“يوميا” الإنسان والتطور
22-12-2007
العدد: 113
مفاتيح بسيطة واختيار الحياة
(هل ثـَمَّ مذاق للحياة فى ذاتها؟) !!
وجدت نفسى دون قصد أتقدم بنصف وعى نحو منطقة طالما تجنبت الاقتراب منها، خوفا من أن أكذب على نفسى أو أن أخدع الناس.
وجدتنى أكاد أفعل ما أنهى عنه معظم مرضاى، والآن، معظم الناس.
وجدتنى أكاد أوصى ببعض ما اكتشفت، فيبدو أنه نصحية سطحية لا يمكن تطبيقها، فهى غير مسئولة، ولا لزوم لها.
ما الحكاية بالضبط، وكيف استدرجتنى مواضيع هذه اليومية مؤخرا إلى مأزقى هذا؟
المأزق
محاط أنا بثلاثة كتب أحضرتها معى، وهى من الكتب التى اكتشفتها وأنا أراجع مكتبتى لأحدد موقفى من المنتدى المطروح إلكترونيا على كل زوار الشبكة العربية للعلوم النفسية، مما سمى مؤخرا “فكر وأطروحات يحيى الرخاوى” (شكرا يا د. جمال ترك) “
ماذا أفعل؟ اكتشف عشرات (أخشى أن أقول مئات) الكتب التى قرأتها، وخططتها، وقلبت فى هوامشها بما تيسر، ثم حاليا كدت أنسى مجرد عناوينها، لكننى ما أن أقلب صفحاتها، وأقرأ تعليقاتى على هوامشها، وأسفل الصفحات وأعلاها، حتى أتذكر ليس فقط ما بها، ولكننى أعاود معايشة حالتى أثناء قراءتها.
هذه الكتب الثلاثة هى
1) أنواع العقول لـ دانييل دينيت
2) سبع تجارب قد تغير العالم لـ روبرت شلدرايك
3) اقتناص السعادة لـ برتراند رسل
هذا بالإضافة إلى فيم تلك البدعة الجديدة “السر“
حين نشرت يوميتين عن تلك البدعة المسماة “السر” وأشرت إلى ما أسميته “الجواهر الكريمة وسط كومة قشة” يومية 12 -12-2007، سألنى الكثيرون عن تلك الجواهر، ولماذا لم أوضحها بعد أن أصبتهم بخيبة أمل قاسية، واعتبر آخرون أنهم خـدعوا فى هذا السر، وأننى أنرتهم، وعلى الجانب الآخر، وصلتنى احتجاجات أن الهجوم على مثل هذه البدعة ثم الإشارة إلى ما أسميته بعض إيجابيات فيها، هو دعاية خفية لها دون أن أدرى. كل ذلك دفعنى أن أحاول أن أقدم وجهة نظرى فى هذه المسألة وغيرها، فوجدت نفسى مضطرا أن أناقش المنهج أولا حيث أن الإشكال لا يقتصر على تناول هذه البدعة التى راجت عند أصحابها أكثر بكثير من فرصتها عندنا.
من أين نبدأ البحث؟
الفكرة الاساسية عندى هى فى البحث الجاد وراء انتشار ظواهر نعتبرها خرافة، أو مستحيلة، أو سطحية، أو سلبية، البحث ليس لمجرد معرفة أسباب انتشارها فيما يشبه التهوين والاتهام، ولكن البحث الجاد فى معناها ووظيفتها وغايتها مما يبرر مثل هذا الانتشار.
المبدأ عندى هو أن تكون بداية البحث العلمى، والنظر العلمى، والنقد العلمى، هو من واقع الناس لصالح الناس، حتى لو كان هذا الواقع سلبيا أو معيبا أو خطأ صرفا، لكنه واقعهم فعلا.
البداية من الواقع السلبى فد يسمح لنا أن نفهم أبعاد سلبيته بما يمكن أن يقلبه إيجابيا.
البداية من الواقع الخطأ قد يهدينا أن نجد فى جوف الخطأ ما يصححه، وهكذا.
لايصح أن نبدأ من أذهاننا نحن، وافتراضاتنا نحن، وكتبنا نحن، ولا حتى من إنجازاتنا التكنولوجية والعصرية الرائعة،
البداية من “واقع الناس”، ليست تسليما له،
ولكنها البداية (أرجو أن تستوعب فى هذا السياق ما تعنيه كلمة “البداية”؟ ! شكرا)
علاج القبول والالتزام (العلاج المعرفى)
فى ثالث إنجاز من إنجازات الموجة الثالثة للعلاج المعرفى الأحدث، ظهر مؤخرا علاج اسمه “علاج القبول والالتزام“، ِAcceptance Commitment Therapy وهو ما يقابل بعض ما نمارسه هنا فى مصر فى مدرسة الطب الفسى التطورى مما أسميناه “علاج المواجهة- المواكبة- المسئولية” “و.و.و.”
معنى القبول هنا هو التأكيد على أن تكون البداية هى بقبول ما هو موجود، وليس بالسعى المتلاحق للتخلص منه (الأعراض اساسا) باعتبار أن التخلص من العرض هو غاية المراد
فى هذا العلاج نساعد المريض أن يقبل أعراضه الموجودة لننطلق منها إلى ما يمكن، وليس أن يتجنبها ويصر على التخلص منها إلى ضدها مما يتمناه
(تذكر وجه الشبه مع فكرة “الجذب” فى السر لما تريده، وليس التركيز على ما تريد تجنبه؟) “أحجار كريمة وأشياء أخرى وسط كومة قش” يومية 12 -12-2007
ارتبط هذا الموقف دون قصد مسبق بمواضيع أساسية تناولتها هذه اليومية منذ ظهورها، وأيضا ببعض أساسيات الممارسة الإكلنيكية من منطلق تطورى معرفى، وكذلك ببعض منطلقات فـكرى شخصيا ، فحاولت أن أجمع بعضها وأضيف إليها مجرد عناوين، سوف نرجع إلى تفاصيلها فى حينها:
1- مبدأ الـ “هنا والآن” فى ممارسة العلاج الجمعى بوجه خاص
2- مبدأ الهنا والآن (الوجه الإيجابى فى الحياة العامة)
3- بعض تشكيلات علاقة الممكن بالمستحيل “يومية 16-12-2007 المستحيل والممكن!” (مثل: ماأسميناه الثروات المجانية)
4- الإيقاع الحيوى الإنسانى فى علاقته بالإيقاع الحيوى الكونى (فى الطبيعة إلى المطلق- نحو وجه الله)
5- حقوق الإنسان الغامضة الأساسية غير المكتوبة (مثل حق الدعاء، وحق الاستجابة، وحق العوزان.. حتى حق الجنون، وغيرها)
كل (أو أغلب) هذه المنطلقات لا يمكن دراستها دراسة موضوعية (نفعية معا) إلا إذا:
1- بدأنا برصد نسبى لحضورها فى الوعى العام
2- ثم بقبولها من حيث المبدأ
3- ثم بالبحث فى معناها وتجلياتها
4- ثم فى مدى انتشارها
5- ثم فى مغزى ذلك قبل وصمها وشجبها ومحاربتها
6- ثم فى رصد الطبيعة البشرية التى سمحت لها بما أدى إلى ما نبحثه
7- ثم فى وزن سلبياتها فى مقابل إيجابيتها
8- ثم فى إيجاد بديل أكثر إيجابية، إذا ما رجحت سلبياتها على إيجاباتها، أو رجح ضررها على فائدتها ..إلخ
هذا المنهج يقابل عادة بالرفض بشكل حاسم، وكثيرا ما يقابل بالاتهام
لكننى ممارس لمهنة تجعلنى فى مواجهة الناس بما هم “مرضى وأصحاء”، لا بما أتصوره من الينبغيات، ولا بما أرجو لهم أن يكونونه.
أدى بى تبنى هذا المنطلق للنظر فى أغلب الممارسات الشعبية التلقائية عندنا، وما يقابلها من بدع تظهر فى بلاد أكثر تقدما ، ووجدت بعض الإجابات، وعرضت بعض التوصيات.
ثم إنى أتممت الرابعة والسبعين من عمرى، منها نصف قرن وبضعة شهور وأنا طبيب نفسى
اجتمع كل هذا معا، وربما هو الذى أدى بى أن أعثر على بعض المفاتيح البسيطة التى هدتنى إلى بعض ما لم أتصور أن له كل هذه القيمة، فشعرت أن علىّ أن أفصح عنها (يمكن هى السر بتاعنا احنا) !!!
حين فوجئت بهذا العبث أو الدجل المسمى “السر”، لمحت فيه- مضطرا- بعض ما خبرتـُه، برغم أننى استبعدت أن أصحابه يمكنهم أن يعرفوا أى وجه شبه.
هممت أن أصرح بما وجدت، وأنا أتصور أن الدافع الذى دفع برتراند رسل (مع الفارق طبعا) أن يكتب كتابه عن السعادة هو أنه بعد أن بلغ تلك المرحلة من العمر، رأى أن عليه أن يبلغ تجربته إلى الناس حتى لو انتقده أمثالى واتهموه بالتعرض للأمور بهذه البساطة (ولا أقول السطحية).
تردد
برغم كل ذلك ترددت أن أقدم ما وجدت فعلا،
ليس فقط خشية سوء الظن، والاتهام بمساندة الجهل، وإنما أفحمنى سبب آخر يتعلق بأحوالنا البائسة جدا.
بدا لى أننى لو تقدمت بعرض بعض هذه المفاتيح التى وصلت إليها، والتى تبدو مثل النصائح (التى عادة ما أنهى الأهل عن ممارستها مع مرضاهم لثبوت فشلها، سوف أقع فى مظنة الاستهانة بآلام الناس، وما يعيشونه من حرمان وقهر وظلم وإذلال، إذ كيف أتكلم عن فرحة محتملة، ورضا قريب، وامتلاء ممكن، ونوم طيب، وإبداع فى المتناول والناس لا تجد رغيف عيش (حاف) لأطفالهم الذين لا يستطيعون حتى النوم من فرط قرص الجوع إلا إذا أعانهم البكاء على ذلك؟
حتى لو استعبطت وقلت إن هذه الفئة لا تقع فى دائرة من أحاول أن أوصل لهم كلمتى، فهذه مقولة خادعة لا تمثل الحقيقة، لأن الكلمات التى تحمل رسالة ما، تصل من خلال أى من كان إلى أصحابها، سواء قرأوها أم لم يقرأوها.
مسئولية الكلمة، تلزم أى صاحب كلمة، أن ينتبه إلى مسارها ونتائجها على الجميع وليس فقط على من يقرأها.
إذن ماذا؟
إذا أنا عثرت على مفتاح بسيط “مجانا” يمكن أن يجعل لحياتى معنى، فجربته، فغيّرها، فاختبرتُ التغيير، فوجدته إيجابيا، فحاولت أن أنقل ذلك لمن أحبهم، ولمن لا أحبهم، ماذا ستكون النتائج؟ تصورت بعض المواقف التى سأقابل بها على الوجه الذى جعلنى أصنف المتلقين باعتبار أنهم:
1- لن يصدقونى
2- أو سوف سيسخرون منى
3- أو سوف يشفقون على
4- أو سوف يتهمونى أننى فى برجى العاجى، فرح بمنتداى الذى زرعنى فيه عم جمال ترك، لا أشعر بآلام الناس، ولا أقدر مشاكلهم الحقيقية.
5- أو سوف يصنفونى أننى لا أفهم مغزى الجارى، لا حقيقة المؤامرات، ولا الصراع المحلى والعالمى، ولا مؤامرات الشركات إياها، وأننى لا أقدر مدى ما آلت إليه مسائل تلوث البيئة، والتطهير العرقى، ومافيا الحكام وحوارييهم ومسيريهم، والدماء السائلة بسبب الحروب المجنونة والعصبية الغبية..إلخ
إحنا فْ “زفت…”، ولا فْ شم ورد”
تحضرنى، احتراما لأغلب هذه الأحكام التى أهمها نسيان آلام الناس أقوال وأمثال شعبية هى من أكثر ما يحول بينى وبين أن أتكلم عن ما وصلنى من خبرتى فيما أسميته “المفاتيح البسيطة” التى قد تؤدى إلى نتائج رائعة تبدو مستحيلة.
من هذه الأقوال التساؤل الشعبى الرائع: إحنا ف إيه ولاّ ف إيه؟ والاحتجاج الشعبى الدال “خلّ الهم لاصحابه”، ثم المثل الأكثر انطباقا والذى اضطررت أن أغير كلمة فيه وهو يقول متسائلا: “إحنا فى “زفت…”، ولا ف شم ورد” (المثل الأصلى يستعمل كلمة أقبح لها رائحة).
يصلنى كل ذلك فأعدل، وأتراجع، وأسكت
خيانة:
ثم أجد أننى بذلك أكاد أخون الناس وأتمتع من ورائهم ببعض المتع باستعمال هذه المفاتيح سرا لنفسى دونهم، بل إننى أتصور أنهم أولى وأقدر على استعمالها، وأنهم لو صدقونى لفعلوها أجمل وأكثر جدوى، ربما يستطيع الاستفادة منها بشكل أفضل من هو أصغر وأقل حرمانا سابقا.
الذى جعلنى أنتبه لهذا الموقف الصعب هو أننى تصورت أن هذا الذى عثرت عليه قبل أن أسمع عن حكاية “السر” هذه هو ما وراء انتشار هذه الظاهرة الجديدة ، حتى لو لم يدرك ذلك أصحاب اللعبة، دع جانبا الحديث عن آلاف أو ملايين الدولارات، أو ذلك الذى أصبح فجأة معشوق النساء لانه استعمل قانون الجذب “توموتيكى”. انتبهت لوجه الشبه بين مفاتيحى وبين ما وراء انتشار السر مما لا يعرفه غالبا مندوبو مبيعاته.
حين وصلت إلى هذه المرحلة من التداعى، قفزت إلى ذهنى كلمة “السعادة” التى استعملها برتراند رسل، وهى ما جعلتنى أتحفظ على كتابه (تحديدا تحفظت على “عنوان كتابه وليس على كتابه)، فوجدت أن الذى عثرت عليه هو شىء آخر غير السعادة، شىء أقرب إلى “طعم الحياة”.
ياه !! هل للحياة طعم ؟ مذاق؟
وهل يمكن أن نستشعره بإحساس حقيقى
وما علاقة الحياة بما هو سعادة؟
وأين يقع الألم من ذلك؟
والحب؟
وغير ذلك.
اختيار الحياة، والوعى بذلك
السؤال الذى لا يطرحه أحد على نفسه (غالبا) هو هو السؤال الذى يُطرح على أى حى من الأحياء: أن يعيش أو لا يعيش.
الفرق بيننا وبين من قبلنا من أحياء (وسنرجع إلى ذلك عند مناقشة كتاب أنواع العقول (دانييل دينيت)، هو أننا يمكنا الوعى بهذا السؤال أحيانا
هل هو هو نفس السؤال الذى شاع من خلال حدس شكسبير على لسان “هاملت”؟
(لاأظن، وسوف نناقش الفرق بين توجد، وأن تتفرد، وأن تعى الحياة فى ذاتها)
الاختيارات االضمنية (بإرادة ظاهرة أو خفية) التى تطرح على الكائن البشرى تباعا قد تتسلسل على الوجه التالى:
- أن تختار أن تحيا،
هذه قضية بقائية تتم تلقائيا بقوانين التلاؤم والبقاء وتاريخ الحياة والأحياء قبل مرحلة مواجهة السؤال (ولا أقول طرحُهُ على سائر الأحياء، لأن هذا السؤال لا يـُطرح إلا على وعى وعقل[1]).
- أن تختار أن تحيا بشرا
هذه قضية أخرى لاحقة إذا كنت نجحت أن تختار أن تحيا
- أن تختار أن تحيا بشرا “لتصير (إلى ما لا تعرف)
هذا الاختيار كامن فى وعى الكائن البشرى، وهو نابع من الوعى الباطنى بتاريخ التطور الذى مازال يحمله ويمثله، لذلك فهو محاط بأكبر قدر من الغموض )
إشكالة الوعى البشرى:
على الرغم من أن الكائن البشرى قد تميز باكتساب الوعى، ثم الوعى بالوعى، إلا أن استعمالات ومستويات هذا الوعى ليست دائما جاهزة، ولا متساوية عند مختلف البشر، ونحن لا نعلم متى تكون مفيدة، ومتى تكون عكس ذلك، ومن بعض ذلك:
o أنه يعى بعض هذه التساؤلات السابقة ، ولا يعى البعض الآخر (أن تحيا- أن تكون بشرا- أن تصير)
o أنه يُحل بعض التساؤلات الأولية محل التى تليها، فهو قد يحل اختيار الحياة بشرا، مع أنه لم يختر أن يحيا أصلا
وهو لا يكون بشرا لأنه ينطق، أو يبتسم، أو يفكر، ولكن لأنه يستطيع أن يعيش فى جدل مع وعى بشرى آخر يحاول نفس المحاولة،
(وهذا هو ما يسمى الحب أحيانا)
o أن تحل أسئلة لاحقة محل هذه الأسئلة الأولية ، مثل أن يحل سؤال “لماذا نحيا” محل سؤال “هل أحيا أم لا “
o أن تحل أسئلة فردية ذاتية محل أسئلة نوعية (تتعلق بالنوع) مثل الحكاية الشائعة جدا عن إشكالة “تحقيق الذات” فردا مستقلا متميزا، فهذه الإشكالة حين تتصدر أولويات التساؤل بديلا عن، او أهم من التحقق من أننا نعيش أصلا تصبح معطلة بشكل ما، والأرجح أن هذا هو ما دعانى للتمييز بين مسألة “أكون أو لا أكون“، وبين “اختيار الحياة“.
سعادة الحيوان وقانون الجذب
حين نكتشف أن التحدى الأول هو “أن أحيا أو لا أحيا” (وليس أن أكون أو لا أكون) ، ونحن – للأسف وللفخر معا – نتمتع بهذه المصيبة الرائعة التى اسمها الوعى، يصبح علينا أن نتعرف على المقومات الأساسية التى تثبت لى أن هذا الاستمرار الذى أنا فيه هو “الحياة،
هذه المراجعة غير مطروحة على سائر الأحياء،
وربما هذا هو ما دعى برتراند رسل على غلاف كتابه يتغزل فى سعادة الحيوان، وأيضا جعله يستهشد بشعر وايتمان فى مقدمة كتابه “اقتناص السعادة“.
الفرض:
الفرض الذى جاءنى لأفسر به جزئيا قانون الجذب law of attraction الذى وراء “بدعة السر” هو أن هذا القانون:
- يمكن أن ينمى هذه العلاقة الأساسية بين الإنسان والحياة (كونه حيا)
- وهو يمكن أن يوثق التناغم بين إيقاع الأحياء (الإنسان هنا بوجه خاص) وإيقاع الكون (الإيقاع الحيوى)
(وربما هذا ما ترجمتـْهُ معظم الأديان بكفاءة رائعة وأدى إلى كل الإيجابيات التى حافظت على استمرارها، قبل أن تتشوه الأديان).
توقف وتذكرة:
سوف أتوقف فى هذه المرحلة ، لأننى أشعر أنه لا بد من استيعاب هذه المقدمة قبل أية تطبيقات، لكن علينا أن نقدم مزيدا من نقد أساسيات هذه البدعة، حتى نطمئن ونحن نبحث فيما وراءها، ومن ذلك (حتى لو كان فيه بعض التكرار):
- ليست المسألة مسألة تفكير يتحكم فى الكون،
وإنما هى وعى يتصل به، وعى بشرى يتناغم مع وعى الكون إلى المطلق (إلى وجه الله بلا نهياة) عابرا محيط الغيب بلاحدود أو غاية معروفة مسبقا، دون إلزام بالوعى بالوعى، ولكن مع إمكانية ذلك)
- ليست المسالة فى تحديد مطلب بذاته للحصول على مكسب بذاته (أربعمائة ألف دولار أو مليون)
وإنما هى فى إمكانية تحقيق ما تريد، بدون هذا المبلغ بالذات إذا تم التناغم مع الكون
بهذا الوعى الإيجابى المشارك (الملزِم من الفرد إلى الكون فوجه الله – حق الدعاء فى الإسلام، لو أقسم على الله لأبره)
فى مقابل الوعى الكونى الإيجابى (أو السلبى) الملزم من الكون إلى الإنسان (القدر).
- ليست المسألة فى تركيز على المطلب بنعومة سلبية، أو حتى بجذب مشتاق، وتفكير مركز
وإنما هى تذكرة ضمنية بإهمال استعمال قنوات التواصل مع الكون حتى انغلقت
(المفروض أن هذا هو ما تحققه العبادات، والإبداعات، والحركة الإيجابية مع الناس إليه، والحب تحت مظلته “فى” و “على” و”إليه”)
- ليست المسألة فى إمكانية الحصول على مكسب آجل يأتى من خلال التركيز
وإنما هى إشارة ضمنية – قد لا يعرفها المروجون للبدعة- إلى أن ما تريده قد يكون تحت قدميك الآن، لكنك تصر أن تواصل البحث عنه بعيدا بعيدا (فى الزمان والمكان) أبعد من أى احتمال واقعى، وأنت تدوسه بقدميك ، ولا تحصل على شىء بتطلعك للمابعد.
- ليست المسألة فى أحادية التوجه من الكون إليك، أو من الله سبحانه إليك
وإنما هى فى العلاقة ذهابا وإيابا باستمرا
(رضى الله عنهم فرضوا عنه،
أنا عند حسن ظن عبدى بى
لو أقسم على الله لأبره، ..إلخ)
وحتى نلتقى غدا أعدكم أن أحاول عرض مزيد من تداعيات هذا الفرض وما أثاره
خاصة حول
تعميق معنى اختيار الحياة،
وهل ثم تعارض بين اختيار الحياة واختيارالحب، (موقف غرينوى فى عطر سوزكند)
وما مدى إلزام هيراركية الاختيار؟
وهل ثم اختيار للموت؟
وما علاقة ذلك باختيار الحياة؟
وهل لكل ذلك دور فى التطبيب النفسى؟
وغير ذلك مما لا أدرى.
ربنا يقدرنا،
ويصبركم
آمين.
(سيحدث،
بل حدث!
هأنذا أمارس يقين الحق فى الدعاء!!!!!)
[1] نؤجل البحث فى الانتحار الجماعى لبعض الأحياء، وأيضا فى معنى انقراض 99،9% من الأحياء، هل هم اختاروا الانتحار أو الانقراض؟