الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / (مقتطفات متعلقة) من أعمال يحيى الرخاوى النقدية والإنشائية والإبداعية: قصيدة “الساقية‏ ‏المهجورة” ديوان: “سر اللعبة”

(مقتطفات متعلقة) من أعمال يحيى الرخاوى النقدية والإنشائية والإبداعية: قصيدة “الساقية‏ ‏المهجورة” ديوان: “سر اللعبة”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 28-1-2019

السنة الثانية عشرة

العدد: 4167

 (مقتطفات متعلقة) من أعمال يحيى الرخاوى

 النقدية والإنشائية والإبداعية

ديوان: “سر اللعبة” (1)

الفصل الأول: يوميات أعمى

-2-‏

الساقية‏ ‏المهجورة

(الوسواس القهرى شعراً)

نشرة 28-1-2019  

 لم‏ ‏يعد‏ ‏الرعبُ‏ ‏من‏ ‏الخارج‏ ‏يكفى ‏أن‏ ‏يُنسَينى ‏الداخلْ،       

فاقتربتْ‏ ‏نفسى ‏منى ‏حتى ‏كدتُ‏ ‏أراهَا

‏ ‏الظلمةُ‏ ‏والمجهولُ‏ُُ ‏وتفتيت‏ ‏الذّرة

          ‏والسردابُ‏ ‏المسحورُ، ‏وما‏ ‏قبل‏ ‏الفكرة             

           والطفلُ‏ ‏المقسومُ‏ ‏إلى ‏نصفين‏

                     ينتظر‏ ‏سليمان‏ ‏وعدله

‏ ‏وحقيقة‏ ‏أصل‏ ‏الأشياءِ‏ ‏تكاد‏ ‏تـُطـِلّ

***

 ‏لا‏ ‏مهرب‏ ‏من‏ ‏هول‏ ‏الداخل‏ ‏إلا‏ ‏عقلٌ‏ ‏عاقلْ

‏ ‏متحذلقْ

‏ ‏عقلٌ‏ ‏ينظم‏ ‏عقد‏ ‏القضبان‏ ‏المحكمْ

        ‏دعواه‏ ‏قديما‏ ‏كانت‏ “‏حل‏ ‏الطلسم‏”           

‏ ‏ويظلّ‏ ‏التافهُ‏ ‏يملؤ‏ ‏وجه‏ََ ‏الساحة

‏ ‏يُخفى ‏الخطرَ‏ ‏الأكبرْ‏ ‏

فالتافه‏ ‏آمَنْ‏: ‏

فليشغلْ‏ ‏بالى ‏أىُّ ‏حديثٍ‏ ‏أو‏ ‏فعلٍ‏ ‏عابر‏ْْ ‏

ولأمسك‏ ‏بتلابيبهْ

‏ ‏وليتكررْ‏ ….‏وليتكررْ

              وليتكررْ‏…

‏وليتكررْ‏ ‏أكثر‏؛ ‏

نفسُ‏ ‏الشئ ‏التافه‏ ‏

دون‏ ‏النظر‏ ‏إلى ‏جدواه‏                      ‏

‏ ‏فلأحفظْ‏ْْ ‏أرقام‏ ‏العرباتْ‏ ‏

أو‏ ‏عددَ‏ ‏بلاطِ‏ ‏رصيف‏ ‏الشارع‏. ‏

أو‏ ‏دَرَجَ‏ ‏السُّـلـَّم                                           ‏ ‏

أو‏ ‏أصبح‏ ‏أنظفْ، ‏

لكن‏ ‏من‏ ‏فوق‏ ‏السطحْ، ‏

هذا‏ ‏غايةُ‏ ‏ما‏ ‏يمكنْ، ‏

ولأغسلْ‏ ‏ثوبـِي ‏الأغبـَرْ، ‏

حتى ‏أخفى ‏تلك‏ ‏القاذورات، ‏

                 داخل‏ ‏نفسى،  ‏

     عن‏ ‏أعينِ‏ ‏كلِّ‏ ‏الناس،… ‏

لا‏ ‏بل‏ ‏عن‏ ‏عينـَـىْ ‏صاحِبِها‏ ‏الألمعْ، ‏

          الأطهرِ‏، و‏الأمجدِ‏، ‏والأرفعْ، ‏

بدلا‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏أشغل‏ ‏نفسى ‏بطهارة‏ ‏جوهر‏ ‏روحى ‏

          فلأغسلْ‏ ‏ظاهرَ‏ ‏جلدى،  ‏بالصابون‏ ‏الفاخرْ              ‏

لكن‏ ‏ويـْحي‏…، ‏

كيف‏ ‏دخلتُ‏ ‏السجنَ‏َ ‏برجَـلـّى؟‏ ‏

كيف‏ ‏سعيتُ‏ ‏إلى ‏حـَـتـْـفـِى؟‏ ‏

صوّر‏ ‏لى ‏العقلُ‏ ‏المتحذلق‏: ‏أن‏ ‏السارق‏َ ‏ضابط‏ ‏شْرطة، ‏

            فإذا‏ ‏بالمصيدة‏ِِ ‏الكبرى … ‏تمسكنى ‏من‏ ‏ذَنَبِى ‏

حتى ‏أمضِىَ ‏سائر‏ ‏عمرى ‏فى ‏عدِّ‏ّّ ‏القضبانْ‏

أو‏ ‏لمس ِ‏ ‏الأشياء ِ ‏على ‏طول‏ ِ ‏طريـِـق‏ ‏حياتي؛

                       ‏دون‏ ‏الغوص‏ ‏إلى ‏جوهرها               ‏ ‏

أو‏ ‏جمْع‏ ‏الأعدّاد‏ ‏بلا‏ ‏جدوى،  ‏

أو‏ ‏إغلاق‏ ‏نوافذ‏ ‏بيتى ‏

ونوافذ‏ ‏عقلى ‏تتبعها، ‏

        وحديد‏ ‏التسليح‏ ‏يكبّل‏ ‏فكرى                      ‏

لم‏ ‏يعد‏ ‏التكرار‏ ‏ليكفى، ‏

والمسرح‏ ‏ضاق‏ ‏بنفس‏ ‏الحركة                           ‏ ‏

‏…….. ‏

وأزيز‏ ‏الساقية‏ ‏المهجورة، ‏

يرجو‏ ‏أن‏ ‏يُوهم‏ ‏ثورًا‏ًًً ‏نـَـزَع َ‏ََ ‏غُماهْ، ‏

أنّ‏ ‏سرابَ‏ ‏الفكر، ‏

يروى ‏الزرعَ‏ ‏العطشان، ‏

لكن‏ ‏كم‏ْْ ‏جفّ‏ ‏العودُ‏ ‏الوِجدان، ‏

رغم‏ ‏خـُوَار‏ ‏الثور‏ِِ ‏المتردّدْ، ‏

       وأزيز‏ ‏الساقية‏ ‏الأجوفْ                                   ‏

 

[1] – قصيدة “الساقية المهجورة” من ديوان “سر اللعبة”  (ص 63) (الطبعة الأولى 1977، والطبعة الثانية 1978 والطبعة الثالثة 2017)  والديوان متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net  وهذا هو الرابط.

 

النشرة السابقة 1النشرة التالية 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *