اليوم السابع
الأحد: 29-9-2013
لا يفلّ المؤامرة الخبيثة إلا “التآمر الخلاّق”
أثار إريك فروم (العالم النفسى الأشهر) فى كتابه عن ” تشريح عدوانية الإنسان” تساؤلا مزعجا يقول: هل مازال الإنسان نوعا (حيويا) واحدا؟ ثم عرض احتمال أنه نظرا لاختلاف اللغات والألوان والأوطان، قد يكون استقبالنا لبعضنا البعض قد وصل إلى اعتبارنا أجناسا متعددة، لا جنسا واحدا.
الجارى الآن عبر العالم يشير فعلا إلى اختلاف حاد بين فريقين من البشر، اختلاف لا يتوقف عند تقسيم العالم إلى محور للشر ومحور للخير، (بحسابات دينية، عنصرية، عسكرية، استغلالية، مالية، فوقية)، فلابد من دراسة متأنية لهذا التعدد النوعى داخل الجنس البشرى، ربما يمكن أن يحدد كل منا إلى أى نوع ينتمى، ومن ثم يستعمل، ما دام أصيب بمحنة العقل والوعى وحمل الأمانة، آليات التطور ومنجزات التاريخ للحفاظ على نوعه.
النوع الأول يهمه أن يفنى النوع الثانى أو بتعبير شبابنا “يوقف نموه” ليصبح صنفا أدنى من الأحياء، ربما يسميه “إنـْسَانـْزِى” (مع الاعتذار للشمبانزى) العلم الحديث يؤكد حاليا أنه لم يعد “البقاء للأقوى”، بل إن”البقاء للأكثر تكافلا”، ليس فقط مع أفراد نوعه، وإنما مع سائر الأحياء، ثم أخيرا صيغ الأمر فى صيغة أشمل تقول “البقاء للأذكى تآمرا إيجابيا”!! هذا ما بيّنه الكاتب الألمانى “ماتياس بروكز” فى كتابه “المؤامرة 11/9”: أن المؤامرة فى أصولها الحيوية الإيجابية هى قانون (برنامج) بقائى حيوى!
ما يجرى تحت اسم العولمة (الأمريكية) هو مؤامرة ضد الحياة ليس لها أدنى علاقة ببرنامج التآمر البقائى الحيوى، هذه العولمة تحاول تشكيل العالم بقوانين ونظم صادرة من الأقوى سلاحا وإعلاما، وهو يتصور أنها لمصلحته مع أن هذا الغبى يطبقها فعلا ضد مصلحته وليس فقط ضدنا (الأحياء تنقرض معا إذا تشاركت فى الغباء الحيوى)، فهى مؤامرة سلبية مدمِّرة، وعلينا أن نعى أبعادها نحن الناس (الجنس الثانى).
الذى أدعو إليه – وهو يتزايد كل يوم- يتمثل فى ما أتاحته لنا فرص التواصل التكنولوجية الجديدة عبر العالم، وهذا ما أسميته “ التآمر الخلاّق “، فالمعنى الأصلى للتآمر هو التشاور: “تآمروا: تشاوروا“، نحن الآن عبر العالم نتشاور مع بعضنا البعض، ربما كجنس ثان من البشر، يحاول أن يدافع عن بقائه ليس على حساب الجنس الأول وإنما لصالح الجميع.
معظم الكوارث التى تجرى الآن فى العالم غامضة غموضا شديدا، وكلما زاد الأمر غموضا، وزادت دعايتهم ضبابية وألاعيب، لزم البحث عن “مؤامراتهم الغبية” العدمية الإعدامية لمواجهتها بتآمر حيوى ذكى، ووسيلتهم هى نشر الأديان الورقية الجديدة (الديمقراطية الملتبسة الملوثة بالإعلام المغرض، ووثائق حقوق الإنسان المشبوهة المطفَّـفة) التى تبرر سرا القتل الاستباقى والتطهير العرقى مع مقدمات مغيمة بسحابات الثورات الملونة والفوضى “التفسخية” (اسم التدليل: “الخلاّقة”)
الذى يحكم العالم الآن ليس أوباما أو هولاند، أو مِركل، أو كاميرون، الذى يحكم العالم هو شركات المال والدواء والسلاح والاتصالات العملاقة، بالتعاون مع المافيا، وتجار المخدرات، وقوّادى الدعارة. مؤامرة العولمة (الأمريكية) تحاك لصالح هذه الفئات وتوابعها ومن يحتمى بها ومن يتآمر معها، وهى عملية إجرامية تغسل عقول البشر لصالح أقساهم وأغباهم، أما التآمر الخلاق الذى بدأ على الناحية الأخرى عبر التواصل الإلكترونى فهو يجرى بعيدا عن السلطات المركزية (ما أمكن ذلك) لتخليق الوعى البشرى الجديد فى مقابل النظام العالمى القاتل المتغطرس.
ولسوف ننتصر: الناس ضد أمنا الغولة.