اليوم السابع
الثلاثاء 18-2-2014
محفوظ: زكريا (3-3): حدّ يحرق بس داره؟!
مقدمة
“هوّا ده يخلّصْ من الله”!؟، بحب شديد التقط أحمد رامى هذا القول الشائع، وصاغ منه تلك الأغنية الشديدة الرقة، لتتغنى بها أم كلثوم بلحن زكريا أحمد سنة 1931 إحدى أجمل أغانيها القديمة، روح يا زمان تعالى يا زمان تحضر الأغنية فى أحلام فترة النقاهة لمحفوظ، إذ تظهر فى الحلم رقم “53” فى صورة تشكيلية من أجمل صور إبداع محفوظ تكثيفا وصدْما، ولكن الذى كان يغنيها فى هذا الحلم هو الشيخ زكريا أحمد، كان يغنيها وهو مضطجع على أريكة محتضنا عوده، فيتجرأ العبد لله كاتب هذه السطور ناقدا، فيكمل “نصا على نص”، من موقع أن “الشعر لا ينقد إلا شعرا”، وقد اعتبرت أحلام فترة نقاهة محفوظ شعرا خالصا.
لكن دعونا نقرأ النص، ثم النقد، ثم نرى:
النص (المتن)
( حلم محفوظ “53” – 2001)
سألت عن صديقى فقيل لى إن الموسيقار الشيخ زكريا أحمد يسهر فى بيته كل ليلة شاديا بألحانه حتى مطلع الفجر فقلت يا بخته ودعيت لحضور سهرة فذهبت إلى الحجرة الواسعة المزخرفة جدرانها بالأرابيسك .. ورأيت الشيخ زكريا جالسا على أريكة محتضنا عوده وهو يغنى ‘هوه ده يخلص من الله’ وفى حلقة جلست الأسرة نساء وأطفالا وبينها رجل معلق من قدميه وتحت رأسه على مبعدة ذراع طست ملئ بمية النار.
وضاعف من ذهولى أن الجميع كانوا يتابعون الغناء دون أدنى التفات إلى الرجل المعذب.
تقاسيم (نصَُ على نص: الناقد: (شخصى) بتاريخ 8-5-2008):
… قالت المرأة المنتقبة للرجل الأملس، إن هذا هو آخر ما كنت أتصوره من الشيخ زكريا بالذات، ردّ الرجل بصوت عالٍ مع أنه كان يتلفت: ما عليك، المهم هو ما سيكون بعد السهرة، فقالت هامسة: إخفض صوتك.
وبعد (2014)
جمعت حدس النص إلى حدس النقد وعدت إلى كلمات الأغنية، ونسيت أم كلثوم، فانتبهت إلى حدس محفوظ الباكر، وهو يخرج بالأغنية من عذابات رامى وعبقرية أم كلثوم وتقلية الشيخ زكريا، فيشكل لنا هذه الصورة الاستباقية التى تكاد تصف ما يجرى بنا وحولنا الآن بهذا الحدس الفائق، فيلهمنى وصفا لما يجرى الآن:
يقول شطر من الأغنية “حد يحرق بس داره؟ اوعى تجنيها بايديك”،
بالله عليكم ألا تصلح هذه النهاية لتكون هدية لهؤلاء الذين يحرقون بلدهم، بلدنا، بالإرهاب، وبالكسل والتواكل والتبعية معا؟
لا يا شيخنا لن نحرقها بأيدينا
ويا عم زكريا دمت لنا ولها.