الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (41): كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (41) دروس من مجموعة المواجهة (3): (3) Encounter Group مقتطفات من “جماعة المواجهة” (3) “موت” الكلام و”إحياؤه”: فى “العلاج الجمعى” (1 من 2)

كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (41): كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (41) دروس من مجموعة المواجهة (3): (3) Encounter Group مقتطفات من “جماعة المواجهة” (3) “موت” الكلام و”إحياؤه”: فى “العلاج الجمعى” (1 من 2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 30-6-20138-7-2013_1

السنة السادسة

 العدد: 2130        

 

كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (41)

دروس من مجموعة المواجهة (3): (3) Encounter Group

مقتطفات من “جماعة المواجهة” (3)

“موت” الكلام و”إحياؤه”: فى “العلاج الجمعى” (1 من 2)

 مقدمة:

بالرغم من أن معظم ما سوف يأتى فى هذه النشرة قد سبقت الإشارة إليه، إلا أننى رأيت طريقة حضوره وأنا أتقمص مجموعة المواجهة أكثر وضوحا واحتراما مما جاء فى كتاب “فقه العلاقات البشرية: شرح ديوان أغوار النفس” فقلت أنشره بعد حذف ما تيسر، وأعتذر للتكرار مرة أخرى،

وأرجو أن يصل هذا التكرار للقارىء على أنه تأكيد مفيد:

* * * *

عن اللغة والكلام:

اللغة ليست هى الكلام، لكن الكلام يبدو أقدر الأدوات على احتوائها فى مرحلة تطور الإنسان المعاصر، يشاع أن العلاج النفسى هو علاج بالكلام، وهذا يحتاج إلى مراجعة، وخاصة بعد أن اسْتُعمل هذا الاسم “العلاج النفسى” لما يقرب من قرن الآن، مرادفا – غالبا عند العامة – لما يسمى التحليل النفسى. المتتبع لنقد هذا المفهوم من واقع الممارسة، لا بد أن يكون قد وصله قدر غير قليل من الحفز إلى ضرورة إعادة النظر فى هذه المسلمات الشائعة، فلا العلاج النفسى هو التحليل النفسى، ولا العلاج النفسى هو علاج بالكلام، وبرغم كل ذلك فإنه لا توجد وسيلة للتواصل بين البشر الحاليين أكثر اقتصادا، وأسرع احتواء للمعنى، وأقدر توصيلا إلى هدف التواصل، من الكلام، خذ مثلا ما أفعله الأن: هذه الحروف التى أرصها بجوار بعضها لأهاجم بها “الكلام” الآخر، أليست هى نفسها كلاما مكتوبا؟، أليست حروفا مرصوصة بانتقاء تلقائى من لوحة الحاسوب، حروفا تقفز فتتجاور مع بعضها البعض دون وعى كامل بتفاصيل ما أفعل – بعد طول مران- فتتكون الكلمات تشكل مع بعضها جملا مفيدة أحاول أن أوصل بها شجبى رأى رصٍّ كلامىّ متى كان فارغا أو معطلا؟ هل عندى وسيلة أخرى أوصل بها ما أريد توصيله؟ القضية، مثل معظم قضايا الإنسان المعاصر: تتحدى، ولا يمكن اختزالها إلا على حساب التخلى عن محاولة استيعابها.

 هذه القضية بوجه خاص تواجهنا فى موقعنا هنا ونحن نحاول أن نشرح ماهية العلاج النفسى، وخاصة العلاج الجمعى أو بصراحة العلاج عامة،  فكما أكرر دائما، كل علاج حقيقى هو علاج نفسى حتى علاج المغص الكلوى.

نبدأ من البداية:

 هل الإنسان: حيوان ناطق؟ أم أنه حيوان عاقل؟  أم أنه : حيوان يتكامل إلى ما يحتوى به تاريخه مستعملا الأحدث فالأقدم بالتبادل الإيقاعى فالجدل المتصاعد إلى ما لا نعرف (الغيب)؟ يتكامل بكل مستويات الكلام واللغة (واللغات) والمفاهيم والفكر والعقل (والعقول) ، والجسد، والوعى؟

صعب! أليس كذلك؟ لكن الإنسان كائن تاريخى صعب، أليس كذلك أيضا؟

لمحة عن نمو الكلام وعلاقته بالمعنى واللغة

الكلام هو من أحدث الأدوات التى تساعد البشر على التواصل فيما بينهم لكنه ليس بالضرورة الأداة الأقدر وحدها، وما يهمنا هنا هو تحديد متى ينفصل الكلام عن تاريخ تطوره، ومتى ينفصل عن المعنى، وعن الغاية، وعن سائر وظائفه، بل وعن اللغة، ومتى يؤدى عكس وظيفته؟  (1)

  1. حين ينشأ الكلام عند الطفل يرتبط عادة بما تشير إليه الكلمة، حتى أنه كثيرا ما يستعمل نفس الكلمة، لتعنى معان كثيرة، وكل الفرق يكون فى التنغييم وما يصاحبه من إشارات نتيجة لحضور الموضوع (الشىء) عادة أمام حواسه، أو نتيجة لاختلاف السياق أو الموقف الذى يوجه فيه نفس الكلمة المنطوقة إلى المعنى المختلف، المثال الذى استشهد به كان طفلا بمثابة حفيدى – أصبح الآن جراحا كبيرا فى إنجلترا- نطق كلمة “كُرَهْ” مبكرا، ولم تكن بهذا الوضوح بل أظن أنها كانت “كووويهْ”، وبدأ يطلق نفس اللفظ على عدد هائل من الأشياء، بل والأشخاص، مع تغير التنغيم والإيقاع المصاحب أحيانا بالإشارة إلى ما يريد، فهذا “كويه”، وذاك “كوووويااااه”، وتلك “كوه”، وهذه “كره” (بعد أن استطاع نطق الراء إلا قليلا)، هذه المرحلة هى نوع من الربط بين الصوت والإشارة والموضوع، فهى مرحلة التجربة والخطأ، حتى تتميز الأشياء فيما بعد مع اكتساب أبجدية أكثر فأكثر، هذه مرحلة “الإشارة” Denotation.
  2. ينفصل اللفظ عن ما يشير إليه “حالا”، ويصبح هو ذاته كيانا مستقلا، يحتوى– يتضمن- المعنى المراد، سواء حضر الشىء المراد أمامه (أمام حواسه) أم حضر فى ذاكرته أم فى وعيه، هنا يتضمن اللفظ محتواه بما يعنيه، وهذه هى مرحلة التضمين، Connotation
  3. قد يستقل اللفظ عن موضوعه بشكل مباشر ليصبح موضوعا فى ذاته، وهذا لا يعنى أنه ينفصل عن المعنى أو عن الغاية التى تنشأ ليؤديها، وإنما يعنى أن اللفظ يكتسب قدرة ذاتية، يستعملها فى وظيفته للاقتصاد، مما تتيح له تشكيل المفهوم تلو المفهوم، فى تصعيد متكامل

 فإذا رجعنا إلى ذلك الطفل بعد أن أصبح استشاريّا جرّاحا “إنجليزيا”، ذلك الطفل الذى كان يستعمل لفظ الكرة لكل شىء تقريبا، وطلبنا منه تعريف لفظ الكرة، فقد يرجع إلى القاموس، وسوف يجد أن: “الكووى” (الكرة): هى كل جسم مستدير، ومنه الكرة الأرضية، والكرة أداة مستديرة من الجلد ونحوه يلعب بها..(الوسيط) إلخ”، وهكذا أصبح للفظ مضمون متعارف عليه بالتحديد لإفادة الحضور العيانى لشىء بذاته حتى لو لم يوجد هذا الشىء حالاً.

فإذا انتقلنا إلى المجاز وقلنا بالعامية “الكورة اجوان” (حتى لو ترجمناها إلى الفصحى “الكرة ليست إلا أهدافا”)، فإننا لا نعنى هذا الجسم المستدير … إلخ ، كما ورد فى المعجم، وإنما نحن نتكلم عن مفهوم أكثر تعقيدا يشير إلى أنه “من لم يحرز أهدافا فى ملعب الكرة، فكأنه لم يمارس لعب الكرة أصلا.” حتى لو تكلمنا عن “اتحاد الكرة”، فإننا نعنى معنى غير التضمين المغلق، وغير المفهوم المجازى الذى أشرنا إليه حالا، فبمجرد ان يصبح لفظ الكرة “مضافا إليه”، يختلف معناه، وهكذا.

اغتراب الكلام

مع تطور القدرة الكلامية، لابد أن تخف جرعة التركيز على ان يحمل كل لفظ كل المعنى المتضمن فيه، ذلك المعنى الذى نشأ اللفظ لاحتوائه، وهذا جيد اقتصاديا للتخفيف من عبء حضور كل المعنى فى كل اللفظ ليحتل بؤرة الوعى باستمرار، إلا أن هذا الحضور الكلى لو تمادى إلى أقصاه فإنه قد يبطىء من سرعة الإفادة والتواصل حتى تتعطل مسيرة التماسك فالتواصل، ومن هنا فنحن فى حاجة مناسبة لقدر من التخفيف يحول دون تضمين كل لفظ كل معناه، وهكذا يصبح هذا التخفيف حيلة دفاعية تساعدنا على تجنب الإعاقة المعطلة بالسرعة البطيئة، وأيضا يساعدنا على التخلى المشروع عن مسئولية تفعيل ما تتضمنه كل كلمة من معنى يتطلب فعلا وموقفا وقرارا…. إلخ.

مثل أية آلية دفاعية، إذا ما زادت وظيفتها الدفاعية عن حاجتنا إليها تنحرف بمسار النمو أو توقفه تماما، دعونا نتناول الآن ما يحدث للكلام إذا انحرف عن مساره إلى ما هو زائف مغترب،

إن ما يحدث حين ينفصل الكلام أكثر فأكثر فأكثر عن مضمونه وحفزه أن يستقل عن معناه بدرجات متزايدة حتى يفقد أصول وظائفه، فبدلا من أن يصبح تبادله سعيا إلى الفهم والتفاهم، يصبح تبادله أقرب إلى الدفاعات ضد الفهم، متجاوزا المعنى المشترك المراد، فلا يعود يؤدى وظيفته المعرفية، بل يصبح عبئا على اللغة الكائن الحى، ومن ثم على الوجود البشرى المتكامل، وينقلب عائقا للنمو، ومضيعة للوقت، ومظهرا للاغتراب. الأرجح أن هذا هو ما يسمى بالعامية الساخرة: أحيانا “طق حنك”، أو “أى كلام” أو “كلام فى الهجايص”،

 (وقد عبرت اللغة الشبابية عن هذا الاغتراب بقاموس كامل لمن شاء أن يرجع إليه، حتى أننى فسرت ظهور هذه اللغة الشبابية بأنها احتجاج ضمنى على ما آل إليه حال الكلام اغترابا، واعتبرت أن هذه اللغة الجديدة المرفوضة من المؤسسات والسلطة على حد سواء،هى نوع من تنشيط حركية اللغة، تماما مثلما يقوم الشعر بتجديد اللغة، حين يعيد تشكيل الصورة بنفس الأبجدية اللفظية ليبدع لحنا مختلفا فى تشكيل جديد، وتفصيل ذلك فى مبحثى “حركية اللغة بين الشعر والشارع”.  

من خلال هذا الاغتراب المتمادى تتحول الكلمات إلى أصوات ، مهما كانت هى نفس الكلمات ذات التاريخ والمعنى

كما تتحول الجمل إلى مقاطع مفككة بلا تشكيل ضام أو هادف،

ويتحول هدف الكلام إلى “تزجية للوقت”، كوسيلة دفاعية ضد الوعى الأعمق بالمعنى، فالإلزام بالفعل.

ويتحول التواصل المحتمل بالكلام الحى، إلى صفقات تسكينية قصيرة العمر.

يصدق كل ذلك فى الحياة العامة مثلما يصدق فى بعض ما يسمى العلاج النفسى، (التفريغى، التسكينى، الخدعة) وهو ما نحاول نقده هنا مع التنبيه إلى تجنبه فى العلاج الجمعى بشكل خاص، وربما لهذا تحديدا أهمية مبدأ “هنا والآن” معظم الوقت، وهذا ما عبرت عنه شعرا متقمصا روح “جماعة المواجهة”، قلت هكذا:

مر‏ّّ ‏الهَوَا‏ ‏صفَّرْ‏، ‏سِمْعِنَا‏ ‏الّصُوْت‏ ‏كإن‏ ‏النَّعْش‏ ‏بِيْطلّع‏ ‏كَلاَمْ‏:‏

‏”‏لأ‏ْْ..، ‏لسّهْ‏..، ‏إسْكُتْ‏،.. ‏لَمْ‏ ‏حَصَلْ‏.‏

‏،‏سيِمَا‏ ..، ‏ياتَاكْسِى، .. ‏لسَّه‏ ‏كام‏ ‏؟‏”‏

‏ ‏أىّ ‏كلام‏.‏

ألفاظ‏ْْ ‏زينَهْ‏، ‏مَسْكيَنه‏ْْ،‏

بتزقْزَقْ‏، ‏وتْصَوْصَوْ‏، ‏

‏.. ‏وِخَلاَصْ‏!!‏

من الواضح أن هذه البداية تشير إلى أمرين مما سبق شرحهما حالا فى المقدمة، فمن ناحية تعلن أن الكلام إذا لم يعد إلا أصواتا، فإن الجسد البشرى اصبح نعشا، لا وعيا (2)، وأن الوجود الإنسانى اصبح موتا، فراحت الأصوات تخرج كأنها الكلام، وراح الكلام يخرج ليس إلا أصواتا.

ثم يتواصل المتن فى محاولة تفسير لماذا حدث ذلك قائلا:

اللفظ‏ ‏ماتْ‏ ‏مِنْ‏ ‏ركنِتُهْ‏.‏

من‏ ‏لعبة‏ ‏العسكر‏ ‏وطول‏ ‏تخبــيـّته‏،‏

ظرف‏ ‏رصاص‏ ‏فاضى ‏مصدى ‏فْ‏ ‏علبتــه‏.‏

لما‏ ‏القلم‏ ‏سِنّه‏ ‏اتقصف‏؛ ‏عملــتُه‏ ‏تلبيسه‏ ‏تــمــكّن‏ ‏ماسِكتهُْ‏،‏

‏ ‏وا‏هى ‏شخبطه‏. (3)

الكلام عضو حى من أعضاء الوجود الحيوى البشرى، ومثلما يضمُرُ أى عضو نتيجة “عدم الاستعمال”، مثلما ضمرت فقرات ذيول وعضلات القردة لما توقفت عن التعلق بها فى الشجر، فإن أى عضو لا يُستعمل يضمر حتى يختفى أو يكاد، كذلك الكلام إن لم يستعمل فى وظيفته الأصلية نتيجة للقهر والقمع، يضمر، أو يصبح “غير ما هو”، لأنه يخدم غير ما نشأ من أجله.

 حين يحال بين الإنسان وبين توظيف كلامه فى تأكيد ذاته، وتوصيل فكره، والإسهام فى دعم إرادته، لاتخاذ قراره وتشكيل إبداعه، ثم يطول هذا القهر والقمع، فإن كل ما يصدر من أصوات تشبه الكلام لا تكون كلاما، ويبقى الكلام الأصل كامنا بداخلنا دون تنشيط أو تدعيم، لأنه لم يعد له فائدة فى تحقيق الوجود أو دفع المسيرة على طريق النمو، هكذا يموت اللفظ فى ظلام القهر، يموت بالمنع، ثم يموت بالاستغناء.

هكذا يصبح الرمز رمزا ليس إلى ما يشير إليه، وإنما إلى نفسه، وتتكاثف الرموز وتتكاثر وتزاحم بعضها بعضا، ‏حتى ‏تصبح‏ ‏عبئا‏ ‏على ‏الوجود‏، ‏مما يهييء‏ ‏للمرض‏ ‏النفسى ‏وللاغتراب العقلى هربا من الاغتراب النمطى المفرغ من الوجود الحى‏.

هكذا يصبح‏ ‏الوجود‏ ‏البشرى ‏هيكلا‏ ‏خاويا‏ (‏نعشا‏) ‏تتردد‏ ‏فيه‏ ‏أصوات‏ ‏لا تؤدى ‏وظيفتها‏ ‏سواء‏ ‏فى ‏إثراء‏ ‏الوجود،‏ ‏أو‏ فى ‏التواصل‏ ‏بين‏ ‏البشر، أو فى تشكيل الإبداع تصعيدا أو تجديدا.

 المتأمل‏ ‏فى الألفاظ‏ ‏اليومية‏ ‏المتبادلة‏ ‏بين‏ ‏الناس‏ ‏قد‏ ‏ينزعج‏ ‏من عدم‏ ‏ترابطها‏ ‏الأعمق‏، ‏أو‏ ‏من خلوها‏ ‏من‏ ‏المعنى الأصلى لها، ‏أو‏ ‏من خروجها‏ ‏من‏ ‏معناها‏ ‏الأصلى ‏إلى ‏معنى ‏آخر‏ ‏قد‏ ‏يكون‏ ‏نقيض‏ ‏الأول، خذ مثلا ‏من‏ ‏يستعمل‏ ‏الفاظ‏: ‏السلام‏ (‏السلام‏ ‏عليكم‏)، ‏والخير‏ (‏صباح‏ ‏الخير‏) ‏ولا‏ ‏يعنى ‏بهما‏ ‏شيئا‏.. لا من السلام ولا من الخير. ‏

هكذا تختفى أو تخفت المعانى التى كانت تحتويها الألفاظ، فيصبح اللفظ غطاء لإناء بلا محتوى، وبلا نبض يحافظ على جدته وحيويته،

ومع ذلك، فلا يوجد بديل، هو هو نفس اللفظ الخاوى المهتز، هو الوسيلة الوحيدة – تقريبا- التى يمكن أن أكتب بها هذا الكلام، هو هو الأبجدية التى استعملها لأصفه هو نفسه أنه: “ظرف رصاص فاضى مصدى ف علبته”

ليكن…

لكن مازال اللفظ موجودا مهما أفُرِغ أو صدأ،

 ومازلنا فى أمس الحاجة إليه،

 وعلينا أن نواصل بما تبقى منه، لعلنا نفلح أن نحييه، أليست هذه هى وظيفة الشعر، وبعض وظيفة العلاج الجمعى؟ أليس هو اللفظ؟ بجواره لفظ، ثم لفظ مضاف إليه لفظ …إلخ الذى يمكننى الآن من مخاطبتك عزيزى القارئ؟ أليس هو الذى يعرى ما جرى له، أى ما جرى لى، أى ما جرى لك؟ أليس هو الذى جعل الشباب يرفضون ما آل إليه حال الكلام فاللغة، فاخترعوا لغتهم بنفس الحروف، ولكن بتجديد مغامر ، جعل كل السلطات تخاف منهم، وتدمغهم وترفضهم، وهم لم يفعلوا شيئا إلا إعلان أن كلامنا قد أصبح “ظرف رصاص فاضى مصدى ف علبته”؟

كل هذا هو بعض ما يحاول العلاج الجمعى تصحيحه، وذلك بالتركيز على “هنا والآن”،

 فهل يدور الحوار فى العلاج الجمعى دون كلام، أم أن هناك سبيل يبعث الكلام الذى مات ليعود فيؤدى وظيفته الحقيقية فى التواصل والتمثيل؟ وبالذات فى العلاج الجمعى؟

 هذا ما سوف نكمله غدًا.

[1] – أنا أكتب هذا الشرح دون الرجوع إلى مراجع أهل الاختصاص الدقيق، لأن هدفى هنا هو عملىّ تدريبّى أساساً.

[2] – أتعامل مع الجسد باعتباره وعيا متعينا Concretized Consciousness

[3] – كتبتت هذا المعنى تفصيلا فى نشرة أو أمس “حوار مع مولانا النفرى” حيث مثلت كلمة “العبارة” دور الكلام وحدوده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *