نشرة “الإنسان والتطور”
الأثنين : 9-4-2018
السنة الحادية عشرة
العدد: 3873
الجزء الثالث (والأخير)
مقتطف من قصيدة “هربا من هربى!” (ديوان “سر اللعبة” الطبعة الثالثة 2017)(1)
وقد نشر الجزء الأول أول أمس ونشر الجزء الثانى أمس واليوم ننشر الجزء الثالث وكل القصيدة مكتملة.
…………………
…………………
-6-
كان لزاما أن أختار:
إما أن أمضـِـىَ وحدى فى ذلِّ الهجر،
أو خطر ذهاب العقل،
أو أن أُطلقَ نارى
أسرقُ حق وجودى
أمحو الدنيا إلا ذاتى،
لكن بالله عليكمْ،
بالله علىّ:
لِمَ أحبس نفسى فى قفص التهمة
لأدافع عن ذنبكمو أنتم
عن تهمة كونى بينكمو وحدى؟
وضياعكمو أصل ضياعى؟
…………….
قد أنجحُ أن أبقى،
أن يدفعَ قلبى الدم،
أن تطحنَ أمعائى ما يُلقى فيها،
أو يقذف جسدى اللذة،
لكن أن أحيا إنسانا؟
هذا شىٌْ آخر،
لا يصنعه العدوان أو القسوة،
لا يصنعه الهرب أو اللذة
لكن يبنيه الحبُّ .. النبضُ .. الرؤيهْ،
الألمُ .. الفعلُ .. اليَقَظهْ،
الناسُ “الحلوة”
من لى بالحب ؟؟
أين الناس؟؟
****
(انتهى المقتطف الثالث)
القصيدة مكتملة:
هربا من هربى
لا تجزع منى
إذ لو أمعنتَ الرؤيهْ
لوجدت الانسانَ الضائـِعَ بين ضلوعي
طفلا أعزل
لا تتعجبْ، لستُ الوحشَ الكاسر،
والشعرُ الكثّ على جلدى هو درعى
يحمينى منكم،
من كَذِب “الحب”،
من لغو “الصدق”
من سُخـْف “الحق”
أنتم سببُ ظهور الناب الجارح داخل فـَـكـَّىّ
أنتم أهملتمْ روحى
أذبلتمْ ورقى
فتساقطَ زهرى.
-1-
هل تذكر يا من تشكو الآن:
كيف لَفِظتَ وجودى؟
هل تذكر كيف لَصَقت ضياعَكَ بي؟
هل تذكر كيف لبسْتَ قناعَ الوعظ
والشيطانُ بداخلك يغني؟
-2-
لمّا عشتُ الوحدة والهجر
أغرانى الطفلُ الهاربُ بالغوص إلى جوف الكهف
وتهاوى القارب فى بحر الظلمة
لكنَّ هناك كما تعلم يا صاحب سر اللعبة
موتٌ باردْ
فطفقتُُ أجمِّعُ قوة أجدادى
مَن بين خلاياىْ
حتى أخرجَ وسْط البحرِ المتلاطمْ: بالكـُتـَلِ البشريهْ
حتى أجدَ طريقى الصعب
………….
………….
واسّتيقظ فىّ ابن العمِّ النمرْ ،
ولبستُ عيون الثعلبْ
ونـَـمـَـت فى جلدى بعضُ خلايا بصريـَّـه ْ
مثل الحرباءِ أو الحّية
وبدأتُ أُعاملُ عالَمَكم
بالوحش الكامن فى نفسى
أرسلتُ زوائدَ شعرية
مثل الصـُّـرْصـُـور أو الخـُـنـْـفسْ
أتحسـَّـسُ مـَـلـْمـَـسَ سادتـَـنـَا
ووجدتُ سطوحَكمو لزجهْ ..
تلتصقُ بمن يدنو منها ،
أو ملساءْ،
تنزلق عليها الأشياء
أو يعلوها الشوّكْ.
فجعلت أدافع عنى
هرباً من هربي
هربا من “همى” و”شكوكى”
-3-
وسرقتْ …،
لا تتهمونى يا سادهْ،
لم أفعلْ إلا ما يفعله من تدعون الساسهْ
أو أصحابُ المالِ الكاسحْ
أو من حذقوا فك الشفرهْ
-4-
وكذبت،
لا تتعجل فى حكمكْ
ولينظرْ أىّ منكمْ فى أوراقـِـه ْ
فى عقـِد زواج ْ،
أو بحثٍ علمـِىِّ يترقـَّى بـِهْ،
أو ينظر داخل نفسهْ
إن كان أصيب ببعض الحكمهْ
ولْيخبرْنى:
هل أنّى وحْدى الكذاب.
-5-
وتعجلتُ اللذة
أنت تؤجلُ يا سيد إذ أنك أتقنتَ الصنعةْ
تعرف أن السرقةَ لا تدعى سرقهْ، إن لبست ثوب الشرع
والكذبُ تحول صدقا بالكلمات المطبوعةِ والأرقامْ
لكنى أمضى وحدى
وبلغة الأجدادِ الأصدقَ ،
لا أضمن شيئا مثلكمو
فى مقتبل الأيامْ
إذ ليس لدىّ سوى “الآن”
فكما اغتلتم أمـْـسـِـى .. ألغيتُ غدى
واللذّةُ عندى تعنى كلَّ وجودى
هذا قانونُ الأجدادْ
تلتصق بنصفٍ آخرْ.. تبقى
وكلامكمو المعسول عن العذريهْ
وعن الحب الأسمْىَ
وهْمٌ يخفى رِدّتكم للحيوانِ الأعمى
يا سادهْ:
ماذا يتبقى إن فـُـصـِـلـَـتْ روحى عن جسدى الثائر؟
يا سادة:
لم تختبئون وراء اللفظ الداعر؟
………..
إذ لو صدق الزعم
فلماذا أتُرك هـُمـْلاَ؟
أين الحبُّ المزعومُ إذا لم ينقذْْ روحى طفلا؟
…………
لا…… لا…. لا.. حســْـبُكـُـمُو
فلأرْوِ خلايَا جسدى بالجنس
وتقولون الحيوان تلمّظْ
وأقول: نعمْ
فوجودى يعنى امرأة تـَـرَغـَـبـُـنـِي
أو حتى رجل يَلصق بى
لا تنزعجوا
فخلايا جسدى تعرف لغة الحس
وجنابكمو … أهملتم حسى وكياني.
-6-
كان لزاما أن أختار:
إما أن أمضـِـىَ وحدى فى ذلِّ الهجر،
أو خطر ذهاب العقل،
أو أن أُطلقَ نارى
أسرقُ حق وجودى
أمحو الدنيا إلا ذاتى،
لكن بالله عليكمْ،
بالله علىّ:
لِمَ أحبس نفسى فى قفص التهمة
لأدافع عن ذنبكمو أنتم
عن تهمة كونى بينكمو وحدى؟
وضياعكمو أصل ضياعى؟
…………….
قد أنجحُ أن أبقى،
أن يدفعَ قلبى الدم،
أن تطحنَ أمعائى ما يُلقى فيها،
أو يقذف جسدى اللذة،
لكن أن أحيا إنسانا؟
هذا شىٌْ آخر،
لا يصنعه العدوان أو القسوة،
لا يصنعه الهرب أو اللذة
لكن يبنيه الحبُّ .. النبضُ .. الرؤيهْ،
الألمُ .. الفعلُ .. اليَقَظهْ،
الناسُ “الحلوة”
من لى بالحب ؟؟
أين الناس؟؟
[1] – ظهرت الطبعة الأولى سنة 1977 والطبعة الثانية سنة 1978، والديوان متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم.