الرئيسية / مقالات صحفية / اليوم السابع / كله إلا التوقف عند الفرحة الزائطة المفرطة!

كله إلا التوقف عند الفرحة الزائطة المفرطة!

اليوم السابع

الخميس: 16-1-2014

 كله إلا التوقف عند الفرحة الزائطة المفرطة!

كل ما كتبته فى هذا الموقع الكريم قبيل يومى الاستفتاء كان دعوة للذهاب والمشاركة، ولم يكن دعوة لقول: “نعم” أو “لا”، وذلك بعد أن بينت قبل هذا أن “نعم” لها دلالات كثيرة (قبل وبعد وبدون الموافقة على نصوص هذا الدستور) وكذلك: “لا” لها نفس التفرع والتنوع فى الدلالات (قبل وبعد وبدون رفض نصوص هذا الدستور).

ذهب الناس إلى الصناديق، ناس مصر الكرام الأفاضل، ذهب الناس إناثا وذكوراً، جاءت الفرحة بالذهاب أسبق وأعمق من الفرحة التى أتوقعها من النتيجة التى ذهب (أغلب) هؤلاء الناس ليحققوها، وهذا طيب، دعونا نتأمل هذه الفرحة القبـْلـّية (قبل النتائج وقبل الصناديق) خاصة عند المرأة المصرية الطيبة التى راحت ترقص وتزغرد “قبل الهَنا بسنه”، إنها فرحة بعودة مصر إلى مصر، وليست بـ “نعم” لما لا تعرف تفاصيله.

اختلفت مشاعر المصريين وتناقضت وتصادمت طوال سنوات ثلاث، فمع طبيعتهم وحضور الله فى وعيهم إلى أعلى عليين، وحب الوطن فى دمهم إلى أدق الشرايين: استعملوا حقهم فى الفرح بما بدأوا، وأمِلوا، وخطّطوا، وحققوا من بدايات، ثم زَحَفَ الواقع، وغلبت الإحباطات فغرقوا وعاشوا فى الغم، والقلق، والحيرة، والتوجس، والشكوك، والتشقق، لكن ظل التلويح بالأمل، والرضا، والعدل، والوفرة، والإنتاج، والاستقلال، يظهر ليختفى.

وأخيراً لاحت معالم الطريق و”خطته”.

وبدأت المفرقعات، وسالت الدماء الزكية على الناحيتين، وطال الوقت (فى رأيى: دون مبرر)

ومع ذلك تحدد الموعد، وقدمت ورقة اسمها “الدستور” إلى الناس ليجمعوا كل ذلك فى لحظة أمل وإفاقة. لحظة تعلن أنه قد الأوان أن ترجع مصر إلى مصر – كما ذكرت-، وهكذا ففرح الناس عامة الناس من جديد، فرحوا قبل أن يذهبوا، وفرحوا وهم ذاهبون، وسيفرحون وهم يقرأوون الأرقام التى قالت: “نعم”، لكننى لم أفرح إلا بذهابهم وذهابنا، وأملهم وأملنا، وشجاعتهم، وشجاعتنا، ثم عدت أتأمل وأحسبها:

بمجرد أن بدأت تلوح معالم النتائج، بدأت فرحتى تتراجع:

أولا: أنا لا أحب هذه الأرقام التى تعلو التسعين بالمائة، مهما كانت مبرراتها، ففرق بين عقل الجماعة فى القطيع، وبين الوعى الجمعى المسئول المتحرك ذهابا وجيئه، نقدا وانتقاءً.

ثانيا: لم أصفق كثيرا لهذه الفرحة الزائطة حيث شعرت أنها قد توهمنا أننا وصلنا إلى تحقيق مطالبنا فعلا، مع أنها ليست إلا بداية.

ثالثا: أنا لا أقر هذا الترادف باعتبار نعم للدستور موافقة على اختيار الفريق السيسى رئيسا للبلاد، وإن كنت أقر بحق الجماهير فى الضغط فى هذا الاتجاه، وحقه فى قبوله أو القيام بما هو أقدر عليه وأفضل منه.

رابعاً : أنا أخشى أن تلهينا الفرحة بالتخلص من شر جاثم، عن العمل لإحلال خير قادمٍ قادرٍ محله ، تماما كما الهتنا فرحة 25 يناير عن إكمال بناء ثورة قادرة على أن تعيد بناء وطن من خلال إرساء معالم دولة.

خامساً: أنا أدعو الله وليس عندى أمل – برغم صدق دعواتى –   أن تصل هذه الرسالة إلى الفريق الآخر، الذى فشل تماما فى مخططه لمنع المشاركة، وليس للدفع لقول “لا”، أقول ليس عندى أمل فيهم، ومع ذلك فأنا أدعو الله أن تصلهم الرسالة ليست على أنها هزيمة، ولكن على أنها دعوة للإسهام فى عبادة الله بطرق أخرى، لتعمير قطعة من أرض الله (اسمها مصر) بما يمكث فيها وينفع الناس، وليتذكروا أنهم عبيد الله قبل أن يكونوا “مصريين” أو “إخوانا”.

وبعد

فدعونى أؤجل الحديث عن الأرقام وبعض المخاوف الأخرى حتى تظهر النتائج النهائية رسمياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *