الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (47) “العمليات الجماعية” داخل وخارج العلاج الجمعى

كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (47) “العمليات الجماعية” داخل وخارج العلاج الجمعى

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 21-7-2013

السنة السادسة

 العدد: 2151       

 كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (47)

استطراد:

“العمليات الجماعية” داخل وخارج العلاج الجمعى

هذا العنوان مشتق من عنوان المؤتمر العالمى الذى سوف يعقد فى القاهرة من 25 إلى 27 سبتمبر 2013 بعنوان:

العلاج الجمعى والعمليات الجماعية: الأمل فى أوقات عصيبة (حرجة)

Group Therapy and Group Processes Hope in Critical Times

وتعقده الجمعية المصرية للعلاجات والعمليات الجماعية EAGT، بالاشتراك مع الجمعية العالمية للعلاجات النفسية IAGT

وبعد

يعرف الجميع علاقتى المحدودة بالمؤتمرات العلمية عامة، نتيجة قصور منى أو تقصير، واحتراما لقدراتى، برغم مواصلة الدعاء لكل جهد جماعى جاد بالتوفيق، واحتفاظى بالأمل فى أى تجمع مفيد أو لقاء واعد، إلا أن ابنتى أ.د. منى الرخاوى قد طلبت منى أن اساهم فى التعريف بفكرة هذا المؤتمر تصلنى منها باعتبار أننى مع أ.د. محمد شعلان كان لنا شرف بداية هذا النوع من العلاج بصورته المستمرة فى جمهورية مصر العربية، وحين نبهتها أن ذلك سوف يكون على حساب ما كلَّفَتْنى به سابقا فى نفس المجال، أعنى كتابة كتاب “الأساس فى العلاج الجمعى” أصرّت أن هذا يكَمِّل ذاك.

ناقشتها معتذرا بصفتها ابنتى أكثر من صفتها رئيس الجمعية المصرية أو عضو مجلس إدارة الجمعية العالمية للعلاجات الجماعية أو المسئولة عن نشاط الشباب عموما فى الجمعية العالمية وأيضا عن نشاط الجمعية فى أفريقيا، ولم أنجح فى إثنائها عن رجائها، لأنها واجهتنى بما أفحمنى، وهو أن ما علّمته إياها (وإخوتها ما أمكن ذلك) عن معنى “حمل الأمانة” هو من صلب ما تطلبه منى، فلم استطع أن أواصل اعتذارى عن الاستجابة لطلبها الإضافى فى حدود إمكانياتى وخاصة فيما يتعلق بالعنوان الفرعى (الأمل فى أوقات عصيبة)

ما سوف أبدأ بالتعريف به، بعد مناقشات مع ابنتى للتعرف على أبعاد المؤتمر أكثر، ليس هو العلاج الجمعى وإنما “العمليات الجماعية”، ومن ثَمَّ العنوان الفرعى: “الأمل فى أوقات عصيبة”. سألت ابنتى: ماذا تقصدون بالعمليات الجماعية؟ فأحالتنى إلى نشرة المؤتمر. هى العمليات الجماعية لغير المرضى خارج مجال العلاج النفسى لدعم المجالات الأخرى مثل: الأسرة والمجتمعات المدنية والمنظمات والشركات، ثم سألتها عن العنوان الفرعى “الأمل فى أوقات عصيبة”، فقالت: وهل توجد أوقات عصيبة أكثر مما نحن فيه؟ ليس فقط فى مصر؟ بل فى المنطقة العربية جميعها؟ بل فى العالم؟ تعجبت – وفهمت وقبلت – كما فرحت أنها لم تأت بذكر السياسة، مع أن فعل السياسة – بكل عيوبها ومخاطرها – هو فى موقع محورى لما يمكن أن يسمى “العمليات الجماعية”

 لكل هذا قبلت أن أقحم هذا الاستدراك وقد اعتدتم على استدراكاتى!!

منطلقات أساسية:

أولا: الوعى العام غير الرأى العام، الوعى هو جُمّاع شبكى متداخل لوظائف عدة، أما الرأى فهو نتاج فكرى محدد، عادة بالرموز واللغة أكثره من نشاط النصف الأيسر للدماغ (الطاغى)

ثانيا: ما يسمى “العمليات الجماعية” هو أكثر ارتباطا بـ واعتمادا على الوعى العام منه على الرأى العام.

ثالثا: حسب المبادئ الأولية الأساسية للعلم المعرفى فإن العقل ليس هو العضو الوحيد للتفكير، فعبر أى قنوات تجرى العمليات الجماعية؟

رابعا: الادراك هو وظيفة معرفية أكثر شمولا وأوسع نطاقا وأعمق نموا من التفكير، وهى وظيفة أكثر ارتباطا بالوعى منها بالرأى أو بألفاظ اللغة أو بالترميز والتجريد عموما، فما تأثير ذلك فى العمليات الجماعية؟

خامسا: أتاحت تكنولوجيا التوصيل والتواصل لكل الناس من كل حدب وصوب، من كل جنس ولون، من كل دين ومعتقد، أن يتواصلوا مباشرة بقدر أقل فأقل من وصاية السلطات المركزية عموما بما فى ذلك السلطة الدينية والسلطة العلمية التقليدية والسلطة السياسية الحاكمة والسلطة الإعلامية المموَّلة المغرضة. إذن ماذا؟

سادسا: فى نفس الوقت فإن نفس هذه التكنولوجيا قد أتاحت فرصا للإغارة الساحقة الماحقة الممثَّله فى سلطات ظاهرها حكومات الدول التى تحتكر صفة التقدم، علما بأن المحرك الأقوى وراءها هو سلطة المال والتكاثر والاستعمال الفوقى والاستعمار الجديد، وكل هذا هو مؤهلات ما يسمى “النظام العالى الجديد”، فماذا يحدث للعمليات الجماعية المقاوِمَة نتيجة لذلك؟

سابعا: ما وصلنى من ممارسة العلاج الجمعى، بعد أكثر من أربعين عاما، هو أن الوعى الجماعى يتكون من خلال التواصل فالتواصل الكلى بين الناس مع بعضهم البعض، فلا تبادل آراء، ولا تفسير أو تسكين بالكلام، ولا هى أساسا نصائح جماعية ولا توجيهات إرشادية، فهل يشترط فى العمليات الجماعية مثل ذلك، أو استبعاد غير ذلك؟

ثامنا: العلاج الجمعى بالذات يمثل نموذجا لمعنى وكيفية فاعلية الجماعة أثناء مواجهة أفرادها لبعضهم البعض فى عملية متكاملة متداخلة، تخلق كيانا ضامّا بين مجموعة من البشر تسعى نحو هدف مشترك متصاعد متصاعد يوجه الفطرة البشرية لما خلقت له نحو وعى أرقى فأرقى إلى وجه الحق، سميناه كذلك أم لا. مرة أخرى: إذن ماذا؟

وبعد

إن جمع العلاج الجمعى – بهذه الصفات المميزة الفارقة- مع العمليات الجماعية فى مؤتمر يحتاج موقفا ناقدا ونظراً أعمق، وبعض ما خطر لى إزاء ذلك هو كما يلى:

إن ما يحدث فى العلاج الجمعى بين مجموعة بذاتها بقواعد مهنية مُحكمة، ولمدة مقدرة مسبقا، بشرط لقاء مباشر بالجسد والمخ والوعى (بمستوياته) والمخ بل والأمخاخ (بتجلياتها)، وما يقابلها أو يوازيها أو ينافسها من “عقول”، كل ذلك يحدث بشكل بقائى تلقائى من خلال نشاط تطورى على طول مسيرة سائر الأحياء التى استطاعت – بفضل الله- أن تحافظ على بقائها (واحد فى كل ألف من كل الأحياء).

فى الإنسان، وبالذات فى هذا الإنسان المعاصر، يتداخل الوعى، والوعى بالوعى، والتخطيط بما يجعل المسؤولية أكبر، والمخاطر أعظم، والأمل أكثر حضورا.

بناء على ذلك فلابد أن للعمليات الجماعية أشكالا وتنويعات وتجليات أقل تركيزا مما يجرى فى العلاج الجمعى بشكل مباشر، لكنها أعم حضورا وليست أقل تأثيرا غالبا ومن هذا يمكن وضع فرض يقول:

إن الوعى الجماعى يتخلق تلقائيا عبر كل أنواع التواصل الحيوى فالبشرى بدرجات تراكمية جدلية تصعيدية، ومع تزايد الوعى بالوعى، وتوفر السبل الأحدث والمعلومات الأكثر غزارة فى البيولوجيا العصبية والعلم المعرفى العصبى والعلوم النفسية عامة والعلوم الكموية الأحدث، وغيرها، يحاول الإنسان عبر سبل متعددة، متكاملة ومتوازية ومتجادله أن يسهم بدرجة ما فى تخليق “الوعى الجمعى” لما يتصور أنه أكثر إيجابية، بمعنى أنه أكثر تحقيقا لما خُلقنا به و لما خُلقنا إليه، وكذلك أكثر تلاؤما ثم دفعا لمسيرة التطور.

من هذا المنطلق تصبح أية عملية جماعية هى إسهام أكبر وأقدر من الاسهام، الفردى ويصبح البحث فى هذه “العمليات الجماعية”، انطلاقا من العلاج الجمعى، وكذلك من علاج الوسط هو من أهم ما قد يسهم فى ذلك.

تطبيق محدود يتجاوز العلاج الجمعى:

الخبرة التى خضناها معا بفضل الابن والصديق والزميل أ.د. جمال التركى فى “شعن” (الشبكة العربية للعلوم النفسية) تقول إن وعياً عاما Collective Consciousness يتخلق بين أفراد ومجموعات أكبر فأكبر عبر تكنولوجيا التواصل الأحدث، وهو يتسع باضطراد واعد.

بتعميم أخطر – لن أتطرق إليه – لعل هذا هو الحادث حاليا فى آلاف أو ملايين ما يسمى الفيس بوك والتويتر والتغريدات والمواقع الخاصة وهو ما يجرى ليل نهار فى كل العالم العربى الآن دون لقاء جسدى بين أفرادها إذ يقتصر التواصل بالكلمات المكتوبة، وبعض الصور ونادرا بالتخاطب الصوتى، أو المرئى/صوتى.

إلا أننى سوف أقصر رؤيتى للعمليات الجماعية، قياسا على العلاج الجمعى، على المثال الذى نعيشه معا “هنا والآن” يوما بيوم فى جماعة تنمو باستمرار، تحت قيادة قائد ماهر، هو منشؤها وراعيها اسمه “جمال التركى”، قائد كان – ومازال – له هدف ظاهر واضح، لكنه أيضا وقبلا له هدف أعمق وأرسخ وأبقى قد لا يكون فى بؤرة وعيه بالقدر الكافى حتى الآن، لكن الله يعلمه (وكذلك الراسخون فى العلم).

 وغدًا نقدم مزيدا من التفاصيل عن “العمليات الجماعية” التى تعلمناها من خبرة “شعن” موازية للعلاج الجمعى.

غداً: تطبيقات من خبرة “شعن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *