الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الكتاب الثانى: الحالة: (43) “استيعاب النكسة أثُناء العلاج نقد وتحديات ومثابرة”

كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الكتاب الثانى: الحالة: (43) “استيعاب النكسة أثُناء العلاج نقد وتحديات ومثابرة”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 26-1-2022

السنة الخامسة عشر  

العدد: 5261

الأربعاء الحر:

مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه  (1)

الكتاب الثانى الحالات: من (41) إلى (60)

تذكرة:

ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (43) من الكتاب الثالث من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجه!

****

الحالة: (43)

استيعاب النكسة أثُناء العلاج

 نقد وتحديات ومثابرة  (2)

د. حمدى: هى عيانة عندها 22 سنة معاها بكالوريوس، هى بنت وحيدة أبوها كان مهندس، وحضرتك اللى محولها لى،

د.يحيى: فى بكالوريوس ولا خلصت بكالوريوس

د. حمدى: خلصت بكالوريوس السنه اللى فاتت، لسه مخلصة، هى معايا دلوقتى، حضرتك محولها لى بقالها 9 شهور

د. يحيى: منتظمة؟

د. حمدى: أيوه، بتيجى مرة كل أسبوع بانتظام شديد، هى حضرتك كنت محولها لى بتشتكى من ضيق وخنقة وصراخ ساعات، وصويت، وعلى طول بتتمنى إنها تموت، وكلام من ده، الحاجات كانت ظهرت عندها بعد انفصالها عن واحد معرفة كانت عاملة معاه علاقة استمرت أكتر من 6 سنين،  كانت علاقة معلنة من خلال العلاقة بين العائلتين، وهى والدتها كانت عيانة برضه قبل كده، يعنى كان عندها أعراض شبه كده، وغير كده، وأكتر من كده، أنا مش عارف تشخيصها قوى، بس باين عليه مرض جامد، وهى والدتها لسه بتتردد على دكاترة نفسيين لحد دلوقتى.

د. يحيى: فيه حد غير والدتها من ناحية اخوالها خالتها مثلا،  بناتهم ولادهم

د. حمدى: لأ هى والدتها بس اللى عِرِفْت انها كانت عيانة، ولسه عيانة.

د. يحيى: هى والدتها عيت سنّـها كام سنة؟

د. حمدى: من بعد الجامعة على طول، أو فى الجامعة ، مش متأكد.

د. يحيى: يعنى عيت قبل الجواز بقد إيه ؟

د. حمدى: لأ مش عارف

د. يحيى: طيب خلينا مع البنت، فيه إيه بقى؟

د. حمدى: هى دلوقتى بقالها معايا 9 شهور، هى الدنيا هديت، كانت فى الأول مش عايزة تخرج من البيت وصوات وصريخ على طول، الأعراض دى دلوقتى هديت والأمور أحسن فى حاجات كتير

د. يحيى: إنت بدأت معاها وهى مخلـّصه جامعة؟

د. حمدى: لأ بدأت معاها وهى فى أخر سنه

د. يحيى: خلصت وهى معاك، يعنى خدت البكالوريوس واتخرجت وهى بتتعالج معاك

د. حمدى: أيوه، الحمد لله

د. يحيى: برافو عليك، هل كان فيه تعسر دراسى قبل كده

د. حمدى: لأ خالص، بالعكس كانت ماشية تمام التمام، بس لما تعبت قبل ما تتعطل أنا  ضغطت إنها  تاخد كورسات مساعدة، وتخرج وتنزل وتمارس حياتها، وتعمل نشاطات تانيه

د. يحيى: طيب إيه بقى حكاية الجدع اللى سابها، ولا اللى هى سابته؟

د. حمدى: العلاقة زى ما قلت لحضرتك  كانت فى وسط العائلتين، يعنى هما عمرهم ما اتقابلوا لوحدهم، دايما فى وسط العائلتين، يعنى العائلتين نفسهم كانوا متصاحبين، الأب صاحب الأب، وبيتزاوروا وكده، جت العلاقة بين العائليتن اتقطعت تماما لسبب أنا لحد دلوقتى أنا ماعرفوش

د. يحيى: بعد تسع شهور لسه ما تعرفوش؟

د. حمدى: .. يعنى هو لما قعدت مع الأب والأم والبنت هما نفسهم مش عارفين السبب، كل مرة يحطوا احتمال شكل تانى، المهم انتهت العلاقة، وانا كنت  فى الأول شايف إن ده ممكن يكون شىء طبيعى، وما رضيتشى أفحـّر قوى، ما هى زى ما تكون ما كانتشى علاقة بصحيح، أو ما كانتشى علاقة خالص، مش عارف.

د. يحيى: الولد ده عمره قد إيه ؟ وبيشتغل إيه؟

د. حمدى: هوه لسه طالب، لسه ما خلصشى؟

د. يحيى: أكبر منها؟

د. حمدى: آه

د. يحيى: بقد أيه

د. حمدى: هى 22 هو 24 تقريبا أو أكثر

د. يحيى: يبقى هو مش شاطر زيها، سقط أكتر من مرة، وعاد، مش كده؟

د. حمدى: أيوه

د. يحيى: وبعدين؟

د. حمدى: إحنا فضلنا ماشيين، والدنيا ماشية كويس، ودخلت الامتحانات وخلصت بكالوريوس، ولبدت فى البيت، يعنى ما كانتشى تحب تنزل من البيت من أصله، بس هى كانت  طول الوقت بتعمل كل حاجه باقول لها عليها، بس بتعملها وهى مش مبسوطة،  بتعمل كل حاجه بس تحت ضغط،  حتى الجلسات فى الأول كانت بتيجى تحت ضغط من والدها،  أنا دخلت لحضرتك بيها أكتر من مره فى العيادة، وحصل فى الفترة الأخيرة اليومين دول إن نفس الأعراض رجعت لها تانى، هى الأعراض كانت رجعت قبل كده مرة وهى رايحة تعمل عمره،  قبل رمضان اللى فات ده على طول حصلت نكسة مش بسيطة، ورجعت نفس الأعراض وبقت مش عايزة تيجى الجلسات، المهم أنا ا ستوعبت الموضوع وشفتها أكتر من مرة فى الأسبوع، وصلت لتلات مرات فى أسبوع واحد، وعدينا الأزمة دى اللى كانت  كانت قبل ما تروح العمره

د. يحيى: طيب بعد ما اتخرجت، هى بتعمل إيه دلوقتى؟

د. حمدى: هى بعد ما خلصت أنا ضغط إنها تاخد كورسات وحاجات كده،  وكنت باضغط إنها تنزل الشغل، أة شغل، وفعلاً بدات شغل فى الشركة اللى أبوها كان بيشتغل فيها، بس الشغل تقيل عليها جداً، يعنى بتنزل تحت ضغط جامد جدا،ً مش عايزة تشتغل عايزة تفضل قاعده فى البيت، وفى الفترة الأخيرة دى، ومع الضغط ده رجعت الأعراض تانى اللى هى الصويت والصريخ، ومش نازلة ومش رايحة ومش جاية،  وطول الوقت بتتمنى الموت تانى، وانا مستغرب هوه إيه الجديد اللى حصل؟ مش عارف ….

د. يحيى: يعنى السؤال هو إيه بقى؟

د. حمدى: السؤال إنى أنا مش فاهم رجوع الأعراض تانى من غير سبب جديد ده حصل  ليه، ومش عارف أعمل فيها إيه، يعنى أنا كنت فاهم إنها لما اتحسنت، واتخرجت، وهى مستمرة على الجلسات إن الأمور خلاص اتصلحت، مش عارف إيه إللى حصل بالظبط، أنا كنت طلبت من حضرتك مرة إن احنا ندخلها جروب (علاج جمعى) حضرتك قلت لى بلاش دلوقتى

د. يحيى: تفتكر ياترى ليه قلت لك كده؟

د. حمدى: أظن حضرتك ما كنتش عايز نقلّب فيها كتير ساعتها، يعنى هى اتخرجت، واتحسنت، وبتاع، ويمكن  حاتتجوز وتخلص،  وخلاص، وهى فعلاً بيجى لها عرسان

د. يحيى: هى حلوة؟

د. حمدى: آه، حلوة، هى حلوة!

د. يحيى: طيب، مش انت عارف علاقتى بأهمية التاريخ العائلى وازاى باتعامل معاه؟

د. حمدى: أيوه، يعنى على قد ما سمعت من حضرتك

د.يحيى:  يعنى برغم الإشاعة إن أنا بتاع علاج نفسى، وكلام،  وكده، مش انت شفت حجم اهتمامى بالبيولوجى، والبرامج اللى بنتولد بيها والكلام ده، تلاقينى لما قلت لك بلاش علاج جمعى دلوقت، تلاقينى حسبت الحكاية من خلال اللى انت قلتهولى، واللى انت عارفه عن والدتها، أصل  انا شايف إنك زى ما تكون نسيت إن والدتها كانت عيانة، وعيا جامد، ولحد دلوقتى، يبقى لازم نحصل ولو بالتدريج على تاريخ تفصيلى لمرض أمها، مش بس مظاهره، لأه، مسار المرض، نوع النكسات وتوقيتها، وغيره وغيره، إنت فاكر إنى سألتك دلوقتى أول ما قدمت الحالة إذا كانت أمها عيت قبل ما تتخرج ولا قبل ما تتجوز، مفروض تكمل تفاصيل الحدوته عند أمها زى ما عندها، مش معنى كدا إن عياها حا يمشى على نفس خطوات عيا أمها بالظبط، إنما إنت عليك كل ما تييجى تاخد قرار تحط فى حساباتك البرامج المهمة دى، أظن أنا فى الغالب لما رفضت العلاج الجمعى فى المرحلة دى، كنت عايزها تستنى معاك علاج فردى لحد ما  تبقى أجمد شويتين، قبل ما العلاج الجماعى  يهزها وهى لسه مش مستعدة،

د. حمدى: هى كان حصل حاجة كده بين أمها وأبوها أنا ما قلتهاش لحضرتك، إن هما انفصلوا   حوالى 5 سنين ورجعوا تانى

د. يحيى: برضه أنا شاورت لك على إنك تفحر فى اخوالها وخالتها وولادهم وبناتهم ، مش كده؟

د. حمدى: مافيش، أنا  يعنى دورت على قد ما قدرت، ما لقيتشى فيه حد منهم مرض

د. يحيى: أنا عارف، بس أظن إنت دورت على أمراض صريحة، فى الحالات دى بندور على أشكال ناقصة من المرض، وأشكال مجهضة أو غير نموذجية، تبان فى شكل سلوك كده أو كده، مش ضرورى مرض له إسم يتشخص ويتعالج عند دكتور، يعنى يمكن فيه خال قعد عازب لحد ما مات مع إنه كان قادر ماديا، ولا بنت خال ما كملتشى جامعة رغم اخواتها الأصغر منها كملوا، وحاجات من دى، يعنى منين ما تلاقى حالة بتقاوم العلاج النفسى، أو بتنكس من غير تفسير، ترجع تفتح ملفاتك القديمة وتدعبس تشوف إيه اللى ناقصك من المعلومات، يعنى مش بس تدور فى إيه اللى حصل مؤخرا يفسر النكسة، لا إنت برضه تشوف إيه يا ترى اللى اتحرك جوه، وابتدا يضغط يمكن نتيجة للتحريك اللى عمله العلاج، مع ضغوط التخرج ومواجهة المسؤولية فى الشغل، والواقع والعلاقات، والجوع العاطفى بعد العيلتين المِعرفة اللى قلت لنا إنهم بعدوا عن بعض، والجدع ابنهم المتعثر ده اللى اختفى من الصورة، كل ده يخلى الأمور صعبه، ويمكن التفحير هنا وهنا يفسر الحاجات اللى حصلت مؤخرا أو قبل العمرة. أنا مش عايز أدّى أهمية زيادة للعامل الوراثى، أو أفهمك إن المرض بيتورث بالضرورة وكلام من ده، الحكاية مش قوى كده،  البرامج الوراثية ما هياش حتم مفروض على الجيل التالى، بس هى استعدادات لها مسارات مختلفة، واحنا وشطارتنا نشوف ازاى حا نقدر نحترم الاستعداد ده، وازاى ممكن ننقى المسار الأنسب فى الوقت الملائم، يعنى فى العلاج النفسى: واحنا بنعمل إعادة تأهيل، بنعمل فى نفس الوقت إعادة تشكيل، مش بالظبط كده، إحنا ما بنشكلش المريض من أول وجديد، هو التشكيل بيتعاد لوحده من خلال عمق وجدية العلاقات الجديدة، وبالذات العلاقة العلاجية، طبعا إللى حصل فى عشرين سنة، مش حايتصلح أو يعاد تشكيله فى عشرين أسبوع، ولا خمسين، بس احنا بنحاول نحوّد الدفة سـِـنـّة صغيرة، يقوم التوجه يختلف، والمسار يتصحح مع مرور الزمن.

الصعوبات والنكسات أثناء العلاج بتبقى مزعجة من حيث إن المريض وأهله كتير  بيقولوا، ولو بينهم وبين نفسهم، يعنى يبقى إحنا عملنا إيه بقى؟ إنما النكسات دى ممكن تبقى مفيدة من حيث إنها بتبقى دافع لإعادة النظر، والحصول على مزيد من المعلومات، وإعادة التخطيط،  يعنى إحنا بنعيد الفهم والتعاقد من خلال اللى بتضيفه الصعوبات لنا من معلومات، فبالنسبة لسؤالك إيه اللى خلاها تتنكس النكسة اللى جت لها قبل ما تطلع العمرة، وهى تفرق فى الغالب عن النكسة اللى جت لها مؤخرا، بصراحة توظيف العمرة اليومين دول فى بلدنا، وبالذات عند العيانين وأهلهم عايز بحث منفصل، المسألة ما بقتشى سُنّة ودين وبس، دانا بلاقى كل واحد، وكل أهل، بيعملوها بطريقة مختلفة، ولأهداف معلنة وخفية مختلفة برضه، غالبا يعنى، مش حاتقدر بسهولة تلاقى علاقة واضحة بين قرار العمرة والاستعداد لها، وبين النكسة اللى ظهرت ساعتها، كتير للأسف بيعملوا العمرة بعلاقة ضعيفة مع السنة والدين إلا فى الظاهر، سيبك من تكلفتها، والظروف الاجتماعية اللى بتحيط بيها، دى ساعات بتبعد البنى آدم عن علاقته الدائمة والمستمرة بربنا طول الوقت فى كل مكان، وساعات بتبقى مهرب من مواجهة أعماق مهمة فى علاقتنا بربنا، طبعا دى مش قاعدة، بس أنا باقول لك على بعض خبرتى دون تعميم، يمكن البنيّة دى ما نجحتشى إنها تخلى العمرة مهرب جيد، ولا حتى عبادة جيدة، فاتنكست، طبعا ده مش معناه إن العمرة سيئة أو سلبية، بس لازم تتحط فى سياقها المناسب، وتتفهم برضه فى سياقها المناسب.

نيجى بقى للنكسة التانية إذا كنت عايز تسميها نكسة، وده من حقك عشان الأعراض الأولانية ظهرت تانى زى ما هى، أنا شايف فيه احتمال إن البنية دى ورثت العجز عن الفرح، أو عن الاستمتاع، يمكن من امها، أكتر ما ورثت مرض معين، إنت لو اتبعت اللعبة اللى نشرتها فى الموقع، “وحكاية أنا خايف إنى  أفرح بحقيقى لحسن….”، حا تستغرب على الإجماع بتاع كل اللى شاركوا فيها، حا تاخد بالك  إن “الفرح بحقيقى” بعيد وصعب عندنا كلنا، ما أظنش زى ما بيشيعوا إن دى سمة ثقافية للشعب المصرى كله، أعتقد إن فيه عائلات، وثقافات فرعية، ما بتمرنشى العيال على الفرح من بدرى، ما هى القدرة على الفرحة لازم تكّمل الحق فى الفرحة والبهجة، وكل ده عايز مساحات من السماح، والحركة، والرقص، والجرى، والخيال، على ما الواحد يعرف يعنى إيه فرحة وبعدين يتمرن عليها. الواحد ممكن  يورث قلة الفرح أو قلة القدرة على الفرح، على فكرة خلى بالك الفرحة اللى انا باتكلم عليها مش ضد الحزن ولا حاجة، دا اللى بيتمرن إنه يفرح، هو اللى بيسمح لنفسه إنه يحزن، حتى من غير سبب، هى دى خلقة ربنا، إحنا أول ما نفرح أو نحزن نجرى نلزق ده أو ده فى أى سبب قريب والسلام، مع إن خلقة ربنا بتنطلق تكمل بعضها من ورانا لو لقت الفرصة المناسبة، أو اسمح لى أقول لك لو لقت التدريب المناسب برضه.

نرجع بقى للبنيـّة دى، اللى وصلنى منك أو منهم، إنها لا هى ولا أمها،  اتعلموا يفرحوا أو حتى يحزنوا، البنت بتصرخ ، وتقفل على نفسها، وعايزة تموت، والأم الله أعلم إيه تفاصيل مرضها، أظن العيانة بتاعتك دى، لا بتفرح بحقيقى، ولا بتحزن بحقيقى، وعلى فكرة كلمة بحقيقى دى كلمة كده  زى ما تكون كلمة سحرية، بتفقس كل ما هو غير كده، كل اللى ماهوش بحقيقى، وده بان لى من الاستجابة للعبة إللى نشرناها فى الموقع قريب (3)، كل ده يوريك الصعوبة اللى احنا بنواجهها عشان نصلح تحويدات قديمة معطـّـلة، أنا مش قصدى أكلفك تصلحها زى ما تكون بتصلح ما كينة باظت، لأه بس على الأقل تاخد بالك من معنى الصعوبات ، وعمق معنى الأعراض اللى بتنط لك من غير مناسبة أثناء العلاج. تفكّرك إن فيه حدوته داخلية يعنى مزروعة ومروية بتصرفات الأم وغير الأم نحوالبنت طول الوقت، تيجى انت تجتهد، وتخلى البنت تتخرج، وتشتغل، بعد ماالواد اللى كان لاح لها من بعيد يبعد بالصدفة عشان العائلتين المواصلات اللى بينهم اتقطعت لأسباب ما هياش قضيتنا دلوقتى، تلاقى نفسك محتار خصوصا بعد ما الامور تكون مشيت بالعلاج كويسة حبتين فى اتجاه المكاسب الظاهرة فى السلوك على الأقل، يعنى النكسة مش ضرورى تلاقى لها سبب ظاهر أثناء العلاج، فى الحالة دى، أظن إنها بتشاور على تحريك لمستوى آخر من الإمراضية (السيكوباثولوجى)، ابتدا يقول “أنا اهه”، ياللا نشوف إيه المرحلة اللى جاية، أنا شايف إن البنت ابتدت تقلق من التحريك اللى تم من خلال العلاج، حاجة كده قريبه من آلام النمو، وده بيظهر فى شكل قلق، أو عودة إلى أى حاجة من الأعراض  القديمة…

د. حمدى: ما هو القلق اتنقل لىِ حتى وأنا باخبـّط فى مناطق زى الجنس والاحتياج، واكتشفت إن المشكلة الأهم هى عجزها عن إنها تعمل علاقات مع آخر حقيقى، ويمكن ده اللى خلى حضرتك تأجل العلاج الجماعى شوية.

د. يحيى: يجوز، بس خلى بالك إن احنا أجلنا بس، مش لغينا الاحتمال ده من أصله، ما هو ما يبقاش ضغط فى الشغل، وضغط فى الخروج، وكمان ضغط فى العلاج الجمعى، أظن ده مش وقته، ولا إيه ؟

د. حمدى: آه هو أنا الظاهر زودتها حبتين فى ضغط الشغل، كنت خايف جدا بعد التخرج إنها تلبد فى البيت ما تطلعشى منه .

د. يحيى: بصراحة أنا شايف إنك كان عندك حق، بس بافكرك إن فى الحالات دى المسألة محتاجة نَفَس طويل وضبط جرعة العلاقات والواقع طول الوقت، وهى لو استمرت فى العلاج حاتبص تلاقى صعوبات تانية حا تظهر لك  لما تقرب من الجنس، وأكتر من فرص الجواز والكلام اللى احنا اتكلمنا فيه كتير ده، البنت صحيح الحمد لله لسه صغيرة، إنما خلى بالك البوصلة متجهة أنهى ناحية، وأحذرك كمان من سلسلة التأجيل التأجيل.

وبعدين فيه حاجات صغيرة خفيف خفيف  ممكن تمشى واحدة واحدة مع اللى انت بتعمله ده، يعنى مثلا البنت دى  بتمشى ولا لأه، ده فيه ناس فى مجتمعنا، بنات وأولاد صغيرين نسيوا “مشى” يعنى إيه،نسيوا إن لهم رجلين فيها عضلات، يا ترى بتعرق ولا لأه، بتعوم ولا لأه،  بتسمع مزيكا ولا لأ،  بترقص ولا لأه، حتى على الكاسيت وأودتها مقفولة عليها، يا راجل دا احنا عايشين كسالى كلنا، زى ما نكون مكن قرب يـِـتـَـكـَـهـِّــنْ، بغض النظر عن السن.

د. حمدى: الظاهر المسألة أصعب مما كنت متصور

 د. يحيى: مش قوى كده، صحيح طريقة تربيتنا وقـّفت المكن من بدرى، فبقت صعبة على الصنايعى إنه يشغلها، إنما ربنا خلقها شغالة، واحنا بس بنرجعها لأصلها، وما ننساش نفسنا بالمرة.

د. حمدى: على الله

د. يحيى: ولا يهمك، إنت ماشى كويس جدا، ونفسك طويل، ونجحت إنها تنتظم معاك تحت كل الظروف، واتخرجتْ، واشتغلتْ، وأديك شفت إن حتى الصعوبات اللى بنقابلها فى العلاج  بنتعلم منها لما نحسن مواجهتها

د. حمدى: شكراً

****

التعقيب والحوار:

د. مدحت منصور

لاحظت إن الدكتور حمدى إستعمل كلمة الضغط كتير جدا فالمريضة كانت بتيجى الجلسات بالضغط وبتاخد كورسات بالضغط وخدت بكالوريوس بالضغط  وبعدين كلفت بأعمال بتعملها وهى مش مبسوطة وبعدين نزلت شغل ضاغط عليها والدكتور ضاغط علشان تكمل، فيه مرضى جادين قوى وعايزين يخفوا قوى ومتبرمجين على الاستجابة الأوتوماتيكية للضغط يقوم الدكتور يقعد يضغط وهو متخيل إن العيان علشان مبيعارضش يبقى ماشى الحال يكمل ضغط لحد ما يقطع نفس المريض وساعات يستحلى الحكاية يقوم يضغط فى الصغيرة والكبيرة يقوم المريض يا يصرخ جوه يا يصرخ بره وفى كل الأحوال نكسة.

د. يحيى:

الضغط ليس قهرا بالضرورة

الضغط هو تعبير عن الإلزام بتنفيذ البرنامج التأهيلى لإعادة التشكيل، المهم ألا يتم ضغط إلا على وساد من الحب الحقيقى، والاحترام المتبادل، وإن المعالج ما يتماداش فيه ويفرح بمجرد الاستجابة له وبَسْ، لكن عليه أنه يشوف التمن اللى دفعه العيان عشان يواصل الاستجابة، وكده.

أ. محمد اسماعيل

مش فاهم: موقف حضرتك من العمرة خالص؟!!

د. يحيى:

الأمر يحتاج إلى تفصيل لاحق، طبعا أنا لست ضد العمرة، لكن ضد أن ننسى “قيام الليل” الرائع السرى الخالص لوجه الله لا يعلم به إلا هو، ننساه لحساب شد الرحال وشراء  الهدايا، واحتمال الاغتراب من خلال شبهة نسيان أن الله معى “هنا والآن ودائما” فى هذه اللحظة الممتدة طولا وعرضاً، وليس فقط فى مكة المكرمة، وأنه قريب يجيب دعوة الداعى إذا دعاه فورا وفى كل مكان،

 ثم تأتى العمرة وكل النوافل بعد ذلك بلا أى اعتراض.

أ. محمد اسماعيل

فهمت مفهوم “أشكال ناقصة” من المرض أو أشكال مجهضة أو أشكال “غير نموذجية”، وصلنى أيضا كيف أن البرامج الوراثية مش حتم مفروض على الجيل التالى،

وصلنى كذلك أنه ممكن أورث حتى العجز عن فعل شىء طيب مثل (العجز عن الفرح).

د. يحيى:

ياه يا محمد

هكذا يصلك حقا ما يفرحنى أنه وصل

شكراً.

د. مروان الجندى

عملية إعادة التشكيل أثناء إعادة التأهيل من خلال عمق وجدية العلاقات الجديدة، هى عملية رائعة، كما أن فرط زيادة جرعة الألم قد يؤدى إلى حدوث نكسة أثناء العلاج، هذا وذاك لابد أن يوضعا فى الاعتبار أثناء العلاج.

د. يحيى:

  هذا صحيح

د. مروان الجندى

إذن: البرامج الوراثية عبارة عن استعدادات لها مسارات جوا المريضة بنحاول نتعامل معاها ونفتكرها أثناء العملية العلاجية حتى على الرغم من عدم ظهورها، لكن القوالب اللى الأهل بيحاولوا يحطوا المريض فيها من بره نعمل فيها إيه؟.

د. يحيى:

  نتعامل معها بمسئولية أيضا، فهى جزء من الواقع، وعلينا ألا نكتفى بالشجب والرفض.

أ. إيمان طلعت

حضرتك ليه ماسمحتش دخول المريضة المستشفى أثناء النكسة لعلها تكون مفيدة للملاحظة والقرب (حيث ذكر الطبيب أنه أثناء الانتكاسة كان بيشوف المريضة 3 مرات أسبوعيا).

د. يحيى:

دخول المستشفى ليس أمراً سهلا، خاصة لبنت فى هذه السن، وهو مكلـِّـف عادة، لذلك: علينا أن نجعله آخر المطاف اضطرارا عادة، وهذا ليس وارد فى هذه الحالة فى هذه المرحلة على الأقل.

 

[1] –  يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net

[2] – نشرة الإنسان والتطور: 14-6-2009  www.rakhawy.net

[3] – لعبة الفرح: القدرة على الفرح، نشرة الإنسان والتطور: 28-10-2008 www,rakhawy.net

النشرة السابقة 1النشرة التالية 1

7 تعليقات

  1. المعالج اتخض من الانتكاسة وانشغل عن سبب الانتكاسة المفاجى.
    اوقات كتير مينفعش نفضل ندور ع السبب وراء الانتكاسة او رجوع الأعراض زى ما التعب السبب وراه منطقه مجهولة بنوصل لجزء منها بعد ما نحفر، كمان ندى فرصة الانتكاسة من غير سبب.
    زى ما لينا الحق ف الفرح والحزن لينا حق ف رجوع الاعراض والتعب المهم نبقي شايفين تعبنا ونتعايش معاه .
    واوقات كتير التحسن اللى بيظهر بيكون سطحى ولم الأعراض ترجع تظهر تانى نقول اى اللى حصل برغم ان الأعراض مرحتش ولا حاجه هى موجوده لسه بس اتسكنت شوية ومع شوية حركه وشغل من المعالج الأعراض بترجع تنشط تانى

  2. د هشام عبد المنعم

    د هشام عبد المنعم

    وصلنى جدا فكرة أهمية ظبط الجرعه و ديه مشكله بتواجهنى فى الممارسه الإكلينيكيه، كتير من العيانيين بحس بقرب الإنتكاسه فعلا عندهم ويبقى أنا عندى جرعه أنى عايز ألحقه بأى طريقه بس اعتقد ان كتر الممارسه بيعلم الحته ديه

    وكتير يا د يحى بأخاف إن الإنتكاسه ديه تتنقلى انا أو أيأس من العيان بس بأحاول على قد المتاح وفى الإمكان

    شكرا

  3. أنا شايف إن البنت ابتدت تقلق من التحريك اللى تم من خلال العلاج، حاجة كده قريبه من آلام النمو، وده بيظهر فى شكل قلق، أو عودة إلى أى حاجة من الأعراض القديمة
    التعليق : حسيت كمان ان تحريكها في اتجاه العلاقة وتوطيدها بالمعالج ممكن يكون حرك حزن مهجور ..انه مش بس انتكاسه ..

  4. منين ما تلاقى حالة بتقاوم العلاج النفسى، أو بتنكس من غير تفسير، ترجع تفتح ملفاتك القديمة وتدعبس تشوف إيه اللى ناقصك من المعلومات، يعنى مش بس تدور فى إيه اللى حصل مؤخرا يفسر النكسة
    التعليق:
    احيانا النكسه اللي بتبدو من غير سبب واضح خاصة ان الدنيا قبلها بتكوت كويسه لحد معقول بتخليني مهموم شويه.. لكن بتفوقني فعلا لكون فرحت بالتحسن وفعلا بلاقي حاجات كانت ناقصه..

    • عندك حق
      ولكن، دعنى أذكرك بما يسمى الهرب إلى الصحةFlight into health، وهو مصطلح يشير إلى سرعة اختفاء الأعراض، ربما نتيجة لتجنب الضغط العلاجى، وهذا تحسن زائف كما تعرف،
      أما أنك تحدد حاجات كانت ناقصة كثير، فهذا من أساسيات ما يسمى “الاشراف الذاتي”، وهذا طيب ومفيد لنضجك أنت مع المريض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *