الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (60): تنشيط وجدان “الكره”: أمرٌ طبيعى!

كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (60): تنشيط وجدان “الكره”: أمرٌ طبيعى!

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 8 -9-2013

السنة السابعة

العدد:  2200

 كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (60)

بداية استيعاب الموقف البارنوى: بالاعتراف بأبعاده

تنشيط وجدان “الكره”: أمرٌ طبيعى!

حين أنهيت حلقة الأسبوع الماضى بسؤال الصديق الزائر القارئ :”هل تستطيع أن تميز عزيزى القارئ استعمالك لهذه الصيغة “نعم..ولكن” بشكل إيجابى، عن استعمالك إياها بشكل سلبى؟ كنت أنتظر أن تصلنى أجابة تشجعنى على الاستمرار، أو تعذرنى إذا توقفت، حيث ألحقت هذا السؤال بقولى : “فى انتظار إجابتك حتى تساعدنى فى اتخاذ قرار بشأن: كيف أواصل الكتابة فى هذا الكتاب عن العلاج الجمعى إن كنت سأفعل.”، ولم تصلنى إجابات محددة عن هذا السؤال لكن وصلنى ما هو أهم، وهو ما ورد فى بريد الجمعة الماضى، ذلك أنه نمى إلى علمى أن كثيرين يتابعونى، وأن كثيرا مما أكتب يصل إلى أصحابه الحقيقيين، وأنه لم يعد مسموحا لى أصلا أن أعود إلى هذا التساؤل مهما استجدت الإعاقات، أو غالبتنى الشكوك.

أنا آسف.

وبعد

اكتشفت أن من أهم ما ينشر فى هذا الكتاب تلك العينات الحية من جلسات العلاج الجمعى، وأن أبسط صور ذلك هو الألعاب النفسية، وهو ما أشرت إليه فعلا فى بدايات هذا الكتاب (نشرة 28-1-2013)، لكننى أذكر أننى نبّهت إلى عدم الإكثار من استعمال هذه الألعاب استسهالا، وأيضا عدم المبالغة فى تفسير نتائجها، بل وعدم التوقف اصلا لتفسير نتائجها، ومع ذلك لاحظت إقبال الاصدقاء القراء على الترحيب بها.

كما أن عندى تحفظ آخر يحجّم المبالغة فى تقديم الألعاب (التى قد أخصص لها كتابا مستقلا مستقبلا) وهو أنها تقَّدم بالعامية المصرية ، وأنا أكتب للعرب جميعا، وأحب الفصحى أكثر، وقد تفضل الإبن والزميل الفاضل أ.د. جمال التركى رئيس الشبكة النفسية “شعن” فى بداية تقديم النشرة لبعض الألعاب بترجمة بعضها مما نشرناه مباشرة بعيدا عن هذا الكتاب إلى العامية التونيسية الجميلة، ثم إلى الفصحى، وفرحت بذلك فرحا شديدا، لكن الصعوبة ظلت قائمة، وأجلت محاولة حلها مؤقتا.

فى نشرة الإثنين الماضى قدمنا مقالا صغيرا (مما نشر فى يومياتى فى اليوم السابع) عن لعبة: “نعم …ولكن”، وكنت أحسب أننا قد نشرنا هذه اللعبة كما لعبناها فى العلاج الجمعى إما فى إحدى النشرات مستقلة قبل ان أبدأ فى كتاب العلاج الجمعى، وإما فى فى كتاب العلاج الجمعى نفسه، وإذا بى أكتشف أننا لم نفعل، بل أننا لم نلعبها أصلا فى جلسات العلاج المتاحة لى فيما سجلناه طوال أكثر من خمسة عشر عاما، يا ترى لماذا؟

هذه اللعبة من الألعاب التى أعجبت بها منذ وصلتنى، وقد وردت فى كتاب إريك بيرن بعنوان “الألعاب التى يلعبها الناس” Games People Play ، وهو من أشهر كتبه إن لم يكن اشهرها، وهو من الكتب التى سجلت “أكثر الكتب مبيعا”Best seller ، وأنا لم أفهم هذا الكتاب بحقه، وأيضا لم أعتبر إريك بيرن من رواد العلاج الجمعى الذى استلهمت بعض تقنياتهم، وإن كان له الفضل الأكبر فى تعميق توجهاتى فى أطروحة “الوحدة والتعدد فى الكيان البشرى” .

لكل هذا لم يعد صالحا أن أنتقل إلى هذه اللعبة بالذات وأنا فى سبيلى إلى عرض بعض الألعاب تباعا فى هذه المرحلة.

حين راجعت المقتطف الأخير من “مجموعة المواجهة” (نشرة 30-6-2013 دروس من مجموعة المواجهة 3)، (نشرة 1-7-2013 دروس من مجموعة المواجهة 4)، وكان تعرية للموقف البارنوى فى العلاج الجمعى خاصة، كنت وعدت أن أعرض كيف يقوم العلاج باحتواء هذا الموقف بشكل أو بآخر، لكننى وجدت صعوبة شديدة فى نقل هذه الخبرة، فأجلت الامر، وأيضا حين عرضت النقلة التى تتم أثناء العلاج الجمعى من العلاقة الشيزيدية إلى الوعى البينشخصى، ومن ثم إلى المشاركة فى تخليق الوعى الجمعى، لم أعرض لعينات واقعية من خبرة العلاج الجمعى تمثل بعض جوانب هذه المخاطر المحيطة بالتواصل البشرى كما تتعرى فى العلاج الجمعى، ثم إنى أثناء بحثى عن لعبة “نعم ..ولكن” ، واكتشافى أننا لم نلعبها اصلا فى المجموعات المتتالية، وكأنها وصلتنى أقرب إلى الاستعمال بصورتيها السلبية والإيجابية فى الحياة العامة، دون أن تصلنى من المجموعة العلاجية، عثرت على عدد كبير من اللعبات التى تعرى عمق وصعوبات التواصل البشرى، وأن تعرية ذلك يتم أكثر وضوحا من خلال ألعاب معينة شديدة الإثارة والدلالة، فقررت أن أعرض بعضها تباعا، مع أنه سبق عرض كثير منها فى نشرات سابقة، إلا أنى آمل فى تحديثها بما يناسب توظيفها فى العلاج الجمعى، وخاصة فى الإحاطة بالموقف البارنوى واحتوائه ما أمكن ذلك.

ثم إنى حين رحت أختار واحدة للنشرة اليوم وجدتنى أمام حشد هائل من الألعاب المناسبة لهذا الغرض، وإذا بى أختار الألعاب التى قد تساعدنى فى توضيح كيف يمكن أن نستوعب الموقف البارنوى حين يتنشط فى العلاج الجمعى، وبدأت بلعبة الكشف عن الكراهية ، ففوجئت بعدد من الألعاب فى مواقف مختلفة تتناول هذا الوجدان المنفِّر الذى ينكره أغلبنا فى الحياة العادية، وكأنه شذوذ، أو مرض، أو موقف غير أخلاقى، وإذا بنتائج معظم الألعاب التى جرت للكشف عن الكراهية تعلن أن المسألة ليست كذلك إطلاقا. حاولت أن ارتب ما عثرت عليه حسب التاريخ، فلم أجد التسلسل مفيدا، حاولت أن أصنف الألعاب التى لعبها الأسوياء ، وأقارنها بالألعاب التى لعبها المرضى أثناء جلسات العلاج، فوجدت الأمر يحتاج إلى تفاصيل ومراجعات تطول، حاولت أن أقدم مشاركتى شخصيا فى مواقف مختلفة مع مجموعات مختلفة فى تواريخ مختلفة من المرضى والأسوياء، فوجدتنى أكتب خبرات ذاتية لا يصح تعميمها، فاحترت، وتوقفت

سوف أكتفى اليوم بأن أضع الخطوط العريضة التى وصلتنى من كل ذلك فيما يتعلق بـ: “احتواء الموقف البارنوى”، فجاءت كالتالى:

  1. يتم السماح بتحريك الموقف البارنوى (الكر والفر، بما يشمل الكره والدفع والهرب) ، فإن تعذر ذلك تلقائيا، يمكن أن تساهم بعض الألعاب فى ذلك
  2. من خلال المشاركة الجماعية يتواصل قبول ما كان يبدو مرفوضا من أغلب أفراد المجموعة
  3. من خلال مزيد من الطمأنينة يتشجع الباقون على المشاركة ومن ثم الكشف عن حضور هذا الوجدان كطبيعة آنية (هنا والآن) دون ربط أحداث معينة أو أشخاص محددين.
  4. نتجنب عادة التفسير وخاصة من جانب المعالجين لموقف كل فرد على حده،
  5. نسمح ببعض الاستنتاجات التلقائية لمن يريد أن يعلنها من المشاركين إثر اللعبة أو التفاعل.
  6. نواصل التحرّك فى نفس الاتجاه بالقدر المتاح دون تعسف أو افتعال.
  7. قد نقترح تفاعلا، أو مينى دراما، أو لعبة نقيضية ، (عن الحب مثلا) أو لعبة مكملة (عن الحقد مثلا) ، ليس بالضرورة فى نفس الجلسة طبعا.
  8. نتتبع أثر كل ذلك، أو أىمن ذلك، أعنى ما يتاح من ذلك، على مدى عدة جلسات، أو طول عمر المجموعة دون تذكر مباشر، أو إلحاح للتأكيد
  9. قد يعاد تنشيط الموقف البارنوى بقصد أو بتلقائية، وعادة ما نلاحظ حدوث اختلاف عن ذى قبل يشير إلى ما تحقق من اللعبة، وهو احتواء الطبيعة البشرية بما هى، فى تحريك آمن نسبيا يمنع العودة إلى الاستقطاب من ناحية، ويحول دون الحكم الفوقى العصابى الأخلاقى من جهة أخرى
  10. تتواصل مسيرة المجموعة فى حركيتها الطبيعية (الدخول-الخروج/الإيقاع الحيوى/الجدل) مثل كل نِتاج طبيعى للتنشيط.

وغدا نبدأ فى عرض عينات من ذلك وغير ذلك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *