الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (36): تحريك الوعى بما لم نتوقع!!

كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (36): تحريك الوعى بما لم نتوقع!!

نشرة “الإنسان والتطور”

الاثنين: 10-6-201310-6-2013_1

السنة السادسة

 العدد:  2110

 

كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (36)

تحريك الوعى بما لم نتوقع!!

“ياه!!!.. دى طلعت صعبة بشكل..(بِشـاااكْل)!!!! ولكن..”

مقدمة:

دروس من نشرة أمس:

الدرس الأول: كان العنوان أمس هو “غموض ما يحدث وما بقى” ، وصحته ” … وما يبقى” وليس ما بقى، ذلك أن ما يتبقى بعد نهاية العام عادة هو “فعل مضارع” يتحرك، “يبقى” وليس فعل ماضٍ “بقى”، الذى يبقى هو طريقة فى تناول الحياة (المعلومات) أما الذى بقى فهو كم من الذكريات وأسماء لأشخاص ورموز بما لا يقع – فى خبرتنا – فى بؤرة الوعى “اليتكوّن” (1)

الدرس الثانى: هو قدرة هذا اللفظ “كده” (دون تحديد الموضوع) على تحريك حرّ لما يخطر على وعى المشارك (مريضا أو طبيبا) على أى مستوى من مستويات الوعى سواء اتجه إلى حدث شخصى، أو إلى طريقة علاج، أو إلى طريقة تفكير أو إلى موقف نقدى، لكنه والسلام: “هكذا” ما دام الموضوع طلع  “كده”، وبنظرة مراجعة جاءت الاستجابة كما رأينا أمس متنوعة – متفرعة – دالة.

الدرس الثالث: ثبت أن تقديم الاستجابات المتلعقة بفرد واحد، سواء وهو يلعب أو هو فى موقف المخاطَب من آخر يوجه له الخطاب وهو يلعب، لا يمكن الخروج من هذه الاستجابات فى ذاتها باستنتاج محدد بعيدا عن بقية مشاركته سائر الأفراد، بل وعن تفاعلاته ومشاركاته الأخرى سواء فى هذه الجلسة أو فى غيرها، وبالتالى فإن تقديم الألعاب فى جزء مستقل أو كتاب مستقل سوف يمثل تحديا هائلا إذا اقتصر على مغزاها وتوظيفها فى العلاج الجمعى.

هذا علما بأننا جربنا هاتين اللعبتين فى ندوة حضرها أسوياء، وأيضا جربناها فى نشرات شاركنا فى لعبها “كتابة” أصدقاء الموقع، وكانت المقارنات أكثر دلالة وفائدة من هذا الاقتصار على تقديم حالة فردية سواء كانت مريضا أو طبيبا.

الدرس الرابع: إن هذه اللعبة بالذات كانت بمثابة تقييم نقدى غير مباشر قرب انتهاء سنة المجموعه، وقلنا إن هذه الـ “كده” هى إشارة غامضة لجُمّاع العوامل العلاجية وما تركت من أثار لا نريد  أن – بل يستحسن ألا – نحددها، وأن هذه المسألة هى من الصعوبة المنهجية بحيث لابد من الاعتراف بأنه ليس لها حل سهل، وأشرنا أن هذه اللعبة تكملها لعبة أخرى هى:

“ياه !!!.. دى طلعت صعبة بشكل..(بِشـاااكْل)!!!! ولكن..”

وبعد:

كنا قد وعدنا أمس أن نقدم استجابة أحد الأطباء المعالجين بعد أن قدمنا استجابة مريضة كعينة، لكن بعد أن اكتشفنا هذه الدروس السابق الإشارة إليها حالا فى المقدمة عدلت بصراحة، وفضلت رغم كل هذه الاعتراضات أن أنتقل إلى اللعبة المكملة السابق الإشارة إليها، وأن نواصل هذا الخطأ الجيّد بعرض حالة واحدة ثم قد نكف بعد ذلك عن مواصلة هذا السبيل ويكفينا الآن الإقرار بأن الغرض من هاتين النشرتين وهاتين العينتين بالذات هو:

أولا: إظهار حقيقة  أن “ما وصل قد وصل” حتى لو لم يمكن التعبير عنه لدرجة اليقين.

ثانياً: إظهار تداخل العوامل العلاجية دون تحديدها فى النتيجة الكلية المفاجئة “لو كنت أعرف”.

ثالثا: إظهار أن صعوبة المحاولة (العلاج) لا تعنى ضعف أثرها، بل لعلها تؤكد طبيعتها وتحفز إلى البحث عن مقابل هذه الصعوبة أو مغانم هذه الصعوبة من كل فرد بشكل مختلف عن الآخر غالبا.

خلاصة القول:

إننى سأكف عن تقديم الألعاب بعد ذلك إلا كعينة محدودة فى سياق موضوع آخر، وذلك حتى يحين صدور كتاب الألعاب لعلنا نجد له حلا منهجيا يحقق لنا ما يعد به.

عرض حالة من اللعبة الجديدة (كعيّنة)

أمال (2)

تعريف

29 سنة ، فصام (13 سنة) ، منظومة ضلالية عشقية راسخة (مدتها 13) سنة (تعلق ضلالى بالمعالج الرئيسى)، مؤهلة، جامعية، تعمل عملا متقطعا

*****

أولاً: استجابات أفراد المجموعة يلعبون مع أمال:

 سنية : يا أمال: “ياه!! دى طلعت صعبة بشكل ولكن إنشاء الله ربنا ياخد بيدك

محمود: يا أمال: ياه!! دى طلعت صعبة بشكل ولكن حاتنسي

مرفت: يا أمال: ياه!! دى طلعت صعبة بشكل ولكن ربنا يشفيكي

د.دينا: يا أمال: ياه!! دى طلعت صعبة بشكل ولكن انا معاكي

د.ياسمين: يا أمال: ياه!! دى طلعت صعبة بشكل ولكن حانعديها مع بعض

د.يحيي: يا أمال: ياه!! دى طلعت صعبة بشكل لكن ربنا يتمم شفاكى

تعقيب محدود

كان الهدف من إدخال أمال المجموعة بعد كل هذه السنوات من التعثر العلاجى نتيجة لثبات الضلال العشقى للمعالج الرئيسى كان الهدف واضحا وتمت مناقشته مع معالجتها الفردية التى اقترحت لها العلاج الجمعى بعد فشل كل العلاجات الأخرى، وهو محاولة النقلة من انغلاق الارتباط الثنائى إلى حركية المشاركة فى تخليق الوعى الجماعى ومن ثَمَّ ثم التحرك منه وإليه مثل باقى الأفراد، وقد التقط هذا التوجه معظم أفراد المجموعة وساعدوا فى ذلك وتبينت لهم صعوبة النقلة فعلا بعد كل هذه السنوات، ويمكن قراءة كل الاستجابات من هذا المنطلق تحديدا.

                                            *****

ثانياً: استجابات أمال:

أمال: أبتدي بنفسي طيب

د.يحيي: ………. احنا عادة بننتهي باللى بيلعب، بس زي ما انت عايزة

أمال: يا أمال: ياه!! دى طلعت صعبة بشكل ولكن ربنا حياخد بيدك

أمال: يا سنية: ياه!! دى طلعت صعبة بشكل ولكن انت اتغلّـــبتي عليها 

أمال: يا دكتوره دينا: ياه!! دى طلعت صعبة بشكل ولكن ربنا معانا

أمال: دكتور يحيي: ياه!! دى طلعت صعبة بشكل ولكن طظ فيكْ

أمال: يا محمود: ياه!! دى طلعت صعبة بشكل ولكن ربنا موجود

أمال: يا دكتوره ياسمين: ياه!! دى طلعت صعبة بشكل ولكن حانخف في النهاية

أمال: يا مرفت: ياه!! دى طلعت صعبة بشكل ولكن ربنا عايز كده

*****

تعقيب محدود

ربما حين فضلت أمال أن تبدأ بنفسها، حال ذلك نسبيا أن تُسقط الصعوبة على الآخرين دونها، مثلما فعلت سنية، ذلك أن أمال ، نظرا لثبات الضلال العشقى عندها عبر كل هذه السنوات، كانت تتحرك بصعوبة حقيقية مع كل محاولات المجموعة أن “تلخلخ ” هذا اليقين المعطـِّـل، وكانت تستجيب للضغوط والمحاولات أحيانا بشكل مباشر، وأحيانا باستناج منا أن الضلال قد تزحزح قليلا بعلامات غير مباشرة، وحين كانت تبالغ فى التركيز على المعالج، كانت تتكلم بمقاطع وجمل إما بالإنجليزية وإما بالفرنسية، وكأنها تلغى الآخرين، لكن حين يهتز الضلال قليلا، كانت تلتزم بلغة الأغلبية، العامية المصرية،  وكنا نستقبل  ذلك على أنه دليل احترام، وعلاقة مع آخرين يتبادلون الرؤية والتعاون ، وهم أفراد المجموعة جنبا إلى جنب مع المدرب، وبالتالى فإن بدايتها مع نفسها هكذا، وتمنيها لنفسها أن يأخذ الله بيدها يمكن أن يكون له دلالة معقولة فى اتجاه مزيد من سلامة البصيرة، مع أنه أيضا يمكن أن يؤخذ على أنه رغبة فى تحقيق أمنيتها الضلالية بالزواج من المدرب، الأمر الذى أعلنته أثناء المجموعة خاصة بعد أدائها العمرة ولبسها الحجاب خلال سنة العلاج.

رؤية أمال لسنية وكيف أنها حاولت طول السنة بطريقتها الهادئة، دون مآزق حادة، تدعم رؤية سنية التى لم نثبتها هنا وهى: أنها (الصعوبة) “ممكن تبقى سهلة”، وتؤكد إيجابية مسيرة سنية أيضا فى مواجهة الصعوبة، ومن ثم أملها فى العلاج.

أيضا حين خاطبت أمال الدكتورة دينا التابعى بأن “ربنا معانا”، بدا أن ذلك دليل آخر على استفادتها من فكرة “المعية” و “المواكبة“، وهما  جوهر هذا العلاج، ففرق بين ربنا معاكى، وربنا معايا، ثم ربنا معانا، هذا التوجه هو الذى اشتغلنا فيه مع أمال طول السنة.

فى نفس الاتجاه جاء قولها لمحمود “ربنا موجود”، هو إشارة تضيف إلى نفس اتجاه  ما ذكرناه حالا تعقيبا على مخاطبتها للدكتورة دينا.

تأتى مخاطبتها للدكتورة ياسمين أكثر واقعية وأملا “حانخف فى النهاية” مما يرجح الأمل الذى عقدناه فى بداية المجموعة، من أن نجاحها ونجاح المجموعة فى تحريك عواطفها نحو آخرين بديلا عن موضوع الضلال العشقى، هو الذى يمكن أن يساعدها فى خلخلة هذا الضلال، أملا فى اختفائه فى آخر الأمر “حانخف فى النهاية“.

ثم إن لعبتها مع مرفت قد تفيد فى استنتاج درجة ما من الموضوعية فى رؤيتها أن القصور المعرفى الواضح عند مرفت صعب تحريكه، فيكون التسليم بدرجة مناسبة لاعتباره من قضاء الله (ربنا عايز كده) هو اسلوب يخفف الصعوبة التى تأتى من أمل لا يمكن تحقيقه.

وأخيرا فهذه أول مرة طوال 12 شهرا (ومن قبلها طوال 12 سنة) تخاطب المدرب، موضوع ضلالها العشقى، بهذه المباشرة الصريحة “طز فيك” هذه المواجهة يمكن أن تكون من باب اللوم أو الاحتجاح  لرفضه المعلن والمتكرر لهذه العاطفة الشاطحة، وأيضا يمكن أن تكون دليلا على تنزيله من علياء  تقديسها له بحيث يصبح إنسانا عاديا يصح أن يتلقى مثل هذا التعبير “طز فيك“، ببساطة،  لكننا استبعدنا أن يكون ذلك دليلا على استغنائها عنه لسابق خبرتنا معها. (وقد شرحت بعد اللعبة ان ذلك كان جسارة مناسبة قد تفيد رفضها لموقفه الرافض لعواطفها)

****

متابعة فى 25/5/2013

بعد انتهاء هذه النقلة من العلاج بالعقاقير وتنظيمات إيقاع الدماغ ودخول المستشفيات عدة مرات بعد أنتكاسات متعددة إلى هذه السنة من العلاج الجمعى: لاحظنا خلخلة فى الضلال العشقى وقدرة متزايدة على عمل علاقات أخرى وإن كانت محدودة، كما أنها عادت إلى العمل الخارجى المنتظم، وإن لم توفق فى قبول مخاطر الزواج حتى تاريخه.

 

 

[1] – أدخل ألف لام التعريف على الفعل مستعملا هذا الاستثناء الجائز ليفيد ما أريده من الحفاظ على حركية الفعل المضارع اسما يتخلق.”الـْ يتكوّن”

[2] – يمكن الرجوع إلى نشرة -28-6-2009 ، ومع التذكرة بأن الأسم مستعار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *