اليوم السابع
الجمعة 17-1-2014
كيف نقرأ هذه النتائج؟ ومسئولية الإعلام!
منظر أبنائى وبناتى الإعلاميين وهم يبلغون الناس نتائج الاستفتاء، هو منظر متوقع، فهو امتداد لما قاموا به قبيل هذين اليومين العظيمين!!، لكننى أعتقد أنهم جميعا – تقريبا – ينقصهم شىء مهم، آن الآوان أن ينتبهوا إليه؟
لماذا كل هذه الفرحة بهذه الثمانية أو التسعة وتسعين بالمائة؟ لماذا هذه المقارنات المكررة بين دستور ودستور دون تحليل أكثر عمقا وأعم فائدة وأقدر على التوعية والإفادة؟ أنا لا أطالب الإعلام المسموع والمشاَهد أو المقروء بأن يسلب من ناس مصر الطيبين فرحتهم بتصحيح خطأ جسيم هم أيضا الذين شاركوا فيه، وهم كذلك الذين دفعوا ثمنه، وكان يمكن أن يدفعوا أكثر وأكثر، بل إنهم حاليا مستمرون فى دفع الثمن؟ ولكن كل ما أرجوه من الإعلام وغير الإعلام هو المشاركة فى متابعة حركة البندول من أقصى طرف إلى أقصى الطرف الآخر، مع ملاحظة ارتعاشات المؤشر أمام لوحة بلا أرقام ظاهرة.
فإذا كانت هذه هى رؤية مختصو الإعلام ووظيفتهم؟ فما هى يا ترى رؤية أو موقف الرئيس القادم؟
لعلنا لا ننسى تواضع الرقم الفارق الذى نجح به الرئيس السابق حين فاز على منافسه الفريق الجاهز، بهذه البضعة آلاف أو تزيد، ثم نتابع حتى الآن كيف أنه ما زال هو وجماعته يقدسون – ولهم الحق القانونى التقليدى –هذا الرقم دون أن يذكروه أو يتذكروه، لأنهم اعتبروا أن هذا الرقم كان خليقا أن يثبته فى منصبه ليس فقط لأربع سنوات ولكن – على مستوى الأمل واللاشعور – مدى الحياة، ولا أستبعد أن يكون هذا تماما هو ما كان بداخل سابقيه، فهى مصر!!
هذا ما حصل وما زلنا نعيش آثاره القانونية التقليدية باسم الشرعية الدستورية (سابقا)، لا الثورية، حتى الآن، ولا أعتقد أن الدكتور مرسى، كان الله فى عونه وأنار بصيرته، فكر بما يكفى فى حقيقة من يمثلهم غير الخمسة مليون الذين انتخبوه، وعلما بأن ثلثهم على الأقل انتخبوه على مبدأ “كفّ الأذى” أكثر من مبدأ “تحقيق المصالح”!!
فما هو يا ترى موقف الرئيس القادم؟
هل سيتذكر – بغض النظر عن من سيكون إن شاء الله وحتى قبل ترشيحه – أن التصويت على الدستور ليس هو هو التصويت على رئاسته. هل سيعيش ومنذ الآن، ثم حين ترشيحه ثم حين فوزه بالسلامة أنه رئيس 94 مليونا بكل تصنيفاتهم واختلاف آرائهم ودورهم فى اختياره، ام سيغوص فى نسبة الـ 98 % أو ما يستجد من نسب مئوية؟ …..الخ
كنت – ومازلت – أود لو ركزنا – بدءًا بالإعلام – على فهم دوافع من لم يذهب إلى الصناديق أصلا وهم أكثر من النصف، إن الإعلام بالصورة الحالية يمكن أن يجعل الرئيس القادم – أيا كان – يركز بدوره على نسبة الذين قالوا “نعم”، ويتصور – دون أن يدرى – أنه نال تفويضا من 99 % من الشعب بالموافقة على خطواته القادمة مهما أتاح لنا الدستور الجديد مراجعته أو مقاضاته أو حتى عزله، لا بد أن يقوم الإعلام، ومن الآن بتوعية الرئيس الجديد – أيا كان – أنه ليس مسئولا فقط عن الذين قالوا نعم، ولا حتى عن الذين “ذهبوا” وقالوا نعم أو لا، هذا الرئيس القادم سوف يحكم شعبا أكثر من نصفه لم يذهب لإقرار الدستور الذى سوف يحدد علاقتنا به، وببعضنا البعض، مثلما هو مسئول عن النصف الذى ذهب، كما أنه مسئول عن مثل هذا العدد ممن ليس لهم حق الانتخاب بعد، ولهم نفس حقوق الرعاية أمام الدستور وأمام الله.
أشعر أن ردا جاهزا يقفز الآن عند من يتابع الأرقام المقابلة وبعض التاريخ الأحدث فى العالم ليقول، إن هذه النسبة هى المعتادة فى أغلب – إن لم يكن فى كل – البلاد التى تمارس ما يسمى الديمقراطية – فأوافقه من حيث المبدأ، لكننى أسارع وأنبهه أن الأسباب مختلفة، فالمواطن الأمريكى الذى لا يذهب للمشاركة فى اختيار رئيسه له أسبابه المختلفة تماما عن المواطن اللبنانى الذى لا يذهب لترجيح رأى فريقه، وكلاهما أسبابهما تختلف عن المواطن المصرى الذى لا يذهب إلى الصناديق سابقا وحالا ولاحقا سواء للدستور أو للرئاسة أو لمجلس الشعب.
وسوف أفرد مقال الغد لتقمص أسباب عدم الذهاب هدية للرئيس القادم.