الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / كتاب: مقدمة فى العلاج الجمعى “من ذكاء الجماد إلى رحاب المطلق” الفصل التاسع: “علاقة هذا العلاج بأنواع العلاج الجمعى الأخرى” (4)

كتاب: مقدمة فى العلاج الجمعى “من ذكاء الجماد إلى رحاب المطلق” الفصل التاسع: “علاقة هذا العلاج بأنواع العلاج الجمعى الأخرى” (4)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 10-1-2021

السنة الرابعة عشر

العدد:   4880

   كتاب: مقدمة فى العلاج الجمعى  

 “من ذكاء الجماد إلى  رحاب المطلق” (1) 

الفصل التاسع

علاقة هذا العلاج بأنواع العلاج الجمعى الأخرى (4)

………………..

لغة ومبادىء مدرسة التحليل التفاعلاتى:

بصفة عامة فإن لغة هذه المدرسة يمكن إيراد رؤوس مواضيعها كالتالى:

1)  التفاعلاتية Transactions  ، وهو ما اشرنا إليه من أن الحوار بين اثنين هو فى واقع الحال حوار بين ستة (على الأقل)، ويمكن تحليل ذلك فى أى مقطع تفاعل

2)  اللعبة The Game(الدور) وتشير إلى سلسلة من النقلات بين حالات الذات تفاعلاتيا، لكن ليكون دورا قابلا للتحليل فإن الذات الظاهرة (على السطح) عادة ما تخفى الذاتين الأخريتين

3)   النص Script  وهو يشير إلى برنامج مزروع منذ الطفولة  على مستوى الوعى  غالبا يرسم خطة لحياة الفرد بشكل أو بآخر، ويقول بيرن أن هذا البرنامج هو الذى يحدد معظم أنواع تفاعل الفرد طوال عمره، ويوجز تصنيفات البرامج الأساسية باسم “مواقع” على الوجه التالى:

1-    أنا على صواب، وأنت كذلك ( الموضع الصحّى)

I am O.K. you are O.K.  (Healthy position).

2-     أنا على صواب وأنت على خطأ (الموضع البارنوى)

I am O.K. you are not O.K. (Paranoid   position).

3-     أنا على خطأ وأنت على صواب (الموضع الاكتئابى)

I am not  O.K. you are O.K. (Depressive  position).

4-    أنا على خطأ وأنت على خطأ (الموضع الشيزيدى).

I am not  O.K. you are not  O.K. (Schizoid  position).

 ويمر العلاج التفاعلاتى عموما بخطوات متتالية فى العلاج النفسى كالتالى :

1)  التحليل التركيبى Structural Analysis: وهو بمثابة تخطيط فرض إمراضى من واقع التشريح التركيبى لحالات الذات وعلاقتها ببعضها البعض بما يسمح بالتحليل التفاعلاتى .

2)  التحليل التفاعلاتى Transactional Analysis: ويعنى به بيرن تفعيل هذه العملية بفض التلوث، وتحديد الحدود بين الذوات، ومنع توْه الطفل (الذات الطفلية) وحل الصراع بين الطفل والوالد وترجيح قيادة  الذات اليافع معظم الوقت ، وبعد هذه المرحلة يمكن أن يتواصل التحليل النفسى أو التحليل التفاعلاتى (حسب بيرن!!)

3)  تحليل “الدور” (اللعبة Game) وهى خطوة تكميلية يقوم بها المعالج أو المريض، بل كلاهما بعد التفاهم على اللغة، بعد القبول المبدئى بفروض التحليل التركيبى.

4)  تحليل النص Scrip : عادة لا يظهر النص بوضوح إلا فى مرحلة متأخرة من العلاج (بعد عدة جلسات من العلاج الجمعى مثلا) ، وعموما فإنه يمكن تحقيق تفوق الذات اليافع قبل أو حتى بدون تحليل النص

وخلال كل ذلك يستعمل المعالج كلا من:

  • الأسئلة

  • والمواجهة

  • والشرح

  • والتوضيح

  • والتأكيد

والهدف عموما من هذا العلاج هكذا هو الوصول إلى مرحلة: “التفاعل بلا حاجة إلى لعب الأدوار Game Free Existence”، فإن كان ذلك مستحيلا، وهو كذلك فى كثير من الأحيان، فيمكن الرضا بمرحلة يمكن للشخص فيها أن يحذق اختيار “الدور” الذى يلعبه ويحسن أداءه. 

التعقيب:

بعد ممارستنا المحدودة لبعض هذه القواعد ، وبصفة عامة كانت لنا مواقف نقدية بلغت حد الرفض إزاء هذا الأسلوب العلاجى وبعض التنظير لهذه المدرسة، نورد أهمها كما يلى :

1) أسمى إريك بيرن، ولو عفوا، أن هذا العلاج هو “العلاج بالكلام”  Treatment by Talk وفى خبرتنا لم يكن الأمر كذلك تماما، فالكلام يكاد يفقد أولويته فى التفاعل فى العلاج الجمعى، برغم أنه الوسيلة الأوضح والأسهل، فنحن فى العلاج الجمعى نعتبر الكلام “وسيلة للشغل” ونبدأ الجلسة كما أشرنا سابقا بالتساؤل: “مين اللى عايز يشتغل” وليس “مين اللى عايز يتكلم”، ثم نحاول فى معظم المواجهات والتفاعلات أن ننبه إلى التعبير بأكثر من قنوات للتواصل، بدءا بالوجه والجسد، وليس انتهاء بالإشارة البديلة التى نعتبرها نوعا من الكلام.

2) نحن لا نعتبر أن التحليل التركيبى خطوة نحو العلاج التحليلى النفسي ، بل لعله يوجد تعارض جذرى بين الطريقتين من عمق معين، ثم إن العلاج الجمعى (كما نمارسه) هو أقرب إلى تفعيل الكلام لا تفسيره ولا تأويله.

3) نحن نستعمل التحليل التركيبى كقاعدة تقريبا، بعد توسيع مفهوم تعدد الذوات معتمدين على تحديد الذوات بما يقابل الأمخاخ تطوريا، فعندنا المخ الشيزيدى المتفرد (الذات الشيزيدية) والمخ   البارانوى (الذات الهروبية العدوانية = الكر/الفر)، والمخ الاكتئابى (العلاقة البشرية الصعبة الضرورية بالموضوع) ثم الذات العادية (أو العصابية أو فرط العادية بدرجات متفاوتة من استعمال ميكانزمات التكيف حتى الامتثال)، وكل ذلك يمكن رسمه بقطاع مستعرض فى الشخصية، سواء قبل العلاج النفسى أو بدونه، ويفيدنا كل ذلك ليس فقط فى العلاج النفسى، أو العلاج الجمعى، وإنما فى رسم الإمراضية لأى مريض من البداية، وهى الخطوة التى نعتبرها أهم من لافتة التشخيص فى التخطيط العلاجى – حتى بالعقاقير- والمتابعة.

4) نحن نحترم فكرة ما هو برنامج ممتد موجه “نص” script  (خطة حياة) لكن نختلف مع هذه المدرسة فى كل التفاصيل كما يلى:

* نولى اهتماما بالغا بالبرامج الوراثية، ليس بمعنى وراثة مرض بذاته، وإنما بالبحث عن أى نص (برنامج بيولوجى يمكن أن يورث مثل: القابلية المفرطة للإيقاعية النوابية، أو مثل الاستهداف للتفكك، أو مثل الميول التوجسية.. أو مثل وراثة فرط الطاقة إلخ)، ويمتد احترامنا لهذه البرامج إلى النظر فى أثر التنشئة الباكرة فيها حتى تكوين الشخصية فى كل مرحلة من مراحل النمو، ويتغير النص تلقائيا فى النمو السليم مع كل مرحلة نمو ونضع ذلك فى الاعتبار باستمرار.

* لا نعتبر أن “النص” تكوّن شعوريا أثناء الطفولة كما تصور إريك بيرن، وأنه تركيب مزروع وبيولوجى وغائر لكننا نتعامل معه باعتباره جاهزا للتغير من الطفولة وحتى نهاية العمر مع نبضات الإيقاعحيوى والنمو، وجزء كبير منه لاشعورى ويعتبر من سمات الشخصية السوية أو غير السوية، وله علاقة مباشرة وغير مباشرة بما يسمى “الأسطورة الذاتية”

* لا يقتصر النص – إذن – على هذه الأوضاع الأربعة التى وضعها إريك بيرن، وقد وجدنا أنها مرتبطة بثقافته الغربية بشكل ما، حتى أننا قمنا بتعديلها من واقع خبرتنا بما يجرى فى ثقافتنا، مع أننا لا نلجأ إلى استعمالها، لا فى التوصيف الإمراضى التركيبى (التحليل التركيبى)، ولا فى العلاج النفسى الفردى أو الجمعى، ومع ذلك نورد التحويرات المقترحة التى قد تتفق أكثر مع ثقافتنا وخبرتنا أو ما نأمله فى ثقافتنا بشكل أو بآخر.

 نحن نعتبر النص Script برنامجا بيولوجيا يشمل تشكيلات نيورونية، وداخل خلوية مزروعة فينا من قبل أن نولد، وهى برامج بيولوجية قابلة للتطوير كما أنها قابلة للتشويه، وهى نشطة على مستوى اللاوعى غالبا، لكنها تتجلى فى السلوك وفى نوع الشخصية أساسا، ثم تظهر فى المرض بتحوير شديد حسب مسار المرض ونوع العلاج، وفيما يلى ما نقترحه من تعديل فى تصنيف البرامج الأساسية:

* أنا على صواب وعلى خطأ، وأنت على صواب وعلى خطأ (الموقف الصحّى)

*  أنا على صواب وأنت على خطأ (الموقف البارنوى)

* أنا على خطأ وأنت كذلك لكنى أحتاجك فنحن على صواب أيضاً (الموقف الاكتئابى)

*  أنا على خطأ وأنت كذلك،  ولا يحتاج أى منا للآخر (الموقف الشيزيدى).

وبالرغم من ذلك فنحن لا نستعمل هذه النصوص أصلا، مكتفين بالتعامل مع حالات الذات باعتبارها أمخاخا بيولوجية، وحسب علاقتها بالموضوع (تطوريا وحسب مدرسة العلاقة بالموضوع) كما ذكرنا، ويتم التركيز على المواجهة فالجدل فالولاف الأعلى فى رحم المجموعة.

خلاصة القول:

  إننا نمارس العلاج الجمعى من منطلق ثقافتنا، ويغلب عليه مبادىء علاج الجشتالت دون الالتزام بالمبدأ الوجودى، مع استلهام تقنياته غالبا

    إننا نأخذ من علاج التحليل التفاعلاتى فكرة التعدد فقط، دون بقية التقنيات والتفاصيل غالبا

  إننا نتبنى الفكر التطورى الممتد ونفسر من خلاله مراحل وأطوار النمو المستعادة، ومن ثم الإمراضية ، ومنها نخطط للعلاج النفسى وغير النفسى، الجمعى وغير الجمعى.

………..

ونكمل الأسبوع القادم بعرض: الفصل العاشر:”علاقة هذا العلاج بالعلاجات غير النفسية (العضوية) الأخرى”

 

 

[1] – يحيى الرخاوى (مقدمة فى العلاج الجمعى (1) من ذكاء الجماد إلى رحاب المطلق) (الطبعة الأولى 1978)، (والطبعة الثانية 2019) منشورات جمعية الطب النفسى التطورى، والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net  وهذا هو الرابط.

 

admin-ajaxadmin-ajax (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *