الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الكتاب الثانى: الحالة: (39) “أهمية التاريخ الأسرى أثناء العلاج، مع نقلة الأعراض”
كتاب: “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” الكتاب الثانى: الحالة: (39) “أهمية التاريخ الأسرى أثناء العلاج، مع نقلة الأعراض”
نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 22-12–2021
السنة الخامسة عشر
العدد: 5226
الأربعاء الحر:
مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه (1)
الكتاب الثانى الحالات: من (21) إلى (40)
تذكرة:
ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (39) من الكتاب الثانى من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجه!
****
الحالة: (39)
أهمية التاريخ الأسرى أثناء العلاج، مع نقلة الأعراض (2)
د. شوقى سليمان: صباح الخير يا دكتور يحيى
د. يحيى: أيوه أتفضل يا شوقى صباح النور يا إبنى
د. شوقى سليمان: …. عندى عيان عنده 27 سنة بيشتغل فى شركة قطاع خاص، هو معايا بقاله سنة وشهرين، وأنا بدأت اباعد بين الجلسات، واقلب العلاج متابعة، بس لقيته رجع المرض نِشِط تانى
د. يحيى: بتشوفه هنا فى المستشفى ولا فى العيادة
د. شوقى سليمان: لا هنا، هو كان هنا وخرج متحسن
د. يحيى: وبعدين؟
د. شوقى سليمان: حضرتك كنت قلت ينفع الجلسة نصف ساعه كل أسبوع، فعملت كده بعد مدة لما ابتدينا متابعة، بس دلوقتى يعنى رجعت للجلسة ساعة كل أسبوع، وزودت الدواء، دلوقتى طول الوقت بيحكى عن خوفه لترجع الأعراض، هوه، هوه مافيش أعراض بس خايف انها تيجى، وهو فى الشغل ابتدى يحس تانى إن الناس فيه احتمال حد بيراقبه، بس عارف إن مفيش حاجة، لكن بيخاف للحاجات دى تجيله لدرجة بيقول إنه عايز يسيب الشغل
د. يحيى: هو تشخيصه ايه؟
د. شوقى سليمان: كان فصام
د. يحيى: ودلوقتى ؟
د. شوقى سليمان: مش عارف قوى، ما ينفعش نفس التشخيص
د. يحيى: فيه حاجة قلناها كتير اسمها نقلة الأعراض Symptom Shift، يعنى عرض بيجى مطرح عرض، وحاجة اسمها “نقلة المرض” Syndrome Shift يعنى مرض بيجى بدال مرض، احنا اتكلمنا فى ده كتير، مش كده؟
د. شوقى سليمان: أيوه.. بس يعنى العيان ده كان فيه فترة كان كويس خالص، ما فيش لا ده، ولا ده
د. يحيى: وبعدين؟
د.شوقى سليمان: ما كانش فيه أعراض خالص لمدة حوالى 10 شهور وكان بيجى مبسوط من الشغل واخوه معاه فى نفس الشغل، كان بيدينى تقرير كويس ان المدير بتاعه مبسوط منه وانه بيشتغل كويس
د. يحيى: ما هو لازم نحدد نوع الكواسة فى مجالات كتير، فى مجال الأعراض وفى مجال العمل وفى مجال النوم وفى مجال علاقته بالناس
د. شوقى سليمان: … كان فيه علاقات وكمان كان بدأ يخطب وحاجات زى كده
د. يحيى: يعنى كانت فيه فترة إفاقه معقولة
د. شوقى سليمان: تمام، بس من حوالى شهر كده بدأ يخش فى الحالة اللى باحكى عنها دى، خايف لَلاْعراض تجيله
د. يحيى: طب ما يخاف
د. شوقى سليمان: لأ، دى زادت لدرجة إنها بقت تأثر على شغله قوى، بقى ياخد إذن ويسيب الشغل ومايكملش اليوم
د. يحيى: انت بتشوفه بقالك قد أيه
د. شوقى سليمان: بقالى شهر دلوقتى واقف معاه فى الزنقة دى
د. يحيى: مش هوّه لسه بيروح الشغل
د. شوقى سليمان: أيوه، بس أداؤه انخفض والمدير بتاعه اشتكى منه
د. يحيى: انا متأسف، طب والتاريخ الاسرى؟
د. شوقى سليمان: والدته كانت عندها وسواس قهرى شديد
د. يحيى: السؤال بقى؟
د. شوقى سليمان: انا دلوقتى بقالى شهر واقف محتاس
د. يحيى: الوسواس القهرى اللى كان عند الست الوالده قعد وقت قد أيه
د. شوقى سليمان: قعد كتير
د. يحيى: قد أيه
د. شوقى سليمان: لحد ما ماتت بيه يمكن حوالى 20 سنة أو أكثر
د. يحيى: طيب وبعدين؟
د. شوقى سليمان: أنا دلوقتى مزنوق معاه، هو طول الوقت بيصدرلى خوفه ده طول الجلسة تقريبا
د. يحيى: وليه بتتزنق ما هو بيجى منتظم وبيمشى وبيشتغل، تبقى الجلسة نصف ساعة كويس قوى، يعنى بين العلاج النفسى والمتابعة
د. شوقى سليمان: انا دلوقتى رجعت أخليها ساعة مش نص ساعة
د. يحيى: انت عارف إصرارى على إن الجلسة تبقى ساعة خصوصا أثناء التدريب، تفتكر إيه اللى خلانى ما اعترضشى على إنك نقصت الجلسة إلى نص ساعة.
د. شوقى سليمان: مش عارف، أنا رجعتها ساعة لما لقيت نفسى ما بقتش ألاحق على كلامه بقى يشتكى كتير وبقيت مضطر أسمع وقت أطول
د. يحيى: أنا قبلت تبقى نص ساعة عشان هوّه كان فصامى وماكنتش عايز ننكش كتير، لكن دلوقتى يمكن أفكـّـر تانى، بس قل لى هو بيشتكى ولا بيحكى
د. شوقى سليمان: بيحكى
د. يحيى: أيه الفرق بين يشتكى ويحكى؟
د. شوقى سليمان: بيشتكى فيها معاناة شوية عن الحكاوى
د. يحيى: تقريبا صح
د. شوقى سليمان: مش عارف أعدى الحته دى معاه
د. يحيى: انت بقى مزنوق فى إيه بالظبط؟
د. شوقى سليمان: عايزأشوف سكه معاه علشان أعدى الحته دى
د. يحيى: وليه تعدى؟ ماتسيبه هوّا يعدى، وأنت تساعده
د. شوقى سليمان: يعنى انا شايف دلوقتى أداؤه فى الشغل بدأ ينخفض، واحنا كنا ماشين كويس
د. يحيى: هل فيه علامات تانية غير إنه هو خايف لحسن الأعراض ترجع
د. شوقى سليمان: اللى حصل إنه فى شغله بدأ يستأذن كتير، وما يكملش اليوم والمدير بتاعه اشتكى وهو بيقول إنه مابيركزش فى شغله
د. يحيى: سيبك من حكاية انه بيركز وما بيركزشى، معظم اللى بيشتكوا من عدم التركيز، زى ما باقول دايما، مخُّهم بيركز من وراهم، غصبن عنهم، المهم الإنجاز الفعلى سواء ركز أو ما ركزشى، المهم إنتاجه
د. شوقى سليمان: ما هو أخوه شغال معاه فى نفس الشركة، وبيقول لى انتاجه قلّ
د. يحيى: هوه قاس إنتاجه إزاى؟
د. شوقى سليمان: كان بيسلم فى الاسبوع َ لوحتين تلاته بقى ما يكملش لوحه
د. يحيى: هو ده المهم، أهم من حكاية إنه خايف ان الاعراض تيجى، فانا رأيى إنك تهتم أكتر بمستوى إنجازه فى الشغل، وتخلى دَهْ المقياس الأساسى بتاعك
د. شوقى سليمان: انا باحاول
د. يحيى: يعنى بدل ما تقول لنا دلوقتى إن المشكلة إنه خايف ان الاعراض ترجع، تبتدى بإنك تقول إن هو بقى أقل انتاجاً فى شغله، أنا شايف إن ترتيب “محكات التحسن” والإفاقة واستمرارها مهم، صحيح خوفه إن الأعراض ترجع ماشى مع تقصيره فى شغله، لكن الأخير هوه الأهم، خصوصاَ ان امه كان عندها وسواس قهرى، ففيه احتمالات إن الفصام اللى كان عنده يتقِلبْ وسواس قهرى زى أمه، عشان كده أنا باركز معاكم على التاريخ الأسرى لأن التاريخ ده بيشاور لنا على “برامج جاهزة” ومستعدة للخدمة بالتباديل والتوافيق والبرامج دى أو الاستعداد لتنشيطها بيتنقل من جيل لجيل، العيان بيخرج من الفصام بعد العلاج وهوّه عنده تنويعات مختلفة من الأعراض، ده إذا ما كانش الشفا كامل، ومآل الفصام بيتسمى ساعات “النقلة الثالثة”، البداية هى إرهاصات المرض والتحريك، وبعدين الفصام الصريح، هو النقلة الثانية والمآل الأخير ده بيسموه النقلة الثالثة، ودى ورقة كان قدمها لنا الدكتور محمود سامى عبد الجواد فى أوائل السبعينيات من مرجع روسى، وفيها من ضمن الأمراض اللى بتحل محل الفصام فى النقلة التالتة دى الوسواس القهرى، وزى ما انتوا عارفين التقسيم العاشر حاطط “اكتئاب مع مابعد الفصام” ضمن تنويعات الفصام، وده برضه يعتبر نقلة تالتة وعندك برضه نقص الطاقة Anergia، والانحراف السيكوباتى Psychopathic deviation غير حاجات تانية.
انتو عارفين يعنى ان انا راجل بتاع نيوروبيولوجى، وباهتم بالوراثة جدا جدا، فممكن يكون هذه التخوفات اللى ظهرت عند مريضك ده يا شوقى ممكن تكون إشارة إلى نقلة نحو الوسواس القهرى، الاحتمال ده وارد خصوصا إن الضلالات بتاعته إن الناس بتراقبه، هوّه نفسه بقى يكذبها، يعنى بقى عنده بصيرة فيها، يبقى برضه رايحة ناحية الوسواس، إذن الحكاية زى ما تكون الحالة حاتقلب باضطراب وسواس قهرى، وده مش بطال باعتبار أنه أحسن من الفصام، بس دمه تقيل، يعنى إننا نستبدل مرضى بمرض ماهياش حاجة حلوة قوى، بس لازم نفتكر إن التفكيكة أحيانا فى الفصام بالنسبة للعيان بتبقى أريح من السجن بتاع القهر والوسواس دى، فإنت وانت بتقيس خطواتك بتحط فى اعتبارك مقاييس عملية علمية فى نفس الوقت، فإنت غير إنك تاخد مجرد كلامه، تبقى عندك فى ذهنك الاحتمالات العلمية المختلفة، ومن ضمنها تشكيلات النقلة الثالثة، أنا موافق مرحليا إنك رجّعت الجلسة بقت ساعة، ده جيد على شرط ان العيان يكون بيحكى مش بيشتكى ويزن وبس، يعنى شويه حكى وشويه شكاوى، لأن الشكاوى بس ممكن تثبت المخاوف، لو الفرض ده صح، يبقى العلاج النفسى هنا ممكن ياخد سِكّة تانية، إنت لو معالج حريف، وان شاء الله حاتبقى كده واكتر، ممكن تهوّى على سجن الوساوس المحتملة، بإنك تحتوى خوف عيانك ده، يقوم خوفه يقل من رجوع خبرة التفكيكة اللى حصلت أثناء حدة الفصام، قصدى الخبرة اللى دخـّلته المستشفى، يعنى تسمح بجرعات بسيطة من الجنون بيسموه “مينى جنون”، minipsychosis ، زى المينى جيب كده، وأظن احنا شاورنا على الحكاية دى قبل كده، بالشكل ده يمكن ما يضطرش يلجأ إلى سجن الوسواس زى أمه، لأنه مش حايخاف يتمادى ناحية هيصة التفكيك، ماهو الوسواس بيحتدّ ويزمن طول ما الواحد خايف يتجنن، فلما عيانك يصاحب الجنون واحدة واحدة وهوّه فى حضنك ومايخافشى منه، فلا حايبقى كده ولا حايبقى كده.
بس خلى بالك إذا كانت أمه ما دخلتش أصلا فى التفكيك وقعدت عشرين سنة موسوسة، هو يمكن مايقدرش يعملها زى والدته، لأنه مرعوب أكثر منها من خبرة الجنون اللى هوه مرّ بيها، وهىّ مامرتشتى بيها، حاتلاقيه مش عايز يرجع للخبرة دى تانى أبدا، وبرضه خلّى بالك، لو هو استسلم قوى للنقلة للوسواس، يمكن يكون أصعب من والدته، ويجوز الوسواس لو أتمكّن يبقى معوق له حتى فى شغله وعلاقاته بدرجة زى الفصام.
فاضل بقى حكاية العلاقات يعنى مش حايكفى بقى ان أخوه معاه فى الشغل، وواخد باله منه ده شاب عنده 27 سنة ومهندس وآن الآوان يفكر فى إنشاء أسرة، فيمكن بيظهر خوفه من رجوع الأعراض كل ما تزقه انت ناحية الارتباط، انت بقالك معاه مدة كويسة، سنة وشهرين ودى مده مش قليله، كتر خيرك على كرمك، فاضل بقى إنك تهدّى اللعب جواك انت، لان هو حايحلها فى الغالب، وكل اللى عليك إنك تقعد واقف كده تاخد بإيده، حايحلها إزاى؟ الله أعلم، ولو حلها حتى باضطراب وسواس قهرى، يمكن تبقى مجرد، مرحلة، ومع استمرار العلاج والتهوية على اللى جوه، الأمور غالبا حاتتلمّ لفوق شوية شوية، ثم ما تنساش جرعة متوسطة من النيورليتات حاتشتغل على المستوى المرضى الأصلى، قصدى الفصام أو التهديد بالفصام.
أنا شايف انت عملت شغل كويس، فمافيش داعى تستعجل أو تخاف زيه، وطبعا تقدر تلعب فى الدوا بالراحة، وعندك المحكات اللى تقيس بيها فى كل المجالات: الشغل والأعراض، والخوف منها، ضيف عليها مقياس النوم، وفايدته، وازاى بيملأ بقية وقته غير الشغل، وبرضه نوع تدينه، ولو الأمور ماشية واحدة واحدة مع شوية ذبذبة كدا ولا كده، والعلاقة مستمرة، فى الغالب المسائل حاتبقى أحسن، وربنا يسهل.
د. شوقى سليمان: على الله.
****
التعقيب والحوار:
أ. سميح ملحيس
نقلة الاعراض او نقلة المرض هل تحدث فقط عندما يكون هناك عامل وراثه مثل ما هو مطروح بالحاله الحاليه (امه عندها وسواس قهرى)؟؟
د. يحيى:
لا طبعا، الوراثة ليست شرطا لحدوث نقلة الأعراض، “النقلة” واردة ومحتملة فى كل الأحوال، مع الاستعداد الوراثى وبدونه، وتتوقف عادة على الشخصية قبل المرض وعلى نوعية العلاجات، وعلى منظومة القيم والطباع التى كان يتصف بها المريض قبل المرض، وعلى طبيعة المتابعة وعمق التأهيل، الوراثة قد تساعد فى تحديد بعض التفاصيل وبعض التوقعات.
أ. رامى عادل
المقتطف: د. يحيى: فلما عيانك يصاحب الجنون واحدة واحدة وهوّ فى حضنك ومايخافشى منه، فلا حايبقى كده ولا حايبقى كده:
التعليق: هى دى الله ينور عليكم، برنامج الدخول والخروج، رحلة الذهاب والعوده، ازاى نتجنن واحنا واثقين فى دماغنا، وفى نشاطها، وان السكه رايح جاى، واننا مهما نعلى مسبرنا نرجع لمسارنا، وأن الإنسان خلطه من ده على ده، وأن الدنيا رمادى وألوان مش يا أبيض يا اسود، بعشق الجنان عشان برجع منه انسان فايق ورايق، ومحدش بياخد باله، واللى يحس بحاجة من جنانى مايسمحش انه يصدقها او يصدق نفسه،انما المطـْلـَقات والسكة الزرقة بتاعت اللى يروح ميرجعش دى سكه خطر، وممنهاش رجعه ولا فايده، ما اجمل ان تكون او تجرب الاتنين العقل والجنان دون ان تدمن أيا منهما، ما احلى إلا يشك فى عقلك احد، وإلا يثبت احدهم أنك خلل، وأنك تراجع وتتراجع، ما احلى اللعبة، وما اجمل الطعم( بضم الطاء) الذى نصطاد به الجنون، ونشبكه دون أن ياسرنا أو نطيش به، علينا ان نتعلم كيف نضرب ونلاقى، كيف نشد ونرخى، كيف نثق فى الجنون دون ان نهابه أو نتراجع عنه إلا لننشد غايته الاسمى، وحكمته الداهية
د. يحيى:
أعجبتنى حكاية “الطـُّعم الذى نصطاد به الجنون”
المسألة يا رامى ليست هكذا تماما، لكنها هكذا أيضا،
ما رأيك؟ دعنا نتعلم منك ونتذكر أن التهوية على احتمال الجنون، غير السماح بالحق فى الجنون، غير استيعاب الجنون لتحجيمه حجمه الطبيعى، غير مصاحبة الجنون تشكيلا محتملا.
كل هذا يا رامى وغيره يحتاج إلى تصديق ومصادقة المريض باحترام حقيقى، وهو مأزق شديد ينبغى الا نُستدرج من خلاله إلى التصفيق للجنون، وأيضا ألا نخدع فى الخلط بين احترام خبرة المجنون وبين الاستعلاء عليه تحت شعار: “نأخذه على قد عقله” ونتصور أن هذا احترام، لأن عقله قد يكون أفضل من عقلنا رغم التدهور”.
أ. عبير رجب
“التاريخ الأسرى بيشاور لنا على “برامج جاهزة” ومستعدة للخدمة بالتباديل والتوافيق والبرامج دى أو الاستعداد لتنشطيها بيتنقل من جيل لجيل”. العبارة دى تخض وتخوف قوى.
د. يحيى:
…. هذا الكلام عن الوراثة بلغة “البرامج” هدانى إلى توسيع دائرة الوراثة وعدم قصرها على وراثة مرض معين، بل فهمها من خلال دراسة احتمال وجود “أنماط من الحركة والسلوك” قابلة للانتقال من جيل إلى جيل، بقدر ما هى محتملة التنشيط فى ظروف بذاتها، كذلك على احترام وراثة زخم الطاقة وحركية التشكيل.
أما التباديل والتوافيق فهى تتم فيما بين البرامج الجاهزة (الموروثة)، وأيضا بينها كلها من جهة وبين البرامج الجديدة المكتسبة بالخبرة والتعلم من جهة أخرى.
أما أنك تخافين وتندهشين هكذا، فهذا يشير إلى استقبالك الحى الطازج.
هيا.
د. مروان الجندى
“حضرتك قلت لدكتور شوقى فى الحالة” ليه تتزنق مادام العيان بيجى ومنتظم وبيشتغل” كثيراً ما يقوم المريض بتصدير خوفه أو شكواه فى كل جلسة، ويلح بطريقة شديدة على الحصول على حل فورى لها كأن المعالج يملك مفاتيح لكل المشاكل مما يعيق المعالج عن التعامل مع الموقف لفترة وساعات يقول المريض لو مفيش حل يبقى ما جيش أحسن.
كيف يمكن تجاوز هذا الموقف؟
د. يحيى:
هذا صحيح، وهو متواتر الحدوث
لكن الأرجح أن المريض يتعلم بسرعة الفرق بين دور الطبيب (أو المعالج) وبين دور حلاّل المشاكل والموجّه،
أنا من البداية أرفض أن تبدأ العلاقة بينى وبين المريض بتعبير “أنا عندى مشكلة: وأفضل توجيه المريض من الأول إلى أن يتحدث عن تأثير هذه المشكلة عليه “هنا والآن” مما جعله يلجأ إلى الطبيب (أنا) فى هذا اليوم (أو الأسبوع) بالذات، أطلب منه ذلك قبل الحديث عن تفاصيل المشكلة
أنا أعتبر “تحديد الدور”، هكذا فى بداية التعاقد أمرا أساسيا، ويستمر تجديد ذلك طول العلاج
د. عماد شكرى
هل يوجد مستوى آخر من التعامل مع التاريخ العائلى بالإضافة إلى المستوى الوراثى أو الجينى وهو مستوى الدفاع تحت الواعى ضد الأعراض المتوارثة ؟
وهل يكون هذا المستوى متاح أكثر للعلاج النفسى الديناميكى والسلوكى أيضا؟
د. يحيى:
طبعا توجد مستويات ومستويات، منها التى ذكرتها انت حالا
أود أن أخبرك أننى لا استعمل تعبير “العلاج النفسى الديناميكى”، ولذا فأنا لم أتبين ما تقصده منه تحديدا.
د. عماد شكرى
ربما يكون تغير الأعراض مؤشرا لتغيير التشخيص وإعادة الرؤية.
د. يحيى:
هذا وارد طبعا، ومفيد، لكن رصد عملية نقلة الأعراض أو الزملات يهدينا إلى مسار العملية الإمراضية وأيضا العملية العلاجية.
أ. عماد فتحى
أرجو توضيح أكثر لموضوع “أن التاريخ الأسرى بيشاور لنا على “برامج جاهزة” ومستعدة للخدمة بالتباديل والتوافيق، ونقلها من جيل إلى جيل .. إلخ؟
د. يحيى:
برجاء قراءة ردى على “أ. عبير رجب” حالا
أ. محمد إسماعيل
حضرتك قلت قبل كده أن الوسواس أخر دفاع ضد الفصام، إزاى؟
د. يحيى:
ليس آخر دفاع بمعنى ترتيب ظهوره، ولا أذكر أننى قلت لفظ “آخر” هذا تحديدا، ربما قصدت أنه: دفاع آخر ضد الفصام
المهم هو أنه آلية دفاعية واردة ومهمة، وقوية، وصعب.
أ. محمد إسماعيل
هل يمكن أن يكون الوسواس هو النقلة التالتة من الفصام، وماهو الفرق بين الوسواس “الدفاعى” والوسواس “النقلة”؟
د. يحيى:
هو فعلا ضمن تنويعات النقلة الثالثة فى مسيرة الفصام، وهو إذا ظهر بعد الفصام يعتبر أحد تجليات النقلة الثالثة، أما ما أسميته أنت الوسواس الدفاعى (وكل الوساوس دفاعية غالباً) فلعلك تقصد به ما يظهر ابتداء دون المرور بمرحلة الفصام، إن كان ذلك كذلك، فهذا هو الفرق.
أ. محمد إسماعيل
وصلتنى أهمية التاريخ الأسرى فى معرفة البرامج الجاهزة والتنبؤ بالمريض هايروح على فين،
وأيضا فهمت معلومات عن النقلة التالتة،
وكذلك أهمية وجود محكات حتمية للتدهور ليست لها علاقة مباشرة بشكوى المريض، وهكذا: فإن الشكوى وحدها مش كفاية.
كل ذلك وصلنى فشكرا
د. يحيى:
العفو، بارك الله فيك.
أ. محمد إسماعيل
سؤال غبى: هو فيه فصامى بيشفى تماماً؟
د. يحيى:
طبعا، ويتجاوز شفاؤه أحيانا ما كان عليه قبل المرض،
وأيضا قد يتجاوز ما توقف عنده كثيرون ممن يسمون أنفسهم، ونسميهم، “العاديين”.
د. مها وصفى مباشر
أظن إن المريض ده إتعمل معاه شغل كويس جدا,و إللى بيعانى منه الآن ده ممكن التعامل معه على كونه وسواس قهرى فقط فى مريض لديه خبرة ذهانية ويمكن إللى معطله فى شغله حاجات تانية
فأرى أن يعطى الفرصة العلاجية الدوائية والنفسية الأكثر تفاؤلا كمريض وسواس قهرى كما أشار لنا تاريخه الأسري, عن كونه فصاميا. واضعين فى الإعتبار أن مسار مرضه يمكن تحسينه حتى عن أمه (أمامه فرصه للتحرر ولو النسبى من سجن الوسواس) لكونه خاضع لخبرة علاجية طويلة وناجحة ربما لم تتح لأمه مثلها.
د. يحيى:
أوافقك، وآمل معك، مع التوصية بأن نتذكر أن فرصة علاجه ربما تكون أفضل لو استمر فى الخطوط التى أشرنا إليها حالا وذلك برغم مروره بمرحلة كان يعانى فيها من الفصام الصريح.
د. محمد على
“ولما عيانك يصاحب الجنون واحدة واحدة، وهو فى حضنك وما يخافشى منه فلا حايبقى كده ولا كده”.
مش فاهم يصاحب الجنون إزاى؟ إكلينيكيا يبقى عنده إيه؟ وما يبقاش عنده إيه؟ إيه الأعراض، وأتحكم فيها إزاى؟.
د. يحيى:
برجاء قراءة خبرة الصديق رامى عادل اليوم، وردى عليه حالا.
[1] – يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net
[2] نشرة 17-5-2009 www.rakhawy.net
2021-12-22
التعليق : دكتور يحيي هل يصح ان ننظر لمرض المريض نفسه بنقلاته ان يكون مرضه هو كنقلة دفاع او تدهور لبرامج المرض في
نعم، أحيانا، إلى درجٍة ما، دون تعميم
التعليق :
وصلني ازمان وسواس الام كأنه كان رعب من الجنون ويبدو لي ان ذهان الابن كان انفراطا لوسواسها ولو مؤقتا ..
ما وصلك هكذا هو فى الاتجاه السليم