نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 8-1-2022
السنة الخامسة عشر
العدد: 5243
مقتطفات كتاب
“الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” (1)
الباب الأول: “النظرية ومعالم الفروض الأساسية” (13)
مقدمة:
نواصل اليوم هذا النشر المتقطع من هذا الكتاب، لعله الأهم، أن تُقْرأ نشرة اليوم التى سنقدم فيها ما تيسر من الفصل الرابع، وأوصى بالبدء بقراءة نشرة الأسبوع الماضى.
يحيى
الفصل الرابع
“مسارات الوعى وتشكيلات المعلومات” (1)
مقدمة:
نحن لا نعرف تحديدا طبيعة ما يجرى فى هذا المخ البشرى العظيم الذى يمر بمحنة استعماله الاختزالى وتوظيفه فيما لم يخلق له، ومع ذلك فلابد من الاجتهاد طول الوقت، ويبدو أنه قد آن الأوان لنحترم الفروض القابلة للتطبيق الواضحة النتائج بنفس القدر، وربما أكثر، من احترامنا الأرقام والمعلومات الملتبسة المفروضة علينا من ثقافات مغتربة، مع احتفاظنا بحقنا – ولهم بحقهم – فى تبادل المعارف والخبرات.
إن تأكيدى على أهمية الممارسة والسماح بالاستلهام منها هو لأنها أصل هذه النظرية الحالية التى نشأت من واقع الممارسة مما سمح لى أن أطرح ما أستطيع أن يعيننى ويعين مرضاى، ومن يهمه الأمر، دون إغفال كل ما يصلنى، وأسعى إليه، من معلومات داعمة، والصبر على أية معلومات مناقضة، وأيضا مع احترام أى نقد يفيدنا فى مسيرتنا وحمل أمانتنا.
اليوم وأنا على وشك أن أنهى هذه المقدمة عن هذه النظرية سوف أتعرض لبعدين عن احتمال تنظيم مسارات الوعى والأمخاخ، وتوجـُّهاتها طولا وعرضا وغير ذلك.
أولاً: التنظيم الهيراركى والمستعرض للمخ:
سبق أن ذكرنا “أن الانسان يولد بتنظيم معلوماتى (بيولوجى) جاهز ومرتب حسب خبرات تاريخ الحياة كلها ثم تاريخ النوع ثم تاريخه الشخصى، وباعتبار أن حياة الفرد بطولها ماهى إلا نبضة طويلة تمثل تاريخ حياة النوع، فإن بداية فهم التركيب البشرى من خلال هذا العضو القائد (المخ) تتأتى من قبول تطبيق نظرية الاستعادة، Recapitulation theory، وأن الكائن البشرى هو “مختصر تاريخ نوعه على الأقل”، أى أنه يمثل – ويحمل – تاريخه التطورى بترتيبه المتصاعد الذى يشمل فيه الأحدثُ الأقدم، دون أن يلغيه، وهو يشمله إذ يتخلق معه نبضة بنبضة بترتيب هيراركى ولافى نـِـشِـطٍ مستمر،
فإذا كانت نقطة انطلاقنا هذه هى أن ثـَمَّ تركيبا قائما جاهزا “للبسط” ”فالإضافة” ”فالنمو”، طول الوقت ليلا ونهاراً، فانه يجدر بنا البحث فى طبيعة هذا التركيب حتى يمكننا أن نواكب إيقاعه الحيوى من ناحية، وأن نفهم تبادلات ضبط الإيقاعحيوى من ناحية أخرى، ثم قد يمكننا أن نتوقع مساره الممكن من جانب ثالث، وأخيرا فإن كل ذلك جدير بأن يساعدنا فى العمل على تصحيح مساره بالعلاج فى حالة خلل هذا التنظيم حتى خلخلة واحديته، أو نشاز هارمونيته: أى حالة المرض.
قد يستحيل فى المرحلة الحالية من المعرفة مجرد تصور كل المستويات المتداخلة فى التصعيد الهيراركى للمخ، لذلك سوف أكتفى بالتركيز على ثلاثة مستويات، استعرت مـُنـْطـَلـَقها – دون تفاصيلها – من بعض الفكر التحليلى (المدرسة الإنجليزية: العلاقة بالموضوع Object-Relation Theory)) فيما يتعلق بنمو الطفل وعلاقته بأمه خاصة، وهى المستويات التى اسمتها هذه المدرسة “مواقع” Positions مع التذكرة برفضى لكلمة “موقع“- لسكون ما تعنى- وأنى فضلت كلمة “طور” عليها – للتأكيد على الحركيّة والمعاوَدة– فقد لاحظتُ أن ما هو “طور” يمكن أن يسمح بالجدل النمائى أو العلاجى بشكل مباشر حتى فى أشهر الأمراض العقلية (الفصام والبارانويا والاكتئاب) ومكافئاتها، كما أن هذه الأطوار هى التى نلاحظ كيف أن المريض (جدا حتى تنشيط المخ البدائى قائدا)، يمر بها فى الاتجاه العكسى أثناء العلاج المثابر فى اتجاه التكامل للشفاء، نحو استئناف النمو سليما، هذه الأطوار لها ما يفسرها ويقابلها – بشكل إجمالى – فى تاريخ التطور، وهذا ما يعنى – من وجهة نظر ما نقدم الآن – أنْ تُعدّ الأم، والمحيطون بها، حتى يحسنوا مواكبتها بدعمٍ محيط حتى يتنقل بينها الكيان البشرى النامى بسلام، فلعل هذه هى النقطة الجوهرية التى تسمح بتطبيق فكر هذه النظرية التطورية عملا كلينيكيا فى “واقع الآن”، سواء فى التنشئة أو للوقاية أو فى العلاج، ومن هنا تكتسب الحق فى اعتبارها منظوراً عمليا/علميا أقرب إلى موقع الإنسان على قمة هرم التطور حاملا تاريخه لمواصلة رحلته.
مرة أخرى:
هذا التنظيم الأساسى بمستوياته المتتالية المتبادلة هو أصلا دائمٌ ودائرٌ فى دورات الفسيولوجيا اليوماوية (دورات النوم واليقظة والحلم واللاحلم أساسا) وهو يمثل تاريخ التطور الطويل، وهو ما يتم دعمه أثناء تطور الفرد فى علاقته بالموضوع (الأم ابتداءً)، وهو الذى يظهر فى مراحل النكوص المرضى من ناحية، ثم فى مراحل البناء العلاجى من ناحية أخرى، وهو الركيزة الأساسية التى تنبنى عليها أغلب فروض هذه النظرية التى أقدمها حاليا.
إن تركيب المخ – من هذا المنطلق- يشمل عدة تراكيب متصاعدة يمكن إرجاعها إلى أصلها التطورى، كما يمكن عند التطبيق رصد معلومات تؤيد كيف تدعمت إحدى هذه المستويات (الأمخاخ) أكثر من الأخرى أثناء مراحل النمو الأولى بشكل خاص: انطلاقا من هذا التوصيف، وتحديد نشاط كل منها وعلاقتها ببعضها البعض، وهذا هو ما يتم عبر قراءة تاريخ المريض وجذوره ثم تخطيط النفسمراضية التركيبية Structural psychopathology بناء عليه، ومن ثـَـمَّ التخطيط للعلاج لاستعادة كفاءة النبض وسلامة التنظيم بكل ما نملك من وسائل.
ولنبدأ الآن بالتعرف أكثر على هذه الأطوار (سابقا: المواقع): أصلها وما يقابلها وعلاقتها ببعضها وعن طبيعة “العلاقة بالموضوع” فى كلٍّ، مع إعادة التأكيد بأنها “طور” أكثر منها “موقع” ذلك أن الموقع يرتبط بفكر التثبت على خبرة بذاتها فى حين أن “طور” إنما يشير إلى نشاطِ ونوابيةِ مراحله فى سلسلة تعلن “نوع التواجد“، و”نوابية الحركية” “واستمرارها” وهما الأساس فى تحديد نشاط وطبيعة أى معالم لهذا المستوى من المخ/الوعى!، لذلك أفضل بحرص شديد ضرورة استعمال كلمة “طور” التى تُلهِم تصورا حركيا معاودا منتظما فتؤكد أنها مخ نابض أيضا كما توحى بالترتيب التصاعدى تطورا فنموا باستمرار باستمرار، ما لم تنغلق دوائر النبض أو تستمر فى المحل!! كما أنها تسمح بالتعديل وإعادة التوجه باستمرار، وفيما يلى ترتيب هذه الأطوار من تاريخ التطور وكيف تتجلى فى الفرد:.
أولاً: المخ الانفرادى المنعزل (البدائى الانسحابى):
وهو ما يقابل ”الموقع الشيزيدى” Schizoid Position فى مدرسة العلاقة بالموضوع، والطور البدائى فى هذه النظرية، وربما تصلح تسميته المخ البدائى أو حتى الشيزيدى، هو أول مراحل النشاط الحيوى ويبدأ داخل الرحم، ومن حيث ما يقابله فى التطور يمكن أن نرجع هذا المستوى الانفرادى إلى غاية بداياته من ذلك الوجود الحيوى أحادى الخلية، قبل التميز إلى “ميتازوا” أصلا. وبالتالى قبل أن يوجد جهاز عصبى أو أى جهاز آخر مختص جدا، وكذلك يمكن أن نجد له ما يقابله فى الأحياء المتكاثرة ذاتيا (دون تميز جنسى أو حاجة الى شريك) حيث يعلن هذا النوع نوعا من الاستكفاء الذاتى يستغنى به عن الآخر: ”الموضوع” أصلا حتى فى مجال حفظ النوع.
تتميز آليات هذا الطور بالاستعداد لإلغاء الموضوع أصلا، بالانسحاب بعيدا عنه، إلى الرحم أو ما يعادله، ومما يؤكد مشروعية تحفظنا على تسميته باسم مرضِى (أو شبه مرضى: شيزيدى!) إنه، مثل كل نبضات المخ وأطوارها طور دفاعى نمائى معا، وهذا هو الفكر الأساسى للطبنفسى التطورى على أساس أن أى موقف أو آلية تبدو مرضية، أو ينتج عنها مايسمى مرضا فى الإنسان، هى فى جذورها آلية (أو برنامج) تطور دفاعى مشروع، ونحن حين نستقبل الأمر من هذا المدخل يصبح تعاملنا معه مختلفا ، فيصبح المطلوب هو قبوله من حيث المبدأ، ثم محاولة توجيه مساره إلى الإقدام “مع”، بدلا من الانسحاب “من”:، ومن ثـَـمَّ العمل على تأكيد تآلفه مع البرامج اللاحقة والمتبادَلة حسب التوقيت والغاية من ناحية أخرى، (وهذا هو الأسلوب الذى سوف نتعامل به مع كل أطوار نبض المخ فى الصحة والمرض: أسلوب البدء بالتعرف على وظيفة كل طور الإيجابية وقت أن كان قائدا قادرا أو مستقلا!ّ
والبداية هى أنه بعد حدوث التلقيح يظل التواجد الحيوى داخل الرحم دون حاجة إلى “أخر” وتتم المحافظة على الحياة عن طريق الحبل السرى، لكن يبدو أن العلاقة بالأم تبدأ من ناحيتها على الأقل منذ التلقيح وربما قبله، وتظل هذه المرحلة التى تستغرق عند الكائن البشرى تسعة أشهر لها حضور متميز، بل وجاذب، ومغر ومستمر إلى ما بعد الولادة:
عند الولادة تستمر هذه المرحلة المتواصلة مع الرحم لفترة مناسبة (لم تتحدد بشكل نهائى) يواصل فيها الطفل التعرف على العالم الخارجى، مع طلب الاعتراف به بشكل مضطرد، لكنه لا يتنازل أبدا عن حقه فى العودة إلى أمان الرحم وحمايته متى لزم ذلك دفاعا أو نوابية.
من هنا ينبغى أن تعتبر هذه المرحلة من أهم أطوار حركية إيقاع المخ مدى الحياة، ويظل “حق العودة” قائما طول الوقت ، ولكنها عودة إلى رجعة باستمرار، وعلى ذلك فإن هذا الطور هو ضمن الدفاعات الطبيعية لاستمرار النمو، ومرة أخرى نشير إلى أهمية النظر إلى “برنامج الدخول والخروج“ (قبل ومع برامج التشكيل والإبداع) باعتباره برنامجا تطوريا مرنا دفاعيا ضروريا، بما فى ذلك دورة (دورات) إيقاع النوم واليقظة، والحلم واللاحلم، فهى دورات تجرى فيها برامج الدخول والخروج كأنشط وأنفع ما يكون.
من هنا يصبح كل ما يوصف به الموقف الشيزيدى (حسب مدرسة الموضوع) فى حاجة إلى مراجعة وبالتالى لا يصح تسميته بـ “شيزيدى” وكأنه ليس طبيعيا على طول الخط، كما لا يصح أن يقتصر على مرحلة نمو الطفل الأولى، وإنما هو طور “طبيعى” موجود طول العمر، طول الوقت، طالما يؤدى وظيفته الدفاعية باستمرار فى الانسحاب للانطلاق عبر نشاط الإيقاعحيوى النمائى.
يخرج الطفل من بطن أمه، لكنها تظل تحتويه بدرجة أو بأخرى فى رحم وعيها، وبالتدريج تسمح له بالتواجد – خارجاً داخلاً– عبر الوعى البينشخصى، وهذا ما أشرت إليه تفصيلا فى تفسير طقوس احتفالية “السبوع” فى ثقافتنا الخاصة، حين يصر المجتمع الأسرى على تعميق وعى الأم بأن ما كان بداخلها اصبح خارجها، وبالتالى فعليها أن تعيش هذه النقلة فى وعيها الجديد، وهو ما ترمز إليه احتفالية السبوع (2) غالبا حملاً له بداية ونهاية وولادة (بل ولادات) جديدة متكررة مع كل نبضة إيقاعحيوى عندها وعنده.
هذا الطور يستحيل أن ينفصل عن الطور التالى وهو طور الكرّ فَرّ التوجسى (المسمى عند مدرسة بالموضوع: الموقع البارانوى): ذلك ان ما يدفع الطفل إلى اللجوء إلى دفاع العودة إلى الرحم، وإلغاء الأخر، هو المواجهة المفاجئة مع ما هو “ليس أنا” (الأخر المنفصل عنه) بدءا من أمه إلى كل ما، ومن، يصل إلى وعيه البازع للتعرف على المحيط الجديد، فهو يستقبله بتوجس مبدئى، هو دفاعىّ أيضا، باعتبار أنه جديد عليه، يحمل احتمال الخطر، ومن ثم يستعد للكَرّ، ولكنه بَعْدُ لا يملك أى مقومات للكرّ، فيلجأ إلى الفَرّ، فإلى أين يفر، إلى الرحم حيث كان الأمان، ثم يعاود المحاولة وهكذا باستمرار:
الربط مع الطور التالى:
من هنا جاء الربط بين الطور الأول والطور الثانى، وهو ربط شديد الأهمية والحيوية واللزوم لمواصلة النمو التدريجى بالسماح البيولوجى الطبيعى الذى يتمثل فى العلاقة المتدرجة مع الأم، ثم مع الآخرين، مع تزايد المساحة والمسافة بين الطفل و”الموضوع” الآخر (بدءًا من الأم) باستمرار، وأيضا زيادة المرونة بالسماح اللازم للحركة الإيقاعية بكل مستوياتها طول الوقت.
وتظل هذه الحركية لهذين الطورين مستمرة طول الوقت، وهى حركية السماح بالذهاب والعودة، بالدخول والخروج، بالاختبار والكمون، ومع نجاح كل دورة نبض دون التوقف عند نقطة البداية، بما فى ذلك السماح بالكر والفر، وباستمرارية نشاط الطور الأول مع الطور الثانى يدعمان دفاعا متبادلا: تتواصل مسيرة النمو، إذ تتخلق الذات النامية بنبضات الإيقاعحيوى الإيجابية، مدعمة بالرؤية (الشوفان) والاعتراف والجدل، الأمر الذى يتوقف على مدى نمو الأم أساسا، والسماح للقادم الجديد بتكوين وعيه الحركى نحو التَّمَيـُّز الذاتى المستقل دون انفصال دائم أو استغناء ساكن.
هذا الطور الحركى النكوصى الانسحابى إذن – كما ذكرنا – لا يصح أن يوصف بأى اسم مرضى أو شبه مرضى (مثلا: شيزيدى)، فهو يمكن أن يتجلى بكل صفاته فى عدد من المواقف والتجليات الهامة:
1- فهو برنامج دفاعى مشروع، عادى وصحى، وهو ما أشرنا إليه حالا من أنه من حق أى إنسان (أو مَنْ دونه) أن يتراجع وينكص ويتحوصل فى مواجهة خطر حقيقى، حتى يزول الخطر أو يستعد له، فيعود يواصل.
2- وهو طور طبيعى دورى من أطوار الإيقاعحيوى، يتبادل بإيقاع منتظم مع أدوار أخرى مكملة ومتكاملة معه، وأكبر تمثيل لذلك هو دورة النوم واليقظة، وبرغم أن النوم ليس خال من الموضوع، وأن حركية الإبداع فيه نشطة، بل وربما أنشط أحيانا مما هى فى اليقظة، حيث الأحلام زاخرة بكل المواضيع الحقيقية الداخلية (وليس فقط المتخيلة)، ومع ذلك فإن الانسحاب إلى النوم، هو ما يقابل الرجوع إلى الرحم فى دورات منتظمة متكاملة، فقط هو يتميز بأنه رجوع يتضمن إعادة تنظيم (القوات= المعلومات) ثم الخروج منه إلى اليقظة يكمل الدورة فالدورات (إعادة الولادة) (3) وهكذا.
3- وهو صفة قد تستمر وتتضاعف حتى تصبغ الشخصية ككل، وذلك حين يتوقف النمو الظاهر عند هذا الطور، ويستعمل كل الدفاعات التى تسهم فى استمرار هذه الوقفة طول الوقت (أو طول العمر)، وهذا ما يسمى عادة الشخصية الشيزيدية، أو الانطوائية، وهذا لا يعنى أن نبض المخ فى إيقاعحيوى قد توقف، وإنما هو يشير إلى أن ما أحيط به هذا النبض من قهر وإلغاء لنتائجه التشكيلية الإبداعية قد نجح أن يقلل من أثر النبضات الخلاقة ويحولها إلى نبض مغلق الدوائر (محلك سـِرْ) وبالتالى يتواصل النبض دون فاعلية النمو، ولهذا التركيب أشكال كثيرة مختلفة فى تفاصيل السمات الظاهرة، لكن كلها تؤدى إلى:
(1) تجنب العلاقة بالموضوع،
(2) إلغاء حركية البصيرة الوجدانية الدافعة لتحمل الاختلاف: فالعلاقة،
(3) إجهاض نتائج الإيقاع الحيوى الإيجابية،
ومظاهر هذه الشخصية “المتوقفة” بشكل شبه دائم عند هذا الطور ليست قاصرة على الانطوائية، بل تشمل كثيرا من مظاهر الاغتراب بكل أنواعه ومستوياته، بما فى ذلك “فرط العادية”، وتشكيلات متنوعة من إلغاء أو تقليل المسافة اللازمة لمرونة واستمرار حركبة العلاقات الأوثق بالآخر (الموضوع)، أو بإزمان الدخول والخروج في المحلّ تذبذبا فى دائرة مغلقة.
4- مع استمرار اضطراد مسيرة النمو السليم يتراجع نشاط هذا الدور باستمرار لحساب ما هو أكثر نضجا وعلاقاتية وإبداعا من أطوار النبض الحيوى المتواصل.
وبعد
إن المبالغة فى تنشيط هذا الدور وراثيا أو من أم محتوية غير آمـِــنة تحول دون قدر كاف لطفلها من تجارب الاقتراب والترك، هذه المبالغة إنما يترتب عليها تضخم كل من السمات الظاهرة التى سبق وصفها حتى تتمادى لتصبح مرضية معيقة، وذلك مثل: استسهال الانسحاب والنكوص، والاعتمادية، وإلغاء الآخر باستمرار برغم الإيقاعحيوى الدائرى المغلق، لأنه موقوف عن التشكيل داخل دفاعات التجميد، وهذا ما يسمى أحيانا بالوجود أو النشاط الشيزيدى.
……..
(ونكمل غدًا)
ثانياً: المخ العدوانى التوجسى
[1] – انتهيت من مراجعة أصول “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” وهو من ثلاث أبواب: وسوف نواصل النشر البطىء آملا في حوار، منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2021) (تحت الطبع)
[2] – يحيى الرخاوى: “نشرة الإنسان والتطور” (22/1/2008) (طقوس “السُّبُوعْ”، وجدلية الانفصال/الاتصال)” www.rakhawy.net
[3]- “الحمد لله الذى أحيانى بعدما أماتنى وإليه النشور”
صباح الخير يا مولانا:
المقتطف : كما يمكن عند التطبيق رصد معلومات تؤيد كيف تدعمت إحدى هذه المستويات (الأمخاخ) أكثر من الأخرى أثناء مراحل النمو الأولى بشكل خاص: انطلاقا من هذا التوصيف، وتحديد نشاط كل منها وعلاقتها ببعضها البعض، وهذا هو ما يتم عبر قراءة تاريخ المريض وجذوره ثم تخطيط النفسمراضية التركيبية Structural psychopathology بناء عليه، ومن ثـَـمَّ التخطيط للعلاج لاستعادة كفاءة النبض وسلامة التنظيم بكل ما نملك من وسائل.
التعليق : أظن أن هذه الفقرة تحمل صلب هذه النظرية : فى الرؤية والتطبيق ،وأحاول الآن أن أربط بين ماهو مكتوب هنا ،وما يكتب فى الصياغة النفسإمراضية كل يوم ثلاثاء ،فأجدهما متباعدين ،وتبدو لى الآن أهمية رصد المعلومات التي تدعم أحد مستويات المخ أثناء النمو،وأهمية وعى المعالج بها ،لربط الخطة العلاجية بذلك مباشرة
ربط جيد! واجبٌ
عندك حق
صباح الخير يا مولانا:
المقتطف : هذه الأطوار لها ما يفسرها ويقابلها – بشكل إجمالى – فى تاريخ التطور، وهذا ما يعنى – من وجهة نظر ما نقدم الآن – أنْ تُعدّ الأم، والمحيطون بها، حتى يحسنوا مواكبتها بدعمٍ محيط حتى يتنقل بينها الكيان البشرى النامى بسلام،
التعليق : رجاء إعادة قراءة هذه الفقرة مرة أخرى ،أظن أن جملة ” أن تعد الأم ،والمحيطون بها ” مكتوبة بطريقة تربك المعنى
لقد قرأتها من جديد وكأنى لست كاتبها فوجدت أننى متمسك بها:
ولا أعتقد أنها تربك المعنى
شكرا
ما تقترح أن يكون تلاسم بل الشيزيدى؟