الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / لعبة الشعارات، بين الاختزال والاستسهال

لعبة الشعارات، بين الاختزال والاستسهال

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء: 7-1-2014

السنة السابعة

العدد:  2321

لعبة الشعارات، بين الاختزال والاستسهال(1)

الشعار الأقدم والأشهر هو “الإسلام هو الحل” وهو شعار أوضح واسهل، وبالتالى يمكن أن يسلـَّم به كما هو دون مناقشة  بغض النظر عن  مدى علاقته بالإسلام الدين، أو الإسلام الحضارة، أو الإسلام الإيمان، أو الإسلام الإبداع، ولا يمكن أن نتصور أن أى واحد أو واحدة  من الغالبية العظمى التى تستمع لمثل هذا الشعار سوف يتوقف ليسأل : أى إسلام، وحل ماذا؟  وللأسف فإن كثيرا من المنتمين إلى  الفريق الآخر الذى يتحفظ على مثل هذا الشعار، قد استـُدرج أيضا لاستعمال تعبير مقابل ، فأطلق  شعار “الديمقراطية هى الحل” وارتاح بدوره ، وتكرر الشعار الجديد وانتشر دون تحفظ أو حذر ودون تحديد مضمون جامع مانع.

من حيث المبدأ : أن نشهر كلمة بذاتها ، مفردة هكذا، فى مواجهة حقيقة الصعوبات التى تحيط بالإنسان، أو بالحياة ، هو خطأ علمى ، فضلا عن احتمال أن يكون تجاوزا أخلاقيا ودينيا إذا كان المقصود منه هو تغييب الوعى وترويج بضاعة أخرى من خلاله، إذ يستحيل أن تفيد كلمة واحدة ، مهما تقدست ما تعنيه من تفاصيل تحتاج لمجلدات لتحديدها، لا يمكن لكلمة واحدة أن  تحدد خطوات قابلة للتطبيق، أو أن تقدم محكات قادرة على التقييم، فما بالك إذا لم نحدد بعد تلك الكلمة التى زعمنا أنها “الحل”: حل ماذا ؟،

ما أسهل على من يرفع شعار “الإسلام هو الحل”،أن يبادر بالرد عليك، بأنه حل “كل مشاكلنا”، فهم يمدون طموحهم الظاهر والخفى ليكون  الإسلام هو الحل” لكل أمور الدنيا والأخرة على حد سواء، صحيح أنهم لا يركزون فى دعاواهم أو دعاياتهم على الآخرة بألفاظ صريحة، لكن أى واحد يتابع مسار دعاياتهم ، خاصة المنطلقة من بيوت الله، لا من مواقع السياسة، لا بد أن يكتشف أنهم يسوّقون الآخرة مع الدنيا فى صفقة واحدة، والمستهلك لا يميز عادة هذا من ذاك، وخاصة أن الحياة الدنيا عمرها الافتراضى شديد القصر قياسا بالحياة الآخرة، كل هذا محسوب على الاقل لا شعوريا فى تسويق الشعار، ومن ثم فى جباية الاصوات.

أصحاب شعار “الديمقراطية هى الحل”، يركزون على حل مشاكل الحياة الدنيا، لكن شعارهم  امتد أيضا وتقدّس حتى خشيت أن يصل إلى أن يشمل النظريات العلمية مثلا، فهم – والحمد لله- لا يزعمون ان النظرية العلمية تكون صحيحة بعدد الأصوات التى تحصل عليها من المشتغلين بهذا الموضوع العلمى أو ذاك، او حتى من المنتفعين بنتائج هذا العمل (أو البحث العلمى)،، وربما اقتصر تطبيقه فى المجال العلمى على منح الجوائز ومثلها بأصوات غالبية صفوة بذاتها!!!

إن هذا الذى زاد وفاض على الناحيتين، جرجر معه وطوال سنتين فكرة الاكتفاء بالشعار عن المحتوى، وبالهتاف عن طرح البدائل طويلة المدى، حتى  تسطح وعى العامة (وغير العامة) بما يهدد نضجهم السياسى بشكل أو بآخر. ذلك أننا طوال سنوات ثلاث تعودنا أن نسمع ونردد اسما، أو رمزا، أو لقبا، لأية مسيرة، أو أى تجمع، أو يوم من أيام الأسبوع، أو مطلب فئوى، أو تغيير وزارة ، …إلخ ،  مجرد كلمة أو كلمتين، وتنفخ فى النفير، وعينك لا ترى إلا النور،!!!

 وهكذا كاد يحل تبادل الالفاظ والشعارات ، بديلا عن البرامج، والواقع، والإبداع، والإنتاج، وتحديد العدو، والاستعداد له، والعمل على الاستقلال الاقتصادى، ونفع الناس، ومواجهة إغارة السيطرة والغطرسة، والتهديد بالانقراض.

وكل هذا يحتاج إلى عودة وتفاصيل.

[1] – تم نشر هذا المقال فى موقع “اليوم السابع” بتاريخ 25-10-2013.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *