضا أن الحيل الدفاعية المناسبة هى جزء من الفطرة شريطة ألا تدوم أو تثبت.

إن العلاقة الزوجية مازالت تفرض نفسها باعتبارها علاقة ضرورية صعبة متحدية طول الوقت يا رجل، ولا يعيبها أنها تستخدم الدفاعات اللازمة لكل مرحلة، إنما يعيبها الزيف الساكن والكذب الآمِنْ، أليس هذا هو ما يجرى فيها غالبا؟

د. نعمات على:

أحسست بصدق مشاعر المعالج ووضعت نفسى مكانه، فاحسست بالحيرة والصعوبة ثم أحسست بالضعف وإنى فعلا خبرتى قليلة، فاحسست بالخوف على المرضى منى!!!

وصلنى أن المعالج يساعد المريض على أى وضع هو فيه، هو لا يأخذ له قرارات، ولكنه يساعده فى اتخاذ القرار فهو بمثابه الأب والأم والأخ والصديق والحبيب كلهم معا فى شخص واحد كل منهم يظهر فى وقته.

د. يحيى:

هذا صحيح، وما أصعبه

وشعورك بقلة الخبرة رائع، وطبيعى.

لكنكِ صعّبتها عليك وعلينا يا شيخة أكثر فأكثر ما أنهيت به تعليقك، لعل كل ما قلتيه صحيح، لكن “واحدة واحدة”، ربنا يخليك.

أ. هالة نمّر:

يتهيأ لى إن الواحد لازم ينتبه كل شوية لخبث وأنانية وعمى قلة الحياد، برضه زى ما ينتبه لاستحالة ووهم الحياد.

د. يحيى:

هذا صحيح فى الاتجاهين، لذلك هو شديد الصعوبة.

أ. هالة نمّر:

عندما أتذكر نفسى حينما يأخذنى الحماس أو يبعدنى ضعفى عن الآخر، أنتبه إلى احتياجى حينها إلى مسافة ما لإنعاش مبدأ أننى لا أرى الآخر كما أريد أن يكون بل كما يستطيع، وأستنتج خبث عدم حيادى الذى قد يعكس عجز/احتياج مما يضعف من حدسى ورؤيتى.

د. يحيى:

لماذا المبالغة هكذا فى التأمل الذاتى؟

الحركة الفاعلة هى التى تخفف من التعثر التأمّلى المحتمل.

أ. هالة نمّر:

قالت لى إحداهن أنها حين تشعر بأمان أكبر فى العلاقة الخاصة عندما يتنحى الجنس قليلاً، وكأن تواتر الجنس وسيادته فى حالتها حين يهجم ويزاحم (وهو الأعفى) يكون مؤشراً وتعويضاً مباشراً على قلة الضمانات فى العلاقة، وضعف الوظائف الأخرى وليس العكس، ما رأيكم؟

أظن إن ساعات لمّا تكون العلاقات مضمونة بزيادة (اعتماداً على إشباع وظائف أخرى جوهرية برضه…)، يتنحى الجنس الأكثر حيوية قليلاً أو كثيراً؛ قد يكون لأنه الأكثر إجهاداً وتحدياً لما يتطلبه من حفز واختبار دائم لحيوية العلاقة ومسارها، ما رأيك؟

د. يحيى:

رأيى فى ماذا؟ للجنس تجليات شديدة التنوع، ووظائف شديدة التغير، وكثير منها مرتبط بالأمان والوعى والاعتراف والاحترام، وليس فقط بالرغبة والحيوية واللذه، مع إن كل هذا مهم.

لست متأكدا إن كانت ستتاح لى الفرصة، أو يطول بى العمر لأعود إلى ذلك لأرد على سؤالك أم لا.

هذا إذا كنت سوف أستطيع أصلاً.

الله أعلم.

شكرا

 

[1] –  يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net 

[2] – نشرة الإنسان والتطور: 17-8-2008 www.rakhawy.net

 

admin-ajaxadmin-ajax (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *