اليوم السابع
الخميس 23-1-2014
ما زالت الفرصة أمامنا لتكون “ثورة”
بمجرد بداية البداية فى سلسلة باكرة من المقالات، كتبت تحت عنوان ” أهم الوصايا للشبان والصبايا” عددا من النداءات أنبه إلى ما أعرفه عن مفهوم النبض الحيوى، والإبداع على مر تاريخ الحياة، وما ينطبق منه على حركية القائم (مشروع الثورة) ، وقد شرحت فيها من البداية عبر المثال الذى ضربته من : ضرورة التناوب بين “القبض” و”البسط” مثل عضلة القلب، فالقلب لا يمكن أن يدفع الدم إلى الجسد إلا إذا امتلأ بالدم أولا، وأن امتلاءه بالدم لا يمكن أن يتم إلا وهو منبسط فى حالة تلقى ما يتجمع فيه من سائر الجسد، حتى يمتلئ فيدفع ما به فى انقباضة قوية، وهكذا وهكذا. كما نبهت من البداية أن تواصل القبض بصورة مستمرة يخل بعمل القلب ويعرض صاحبه للموت، بل أشرت أنه حتى فى حالة العضلة العادية فى أى موقع فى الجسد إذا تواصل انقباضها دون بسط ، فإنها تصبح فى حالة عاجزة عن القيام بوظيفتها، حتى تضمر ويسمى هذا المرض : الميوتونيا أتروفيكا” Myotonia Atrophicaأى “الانقباض الضمورى”، وأوصيت من البداية أن ينتبه الشبان والصبايا إلى هذه القوانين الطبيعية ، حتى تتجنب مصر الضمُور فالتحلل وتستمر كيانا حيا قادرا على الإبداع والتطور.
قدمت أيضا – للشبان والصبايا – نموذجا آخر لحركية الثورة بين الاستيعاب والتشكيل، وهو عملية الإبداع، وقلت إن الثورة هى “إبداع جماعى”، والإبداع يبدأ بتفكيك الموجود حتما لإمكان إعادة تشكيله، فإذا عجز عن هذا التفكيك فلا توجد فرصة أصلا لإعادة صياغة القديم لتجديده، لكن الإبداع لا يكون إبداعا بالتوقف عند مرحلة التفكيك، وإلا أصبح جنونا متفسخا، فلى تعريف للجنون أنه “إبداع مُجهض” مقابل تعريف للإبداع أنه “جنون ناجح” إذْ تجاوز مرحلة الجنون إلى الولادة الجديدة ، ونبهت مرارا أن علينا، ومن البداية أن نحسب نهاية لمرحلة التفكيك، وأن نستعد للتشكيل بأبكر وأجهز ما يمكن، حتى يصبح الإبداع الجماعى إبداعا حقيقيا مكتملا (ثورة)، وليس مجرد تفكيك فوضوى .
وددت ألا أذكر ما كتبت سابقا حتى لا أبدوا كأنى أفخر بأننى تنبأت باكرا بما جرى، وهذا عيب شديد ولا فائدة منه، لكننى اكتشفت أن ما كتبته بتاريخ 29 يناير 2011 لم أنشره إلا فى موقعى الخاص، وربما ترددت فى نشره آنذاك حتى لا أثنى من عزم الشباب المتحمس، إذْ أبدوا حكيما فى وقت يحتاج إلا التقدم المخاطر أكثر مما يحتاج إلى الحكمة، لكننى غامرت بعد ذلك بنشر السلسلة التى قد أعود إليها، وهى السلسلة التى حين رجعت إليها الآن وجدتها – بعد ثلاث سنوات– أصلح للنشر حالا، ولو أننى وجدت طريقة تنفى الزعم بالفخر ومثل هذا الكلام لأعدت نشرها كلها تباعا، فنحن أحوج إليها الآن من أى وقت مضى ، وأنا لم أقرر بعد، ولكن هذه مجرد فقرة نشرت فى موقعى الخاص، فى نشرة الإنسان والتطور التى تصدر يوميا منذ أكثر من سبع سنوات، بعنوان “يوميات الغضب.. ولادة شعب جديد” بتاريخ “29-1-2011” (ومن شاء فليرجع إلى كامل النص فى موقعى)، وقد لامنى على نشر رأيى هذا فى هذا الوقت المبكر بعض تلاميذى وأبنائى وبناتى، باعتبار أننى أثبطهم باكرا قبل الأوان ، وربما كانوا على حق، فليكن “الآن” هو هذا “الآوان”:
وإليكم فقرة واحدة مما نشرت فى موقعى بعد أربعة أيام من 25 يناير، وليس ثلاث سنوات:
“….. أكتب اليوم إسهاما فى محاولة ضبط الجرعة، لعلى أنجح أن أحذّر من:
- التغيير السطحى،
- أو الانقلاب العسكرى،
- أو الانقضاض السلفى،
- أو التشويه الغوغائى،
- أو كل ذلك
المفروض أن اصرخ فى الشباب أن ينتبهوا حتى لا يركب الموجة غير أهلها،.. إلخ
…….
هناك فروق كثيرة دائما بين:
“الحركة” و”الانتفاضة”، و”الثورة”،
وعلى الجانب الآخر، هناك فرق شديد بين “ثورة الغضب” و”اندفاعة الفوضى”،
……..
أعرف أن تحديد “المآل” من البداية أمر صعب، لكن “تعهد المسار” – منذ البداية أيضا- هو الذى يمكن أن يحتوى حتى ما كان ينذر بأنه تشتت أو تفسخ، وهو الذى يسمح بإعادة تشكيل وإبداع،
….
وبعد، فى 23 ديسمبر 2014
ما زالت الفرصة أمامنا لتكون ثورة حقيقية نحن أهل لها وجديرون بها.
إعملوا معروفا (نداء إلى 94 مليونا بل إلى أجنتهم فى الأرحام).”
والله المستعان.