الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قصة قديمة : محاولات

قصة قديمة : محاولات

نشرة “الإنسان والتطور

18-9-2011

السنة الخامسة

 العدد: 1479

قصة قديمة:

كتبت هذه القصة 1996 ونشرت فى كتاب “هيا بنا نلعب يا جدى سوياً مثل أمس” عام 2000

محاولات

-1-

 أمسك عادل بمضرب كرة الطاولة، وأخذ يحاول أن يضرب الكرة كما شاهد أخاه فؤاداً يفعل. لكنه خشى أن يكسر البيضة فيـنْساب محتواها على ملابسه، فلا يمر اليوم بسلام. فعدل غير آسف، واتجه إلى أمه وهى منهمكة فى مهمة غير مسبوقة فى المطبخ. تيقن من انشغالها، ورجح أنها لن تستجيب لطلبه، فلم يحاول أصلاً. وحين خرج مندفعاً كاد يصطدم بأخته الصغرى،  رأى وجهها وقد تلطخ ببقايا حمراء من إصبع “الروج”؛ حين لم تستطع أن تحكم الإمساك به حتى لا يتجاوز شفتيها.

-2-

 أما أم عادل (الحقيقة أن اسمها أم فؤاد) فقد راحت تقرأ من ورقة فى يدها، كانت قد كتبتها بحرص شديد من برنامج “لك يا سيدتى”. وبرغم أنها كانت غير مقتنعة تماماً، بعد فشلها ثلاث مرات سابقة. وبعد أن تجرأت وكلمت المذيعة فى التليفون كما يسمح البرنامج، وصححت المقادير، زاد تصميمها أن تجرب للمرة الرابعة، مهما كانت النتيجة.

-3-

أثناء ادعائه الانهماك فى القراءة، كان الأستاذ عبد السميع (أبو فؤاد) قد ترك أصابعه تحاول النقر على سطح المكتب، وهو يعلم تماما مدى إزمان عجزه عن إخراج الهواء من فمه؛ فى شكل صفير منغم، وأنه منذ ثلاثين سنة قد اكتفى بصفير خافت مبتور يصدر حين يشفط الهواء  بشفتين لا يعرف كيف يغلقهما إلا قليلا،  وهو ما زال يذكر ابن عمه، وهو يصفر بفمه موسيقى “الربيع” كلها لفريد الأطرش. كان ذلك قبل أن تفسد أعمدة الكهرباء ذلك السحر الفضى المنساب من القمر فوق سطح منزلهم فى طوخ طمبشا، وكان الضوء يتلألأ مختلفا مع كل  مقطع من مقاطع الأغنية، “كان القدر راضى علينا حنوَن، وكان القمر جماله يسبى العيون”. وعلى الرغم من هذه الغيرة من ابن عمه هذا ذى الشعر المسبسب، ذى الحظوة عند فتيات العائلة وغير العائلة، إلا أنه لم يتمالك نفسه من الإعجاب به.

-4-

جاء صوت المؤذن فى مكبر قبيح الحشرجة أن “الصلاة خير من النوم” فتردد الصدى أجمل من الصوت ألف مرة

 وكان فلاح مصرى جداً يدفع الحجر رقم اثنين وثلاثين، بعد الأربعمائة من الألف الثمانين: وهو يكمل بناء ما يبْنِى، فنظر فى اتجاه صوت المؤذن باسماً ساخراً وقال نافخاً صدغيه المتورمين من سوء التغذية :… “جرّبنا ده وجربنا ده”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *