الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (50): العمل بالأحلام فى العلاج الجمعى (2)

كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (50): العمل بالأحلام فى العلاج الجمعى (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 29-7-2013

السنة السادسة

 العدد:  2159       

 كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (50)

مؤتمر: العلاج الجمعى والعمليات الجماعية: الأمل فى أوقات عصيبة

(القاهرة 25 – 27  سبتمبر 2013)

العمل بالأحلام فى العلاج الجمعى (2)

مقدمة: وصلنا أمس إلى اختبار فرض “نحن نعمل – نبدع- أحلامنا”، ومن خلال تجربة استحضار وعى خاص بذلك، تجاوب أفراد المجموعة: مرضى ومتدربين مع التجربة بتلقائية غير متوقعة، واكتشفنا من خلال قراءة ثلاثة استجابات، كيف يمكن أن يشترك أكثر من فرد فى وعى إبداعى واحد، إما بقبول الإضافة، أو التعديل، أو الدعوة ، أو الرفض، وأنه ربما يكون هذا هو السبيل إلى فهم المدخل إلى تكوين الوعى الجمعى، بدءا بالوعى “البين – شخصى” Inter-personal .

ونكمل اليوم قراءة بقية الاستجابات بنفس المنهج تقريبا:

………

د.يحيى: يا ساره د. دينا تعرفك كويس، وأديكى شفتى هى لعبتْها إزاى، هى اللى ابتدت، وهى اللى استعملت كلمة “أعمل” (حلم) ودى كلمه جيدة جدا، نفعتنى انا وخلتنا نشتغل كويس، وأديكى شفتى “صبرى” و”مروه”، وعرفتى احنا بنعمل إيه، بنعمل حلم د.دينا حاتبقى جنبك، وتسندك شويه لحد ما تشتغلى

ساره: انا دلوقتى عايشه حياة تعيسه

د.يحيى: وبعدين بقى؟!!!  (يا سارة) الحلم حركه، حياه تعيسه دى صفه، شكوى، تقلبيها مثلا: يعنى انا دلوقتى حاسه انى تعيسه، وعشان كده رايحه جايه عامله زى كذا كذا، ياللا كمّلى….

ساره: انا دلوقتى ماشيه فى الشارع وحاسه ان الناس كلها بتتكلم عليا وحاسه ان اخواتى حايقتلونى

د.يحيى: قوم حصل ايه؟

سحر: (1) حد قتلك فيهم ؟

ساره: حاسه وأنا نايمه حايقتلونى بالسكينة، بأى حاجه علشان ….. (تسكت)

رضا: مين فى إخواتك اللى كان بيفكر يقتلك فى الحلم

ساره: كلهم

رضا: كله كله؟ ماحدش حاول يدافع عنك؟

ساره: لأه

رضا: ولا ماما ولا أى حد؟

د.دينا: صرختى أو جريتى؟

ساره: صرخت وجريت، وحد لحقنى وأنقذنى منهم،

 بس بس خلاص، أنا باحس إن الناس كلها بتحبنى

د.دينا: ده حلم ده؟

ساره: آه

تعقيب على استجابة “سارة”: نلاحظ  ما يلى:

v     أنها بدأت بعيدة عن ما هو حلم، بل وعن “هنا والآن” بتعميم على حياتها، “عايشة حياة تعيسة”.

v   اعتراض المدرب، وتنبيهها أن الحلم “حركة”، وتذكيرها بأن التزامها بـ “هنا ودلوقتى” سوف يساعدها، ثم التأكيد على الحركة باقتراح أنها “..رايحة جاية” ، قلب الوصف العام، إلى حركة آنيّة.

v    انتقلت سارة فورا إلى حركية الحلم، وانطلقت بوعى الحلم إلى الشارع.

v    ظهر فورا ما يشبه “ضلالات الاضطهاد حتى القتل” وهنا يمكن البحث عن علاقة إبداع الحلم بتكوين الضلال ، فلو أن سارة جاءت تشكو من “أنهم سوف يقتلونها” إذن لشخصت فورا بأنها تعتقد اعتقادات وهمية خاطئة..إلخ، وليس أنها تحكى عن محتوى وعى آخر، ليس بعيدا عن وعى اليقظة.

v    ثم يضاف ما يشبه “ضلالات الإشارة” (الناس كلها بتتكلم علىّ).

v    ثم يتحدد المطاردون والقتلة بإخوتها بالذات.

v    بعد ذلك ، وبدون دعوة، وعكس ما حدث فى الحالتين السابقتين (إلا من رضا وكان تعقيبا على سطحية الحلم: ده مش حلم دى قصة) تداخل مشاركون تلقائيا وبدون دعوة من المدرب، فبمجرد أن حرّك المدرب سارة للإكمال “قوم حصل إيه؟؟”، تدخلت سحر سائلة: “حد قتلك فيهم”(2)

v    أضافت سارة هنا أنها “نايمة”، مع أنها فى كامل يقظتها، لكنها ما زالت فى وعى الحلم ، الذى لا ينشط فى الأحوال العادية إلا أثناء النوم.

v    ثم تداخلت “رضا” بنفس التلقائية تسأل سارة أن تحدد شخصا بذاته هو الذى يريد قتلها، وحين ترد سارة انهم “كلهم”، تُواصل رضا، وتضيف سؤالا عن احتمال أن واحدا من إخوتها يكون مدافعا عنها، فتنكر، وحين تمد رضا السؤال إلى أن تكون المدافعة هى أمها، تنكر سارة أيضا.

v    وهنا تتدخل د. دينا، والأرجح أنها لم تتدخل كطبيبة، بقدر ما تدخلت مشاركة فى الوعى المشترك سائلة عن تفاعل سارة لكل هذا “صرختى أو  جريتى”.

v    تستجيب سارة استجابة غير متوقعة (منى على الأقل) أنها صرخت وجرت، ولحقها من أنقذها منهم، بصراحة أنا تصورت أنها سوف تستيقظ (أى تخرج من وعى الحلم) فى هذه اللحظة، لكن الذى حدث كان مفاجأة لى، لأنها أضافت أن العكس حدث “بس بس خلاص، أنا باحس إن الناس كلها بتحبنى”.

v     وحين تسأل د. دينا متعجبة، أو مستكشفة، أو متعلمة : ده حلم ده؟، فتؤكد سارة أنه هو كذلك “آه”.

تعقيب عام على حلم “سارة”: يظهر لنا هنا ما لاح فى البداية، كما يلى:

(1) أن الوعى الجمعى الذى يتكون، إنما ينشأ بما يسمى الوعى “البين – شخصى” غالبا، وزيادة عدد المشاركين تدريجيا فى تشكيل الحلم ربما يشير إلى بداية تكوّن الوعى الجمعى.

(2) أن وعى الحلم ليس خيالا ولا هو وعى اليقظة برغم ظهوره فى حالة  اليقظة.

(3)  إن العلاقة بين إبداع الحلم وتكوين الضلالات علاقة وثيقة.

(4)  إن مشاركة الآخرين فى نفس الوعى كانت السبيل إلى تصالح ربما يكون هو الذى أدى إلى إعلان سارة أنه “بس بس خلاص”.

(5) مع أننى شككت أن يكون التصالح جذريا، حين انتقلت إلى العكس تماما، وأنها “أنا باحس إن كل الناس بتحبنى” ، خشية أن تكون لجأت إلى ميكانزم عكسى هو “تكوين رد الفعل” لإنهاء الحلم فجأة مثلما حدث لمن لعبوا قبلها.  

ثم نكمل:

…..

د.يحيى: طيب تدى يا ساره الكوره لمين

ساره: لأحمد

د.يحيى: أنا دلوقتى

أحمد: أنا دلوقتى … فى مَلأَهْ عندنا فى البلد، المكان ده زراعه فى الشتاء، واحنا بالليل، نازل أنا وأربعه صحابى المفروض إن كان فيه واحد جاى معانا بس أنا مارضيتش أجيبه، هو إسمه وائل وإحنا قاعدين فى غيط كده فيه عشّهّ فى الأرض، لقيت صاحب الغيط أمامى وأنا لوحدى فجأة كده والناس اللى معايا مش موجودين وصاحب الغيط أمامى وأنا لوحدى لقيت عماد أخويا جه، ورحنا ضاربين الراجل وموتناه، أنا اللى موته فرحت المستشفى لما أغمى عليا صحيت كده ورحت أعترفت إنى أنا اللى قتلته

د.يحيى: متشكر تدى الكوره لمين

…..

تعقيب على استجابة “أحمد”: نلاحظ  ما يلى:

v    انتقل أحمد على الفور إلى مسرح الحلم، “ملأهْ فى البلد” وزمنه “فى الشتاء، ليلا”

v    أحضر أصدقاءه الأربعة، واستبعد خامسا لم يحضر أصلا لكنه ذكره فاتسعت زاوية الحلم ، ولا أعرف لماذا سمّاه دون سائر الأصدقاء، لكن ليس هذا هو المهم، المهم الحركة، والسرعة

v   اختفاء الأشخاص فجأة وظهورهم فجأة هو من طبيعة إبداع الحلم عادة

v    الاعتداء على صاحب الحقل حتى الموت بعد أن أحضر أحمد أخاه – إبداعا- فى الحلم، وبالاسم (عماد) كانت نقلة لا توحى بها بداية الحلم، وهذا يؤكد أنه أقرب إلى وعى الحلم.

v    إقراره أنه القاتل، برغم اشتراك أخيه معه فى الضرب، قد يكون ذا دلالة ليست للتفسير، وإنما لنفى الربط السطحى بين حضور أخيه وجريمة القتل

v    الإغماء فى محاولة نفى ما حدث، لم ينفع إلا لفترة وجيزة، فهو حين أفاق اعترف،

v    ثم توقف فجأة مثل الآخرين.

تعقيب عام على حلم “أحمد”:

(1) رجعنا إلى “هنا والآن” بعمق كاف يطمئننا أننا فى وعى الحلم

(2) كانت حركية الظهور والاختفاء من الدلائل التى أقنعتنى أننا فى وعى الحلم فعلا.

………ثم نكمل:

د.يحيى: متشكر تدى الكوره لمين

أحمد: لأى حد وخلاص، للأستاذ عبد الحميد

عبد الحميد: أنا دلوقتى رايح المنيب، أنا دلوقتى رايح أركب عربية البلد وأنا باحب البلد، باحب الريف وباحب أكل الريف بارتاح نفسيا لما باخرج

د.يحيى: (مقاطعا) إنت عمال توصف مشاعرك؟ يا راجل قول أى حاجة فيها حركه   

عبد الحميد: كل خطوه باخطيها فى البلد، وأنا راكب العربيه بابُصّ على الزراعه، باحب الزراعه جدا، فرُحت عند أختى، غدّتنى وقعدنا إتكلمنا مع بعض وبعد كده خرجنا إتمشينا، وبعدين دخلنا تانى وبعدين بدأ العشاء ….،…..، وبس

د.يحيى: كل ده بالنهار

عبد الحميد: لأه المغرب، لأه أنا باحب الزراعه باحب المراكب الشراعيه بارتاح نفسيا

د.يحيى: تدى الكورة لمين

عبد الحميد: للأخت سحر

تعقيب على استجابة “عبد الحميد”: نلاحظ  ما يلى:

v   واضح أنها من أكثر الاستجابات بعدا عن ما أسميناه “وعى الحلم”، فمنذ بدأ الحكى بوصف مشاعره أكثر من الحركة، فنبهه الطبيب القائد وهو يخلط بين الحركة وبين ميوله الشخصية لكذا، وكيت، وبرغم نقلة الزمن غير المتوقعة من الغداء للعشاء، إلا أنها بدت بطيئة وعلى نفس خط العرض تقريبا، لينتهى الحلم الذى هو ليس حلما بوصف ميوله أيضا ، حتى النقلة إلى حبه للمراكب الشراعية يمكن أن تضم إلى وصفه إلى حبه للبلد، وحبه للريف، وكل هذا يؤكد أنه كان بعيدا نوعا ما عن ما أسميناه “وعى الحلم” .

 ونواصل:

د.يحيى: تدى الكورة لمين

عبد الحميد: للأخت سحر

د.يحيى: أيوه كده، ياللا يا سحورة أنا دلوقتى ….

سحر: أنا دلوقتى باحلم

د.يحيى  (مقاطعا): لأه!! إيه باحلم دى؟!! إنتى حاتبوظى الدنيا، إحنا بنعمل حلم، ياللا: “أنا دلوقتى…..”

سحر:  طيب، طيب أنا دلوقتى شوفته أمامى وهو عمال كل شويه أشوفه فى نفس المكان وأنا مش عاوزه أشوفه كل لما يبعد عنى أصادف ألاقيه أمامى

…….:هو إيه ده ؟ (3)

سحر: شخص كده فى الحلم كده

؟؟…: ومش عارفاه ؟

سحر: لأه عارفاه

؟؟…….: طيب ماتقولى لنا مين ده

سحر: مش عارفه كل لما اشوفه أمامى أحاول …..

د.يحيى: تحاولى

سحر: …. هو فى الحلم شفته أمامى بيجرى بعيد عنى، يطلع لى مثلا من الحاره دى آجى فى ناحيه تانيه ألاقيه أمامى برضه، فحاولت إنى أنا أبعد بعيد فجآه لقيت إن هو اللى بعد عنى أنا باحاول إنى أروح له مالاقيتهوش، فصحيت من النوم الحمد لله

د.يحيى: تدى الكوره لمين

سحر: للدكتور محمد

تعقيب على استجابة سحر:

v    كان الحلم حاضرا فى “هنا والآن” بدرجة كافية وخاصة فى بدياته “أنا دلوقتى شفته أمامى”.

v    على الرغم من أنها استعملت تعبير “فى الحلم” أكثر من مرة، وقد نبهتها أول مرة ، ثم تغافلت المرة الثانية حين تبين لى أنها فعلا فى “وعى الحلم”، فقد حضرت فى هنا والآن فورا “كل شوية اشوفه فى نفس المكان”.

v    الذى حضر أولا فى واقع الحلم هو الشخص، وهو شخص حاضر غائب، أو متقلب الحضور والغياب وهذا من طبيعة الحلم.

v     والموقف من هذا الشخص مختلف لأنه لا يطاردها، وإنما يتبدى ليختفى، وهى التى تبتعد.

v     لكنه حين ابتعد، أفتقدته، وراحت تبحث عنه ولم تجده.

……

د.يحيى: تدى الكوره لمين

سحر: للدكتور محمد

د.يحيى: آن الأوان يا بو حميد

سحر: آه علشان إحنا تعبنا

د.يحيى: أنا دلوقتى …….

د.محمد نشأت: أنا دلوقتى فجأه لاقيت نفسى راكب العربيه بتاعتى فى شارع نازل لتحت كان العربيه الدركسيون ماشى عادى، وفجأه مابقتش قادر أتحكم فى العربيه، والعربيه مابقاش فيها فرامل رحت خابط فى شجرة، والعربيه إدّغدغت، راحت العربيه متصحله مره تانية، ورحت راكب العربيه تانى، ورحت ماشى بالعربيه والشارع برضه نازل لتحت راحت العجله طايره فرحت خابط فى رصيف  والعربيه إتصلحت تانى رحت راكب نفس العربية، رحت مكمل بيها وكان الشارع برضه نازل لتحت رحت صاحى من النوم، وأدى الحادثه الثالثه

د.يحيى: تدى الكوره لمين

د.محمد نشأت: لياسمين

تعقيب على استجابة “د. محمد”:

v    على الرغم من أنه يوجد نوع من التكرار، إلا أن تكثيف الزمن فى صورة تصليح العربية الفورى، واختلاف سبب الحوادث (غياب الفرامل ثم طيران العجلة) يعطى للحلم نكهة “وعى الحلم” بدرجة متوسطة.

v    انتهى الحلم كالعادة فجأة، لكنها نهاية مفزعة بلا حسم، فقد انتهى والعربة فى منحدر مما يوحى باحتمال حادث جديد، أو لا، فجاءت نهاية مفتوحة.

ثم نواصل:

د.يحيى: (لياسمين) أنا دلوقتى  …(كمّلى)

ياسمين: مش فاكره حاجه

د.يحيى: هو يعنى كان فيه حد فاكر؟ ما هو كل اللى حلموا دول عملوا حلم من غير ما كان حد فاكر.

ياسمين: يعنى أحلم أى حاجه

د.يحيى: إسألى الدكتور محمد، هو كان فاكر ولا كان عارف إن العربيه بهذا المنظر؟ العربية كانت نازله لتحت، وهم سايبينه، وهو مش عارف هيه رايح فى أنهى داهيه، طيب صبرى طلع فوق (نشرة أمسlink (، د. محمد نزل تحت ياللا يا ياسمين شوفى لك حاجة، ياللاّ “أنا دلوقتى ….”

ياسمين: يعنى اقول حاجه ماحصلتش

د.يحيى: يانهار أبيض، بنقول حلم، هو الحلم حصل؟

ياسمين: لأه ماحصلش

د.يحيى: طيب شوفى بقى دينا علمتنا لما راحت منبهانا بكلمة “أعمل حلم…” يا للا يا ياسمين.

ياسمين: زى خيال كده؟

د.يحيى: كلمة خيال دى ما بنستعملهاش، بصراحة اللى أحنا عملناه ده مش خيال، إحنا بنعمل مش بنتخيل، ربنا يخليكى يا د. دينا عشان كلمة بنعمل دى…، ياللا يا  ياسمين، “نعمل حلم”… أعمل حلم

ياسمين: مش حاعرف

د.يحيى: يا ياسمين كل الناس عرفوا حتى اللى عملوه خفيف خفيف عرفوا، واللى عملوه زى سحر زى ساره عرفوا كل واحد على قد ما عرف، حتى عبد الحميد لما قلبه خيال (فى الآخر) قلنا ماشى

ياسمين: يعنى أنا نفسى أكمل فى الدراسه

د.يحيى: لأه المسألة مش نفسى أكمل المسألة: أنا دلوقتى….

ياسمين: ماباعرفش، يعنى حلم يقظة؟

د.يحيى: لأه مش حلم يقظه، حلم بحق وحقيقى، يعنى أنتى بتعمليه دلوقتى

ياسمين: أنا باحلم إنى أنا دلوقتى فى الدراسه…، صح كده

د.يحيى: لأه… فين الحركة؟

ياسمين: ما هو ده حركه برضه

د.يحيى: خلاص ماشى، كله ماشى

ياسمين: بعد كده تعبت وماقدرتش أكمل هو ده بقى  كده وخلاص

د.يحيى: بالذمة ده حلم يا ياسمين؟ إنتى مش سمعتى زملاتك من بدرى، و”نعمل حلم” مش أمنيه ولا رغبه تحققيها

د. ياسمين: .. الحلم اللى احنا عملناه وبنعمله كل واحد على قدّه.

د.يحيى: اللى قادر واللى مش قادر واللى عارف واللى مش عارف كلنا حاولنا بمنتهى الشجاعه أنا كده زى ما أكون باتعرف عليكى من أول وجديد، بس برضه عاوزك تعمليه ولو بمساعده د. محمد أو بمساعده د. دينا، تبتدى “أنا دلوقتى”،وبعدين حصل، وبعدين طلع، وبعدين نزل، زى ما محمد عمل كده أنا دلوقتى ….هه

أحمد: إنتى كان ليكى أمنيه وماتحققتش ياللا حققيها فى الحلم يعنى إحلمى، وانتى فيها…

د.يحيى: شكرا يا احمد

أحمد: يعنى كنتى إنتى عاوزه إنك تبقى دكتورة، إحلمى، إنك دكتورة وبعد كده صحيتى زى ما إنتى المهم تحاولى

ياسمين: أنا باحلم دلوقتى…..

د.يحيى: مفيش باحلم “أنا دلوقتى…”

ياسمين: أنا دلوقتى فى الدراسه مثلا

د.يحيى: مفيش مثلا “أنا دلوقتى…”

د.مروه: فين

ياسمين: أنا بحلم إنى مدرسه ثانوى

د.مروه: قولى ده  من غير كلمة “باحلم”

ياسمين: أنا دلوقتى فى المدرسه الثانويه وكنت فى الإمتحان وماعرفتش احل كويس، فيعنى نزلت فى الدرجات، فبقيت يعنى…، فاللى فى البيت كلهم اتضايقوا من المدرسين وكده، وبعد كده خلاص بقى.

تعقيب على استجابة “ياسمين”:

v    على الرغم من أنها فشلت تقريبا تماما فى “عمل حلم”، ومع أنها لعبت بعد كل السابقين والسابقات، إلا أننى رحبت بإثبات هذا الحوار بنصه لأبين صعوبة “عمل حلم” عند البعض، ومدى المقاومة.

v    بالرغم من أن أحمد قد “عمل حلما” فيه كل مواصفات “وعى الحلم” الذى فى الفروض، إلا أنه حين راح يساعد ياسمين ابتعد عن ذلك تماما، وراح يتكلم عن نوع الأحلام الأقرب إلى “تحقيق الرغبة”، وهى أبعد ما تكون عادة عن وعى الحلم الذى أردنا الكشف عنه

v    تناقض موقف أحمد بين حالته وهو يمارس “عمل حلم” ، وبينه وهو يشرح لياسمين كيف ينسج الحلم من الخيال له أهمية خاصة فى استبعاد ما “يسمى حلم اليقظة” من هذه التجربة، وأيضا قد يفيد فى السماح بتحديد مستويات الأحلام حسب غلبة الخيال، أو غلبة الإبداع فى وعى الحلم

v    ظهرت ملامح باهتة بعد كل هذا الضغط حين استبدلت ياسمين رغبتها أن تكون طبيبة، ورضيت أن تكون مدرسة، لكنها حين عملت حلما ولو بدرجة شديدة التواضع انقلبت تلميذة فاشلة، وهذا عكس التلميذة المضطهدة أو سيئة الحظ.

ونواصل:

د.يحيى:  (بعد فترة صمت…) …. ياه!! حتى ده يا ياسمين، شكرا، الله يسامحك فاضل حد غير رضا، ياللا يا رضا “أنا دلوقتى ..”

رضا: أنا دلوقتى ساكنه فى بلد أرياف بقالى، كتير أوى فيها، كل لما أقعد فى مكان ألاقى صاحب البيت يطلعنى منه، فمضّايقه خالص فحاسه إنى أنا ماليش مكان أنا وولادى، كل لما أروح مكان يطلعونى منه فحاسه إنى أنا ضايعه،

 يا للا يا د. يحيى أنت اللى فاضل

تعقيب على استجابة “رضا”:

v    رضا كما ذكرنا من البداية زميلة يقظة الحضور، جادة الحدس، جاهزة معظم الوقت، وهى لم تتردد فى الدخول إلى الحلم بسلاسة وحسم معا، حتى بعد أن هدأت حدة التداعى نتيجة لمقاومة ياسمين وتسطيحها.

v    ركزت رضا على مواقف لها علاقة بظروفها الاقتصادية بشكل ما، لكن تصوير الحلم لذلك كان أكثر عمقا وإيلاما، وأسرع إيقاعا.

v    بادرت “رضا” وحدها – كعادتها- واختارت من تبقى وهو المدرب (شخصى) دون أن يسألها ، وكان ذلك طبيعيا لأن الجميع لعبوا، وكما ذكرت سالفا، فإننى ألعب فى الآخر، حتى لا يتصور أحد أن هذا هو الأداء المطلوب.

د. يحيى: (بعد فترة صمت ليست قصيرة وهو مطأطئ رأسه)…

طلعت صعبه يادينا، يخرب بيتك: أنا دلوقتى راكب فوق صبرى فى السما قاللى إبعد إنت تقيل، قلت له أبعـِد دا إيه أنا جاى أركّب لك جناح يامغفل، قالى ما أنا طاير من غير أجنحه، قلت له ما هو إنت لما تنزل حاتدشدش، فراح نازل من قبل ما أركب له الأجنحه وأنا لسه فوق لاقيتنى، إن أحنا حاندشدش إحنا الإثنين، راح أبويا طالع لى وقال لى إنت ندل ولا معاك أجنحه ولا نيله، قلت له إمشى ياَ لَهْ، فراح صبرى مختفى فرحت نازل لقيتنى فى مدرسة رياض أطفال ولاقيت الأبله حلوه جيت أبصبص لها، العيال زفونى وقالوا يا راجل ياعجوز مناخيرك أد الكوز، رحت طالع لاقيت الدكتور محمد، رحت واخده على قفاه، وركبت القطر بتاع دينا راحت هى ناطه من الناحيه التانية، رحت طارد سارة وقلت لها بدال ما تشخى على نفسك إجرى إطلعى بره، بس خلاص .

التعقيب على استجابة “المدرب”:

v    لا أنا توقعت، ولا أحد توقع أن أجد صعوبة بعد كل هذه المساعدات والشرح التى بدأت بها وكأنى أعرف المراد، أو كأنى – شخصيا – أستطيع أن أدخل إلى وعى الحلم بسهولة.

v    الاعتراف بالصعوبة المبدئية، موجها الكلام للدكتورة دينا التى كان لها الفضل فى استعمال تعبير “نعمل حلم” ربما له دلالة أخرى للاعتراف مجددا بأهمية هذا التعبير ليبعدنا عن أحلام اليقظة.

v    بتلقائية غير مقصودة بدا الحلم ربطا بين معظم أحلام من سبقوه، مع إضافات مفاجئة، ونقلات سريعة، لم تخل من الموقف الخاص به من موقعه فى وسط “وعى الحلم”.

v    توجد استطرادات دالة على حركية الطفل داخله، وفى نفس الوقت الوعى بسنه (روضة أطفال، ويا راجل يا عجوز..) هذا بعد ظهور والدى، ثم رفض وصايته، بل ومخاطبته بـ إمشى “يالَهْ”.

v    قرب نهاية الحلم تواصل الربط التلقائى بين عدد من الأحلام: بين أول حلم وآخر التجربة، أول الحلم كان حلم دينا، والقطار، وقد تدخل المدرب فى حلم دينا كما سبق كأنه شاركها، ثم ها هو ينهى حلمه بمحاولة مشاركتها ، لكنها قفزت الناحية الأخرى ثم انتقل إلى إكمال حلم صبرى.

v    أما تعقيبى على ضربى زميلى المتدرب د. محمد، على قفاه قرب نهاية الحلم ثم رفض نكوص سارة فبدا بعيدا عن حساباتى الظاهرة اللهم إلا إن كان رفضا لاعتمادية وتقديس هذا الزميل الطيب لأدائى، وكذلك رفضى بالنسبة لساره للتمادى فى النكوص حتى الذهان أو استسهال الحل العكسى بتكوين رد الفعل.

الخلاصة:

أولا: للحلم وعيه الخاص به

ثانياً: يمكن استحضاره “هنا والآن: بعيدا عن الخيال وأحلام اليقظة، قريبا من “حركية الإدراك” “ووعى الإبداع”.

ثالثاً: يمكن مشاركة آخر فى نفس الوعى، ليس فقط بإضافة فى التشكيل أو تعليق مكمّل، ولكن قد تكون الإضافة بحدة الانتباه والتصديق.

رابعاً: يمكن استنتاج أن هذا المستوى من التواصل فى “هنا والآن” وهو يبتعد قليلا عن وعى اليقظة الحاد، ولا يدخل فى وعى النوم، أن هذا المستوى هو الذى يتراكم على مدى عمر المجموعة ويكون نواة لتكوين نواة الوعى المشارك إلى تخليق الوعى الجماعى.

 

 [1] –  لاحظ تدخل المرضى تلقائيا

[2] – لاحظ أن الموت فى الحلم وارد، لكنه ليس نهائيا، ظهر ذلك حتى منذ بدأ المدرب التجربة حين قال “..وبعدين قابلت مش عارف إيه رحت متزحلق، رحت ميت ومش عارف إيه، راحت طالعالى شجره ما كانتش موجوده..إلخ)

[3] – النقط هنا تشير إلى أننا فى التفريغ سمعنا صوت المتكلم دون صورته، ولم نتبين من هو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *